مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #6  
قديم 04/11/2012, 02:30 AM
ابو المثنى ابو المثنى غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 29/08/2007
مشاركات: 325
ما علاقة خروج أهل المدينة بالحدث الكوني ؟


قد يسأل سائل هنا : لو اقتنعنا بأن خروج أهل المدينة بسبب ثورة بركانية في جبل الوراق باليمن ، أو نتيجة ثورات بركانية حول المدينة المنورة ، فما وجه علاقته بنزول كسف من السماء ، أو بالحدث الكوني ؟
وهذا التساؤل يمكن الإجابة عليه ببساطة ، ومن تتبع مجموع الأحاديث في هذا المبحث والمرحلة الزمنية التي تنتمي إليه لعلم وجه العلاقة بينها جميعا .


ولكي يتضح الأمر أقول : هذه الثورة البركانية غير معهودة ، وزمانها له علاقة بسنوات الزلازل والبلايا العظام ، وقد تكون له علاقة بالتغيرات غير المعهودة التي تقع بالجزيرة العربية فتحولها إلى مروج وأنهار .
فمجموع تلك الأدلة تشير إلى تغير غير طبيعي في جيولوجيا الأرض ، ومناخها ، وهنا يطرح تساؤل : ما الذي سيصيب الأرض في تلك المرحلة بالذات ويجعلها مضطربة بهذا الشكل ؟
طبعاً الإجابة هي وقوع حدث غير معهود يؤثر على الكرة الأرضية بأجمعها ، ومن ضمنها الزلازل والبراكين ، ووقوع كسف على الأرض ، وما يترتب على ذلك من قوة تدميرية تفوق المئة ألف قنبلة نووية ، و قد يوقع مثل هذا التدمير اضطراباً في جوف الأرض ولابتها .
والرابط القوي أو القرينة القوية – في ظني – المعززة لهذا الفهم هو أن كل تلك الأحاديث المذكورة في هذا الباب تمثل نفس المرحلة الزمنية مما يوحي بأن هناك علاقة واحدة تربط بينها ، وخلاصة القول إن خروج أهل المدينة إن لم يكن له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحدث الكوني كأحد نتائجه يكفي القول هنا أن الخروج يكون في نفس المرحلة الزمنية .
تساؤل آخر :


لقد ربطت في هذا المبحث بين مرحلة المهدي وبين الدخان وبين الدجال ، وجعلتها تمثل مرحلة واحدة متتالية ، الدخان ، ثم الخلافة المقدسة ، ثم الملحمة ثم الدجال ، وجاء الربط هنا بين خراب المدينة فيما بين نزول الخلافة بيت المقدس والملحمة العظمى ، أي أن خروج أهل المدينة قريب جداً من خروج الدجال ، والمعلوم أنه ثبت في أحاديث كثيرة أن الدجال عندما يخرج تكون المدينة عامرة بأهلها ، وهذا يتعارض مع ما ذكرت هنا من أن المدينة في تلك المرحلة تكون خالية من أهلها ، فكيف يمكن دفع التعارض بين الأمرين ، وكيف يمكن تصور خروج أهل المدينة منها ، وعمرانها بهم في نفس المرحلة الزمنية ؟
والإجابة على هذا الإشكال بسيطة ، وهي متعلقة في كيفية تعامل البشرية مع الأحداث الطبيعية من ناحية ، وطبيعة المدة الزمنية بين الملحمة وخروج الدجال .
فالمعلوم أنه عند ثوران بركان أو حدوث زلزال أو إعصار أو غيره فإن الناس ترحل عن مكان الحدث ما دام الخطر يتهدده ، فإذا زال الخطر رجعوا إلى مدنهم وقراهم ، وما سيقع للمدينة لا يتصور دوامه مدة طويلة جداً ، وأقصى حالاته سنة أو سنتان ، وذلك في حالة كون ثورة هذا البركان غير طبيعية .
وعلى هذا الاعتبار يمكن القول أن الأحاديث التي تشير إلى ترك المدينة يراد بها تلك المرحلة ، ثم بعد ذلك يعود أهلها إليها ، ودوافع العودة إليها قوية جداً لخصوصيتها الدينية .
و قد ثبت في أحاديث أخرى أن المدة بين الملحمة وخروج الدجال سبع سنوات ، وترك المدينة يكون قبل خروج الملحمة ، إذا هناك على الأقل ثمان سنوات بين الحدثين ، وهي مدة كافية لعمران المدينة من جديد .
كذلك يعزز ما ذكرت أن بعض الآثار جاءت صريحة في الربط بين الخروج من المدينة وبين فتنة الدجال مما يعزز كونها في مرحلة واحدة بحيث يكون الخروج أولاً لسبب قاهر ثم تكون فتنة الدجال ، ومن هذه الآثار ما ذكره محجن بن الأذرع أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِي فَصَعِدَ عَلَى أُحُدٍ فَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ } وَيْلُ أُمِّهَا قَرْيَةً يَدَعُهَا أَهْلُهَا خَيْرَ مَا تَكُونُ أَوْ كَأَخْيَرِ مَا تَكُونُ فَيَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكًا مُصْلِتًا جَنَاحَيْهِ فَلَا يَدْخُلُهَا { فهذا الأثر يعتبر فيصلاً في المسألة وفيه ربط زمني واضح بين خروج أهل المدينة ، وبين حصار الدجال لها بعد ذلك .

