عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان مبشراً ونذيراً ، مبشراً بخيري الدنيا والآخرة لقومه ومن يتبع هديه ويؤمن برسالته .
اتبعه من اتبعه وسخر به من سخر حينما بشّرهم بعلو المكانة في الدنيا ( ملك الفرس والروم ) وجنات عرضها السموات والأرض في الآخرة ، ولكن الكبر والغرور هو من منع سادة قريش من اتّباعه ه
م وأتباعهم مع يقينهم التام بصدق ماجاء به وأنه من عند الله.
مواقف كثيرة شهدت على اعترافهم بصدق ماجاء به منها ما قاله عتبة بن ربيعة أحد كبارات قريش لقومه بعد أن عاد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في احدى المرات بعد أن جادله بالباطل كبراً وغروراً ( أطيعوني واعقلوها بي وخلّوا بينه وبين العرب فإن تصبه كفيتموه وإن يظهر عليهم فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به ) ولكنهم أبوا واستكبروا وقرروا المضي في معاداته ومحاربته!
موقف آخر لسراقة بن مالك رضي الله عنه قبل أن يُسّلم حينما تبع النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه الصديق رضي الله عنه في هجرتهما ليثرب طمعاً في جائزة قريش ولما لحق به قال له عليه الصلاة والسلام ( كيف بك إذا لبست سواريّ كسرى ومنطقته وتاجه ) بشارة عظيمة لم تخطر على باله أبداً ، مقابل أن يعود ولا يخبر أحداً بما رأى وأن يعمي عيون بقية القوم عنه ، وكأن الرجل أيقن بصدق ما وعد به .
كذلك أخي طارق ماذكرته عن أبو سفيان رضي الله عنه فيما كان يروي لأصحابه في موقعة اليرموك العظيمة التي كانت بداية تحقيق ماقاله عليه الصلاة والسلام قبل عدة عقود وهاهي بدأت تظهر واقعاً وحقيقة أمام أعداء الأمس أصحاب اليوم .
وعد وبشّر عليه الصلاة والسلام بذلك مع أن الإسلام كان في بدايته وأتباعه لايكادون يذكرون والفرس والروم حينها في أوجّ سطوتهم وقوتهم ويملكون أقوى وأكبر ترسانة عسكرية وتنظيم وتخطيط عسكري لم تعهده البشرية أبداً بينما في المقابل أعراب متناحرون كلٌّ يريد أن يبسط نفوذه على الآخر ويفتك به .
كل تلك الوعود التي كان يكذب بها المشركون تحققت حينما آمن الجميع بصدق ما آتهم بهِ نبيهم ، تحقق كل ذلك حينما اجتمعوا على قلب رجلٍ واحد ، كسبوا كل ذلك عندما تعاهدوا على التوحد ونبذ العصبية الجاهلية والتفاخر بالأنساب والحميّة عن الموطن الضيق والقبيلة والعشيرة ، فسادوا وجعل أكبر قوتين على وجه المعمورة تخضع لهم صاغرتين ذليلتين .
أما نحن اليوم فعرب ممزقون متفرقون نفاخر بأنسابنا بقبائلنا بحدودنا الضيقة ، كلٌّ منا يرى أنه سيد وغيره تابع حقير وذليل ، نتعامل بفوقية مقيتة مع بعضنا البعض ويرى كل واحد فينا أنه ملك وغيره عبد عنده وأقل!
لذلك سادت علينا - ماما أمريكا - وجعلتنا تابعين لها رغماً عنا بعد أن رأتنا أمم متناحرة فاستغلت الموقف أبشع استغلال وزادت من سعيها حتى صرنا أسوأ مما كان عليه أبائنا العرب في الجاهلية ، فانقضّت علينا تمتص خيراتنا برضانا بل وصل الخنوع لأن نقدم لها كل مانملك بوجهٍ بشوش وقلب رضيّ وروحٍ مفعمة بالتسامح ، بل زدنا وصرنا أداة في أيديها لتضرب بعضنا ببعض واسألوا العراق عن ذلك .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأجمع كلمتهم على الحق وقوّهم على أعدائهم ومن أراد السوء بهم والمكر فأمكر به إنك خير الماكرين .
طارق
قهوة بمذاق مختلف هذه المرة
وفقك الله أخي الغالي
ودمت في خيرٍ ونعيم
