مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 17/06/2005, 01:50 PM
ولد الأحساء ولد الأحساء غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 15/04/2005
مشاركات: 351
● سيجَارة بنكهة المَطَر ● حُـلُم ●

[size=5] ● سيجَارة بنكهة المَطَر ● حُـلُم ●

--------------------------------------------------------------------------------

ـ سيجَارة بنكهة المَطَر ــــــــــــ
ـــــــــ مُجرّد تَطَايُرْ ـــ الإهداء : إلى أخر أكاذيبي ..! ــــ





وَلاّعة!

فجأة .. سمع مايشبه المطر ، فقفز إلى النافذة ، وفَتَحَها ، وبالفعل كانت تمطر ، الأجواء تغرقُ في الغيوم ، والماءُ على أوجه الشوارع ، حتَّى أصوات المزامير ترَخمَت بفعل الرطوبة ، وصراخ المارّة ، ركضُ الأطفالِ ، وتطاير المطر من تحت أقدامهم ، التطايُر الذي لايعقبُهَ سوى شتيمةٌ أو لعنة من إحداهنْ ، لتضرّر ملابسها بفعل الطفولة .. والمطر ، ثُم ضحكته العالية على هذا العبث ، وأخيراً .. شتيمةٌ أعنف .. ولعنة أخرى .. لكنّها هذه المرّة من نصيبه هوَ .



رأس!

يجلس .. ليُكمل ضحكته أسفلَ النافذة ، فيعاود الوقوف ، مُطلاًّ على السماء الغائبة ، وتلال الغيوم ، وصُراخ جديد ، يشعرُ بأنَّ الحياةَ تسري في نصفه الأعلى فقط ، أمَّا الأخر فيسكنه الظلامُ ، والموتُ ، أو أنَّه يسكنُهما ، ليرتفع صوت الأذان لصلاة المغرب .



فنجان!

زيادة ..كانت هيَ قهوته المفضّلة ، فوجود (كوفي شوب) في أسفل البناية كان وراء إختياره لها ، في طريق عودته من الصلاة مرَّ بالمقهى ، وصَعَد لشقته مصطحباً فنجان قهوته ، وسكَّرها الزيادة .

دخلَ وكأنَّه أخرجَ من خلفه البابَ ، وإتجه إلى نفس النافذة ، همَّ بإضاءة الصالة فتراجع ، ومن تلك النافذة المظلمة أخذَ يرقبُ المطر ، وربكة المدينة ، وعباءات الفتيات المُبَلّلة ، وتحاشيهنَ ـ بلُطْف ـ المساحات الأكثر غَرَقاً ، وإستمرَّ يتابع المشهد ، وَيرتشف قهوته .



وَجْه!

مقبلةٌ .. تتخطّى أخر الشارع ، شدّته / ومازالت رغمَ المسافة ، حتَّى هوَ يجهلُ السرَّ وراء ذاكَ الشدَّ ، والجذب ، فالعابرات في ذهابٍ وإياب ، والشارع يعجُّ بالعباءات ولمْ تحرّك أياً منهنَّ فيه ساكناً ، لايكادُ يرفع عينيه عن كلِّ نقطةٍ منها .

رسمُها يستفزُّ رجولته ، وطريقة سيرِها تراقصُه ، أَخذةٌ بالإقتراب أكثر ، وأكثر ، يدها ممسكةٌ بطرفِ العباءة ، فكأنَّها تدثرت براحته ، وأمسكََت بالأخرى خشية أن تتلعثَم مشيتها بماءًٍ فتقع .

بطولِ الشارع المزدحم تتجه نحو مدخلِ البناية ، بينما هوَ لا يراها تسيرُ ، بل تطيرُ بين تلك الغيـوم ، كفراشةٍ أطربَتها تقاسيم المطر ، فأخذت ترقصُ بجناحٍ من نشوةٍ ، وأخر من خُيلاء .



هُنا!

متعلّقٌ .. بكلِّ خطوةٍ لها ، تزدادُ إقتراباً ، فيزداد دهشةً منها / منه ، ومن إستجابة كلَّ مافيه / مايحيطُ به لمجرّد أُنثى تعبرُ الرصيف ، وفي أعلى حالات الدهشة ، وأعمق نظرات الترقب ، إختفت أسفلَ البناية ، فكَادَ أنْ يسقطَ من أعلى بعدَ إنحناءةٍ للأسفل ، عبرَ الهواء كان سيواصل مطاردةَ عينيه لها .
ـ معقولة .؟!
ـ لم أرها من قبل ، ربما جاءت زائرة لأحد السكان !

تمتمَ بذلك ، ومكَثَ في مكانه كسارية ، يتابع المدخل ويمنّي نفسَه بخروجها ، واستمرَّ على ذلكَ حتّى الثانية صباحاً ، فكأنَه أفاقَ من حلم ، فالشوارع خالية ، والمدينة كأنَّها ماتت ، فأغلَقَ النافذة ، وأدارَ وجهه للصالةِ ، المظلمة أيضاً .



سيجارة!

