مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 04/11/2012, 02:29 AM
ابو المثنى ابو المثنى غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 29/08/2007
مشاركات: 325
علامات أالأولى:ل أن تكون
مترتبة على وقوع حدث كوني
هذه بعض العلامات المستقبلية التي لم يتم تحديد المراد بزمن وقوعها ، ولكن يتوقع أن يكون لها علاقة بالحدث الكوني ؛ خاصة أنها تتضمن قرائن عدة تعزز من كونها واقعة بعد أمر عظيم أو تغيرات غير معهودة بالكرة الأرضية .

العلامة الأولى : عودة الغطاء النباتي الكثيف لجزيرة العرب .
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا {
أقول :
هذا الحديث فيه إشارة واضحة إلى تغيرات طبيعية جوهرية في الكرة الأرضية ،يترتب عليها تغير مناخ الأرض بشكل كلي ؛ إذ لا يتصور وفق فهمنا تصور تحول جزيرة العرب إلى مروج تجري بينها الأنهار إلا إذا كان هناك تغير جذري في المناخ ، والأمر وفق المعطيات المعاصرة غير مستبعد .
كذلك الحديث فيه دلالة على أن الجزيرة العربية في العصور الساحقة كانت مروجاً وأنهاراً ، وقرينة ذلك استخدام لفظة » تعود « الدالة على رجوع الشيء إلى سابق عهده الذي كان عليه ، ويعزز ذلك المعنى ما وجد في جزيرة العرب من بحيرات بترولية تحته ، والتي يرى العلماء أنها تكونت بسبب تحول مواد عضوية لحيوانات ونباتات مما يشير إلى وجودها بكثرة في ذلك المكان في الماضي .
ولفظة تعود تشير إلى ما ذكرت ، ولو كان المعنى غير ذلك لاستخدم النبي صلى الله عليه وسلم كلمة تتحول الدالة على تغير شيء عن سابق عهده .
ورأيت لبعض الشراح خاصة المعاصرين من يرى أن هذه العلامة يراد بها ما نراه من كثرة الآبار ومن العمران الموجود في الجزيرة ، ويتعسف القول بتحليلات لا تسلم منها إسقاط الحديث على محاولات حكومات الجزيرة العربية لتحويل مجرى نهري من العراق أو غيرها أو جر جبل جليدي إلى الجزيرة العربية ..إلخ
والملاحظ أن هذه التحليلات متعسفة ، والحديث نفسه يتضمن قرينة مانعة من الأخذ بها ؛ إذ يتصور نتيجة لجر جبل جليدي أو تغير مجرى نهر أن تكون بعض المروج مع بعض الجداول في بعض المناطق ، لكن الحديث أشار إلى تحول أرض العرب بأكملها إلى مروج وأنهار (_ ) ، وهذا السياق لا يتفق مع تلك التحليلات ، والذي حمل البعض عليها هو صعوبة تصورهم لأمر ألفوا غيره ؛ وهو تلك الصحراء القاحلة كيف تتحول إلى بساتين وأنهار .
وفي تصوري أن ما ألفه الإنسان من ثبات نسبي في المناخ والطبيعة ليس على إطلاقه ، وتاريخ الكرة الأرضية يشهد لتغيرات جوهرية وقعت بها فمن عصر جاف إلى عصر مطير إلى عصر جليدي ، وهذه التغيرات غير بعيدة عن الكرة الأرضية .
وأي تحول في مسار الكرة الأرضية ، أو انحراف مغناطيسي لها ، كفيل بإذابة القطبين ، وتغيير المدارات وخطوط العرض ، ومثل هذا التغير ليس مستبعداً ، فالأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى ، وما ألفه الإنسان لا يبقى على حاله ، و التنبؤات العلمية الصادرة هنا وهناك لعلماء فلك أو مناخ أو طبيعة ، يتصورون مثل هذا الأمر .
وجه علاقة هذه العلامة بآية الدخان والحدث الكوني المترتب عليها :

