مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #34  
قديم 26/01/2016, 06:51 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ alfayhaa Sport
alfayhaa Sport alfayhaa Sport غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 04/09/2008
المكان: حى منفوحة الجديدة - الرياض
مشاركات: 26,476
Arrow صحيفة الرياض : الكارثة والتاريخ.. هما ما يخشاه النظام في إيران (اليوم)

د. علي بن حمد الخشيبان

عند الحديث عن إيران دائماً تكون الأسئلة المنطقية حول هذه الثورة وحول تركيبتها السياسية ومدى قدرة هذه التركيبة على فتح المعابر عبر مسار طويل من حركة تاريخية لا تمنح هذه الدولة وبهذه التشكيلة الكثير من الفرص للاستمرار، إيران الدولة هي مجموعة من الصيغات التاريخية التي تواجه صعوبة كبرى على الواقع، فلو نظرنا إلى السمة السياسية التي تقدم بها إيران نفسها للعالم نجد أنها ذات مكونات معقدة، فالحضارة الفارسية كمكون سياسي فقد في المئة عام الأولى من تاريخ الإسلام أي ما يعادل تقريباً أربعة عشر قرناً من الزمان.







عندما دخل الإسلام إلى بلاد فارس كان يتكئ على قوة عقدية مكنته من تغيير شامل في هيكلية الإمبراطورية الفارسية فتم مسح كل المظاهر السياسية المكونة للهرم السياسي في بلاد فارس، وتم فرض الإطار الذي جاء به العرب من الجزيرة العربية ليكون البديل السياسي لهذه الإمبراطورية، ولأن بلاد فارس بعيدة عن العرب بكل المقاييس العرقية والثقافة السياسية فقد ظلت فكرة العرق الفارسي نشطة لدى سكان بلاد فارس التي ظلت بهذا الاسم تاريخياً، لأن التجربة السياسية للعرب لم يكن هدفها توسعياً، لذلك لم يلجأ العرب إلى الأفكار السلبية من حيث تغيير الهيكلية العرقية للسكان فالهدف كان نشر الإسلام.







المسملون الذين ذهبوا إلى كل بلدان العالم لم تكن لديهم الأفكار التوسعية الهادفة إلى تغييرات ديمغرافية أو خلط عرقي فطبيعة الهدف الذي يذهبون من أجلة لم يكن يخرج أكثر من الرغبة في قبول الدين الجديد، بقيت بلاد فارس مسرحاً يتحول في الإطار العقدي بينما ظل محتفظاً بإطار تاريخي يخصة، وهنا يجب أن نتذكر السؤال المهم حول إيران لنفسر كيف تتصرف اليوم..؟، الحقيقة أن إيران وجه تاريخي يخشى الكارثة لأنه من المستحيل أن تستمر فكرة أن وسيلة الطائفية التي تستخدمها إيران يمكن أن تبرر غاية العودة العرقية عبر إحياء الفارسية كمصطلح حضاري بعيد في التاريخ، في الداخل الإيراني يكشف الصراع العرقي (الفرس، العرب، الكرد، البلوش، التركمان...الخ) الخلل في محاولات النظام في إيران من أجل وضع الطائفية غطاء مفتعلاً يغطي الطموح الحقيقي لإحياء العرق الفارسي كمنتج حضاري تم القضاء عليه من قبل الرعيل الأول من المسملين.











دخل التشيع إيران للمرة الأولى عام (906) هجري أي بعد تسعة قرون كانت فيها إيران دولة سنية، وبدأت فارس تتحول بشكل تدريجي إلى المذهب الشيعي اعتماداً على تلك المجموعات الكبيرة من العلماء التي جلبها الشاه إسماعيل الصفوي من (جبل عامل) في دولة لبنان حالياً، انتشار المذهب الشيعي منح الفرصة الكبرى لفكرة العرق الفارسي المدفون في الشعوب الفارسية للظهور مرة أخرى، وتم استغلال مكونات التشيع لتأجيج فكرة الكره الفارسي للعرب بشكل خاص لذلك فإن ما تمارسة إيران اليوم هو نتيجة حتمية لخيارات محدودة ويتعلق الأمر حقيقة بالمخرج الكارثي لثورة إيران الذي يحاول إعادة صياغة الفارسية كمرجع عرقي من خلال تركيبها بشكل تاريخي هش في الإسلام عبر تبني المذهب الشيعي.









إيران لو كانت قادرة على إحياء الحضارة الفارسية دون اللجوء إلى استخدام المذهب لفعلت ذلك، ولكن صعوبة تحقيق ذلك على يد الشاه إسماعيل الصفوي وبعد مرور تسعة قرون على سقوط الفرس جعل الفرس بقياداتهم يفكرون بالاستقلال وإحياء العرق الفارسي بطريقة مختلفة من خلال إعادة تقدم الحضارة الفارسية عبر دعم الأقلية الشيعية في الإسلام، ولأن المذهب الشيعي بطبيعته يركز على فكرة الولاء لآل البيت، فقد كانت فرصة تاريخية للفرس الذين أججوا الصراع السني الشيعي عبر النقض والهجوم على الأكثرية الإسلامية (السنة).








