مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 30/09/2005, 04:19 PM
فهد الصالح فهد الصالح غير متواجد حالياً
كاتب بجريدة الجزيرة
تاريخ التسجيل: 09/03/2005
مشاركات: 84
من يوقظ الضمائر النائمة!!؟

لأن صنع لبنة الصرح أصعب بكثير من ردم لبنة القبر..
فقد أدرك أولئك الرجال أن وخز إبر الضمير أوجع.. وأدهى.. وأمرّ من ألم الجسد!!
ذلك الجسد الذي كابد كل تلك البدايات الغضة التي تتعثر أياماً لتخطو يوماً واحداً فتكون أكثر ثباتاً.. وجمالاً.. وقوة.

* من أولئك الرجال هامات كثر بزغت فأبدعت، وقدَّمت لتصطدم بواقع رياضتنا التي لا تتذكَّر المبدع إلا بعد رحيله.. والموهوب بعد وداعه.. والخلاّق بعد موته!!؟

* لتبدأ قصة الدموع المنهمرة من أقصى بقعة للصراخ!!
أجل نحن قوم لا نتذكّر إلا بهذه الطريقة المرة!!
طريقة تشبه طريقة (البدر) حين يموت دون أن يدري عنه أحد!!؟

* ورياضتنا ومنذ نعومة أظافرها قدَّمت رجالاً ورياضيين لا يستطيع أي متبصر أن يتجاهلهم أو يتناساهم، فالزمن يسير ويسير لكنه يتوقف للحظات أمام مواقف التشريف والتضحية والعطاء.

* خبرات وطاقات وتحركات طمرت بل إنها ما زالت تطمر بكثير من الحجارة وقليل من القش وتعرفون جيداً ما (أقصد بالقش)!!؟

* في الرياض وتحديداً حيثما يقبع شيخ الرياضيين عبد الرحمن بن سعيد توجد قصص قديمة معلّقة في صدر قامة ذلك الرجل الصرح.. يدرؤها عن الزوال.. ويغطيها عن عوامل التعرية اللا.. إنسانية..!!؟
يقاوم وحيداً.. صامتاً.. نحيلاً وسط دهشة وذهول كل البراغيث والطحالب الذين سألوا (من أين لهذا بذرة البدايات لأهم وأشهر وأعظم ناديين (عربياً) في التاريخ المعاصر)؟
وبرغم ذلك ها هي شجرة العمر تتساقط أوراقها دون تحرك أو تكريم أو استشارة أو حتى رد لجميل البدايات المرة!!
وكم كنت أتوق إلى رؤية كتابة الموثق عن الحركة الرياضية في بلادنا والذي توقف فجأة خوفاً من ذكر بعض الحقائق التي لو أوضحها لقلبت الشارع الرياضي رأساً على عقب!!؟

* وعلى شاكلة شيخ الرياضيين باختلاف الإنجاز والزمان والمكان آخرون.. كأمين ساعاتي وعبد الرحمن الموزان وعبد الرحمن الدهام ومحمد جمعة الحربي والدكتور عبد الرزاق أبو داود والبدوي الجميل (سلطان مناحي) وكبيرنا الذي علّمنا السحر (تركي الناصر السديري) وآخرين كثر يجهلهم الجيل الجديد وتترنم بهم أجيال صفّقت وهتفت وتمايلت لصنيعهم.
والسؤال هنا لماذا هذا التجاهل في توثيق الجانب الرياضي لدينا لا سيما وأنه مفقود ومجهول بالنسبة لجيل الشباب الجديد الذي يشكِّل السواد الأعظم من جماهير رياضتنا السعودية؟.
ثم لماذا لا تتم الاستفادة من الخبرات على غرار الدول المتقدمة؟ لماذا يُغفل دور المستشارين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟.
لماذا لا تكون الاستفادة من أفكارهم وأطروحاتهم واقتراحاتهم وحتى بداياتهم تلك التي وضعت اللبنة الأولى لرياضتنا.. الأم كرة القدم؟.
كلنا نتذكّر فقيد رياضة الوطن فيصل بن فهد وكيف كان الرجال المتوشحون بالخبرة يعتلون منصب التوجيه والاستشارة حتى وضعنا أرجلنا على عتبة البوابة العالمية.. كلنا نعلم أن الماضي لا يعود لكنه يتطوَّر وينمو ويمضي نحو من يخدمه ويبلوره ويستفيد منه.

* سأروي لكم قصة حدثت لي شخصياً مع نائب القناة الرياضية آنذاك عبد الله المقحم علكم تجدون بها ما أقصد.
اتصل بي المقدم التلفزيوني محمد الشهري وطلب مني الحضور للقناة وأن تبلور الأطروحات والمقترحات التي تطرقت لها من خلال عامودي الأسبوعي (الحقيقة من الداخل) وقابلني بالمقحم وسألني عن رأيي في القادم من مشاريع القناة؟
قلت له: يا أخي الجيل الجديد لا يعرف أي شيء عن الجيل القديم.. شرِّعوا أبواب التنوير!!؟
قال لي كيف؟
قلت: لماذا لا يكون هناك برنامج يكون معنياً بمباراة عن الماضي يُسلط فيها الضوء عن نجم المباراة وعن (انفعالاته، إحساسه، تفكيره، أخطائه، مسار المباراة والبطولة، وحتى زملائه) قاطعني بصوت مكسور قائلاً: لقد حاولنا أن نبدأ في برنامج أسميناه (مباراة في ذاكرة الماضي) وعندما ابتدأت الحلقة الأولى منه تفاجأنا بأن جميع الأشرطة للمباريات القديمة المتواجدة في الأرشيف قد تمَّ التسجيل عليها بمباريات جديدة نظراً لعدم توفير الوزارة للأشرطة اللازمة!!
ذُهلت من هول ما سمعت وقلت: إنني أملك وأجد من يملك أرشيفاً لا بأس به من مباريات الماضي مسجلة على أشرطة فيديو ابتسم وقال: إن أجهزتنا لا تعرض إلا أشرطة الرول السينمائية.
لم أحاول أن أزيد (الطين بلة) وأسال عن دور الوزارة في تسخير مثل تلك الأجهزة والأشرطة وتذليل الصعوبات بتلك الإمكانيات المحدودة.

* ولعلكم تتساءلون معي الآن إذا كان رد مسؤول محدود الصلاحية بهذا الشكل فماذا تتوقعون ممن يتعاملون مع أفكار وخبرات وتجارب متطوري الإدراك!!
لا أجدني الآن وأمام طلب أخي وعزيزي خالد الدوس بالمشاركة في صفحته المشرقة التي تقع بين أيديكم كل أسبوع وتُعنى برياضة الماضي إلا منادياً باستثمار مثل هذا الرجل (خالد الدوس) الذي يوثِّق تاريخاً غائباً ومطموراً تماما وذلك من خلال قناتنا الرياضية باستحداث برنامج يُعنى بالماضي يكون الدوس المشرف والمعد والمقدم له يستقطب فيه نجوم الماضي يسلط الضوء من قريب وبعيد على حياتهم ومعاناتهم وخصوصياتهم ومبارياتهم وصورهم، فأنا أجزم أن يكون الدوس الرجل المناسب في المكان المناسب.
إنها دعوة باستثمار مثل هذه الأسماء وغيرها قبل أن تغادر.. لنعود لمقولتنا الشهيرة (إذا فات الفوت ما ينفع الصوت).



أخوكم/ فهد الصالح