انظمة الحرب والحدث الكوني

هذا المبحث ضمنته ثلاث قرائن : إحداهما تشير صراحة إلى أن أنظمة الحرب في مرحلة الملاحم العظمى تكون تقليدية مما يؤكد على أن هذه الحضارة بتكنولوجيتها إلى زوال ، والثانية لها علاقة بنزول عيسى r من خلال نبوءة ذكرها العهد الجديد في الكتاب المقدس لدى النصارى ، وهي تصف طبيعة المرحلة التي ينزل فيها ، وتتفق تماماً مع ما ذكرت ، و الثالثة قراءة قرآنية للسنن الربانية في إهلاك الأمم مقارنة مع واقعنا المعاصر ، وتفصيل ذلك على النحو التالي :

القرينة الأولى : أنظمة الحرب ووسائله في علامات الملاحم وأحاديث العلامات .المعلوم أننا نعيش في عصر العلم والتكنولوجيا ، وهذا العصر اختلفت فيه أشكال المدنية عن العصور السابقة بشكل ملحوظ ، و أهم اختلاف يعنينا هنا هو وسائل القتال التي اختلفت بشكل جوهري ، بحيث أصبحت وسائل القتال القديمة لا ذكر لها في موسوعة القتال في عصرنا .
والملاحظ على أكثر علامات الساعة التي تتحدث عن مرحلة المهدي والدجال والملحمة العظمى أنها استخدمت العبارات الدالة على وسائل القتال القديمة كالسيف والرمح والخيل وغيرها ، وهذه الوسائل القتالية التي عبرت عنها الأحاديث النبوية بما يخص مرحلة مستقبلية هل هي معاني مجازية دالة على وسائل قتال كل عصر ، أم هي على حقيقتها ؟ والرأي الأخير يستلزم القول بفناء تكنولوجيا العصر ، ويتفرع على هذه القول تساؤل آخر وهو هل يكون فناء هذه المنظومة التكنولوجية المعاصرة بفعل البشر أم لأسباب أخرى ؟


هذا يتطلب منا النظر في النصوص نظرة تأملية ، ونرى هل يمكن حملها على المجاز ، أم لا ، وإذا كنا لا تستطيع حملها على المجاز ، واعتبرناها على حقيقتها ، فهل هذا مؤشر على بعد وقوعها كما يتصور البعض ، هذا نستطيع أن نفصله من خلال دراسة النصوص النبوية ، وتوجيه القول في العلاقة بينها وبين الحدث الكوني وذلك من خلال البندين التاليين :
البند الأول : النصوص الدالة على أنظمة الحرب ووسائله في أحاديث الملاحم ./ - عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى : إِلَّا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ . قَالَ فَقَعَدَ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ : } إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ . ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ ، فَقَالَ : عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ . قُلْتُ:الرُّومَ تَعْنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ ، فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً إِمَّا قَالَ : لَا يُرَى مِثْلُهَا وَإِمَّا قَالَ : لَمْ يُرَ مِثْلُهَا حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ . {
شرح :