الحديث يشير إلى تغير غير معهود أو حتى غير متصور في ظل منظومة السنن الكونية الحالية ، لكنه يتصور حال تغير هذه المنظومة ، وتغير المنظومة كاملة لا بد أن يكون نتيجة لحدث جلل يعصف بالكرة الأرضية ويؤثر عليها على وجه العموم ، وهذا يبرز لنا وجه العلاقة بين هذه العلامة وبين الحدث الكوني ، حيث إن ضرب كسف للأرض كفيل بتغيير كل القوانين التي تحكم مناخها ، بما يترتب عليه تغير جذري في كل ما نعهده الآن ، و دخول الأرض في دورة مناخية جديدة لها سننها المغايرة عما سبق الحدث، ومن هذه التغيرات المترتبة على منظومة السنن الجديدة ما يقع للجزيرة العربية من عودة مناخها القديم المطير، وما يترتب على ذلك من جريان الأنهار وانتشار الغطاء النباتي

العلامة الثانية والثالثة : فناء كبير يعقبه اضطراب جيولوجي في صفائح الأرض .
/ - عن عبد الله بن حوالة قال : قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ . {
/- عن سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : }.. بَلْ تَلْبَثُونَ حَتَّى تَقُولُوا مَتَى ؟ وَسَتَأْتُونَ أَفْنَادًا يُفْنِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مُوتَانٌ شَدِيدٌ وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ .
شرح :
هذا الحديثان يشيران إلى علامتين قد يكون لهما علاقة بنزول كسف من السماء ، وهما :
العلامة الأولى : الموت الشديد :
الحديث فيه إشارة إلى حصول موت شديد في الأرض ، وقد عبر عنه الحديث بعبارة الموتان (_ ) الشديد بين يدي الساعة ، وهذا الوصف يتناسب مع ما ذكره علماء الفلك من توقعاتهم أن الساعات أو الأيام الأولى من نزول نيزك يترتب عليه موت ملايين البشر ، ثم يعقب ذلك أوبئة وقحط ومجاعة تأكل العدد الأكبر من البشرية ، وهذه الأوصاف تتفق من حيث المحصلة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم موتان شديد .


وهذا الموتان هو غير الموتان الذي جاء ذكره في حديث سابق ذكرته في الفصل الأول من الكتاب ؛ لأن الموتان السابق لم يوصف بكونه شديداً ، و صيغة الحديث السابق أنه خاص بأمة محمد صلى الله عليه وسلم أو بالصحابة من الأمة على وجه الخصوص ، ومن أوصافه أنه يأخذهم كقعاص الغنم مما يشير إلى أنه وباء ، وقد سبق اعتباره دالاً على طاعون عمواس .


أما الموتان هنا ، فهو بين يدي الساعة ، وهو عام ، لا يخص أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وشديد يهلك بسببه جمع عظيم ، و ارتبط بعلامة بعده مباشرة ، وهي سنوات الزلازل وقد يكون هذا الفناء أو الموت هو الذي ورد ذكره في حديث أَبِي ذَرٍّ حيث قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ يَعْنِي الْقَبْرَ قُلْتُ : مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : تَصَبَّرْ قَالَ : كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ . قَالَ : قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ .. .

فالأثر السابق يشير إلى موت وبائي واسع يصيب أكثر الناس لدرجة أن البيوت يصبح لا قيمة لها لقلة ساكنيها فيشترى العبد بثمن البيت ، والمعلوم أن ثمن أي بيت أغلى بكثير من ثمن العبد ، وهذه حالة استثنائية تتغير فيها الأحوال وتكثر فيها البيوت الخاوية من أهلها بسبب هذا الموت بحيث لا يصبح لها قيمة لدرجة أن ثمن العبد يوازيها لأن نفعه في تلك المرحلة يكون أكثر من نفع تلك البيوت ، وهذا إشارة إلى تفشي الموت وكثرته ، وكثرة من يصاب به ، والتعبير في النص بأن الموت يصيب الناس قد يفيد العموم (_ ) ؛ أي كل الناس : عربهم وعجمهم ، مسلمهم وكافرهم .
كذلك نلحظ أن العلامة الثانية تشير إلى جوع شديد يصيب الناس لدرجة يمنع الناس من الحركة القليلة لشدة الجهد وهوان الجسم بسببه ، وقد يكون هناك رابط بين الجوع الشديد المذكور في هذا الحديث ، وبين القحط العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى سبق أن شرحتها في المبحث السابق .
ودلائل بعض روايات الحديث تشير إلى أن أهل المدينة المنورة سيصيبهم من هذا الجوع والموت ، وهذا الحدث بهذا التوصيف غير المعهود لم يقع بعد ، ولم تعهد مثله المدينة المنورة ، أو غيرها بنفس الوصف ، فلعله المقصود بحديث الموتان الشديد وبحديث القحط الشديد والسنة يفسر بعضها بعضاً .
العلامة الثانية : سنوات الزلازل . -