عندما جاء الخميني كان يفكر وبشكل كبير في النموذج الصفوي وقد تبنى فكرة الولي الفقيه من أجل منح مشروعه القومي شرعية دينية ولم تستطع الثورة الإيرانية خلال ما يقارب أربعة عقود أن تخفي حقدها الدفين على كل ماهو عربي، حتى وإن كانوا من أبناء المذهب الشيعي، فالخميني حاول فعلياً أن تكون إيران مركزاً شيعياً في كل شيء في المرجعيات حتى الأماكن المقدسة ولكنه عجز عن ذلك، وحتى لا يفشل مشروعه فقد كان تبنيه فكرة ولاية الفقية بديلاً جاهزاً لتأصيل مشروعه السياسي الهادف إلى إعادة إحياء الحضارة الفارسية من خلال مكون إسلامي يتمثل في المذهب الشيعي وقد عملت إيران الثورة على هذه الفكرة من خلال أربعة عقود ساهمت في إثبات هذه النظرية.








الكارثة والتاريخ هما ما يخشاه نظام إيران فالمشروع القومي الفارسي لن يستمر طويلاً في حمل منهجية ولاية الفقية لأن المجتمع الديني في العالم وفي إيران سوف ينتظر فكرة الإشباع الديني الموعود بها من خلال فكرة التساوي بين الأشكال السياسية والدينية التي يعتمدها نظام الولي الفقية، إيران لن تكون قادرة خلال السنوات القادمة على تلبية متطلبات مشروعها ومع استعانتها بالغرب وتقديم نفسها كوسيط إسلامي، إلا انها لن تكون قادرة على إعادة فكرة تاريخية تعتمد على بناء حضارة فارسية انتهت.











إيران التي هربت للغرب خلال أربعة عقود مضت لتعود وهي ممسكة يداً غربية تحت بند منعها من امتلاك سلاح نووي، يجب أن يتم التعامل معها وفق نظرية تقوم على كشف مشروعها للمسلمين بكل مذاهبهم، فإيران لن تكون قادرة على الاستمرار بتبني الازدواجية في العلاقة بين الوسائل والغايات فيما يخص مشروعها الذي يجب أن يفهم على انه مشروع قومي وفق وسائل مذهبية.








البعد السياسي بين العرب وإيران يجب أن يركز على الحق التاريخي للمسملين وقدرتهم على تفكيك الحضارة الفارسية وفق مفهوم قام على نشر الإسلام، وإذا ما ما كانت إيران ترغب وفق مفهومها أن تعود إلينا بذات الطريقة عبر المذهبية فعلى العرب العمل على بناء حصانة ثقافية لكل المذاهب الإسلامية، لتعرية الهدف الحقيقي لتبنى إيران للمذهب الشيعي في هذا القرن وإعادة قراءة التاريخ عبر المؤتمرات والمحاضرات في كل أنحاء العالم لتجديد تلك القراءة.









إيران لن تكون عضواً إسلامياً متوافقاً مع بقية الدول الإسلامية وفق هذه السياسات واستعانتها بالغرب يؤكد أن لديها مشروعاً يتجاوز إلى حد رغبتها في تدمير الإسلام ذاته بكل كياناته ومحاوره التاريخية، وخاصة أن نوعية المذهب الذي يتبناه ملالي طهران يعتمد أفكاراً سطحية حول الدين في مقابل أفكار عميقة حول فكرة الولاء والتشيع وهذه قضية يسهل التخلص منها وتجاوزها من قبل ملالي العرق الفارسي في مقابل تنفيذ المشروع الفارسي.












التاريخ يعلمنا أن العلاقة مع إيران يجب أن تدخل منعطفاً مهماً بعد هذه العقود الثلاثة من الثورة الإيرانية، لأن إيران لن تستطيع أن تكون دولة ذات إطار سياسي يمكن التعاطي معه؛ فالارتباك التاريخي الذي نشأت من خلاله إيران لم يكن قادراً على مر التاريخ ومنذ الصفويين على فك التعقيدات الكبرى بين الفكرة العرقية والطائفية ومدى الطغيان، إن منعطف الكارثة الإيرانية يبدو قريباً وعلى العرب أن يساهموا في تفكيك إيران الفارسية فكرياً وثقافياً قبل تفكيكها سياسياً لأن لديهم التاريخ ولديهم الحق التاريخي الذي صنعه أجدادهم.












[email protected]
اضافة رد مع اقتباس