هذا الأثر يتحدث عن الملحمة العظمى التي تكون بين المسلمين وبين الروم ، والملاحظ على هذه المعركة عدة أمور يرشد إليها السياق :


- قوله في الحديث أنهم يقتتلون حتى يحجز بينهم الليل إشارة قوية إلى أن نظام القتال سيكون على الطريقة القديمة التي يكون لليل أثر واضح في إيقاف القتال ، أما مع وسائل القتال المعاصرة والتكنولوجيا الحربية فليس لليل أي أثر في منع القتال ، بل على العكس الحروب المعاصرة يعتبر فيها الليل أفضل من النهار مما يدل دلالة واضحة على أن القتال يكون بصورته القديمة التي لا ينفع فيها القتال إلا في النهار ، وهذا دليل واضح في أن من استخدم معول التأويل في النصوص في اعتبار أن السيف في الأحاديث للدلالة على البندقية والخيل على الدبابة لم يوفق في ذلك ؛ لأن الكلام هنا لا يحتمل التأويل ، و إلا كيف نؤول حرباً يحجز الليل فيها بين الجيشين في ظل أجهزة الليزر المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة التي لا تفرق بين ليل ولا نهار ؛ إذاً هذا الحديث يتضمن قرينة قوية دالة على فناء تكنولوجيا العصر وعودة البشرية إلى أنظمة القتال القديمة .
- في الحديث إشارة إلى الفوارس العشرة مع تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفته لأسمائهم وألوان خيولهم ، والأصل أن تحمل الخيول على حقيقتها وهذا يتناسب مع ذكر ألوانها ، إضافة إلى أن وصف الراكبين عليها بأنهم فوارس ، يقتضي أن يكون تحته فرس فهذا الوصف لا يتناسب إلا لذلك ، أما القول بأن المراد بالخيول الدبابات ونحوها ، فهذا تأويل فاسد (_ ) دل سياق الحديث على فساده ، لتضمنه على قرينة معززة للمعنى الحقيقي ، وهي كون أنظمة الحرب تقليدية .
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : } لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ : خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ . فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ : لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ .
شرح :


هذا الحديث يتضمن عدة وسائل للقتال على نسق الحروب القديمة ونهجها ، وهذا واضح في عدة أمور منها : 1- القتال هنا على الطريقة التقليدية القديمة [نظام الصفوف و اصطفاف الجيشين للقتال ] وهذا لا يكون إلا في الحروب القديمة التي يستخدم فيها السيف ،أما الحروب في المفهوم التكنولوجي فلا يلزم فيها مثل هذا الإجراء .

-2 التصريح بكلمة تعليق السيوف على الزيتون على حقيقته ، ولو كان المقصود به وسائل حربية أخرى لكان الأولى ذكر كلمة الأسلحة بدلاً من كلمة السيوف ، وكلمة السلاح كلمة عربية وقرآنية ، مما يدل على أن السيوف هنا مقصودة لذاتها لأنها الوسيلة الحقيقية في الملحمة .
-3 الإشارة للحربة التي مع سيدنا عيسى ، وهي من وسائل القتال القديمة .
فهذه الدلالات كلها تشير إلى أن أسلوب القتال من أساليب الحروب القديمة وليست الحديثة ، وهذه الدلالة لا تحتمل التأويل كما يرى البعض ؛ حيث أنه لو أمكن تأويل السيف والحربة ، فليس من السهل تأويل فكرة اصطفاف الصفوف للقتال الدال على أن المعركة من المعارك التي يلتحم بها الجنود مع بعضهم البعض كما هو معهود في الحروب القديمة ، وهو ما لا تحتمله الحروب التكنولوجية المعاصرة .
/ - عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ.
شرح :


