مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 30/11/2011, 02:21 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ مسّتريح البال
مسّتريح البال مسّتريح البال غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 05/07/2008
المكان: بين ذاكرة الجسد وفوضى الحواس !
مشاركات: 1,119
موعد جديد مع الخيبة !



العودة إلى الحزن


كنت وما زلت أعتقد أن الحزن وحده من يجبرنا على البوح والكتابة والرحيل بين الكلمات .
وحده الحزن من يخلع عنّا وجوهنا لنتوشحه ُ , حتى لا نفكر في الماضي إلا بشحوب يكسوه الحنين , وانكسار يتغلغل في المحاجر حتى يضنينا الأنين , وحده من يجعلنا نشرب قهوتنا مُره , لنرى لحظة ارتشافها الدنيا بالأبيض والأسود , زاهية إلا من الألوان .

أحاول الهرب إلى ذاكرتي , فتخذلني تقلباتي النفسية فأرحل إلى ملامح غدت مدينة ً لحزني , وتضاريس لوطني - وطن الشحوب !

قبل اليوم كان ( الفرح ) ملجئ , مهرب , موطن , ولكنه أصبح الآن خطيئة !
فما عادت خرائطي من ضمن خططه ورحلاته الماجلانية .

كنت وما زلت أظن أن الحزن وحده من يلهمنا حد الجنون , ويغسلنا ويشفي الظنون .
لم أعهد في حياتي من قبل شعورا ً يجعلني أصفوا لنفسي , وافلترها , وأغسلها من شوائب الدنيا التي علقت بها – كالحزن – . !

ذات ليلة عدتُ إلى أحد ممرات ذاكرتي الضيقة مجبرا ً .. كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل بتوقيت حزني .. لم يكن هناك سوانا نرتشف فنجان ألم .. ونتقاسم كسرة جرح ..
متقابلين لا تفصلنا سوى طاولة دائرية الشكل تختزل في قطرها الكثير من الغموض سيغدو عما قريب مستقبلنا المعتم الذي كنا نبحث عنه ولا نريده !

دائما ً ما تستغرق البدايات الكثير من الكلام والوقت حتى تتشكّل معالمها , بعكس النهايات التي لا تحتاج سوى القليل من الصمت حتى نغدو ملامحها !
لذلك دائما ً ما نحاول أن نخفي مشاعرنا بالكلمات , بالتبرير , بالثرثرة أحيانا ً , ولكنّا الآن بالذات نخفيها بمعطف الصمت , ونمارس معها أشد أنواع الكبت !!

هاهي النهاية على مرمى حجر , ونحن بسذاجة لم أعهدها من قبل نقتفي الأثر , علنّا نضرب موعدا ً مع الخيبة , بعد أن فشلنا مرارا ً في مواعدة الحب .
أرمقها بنظرة فلا تزيد عن ذلك إلا بابتسامة تزيد الموقف غموضا ً , وكأننا لا نريد لهذا الحب أن يستمر !
بل أجدنا نتراهن من السبّاق إلى النهاية ؟ من يقطع خط النهاية أولا ً ؟ من يجيد الركض أكثر في الأمتار الأخيرة نحو تلك النهاية ؟

ليس صعبا ً أن تتقمص دور شخص ٍ ما في الحياة , أو أن تحاول أن تقنع نفسك بأنك غير ما أنت عليه , الأصعب أن تعيش حياة أخرى أنت تكتبها , تغرم بطقوسها , تعيش فصولها , وتتأثر بها تحت وطأة الكتابة , ثم لا تلبث أن تغلق ذلك الدفتر لتعود إلى واقعك المر , إلى وجهك الذي لا يشبهك , إلى جسدك الذي لا يعرفك , إلى مشاعرك وأحاسيسك التي باتت تكرهك !!

لذلك طالما كنت أخشى الكتابة لأنها تجبرني على مواجهة كل ما أتحاشاه وأهرب منه , وتجعلني مجبرا ً بالتعمق فيه , بالتباهي كذبا ً , بالعيش بطلا ً , ولكن كل هذا ليس أكثر من حبر وورق !

أعيد استراق النظر إليها وأطيل وكأنها المرة الأولى التي أرى فيها ملامحها !
رغم كل تلك النظرات لم أجرؤ على التحدث معها وأنا الذي لم أخشى يوما ً أن أبادر أنثى بالكلام , هل كان تحسبا ً لردة الفعل , أم أنه الخوف الذي دائما ً ما يصاحب النهايات ؟
هل أنا الآن أكتب النهاية بيدي ؟ أما الحزن الذي طالما كان يراهن علينا قد كسب الرهان ؟

تركتها بعد أن عجز الكلام .. بعد أن سقط الحب مغشيا ً عليه من هول ما رأى ولم يسمع .. تركتها وأنا على يقين تام .. أن لكل بداية نهاية ولكل شيء ٍ ختام ..
تركتها بعد أن تركتني مضرحا ً في ذهولي .. غارقا ً في أسئلة تثير فضولي .. تركتها بعد أن تركتني أعاني جوعا ً عاطفيا ً أدى لنحولي ..


ودمتم في رعاية الله

اضافة رد مع اقتباس