هذه العلامة تتعلق مباشرة بأمرين : الأول : الموتان الشديد ؛ حيث تكون بعده مباشرة ، والثاني نزول الخلافة بيت المقدس ،حيث تكون إما مواكبة لها أو قبلها بقليل كما صرحت بعض الآثار أو خلالها كما صرح الحديث السابق ، وخلافة بيت المقدس لها علاقة بالعالمية الثانية للإسلام في عهد المهدي .
-المراد بسنوات الزلازل ، سنوات معينة تضطرب بها الأرض بصورة ملحوظة ، بحيث يصدق عليها هذا الوصف ، وهذه السنوات لم تأت بعد ، وفيها إشارة إلى اضطراب غير معهود في الكرة الأرضية ، وليس كما يدعي البعض من أننا نعيش الآن زلازل عدة يصدق فيها هذه العلامة ؛ لأن ما نعيشه ، وما عاشه أسلافنا في السابق من زلازل هي حالة طبيعية في الكرة الأرضية ، لا يصدق فيها القول أنها غير معهودة ، وطبعاً حديثي من اعتبار الزلازل حالة طبيعة لا يعني نفي كونها رجفات عذاب ، إنما قصدي أن هذه الظاهرة في عصرنا لم تأخذ شكلاً غير معهود يصدق فيه الوصف بأنها سنوات زلازل .
والمعنى الطبيعي المتبادر لنا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم هو أن هناك سنوات مخصوصة تكون الأرض فيها غير مستقرة بأهلها ؛ بحيث يكثر اهتزازها ، و تزلزلها بشكل غير معهود ، والسؤال الذي يطرح هنا : ما هو الحدث الذي سيؤثر على الكرة الأرضية أو صفائحها الصخرية.
-الملاحظ من الحديث الأول أن هناك علاقة بين الزلازل والأمور العظام ، وبين نزول الخلافة بيت المقدس ، وفي الأحاديث السابقة كان هناك ربط بين خروج المهدي وعلامة في السماء ، مما يشير إلى أن هناك علاقة بين الأمور الثلاثة السابقة ، ويكون الترتيب ، نزول كسف من السماء يخل بجيولوجيا الأرض ويؤثر على صفائحها الصخرية ، موتان عظيم ، تغير في حال البشرية وموازين القوى ، انتشار القحط والهرج ، خروج المهدي ، نزول الخلافة بيت المقدس ، تزلزل الأرض واضطرابها ويعزز ما ذكرت هذا الشاهد عن أي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : }أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِىِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا . { فهذا الأثر يعزز ما ذكرت في الربط بين الزلازل وبين خروج المهدي ، ويكون المراد بنزول الخلافة بيت المقدس في سنوات الزلازل ما يكون في عهده t ، أما الاختلاف بين الناس فله علاقة بعلامة الهرج السابق بيانها والتي يشتد أوارها عند حسر الفرات .

العلامة الرابعة : تقارب الزمان .