هذا الحديث صريح في أن الخيل المعهودة معقود في نواصيها الخير ، والمعلوم أن هذا الخير المقصود في الحديث هو في استخدامها بالقتال ، وهذا صريح في نهاية الحديث بقول النبي صلى الله عليه وسلم الأجر والمغنم الدال على الجهاد .
والشاهد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ، مما يشير إلى عودة استخدامها في الحروب ، وإلا فما قيمة هذه العبارة إذا كان استخدام الخيل في الحروب سيستبدل نهائياً بغيره من الوسائل قبل يوم القيامة ، ولاكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بذكر فائدة الخيل فقط دون ذكر هذه العبارة .
بل هذا الحديث فيه لفتة نبوية عجـيبة ، وهي أن الحالة التي عايشناها في وسائل القتال المعاصرة ليست دائمة ، بل هي تمثل مرحلة طارئة ستنتهي معها ويرجع الأمر إلى سابق عهده في استخدام الوسائل القديمة في القتال ومن ضمنها الخيل .
ولو لم يكن هذا مراداً لما كان هناك حكمة في إيراد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الكلام وتأكيد بقائه إلي يوم القيامة .
والمعلوم أن الوسائل القتالية المعاصرة لم تكن معهودة قبل قرن من الزمان ، ومدة بقائها المستقبلية مجهولة ، وقد تكون قصيرة جداً ، مما يعزز أنها حالة استثنائية طارئة ضمن حالة عامة تقليدية على مدى البشرية .
/ - جاء في حديث أبي أمامة الطويل عن الدجال : } قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام افْتَحُوا الْبَابَ ، فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ مَعـَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُـودِيٍّ كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ {
أقول :

الحديث صريح في أن سلاح اليهود يكون السيف المحلى ، ولو كان غير ذلك من الأسلحة المعاصرة لاستخدم النبي صلى الله عليه وسلم كلمة سلاح بدل كلمة السيف ، وكما ذكرت سابقاً أن سياق بعض الأحاديث لا يحتمل تأويل السيف بالأسلحة المعاصرة ؛ لأنها تضمنت إشارات صريحة على أن أنظمة الحرب تنطبق على الأسلوب القديم لا التكنولوجي الحديث .
/ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : } تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ وَيَنْحَازُ مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ شَيْئًا فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى أَثَرِهِمْ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ : لَقَدْ كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ وَيَظْهَرُونَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ .
/ - عن النَّوَّاس بْنَ سَمْعَانَ أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : } سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ
شرح :


هذان الحديثان صريحا الدلالة بما لا يحتمل التأويل أن الأسلحة في زمن ياجوج ومأجوج هي نفس الأسلحة التقليدية القديمة ؛ حيث جاء في الحديث الأول ذكر الحراب ، وهي الرماح ، وفي الأثر الثاني ذكر النشاب والقسي والأترسة ، وقد صرح الأثر الثاني بأن المسلمين سيوقدون من أسلحة يأجوج ومأجوج سبع سنوات مما يدل صراحة على أنها من الخشب ، وهذا الوصف يتفق مع الأسلحة القديمة .
الخلاصـة


يتضح من الأحاديث السابقة أنها تدل صراحة على أن الحروب في الملاحم وبعدها تكون وفق الأساليب القديمة وأسلحتها ؛ لذا جاء ذكر الخيل والسيوف والرماح والحرب فيها ، وهذه الوسائل لا يمكن تأويلها وحملها على الوسائل الحديث لأن الأحاديث نفسها صرحت بأن أنظمة الحرب نفسها تكون تقليدية لا يصلح فيها القتال بالليل ، وتكون الجيوش بنظام الصفوف التي يتلاحم من خلالها الجيشان ، وهذه الأنظمة لا يمكن تصور وجودها إلا إذا كان المستخدم فيها وسائل القتال القديمة فقط ، ويعزز ذلك كله أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بأن استخدام الخيل في الجهاد سيبقى إلى يوم القيامة مما يؤكد على أننا الآن في مرحلة استثنائية قصيرة أعفيت منها الخيل في الحروب ، لكنها ستعود لتكون الفيصل في المعارك المستقبلية .
اضافة رد مع اقتباس