ومن علامات الساعة ماذكره صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله: أَنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبّتَهَا وفي لفظ: ربَّهَا والمعنى: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ أي الرقيقة المملوكة رَبَّهَا أي سيدها، أو: ربَّتَهَا هل المراد العين أو الجنس؟ والجواب: اختلف في هذا العلماء. فمنهم من قال: المراد أن تلد الأمة ربها،يعني أن تلد الأمة من يكون سيداً لغيرها لا لها، فيكون المراد بالأمة: الأمة بالجنس. وقيل المعنى:إن الأمة بالعين تلد سيدها أو سيدتها،بحيث يكون الملك قد أولد أمته، ومعنى أولدها أي أنجب منها، فيكون هذا الولد الذي أنجبته سيداً لها: إما لأن أباه سيدها، وإما لأنه سوف يخلف أباه فيكون سيداً لها. ولكن المعنى الأول أقوى، أن الإماء يلدن -من يكونوا أسياداً ومالكين، فهي كانت مملوكة في الأول، وتلد من يكونوا أسياداً مالكين. وهو كناية عن تغير الحال بسرعة، ويدل لهذا ماذكره بعد حيث قال: وَأَنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ الحفاة: يعني ليس لهم نعال، والعراة: أي ليس لهم ثياب تكسوهم وتكفيهم، العالة: أي ليس عندهم ما يأكلون من النفقة أو السكنى أو ما أشبه ذلك، عالة أي فقراء. يَتَطَاوَلُوْنَ في البُنْيَانِ أي يكونون أغنياء حتى يتطاولون في البنيان أيهم أطول. وهل المراد بالتطاول ارتفاعاً، أو جمالاً، أو كلاهما؟ الجواب: كلاهما، أي يتطاولون في البنيان أيهم أعلى، ويتطاولون في البنيان أيهم أحسن، وهم في الأول فقراء لا يجدون شيئاً، لكن تغير الحال بسرعة مما يدل على قرب الساعة. وهنا مسألة: هل وجد التطاول في البنيان أم لا؟ والجواب: الله أعلم فإنه قد يوجد ماهو أعظم مما في هذا الزمان،لكن كل أناس وكل جيل يحدث فيه من التطاول والتعالي في البنيان،وكل زمن يقول أهله: هذا من أشراط الساعة، والله أعلم، لكن هذه علامة واضحة.
ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَليّاً يعني بقيت ملياً أي مدة طويلة كما في قوله تعالى: (وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً)(مريم: الآية46) أي مدة طويلة، قيل ثلاثة أيام، وقيل أكثر، وقيل: أقل ولكن المعروف أن الملي يعني الزمن الطويل. |