مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #30  
قديم 25/01/2016, 06:52 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ alfayhaa Sport
alfayhaa Sport alfayhaa Sport غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 04/09/2008
المكان: حى منفوحة الجديدة - الرياض
مشاركات: 26,476
Arrow مقال صحيفة الرياض : أعيدوهم إلى الضاحية (اليوم)

د. أحمد الجميعـة

لبنان البلد العربي الجميل، الأنيق، المناضل في سبيل الحرية، والدفاع عن الحقوق، وأكثر وجهات المشرق سياحة، وعلاقات تجارية؛ هو الآن غير ذلك، لم يعد فيه مكان يستوعب محبيه، ومعجبيه، حينما كانت بيروت وحدها أغنية للصباح، وصوت فيروز يملأ الآفاق حباً، والجبل والبحر على مسافة واحدة من الجمال واللقاء، والسائحون في ضيافة الكرم، والعروبة، والنفوس التي تسحرها ابتسامة الحضور، وحفاوة الاستقبال، بل كانت مع كل ذلك موعداً مع الحياة بكل تفاصيلها، ومكاناً تستوطن فيه القلوب السائحة والمغرمة بالماضي، ومقصداً لرموز الحوار واللغة والفن والثقافة.. لبنان الأمس لم يعد اليوم هو كل ذلك، أو حتى بعضاً منه، بل تحول إلى ساحة من الاستقطاب الطائفي، والمصالح الشخصية، والقتل على الهوية، وأحزابه دكاكين للمال السياسي، وقناعات وتوجهات لمن يدفع أكثر، والأسوأ أن يُختطف من الجميع ليمثّل صوته وعقله «حزب الشيطان» من دون أن يكون هناك هوية، أو احترام للغالبية، أو حتى للتاريخ حين كانت لبنان وحدها صوت العرب الذي يقف مع الحق.

لبنان اليوم التي رفضت أن تقف مع المملكة في إدانة الاعتداءات على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد في مناسبتين للجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وقبل ذلك تخاذلها في التعبير عن الشرعية في اليمن، وتطاول بعض رموزها على المملكة، والدفاع عن مصالح إيران في المنطقة حتى تشعر أن لبنان هي واحدة من أقاليم إيران الفارسية، والشواهد في وسائل الإعلام اللبنانية، مدعومة من «حزب الشيطان» أكبر دليل على أن لبنان لم تعد مستقلة في القرار، ولا تتحدث عن شعبها، ومصالحه، وإنما تتلقى التوجيه من طهران، ويكفي أن يكون «حسن زميرة» أحد الأصوات الناعقة باسم مرشد الملالي، والمتحدث الرسمي بالوكالة عن إيران، بل سمعنا منه ما يسيء إلى المملكة أكثر من الإيرانيين أنفسهم.

المملكة التي وقفت مع لبنان في منعطفات تاريخية مهمة، لعل أبرزها اتفاق الطائف الشهير الذي أنهى حرباً أهلية أكلت الأخضر واليابس هناك، وفرّقت الجموع إلى دول المهجر في الغرب والشرق، وأثقلت الشعب بما لا يحتمل من القتل والتدمير التي لا تزال شواهده واضحة للعيان لكل من يزور لبنان اليوم، فضلاً عن دعم المملكة المالي على شكل منح ومساعدات وقروض وودائع وصلت منذ العام 2000 إلى اليوم ما يزيد على 28 مليار ريال، واستقبلت حوالي نصف مليون لبناني على أراضيها للعمل والتجارة تزيد حوالاتهم السنوية على خمسة مليارات دولار، إلى جانب وقوف المملكة مع لبنان سياسياً في مواجهة العدو الصهيوني، وآخرها حرب 2006، ودعم الاقتصاد اللبناني، والجيش والقوات الأمنية، كذلك الترحيب بقوى لبنان للتشاور والحوار، والتأكيد على استقلال لبنان أرضاً وإنساناً، وحماية مقدراته من العبث والمغامرة الحزبية، ومنها بيان المملكة في نوفمبر الماضي عن تصنيف 12 قيادياً في «حزب الشيطان» ووضعهم على قائمة الإرهاب، ومن بينهم أذرع استثمارية لأنشطة الحزب.. ومع كل ذلك ترفض لبنان أن تقف مع المملكة في أصعب المواقف، وتتخاذل عن دورها العربي والإسلامي لصالح ما يمليه «حزب الشيطان»، وما تطلبه إيران.

عار على اللبنانيين ألا يسجل لهم التاريخ موقفاً شجاعاً مع الحق الذي أدانه العالم حين تُقتحم سفارة المملكة وقنصليتها، وتنهب ممتلكاتها، ويغادر دبلوماسيها، رغم أن هذا الحق منصوص عليه في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومع ذلك لا يحق لنا السكوت على هذا التخاذل المرير، بل يجب أن يكون لنا موقف يتعالى على المصلحة، ويواجه اللبنانيين المحسوبين على «حزب الشيطان» في المملكة، وإيقاف استثماراتهم، وتسترهم التجاري عن مشروعات مليونية في البلد، وإعادتهم إلى ضاحية «حسن زميرة» في لبنان؛ ليكون الرد من الداخل هناك، حين يكون المال سبيلاً لإسكات الصوت النشاز، ووسيلة ضغط سياسية واقتصادية، وهو حق سيادي مشروع، وسبق أن اتخذته المملكة في أزمة الخليج الثانية مع دولة عربية انحازت إلى صدام في احتلال الكويت..

أنا واثق أن لبنان ستدفع الثمن في موقفها المتخاذل ونحن في عهد الحزم والعزم، ومرحلة لا تقبل أنصاف الحلول.
اضافة رد مع اقتباس