/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم} لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ الْخُوصَةُ. {
هذه العلامة سبق شرحها ، وخلصت هناك إلى نتيجة ، وهي أن تقارب الزمان على حقيقته ، وليس مجازياً (_ ) ، مما يشير إشارة صريحة إلى أن هناك اضطراباً ملحوظاً سيطرأ على حركة الكرة الأرضية ، ويسرع فيها حالة الدوران .
و وفق مستجدات العلم يمكن تصور ذلك في حال اضطراب حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس ، وهذا الاضطراب غير متزن أي لا يكون على نسق واحد ، فتسرع الأرض في دورانها حول نفسها ، وتسرع أيضا في دورانها حول الشمس ، فبدلاً من أن تدور الكرة الأرضية حول الشمس ،مرة كل اثنا عشر شهراً ، تقضي هذه المسافة في شهر واحد .
وفي ظني أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه النسب للتقريب وليس للتحديد ؛ أي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين للصحابة تغير النسب الزمنية للوقت ، فجاء بمثال يقرب المعنى ، حيث قـال
السنة كالشهر والشهر كالأسبوع ..إلخ
وإذا ربطنا هذه العلامة بما يقع في زمن الدجال ؛حيث يكون يومه الأول كسنة ويومه الثاني كشهر أصبح عندنا تصور إلى أن آخر مراحل اضطراب الكرة الأرضية يكون في عهد الدجال ؛ أي أن الكرة الأرضية في بادئ الأمر ونتيجة لأمر كوني تسرع في دورانها حول نفسها وفي دورانها حول الشمس ، ثم تأخذ بالبطء في دورانها حول نفسها ، فتكمل دورتها الأولى في سنة كاملة (__) ، و دورتها الثانية في شهر ، ثم تبدأ في العودة التدريجية لوضعها الطبيعي ، وتبدأ بالاتزان .
علاقة تقارب الزمان بالحدث الكوني .
الحقيقة أنه ليست لدي قرائن قوية تبرز طبيعة المرحلة الزمنية لهذه العلامة ؛ إلا أن هناك قرائن محتملة تعزز من ارتباط هذه العلامة بحقبة الحدث الكوني ، لعل أهم هذه القرائن هي طبيعة هذه العلامة ؛ حيث إن لها علاقة بتغير جوهري بحركة الأرض ، وهذا لا يتصور إلا إذا كان هناك حدث عظيم جوهري أثر فيها .


والقرينة الثانية هي أن هذه العلامة تشير إلى تقارب الزمان ، وفي مرحلة الدجال أشار النبي صلى الله عليه وسلم على تباعد الزمان ، وتضمن الحديث الخاص بذلك عن الدجال على قرائن تؤكد على أن تباعد الزمان على حقيقته ، والمعلوم أن آية الدخان وآية الدجال من الآيات العشر والعلامات العظام ، وقد سبق بيان التلازم بينهما ؛ حيث وصلت إلى نتيجة وهي أن الدجال يكون بعد آية الدخان ، والمعلوم أن أول مرحلة الدجال تتميز بتباعد الزمان مما يشير إلى أن هناك اضطراباً في حركة الأرض ، وهذا يعزز أن يكون قبل خروج الدجال تقارب الزمان لنفس السبب الذي أثر على حركة الأرض .

العلامة الخامسة : حسر الفرات عن جبل من ذهب :
/ - عن الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ : كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ : لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا قُلْتُ : أَجَلْ ! قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : } يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ : لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ . قَالَ : فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ .

/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : } لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو ])
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : } يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا
شرح :
أولاً : المعنى العام المتبادر لحسر الفرات :
-الفرات نهر معروف في العراق ، وهذا النهر له نصيب في علامة من العلامات الهامة للساعة ، وكما بين الحديث أن الفرات سينحسر ماؤه ، و الحسر في أصل اللغة الانكشاف ، وإذا استخدم مع الماء أو البحر يراد به أن الماء نضب حتى بدا ما تحته من الأرض .
أما كلمة جبل فهي في لغة العرب اسم لكل وتد من أوتاد الأرض عظم وطال
من الأعلام أما ما صغر وانفرد فهو من الأكم والقور .
يُفهم من معنى كلمتي الحسر والجبل وفق السياق أمران :
الأمر الأول :