في غرفته ، رمى بكل ثقله على سريره ، سحبَ الغطاءَ ببطء ، وبدأ مطاردةً لاتقلُّ قلقاً عن مطاردة عباءةٍ تراقصُ المطَرْ ، ومسرحُ الرقصِ شارع ، مطاردٌ مع النوم ، والمسرح ـ كالعادة ـ أرَق .
المدينة توشكُ أنْ تُبعثَ فجْراً ، ومازالت مطاردته مستمرّة ، يتقلّب وتنهداته لاتهدأ ، أثناء تقلّبه ذاك ، تنبّه لوجود سيجارة تبغٍ بين أصبعيه ، كانَ سيشعلُها مع أوّلِ رشفةٍ من فنجانه السكّر زيادة .!
ليستوي جالساً ، ويشعلها على نفس النافذة ، وشوارع المدينة ، واقفٌ يتنفسُ دخانَ التبغِ ، ونكهة المطر ، وصورةً مازالت هُنا ، وجميعها بعمق .



وَفاة!

○ نَبْتتان ...

شَعُرَ بجذورها تغوصُ عبرَ جذعه ..
ـ منْ ذا يتخلَّلُ جَسَدي / يَشُقَّني كَصُداعٍ / لا هو المُسْتقرُّ كإهانةٍ / ولا الماضي كَفَرَحْ .؟!!
ـ أنا نبْتةٌ أنتَ منبَتُها / أنا ياعتمة الروح قطرة / أنا تلك المدفونة بينَ أكوامِ التَرَف / أنا الصندوقُ لأسرارِك .. كل أسرراك ..!
ـ ومالكِ وأغوارُ الجوعِ / ومغارات الوجَعْ .؟!
ـ وهَلْ للمصيرِ - اليومَ - من خيارْ .؟
ـ الليلُ بارد ، والنوافذُ مشرعة ..
فتناولَ معطفَه وضَمَّد به كتفيها ، فضمدَّت هيَ كفَّاً بكفّ ، وسارا بإتجاه الجنوب .





○ لَيْلَكيّة ...

يضغطُ على أعقاب السيجارة بعنف .. ويُقسم لنفسِه ..
ـ ومنزلُ القطرِ .. ذاك الذي باتَ عطراً لِحزنها .. أنَّها ماخطَتْ فوق الماء خطوة .. إلا وخطَت بها نحوَ الغيم عشْراً .. وفي الحالتين توقدُ فيَّ ألف شِهَابٍ .. وشهاب ..!
ـ وفيكَ يادوّامة النور يطيبُ لليلِ الغزَل ، وبكلِّ شهابٍ يطيبُ الغناءُ ، حتّى ولو موتاً أخر حدود السوادِ ، وأقصى فراديس السهَر .
لايعلمُ من أينَ جاء الجواب .. هذا ، كلَّ مايستطيع إدراكه ، هو أنَّه مازال يقطنُ بتلاتاً ورديّة .





○ غَيرَ عابئة / مبالية / آبهة ...

قضيّتها .. أن تغتال كلَّ شِبْرٍ من غياب .. وتدفنه بلا صلاةٍ .. ولاكَفَن .. ماعدا ذلك لايهمْ ..
وهمَّه الذي أثقلَ حتَّى ثقلَه .. كيف له أن ينفخ الروحَ في فتات الحضور هذا المتجفّف على أثارها ..
ـ بابليّة .. تَتَرنّح في دمائها ، عندما تهمُّ برقصةٍ فيداهمها الخجَل .
ـ دائمُ التطوافِ بحنانك ، ككَرِّ المطَرِ ، وَفرِّ زخَّات الجَمْرِ ، ذاتَ غيثٍ هَمَى .
ـ سألتكِ عَهداً لايموتُ .. يـ أنتِ .!!
ـ وحدائقي تُعلَّقُ في زنديكَ ، بماذا تريدَ العهدَ ، ياأجملَ العهد .
ـ حُزنكِ .. صورةٌ تقتلني عليكِ .. فلتكسري كل تلك الصور .
وعلى خدِّها همى الدمعُ ، فأخذَ هوَ يسعى ببنانه بين مدمعٍ وأخر ، فمازالا يبكيان حتَّى تحلَّلا .



بَعْث!

أفاق من تلك الكوابيس ..
وغادَرَ نافذته تلك بإتجاه غرفة نومه ، وبدأ في جمع ملابسه إستعداداً للرحيل ، وقبل أن ينادي لصلاةِ الفجر .. كان على بداية الطريق الزراعيّة ، تلك التي يسلكُها الهاربون خشيةَ أكذوبةٍ جديدة ، تَبدأُ تحت زخات المطر ، وتنتهي مكفَّنةً بسواد الحزنِ .. ذاكَ الذي لايشبهه سوى عباءة مبلَّلة .. ترقصُ على أنقاض الطفولة .. إضافة إلى شتيمةٍ كتبغ .. ولعنةٌ تأتي منهنَّ جميعاً ذاتَ سماءٍ صحو .
_______________________________[/
size]
مع التحيات ولد الأحساء


[email protected]
______________________________
_________________________
___________________
_____________
__________
______
___
_
اضافة رد مع اقتباس