الطيور في المساء تعود إلى أوكارها مهما طال تجوالها في الفضاءات الرحيبة .
والمسافر يحزم أمتعته ويقطع الطريق عائدا إلى موطنه وإن كانت المسافات مديدة .
والسفن تؤوب إلى موانئها مهما طال تجوالها وتطاول ترحالها.

وتبقى غربة الروح بحرا بلا ساحل،،،

روح غريبة ،،، تتلمس في دروب الناس صوتا فلا تلقى إلا زيفا يجرح صدقها.
تمد خيوط التواصل أشعة من نور ،،، فإذا الظلمة تغتال فجرها.
سلاسل فضة ،،، فإذا الصدأ يغتال بريقها.
عقودا لؤلؤية ،،، فإذا عتو الامواج يبدد دررها.

ترقب هطول المطر لتنبت في أرضها أعشاب الطمأنينة ،،، ولكن غيمات سمائها لاتنثر إلا جدبا ،،، وبادرات زهورها لا تتفتح إلا حنظلا.

تحمل مثلها الأسمى ،،، تطوف بها دروب الحياة محتظنة إياها ،،، خائفة ،،، وجلة ،،، تخشى تهاوي المثل، وسقوط المبادئ.

روح غريبة ،،، راحلة فلا تستقر ،،، حزينة فلا تفرح ،،، وحيدة وإن التف حولها الجميع ،،، وكثر معها المتحدثون ،،، لأنها فافدة للتوصال مع كل من حولها.

هي ليست صامتة ،،، إنها تحادثهم، ولكنه حديث لا يحمل في كلماتها أدني شيئ من المعاني القابعة في صدرها.
وهي ليست واجمة ،،، إنها تقوس شفتيها لتبدو للناس وكأنها تبتسم ،،، وخفي خلف هذه الابتسامة المكذوبة بحرا من الدموع.

كلما خلت إلى نفسها هطلت دموعها وتتالت آهاتها حرى،،، وتساءلت عن هذه الروح الغريبة ،،، أويجئ يوم تصل فيه إلى شاطئ حقيقي تحط فيه رحالها؟! ،،،
ولكن يأسها يتعاظم يوما بعد يوم ،،، ويزيد غربة على غربة.

كلما حسبت أنها قد استقرت في محطة الوصول ،، تكشف الوهم عن مر الحقائق ،، وباغتتها زلازل القنوط .

أيـــا غربة الروح،،، أما آن لليلك السرمدي أن ينتهي؟!
بربك غـــــادري هذه الروح المشحونة بالآلام ،،، المسكونة بالأشجان.

غـــــــــادريها ،،،،،،،،،، بربـــــــك.

مهب الريــح