الفرات ، هذا النهر العظيم سينضب ماؤه بصورة غير معهودة لدرجة أن الطين يبدو في قاعه (_ ) ، أو يكاد أن يبدو فيظهر للناس بعد انكشاف الماء كنز كبير جداً من الذهب وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالجبل من باب الكناية الدالة على كثرته ، ومن معاني مادة جبل الكثرة ، وبالتالي تكون لفظة جبل هنا من باب المعنى المجازي ،ولا يراد بها جبل حقيقي يبرز له قمة وارتفاع على وجه الأرض .
الأمر الثاني :

يراد بالحسر هنا المعنى الأصلي وهو الانكشاف ، وليس نضوب الماء ، بل الذي يحصل هو تحرك في طبقات الأرض يترتب عليها بروز جبل عظيم من الذهب في وسط ماء الفرات ، وهذا الوجه من الفهم يتفق والمعنى الحقيقي لكلمة الحسر والجبل .
وكلا المعنيين السابقين يحتمله سياق الحديث ، ولكل قرائن دالة عليه .
ثانياً : آراء المعاصرين في حسر الفرات.
اختلفت تصورات المحدثين في المراد بالجبل والمقصود بالحسر ، أبينها في التالي :1-المراد بجبل الذهب البترول :

يرى بعض المعاصرين أن جبل الذهب يراد به البترول ، ومقصود الحديث وفق تصورهم أن الفرات يكشف عن بحيرة عظيمة من البترول ، وهذا احتمال بعيد جداً


للأسباب التالية :أ

*-لفظة جبل الدالة على كنز الفرات لا يتناسب استخدامها للدلالة على مادة سائلة كالبترول حتى من الناحية المجازية ، والأولى منها كلمة بحر ، أو بحيرة .
ب*-سياق الحديث الذي استخدم لفظة الانحسار للنهر تشير إلى أن هناك علاقة بين
نضوب الماء وانكشاف جبل الذهب ، وهذا السياق لا يتناسب وطبيعة اكتشاف البترول الذي يمكن معرفته والتنقيب عنه في أعماق البحار ، فلا تحتاج معرفته واكتشافه نضوب الماء وانحساره .
ت*-الواقع يشهد لضعف هذا الاحتمال ، فسياق الحديث يشير إلى كنز عظيم يتبدى في نهر الفرات يقتتل عليه الناس مما يعزز خصوصية هذا الكنز في هذا المكان من ناحية ، ومن ناحية أخرى دلالة السياق تشير إلى عدم وجود كنوز شبيهة به في أماكن أخرى وإلا لما اجتمع الناس عليه بخصوصه ، أما البترول فقد تم اكتشافه في أماكن عدة وبكميات كبيرة في الجزيرة العربية والعراق ، وبالتالي اكتشافه في نهر الفرات لا يعطيه خصوصية مميزة مهيجة للاقتتال عليه .
ث*- دلائل السياق تشير إلى مرحلة مغايرة لما نحن عليه الآن ، فعصرنا تنوعت فيه الكنوز وأهمها البترول الذي يكنى بالذهب الأسود ؛ لذا وجود جبل من ذهب مهما كان حجمه في عصرنا لا يعتبر اكتشافاً مميزاً ، فاكتشافه أشبه بعصرنا باكتشاف حقل بترول في موضع ما ؛ لذا أتصور أن مرحلة ظهور جبل الذهب سيكون في مرحلة يعز فيها الذهب ، ويقل المال ؛ بحيث يكون ظهوره مهيجاً لمقتلة عظيمة بين الناس ، ولعله يكون في مرحلة شدة وقحط ونضوب في الخيرات .
ج*- سياق الحديث يشير إلى أن كل واحد يستطيع أن يأخذ منه ، وذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا « فكل فرد يحضر عند هذا الكنز يستطيع أن يأخذ منه ، وهذا متصور في الذهب الحقيقي ، أما في البترول فالأمر صعب إذ إخراجه بما يحقق الانتفاع منه يحتاج إلى دول وشركات ضخمة ، وهذه قرينة قوية صارفة .
اضافة رد مع اقتباس