مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #431  
قديم 07/04/2011, 01:43 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ أميـــر الليل
أميـــر الليل أميـــر الليل غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 28/06/2010
المكان: سَبت العلايةة ♥
مشاركات: 19,382
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


*عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول: " إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك ، واستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال: عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ، ويسِّره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال: في عاجل أمري وآجله– فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به" قال: ويسمي حاجته.
فيــه فـوائد:
1- هذا الحديث أخرجه البخاري في ثلاثة مواضع من "صحيحه" : في التهجد –باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى 1162، وفي الدعوات –باب الدعاء عند
الاستخارة (6382) ، وفي التوحيد –باب قول الله تعالى (( قل هو القادر )) [7390].
وأخرجه: أحمد 3/344 ، وأبو داود ( 1538) والترمذي 480 ، والنسائي 3253 ، وابن ماجه 1383 .
كلهم من طريق عبد ا لرحمن بن أبي الموالي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
والحديث له شواهد أشار إليها ابن حجر" في الفتح 1" 1/184 وقال:" ليس في شيء منها ذكر الصلاة سوى حديث جابر، إلا أن لفظ أبي أيوب: "أكتم الخطبة وتوضأ فأحسن الوضوء ثم صل ما كتب الله لك))، فالتقييد بركعتين خاص بحديث جابر"
قلت: حديث أبي أيوب: أخرجه أحمد 5/423 ، والطبراني 4/3901 وابن حبان 4040 ، والحاكم 1/314 ، والبيهقي 7/147 وإسناده لا بأس به.
2-
الاستخارة لغة: طلب الخير في الشيء ، يقال :استخر الله يخر لك(1).
واصطلاحاً: طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما من الله جل وعلا.
3- فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة: وأنه متأكد مرغب فيه، لقوله "كما يعلمنا السورة من القرآن ".
قال العراقي : " ولم أجد من قال بوجوب
الاستخارة مستدلاً بتشبيه ذلك بتعليم السورة من القرآن، كما استدل بعضهم على وجوب التشهد في الصلاة بقول ابن مسعود:" كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ".
قال: ومما يدل على عدم وجوب الاستخارة: الأحاديث الصحيحة الدالة على انحصار فرض الصلاة في الخمس من قوله: "هل علي غيرها ؟ قال: لا إلا أن تطوع " وغير ذلك (2).
والحكمة من مشروعيتها: التسليم لأمر الله ، والخروج من الحول والطول ، والالتجاء إليه سبحانه ، للجمع بين خيري الدنيا والآخرة، ويحتاج في هذا إلى قرع باب الملك ، ولاشيء أنجع لذلك من الصلاة والدعاء ، لما فيهما من تعظيم الله ، والثناء عليه ، والافتقار إليه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة ، لما فيها من التعلق بالله وسؤاله ودعائه وخوفه ورجائه (3).
4- استحب بعض العلماء تقديم الاستشارة على
الاستخارة ، قال النووي رحمه الله: "يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة والخبرة ، ويثق بدينه ومعرفته، قال تعالى: (وشاورهم في الأمر)، وإذا استشار وظهر أنه مصلحة ، استخار الله تعالى في ذلك ".
قلت: والأمر في هذا واسع، إن قدم الاستشارة على
الاستخارة فحسن، وإن قدم الاستخارة أولاً فلا بأس ، والمقصود هو الجمع بينهما.
قال ابن القيم :"وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ما ندم من استخار الخالق ، وشاور المخلوقين وثبت في أمره "(4).
5- فيه دليل على أن
الاستخارة تكون عند الهم بالشيء ، لقوله " إذا هم أحدكم بالأمر ".
والهم: هو أول العزم على الفعل إذا أردته ولم تفعله ، وهو: عقد القلب على فعل شيء خير أو شر قبل أن يفعل (5).
بخلاف العزم فهو القصد المؤكد، يقال: عزمت علىكذا عَزَماً وعُزماً وعزيمة : إذا أردت فعله، وصممت عليه(6).
وحينئذ فينبغي أن يكون المستخير خالي الذهن ، غير عازم على أمر معين ، لأن قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث " إذا هَّم" يشير إلى أن
الاستخارة تكون عند أول مايرد على القلب ، فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ماهو الخير ، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده ، وقويت عليه عزيمته وإرادته ، فإنه يصير إليه ميل وحب ، فيخشى أن يخفى عليه الرشاد لغلبة ميله إلى ما عزم عليه(7).
وفي "الاقناع مع شرحه": "ولا يكون -يعني المستخير– وقت
الاستخارة عازماً على الأمر الذي يستخير فيه"(8).
6- قال العلماء:والاستخارة تكون في الأمور التي لايدري العبد وجه الصواب فيها، أما ماهو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف،أو معروف شره كالمعاصي والمنكرات فإنه لاحاجة إلى
الاستخارة فيها، إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج مثلاً في هذه السنة، لاحتمال عدو أو فتنة، والرفقة فيه،أيرافق فلاناً أم لا؟(9).
قال الشوكاني رحمه الله: " قوله في الأمور كلها" دليل على العموم ، وأن المرء لا يحتقر أمراً لصغره وعدم الأهتمام به فيترك
الاستخارة فيه ، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليسأل أحدكم ربه حتى في شسع نعله"(10).
قال محمود الورّاق:

توكل على الرحمن في كل حاجة
أردت فإن الله يقضي ويقــــــدر
إذا ما يرد ذوالعــــرش أمراً بعبده
يصبـــه وما للعبــد مـــايتخــــير وقد يهلك الانسان من وجـه حذره
وينجو بحمد الله من حيث يحـذر(11)

وحينئذ فتشرع الاستخارة لمن أراد خطبة امرأة ، أو شراء سيارة ، أو شراء بيت، أو الدخول في صفقة تجارية ، وما أشبه ذلك.
7- أن
السنة في الاستخارة كونها ركعتين ، لقوله " فليركع ركعتين من غير الفريضة "
وحينئذٍ فلا تجزئ الركعة الواحدة.
وأجاز بعض العلماء الزيادة على الركعتين ، لحديث أبي أيوب: (صل ماكتب الله لك).
قال ابن حجر :" والظاهر أنه يشترط إذا أراد أن يسلم من كل ركعتين ليحصل مسمى ركعتين، ولا يجزئ لو صلى أربعاً مثلاً بتسليمة ، وكلام النووي يشعر بالإجزاء "(12).
قلت : الأفضل والأكمل الاقتصار على ماورد في الحديث وهو صلاة ركعتين فقط ، ويكون مقيداً للإطلاق في حديث أبي أيوب رضي الله عنه.
وهل يجزئ لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة الظهر مثلاً ، أو غيرها من النوافل كتحية المسجد ؟

ظاهر كلام النووي رحمه الله الإجزاء
(13).
وتعقبه ابن حجر فقال : "كذا أطلق وفيه نظر، ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة
الاستخارة مما أجزأ ، بخلاف ما إذا لم ينو ، ويفارق صلاة تحية المسجد ، لأن المراد بها شغل البقعة بالدعاء ، والمراد بصلاة الاستخارة أن يقع الدعاء عقبها أو فيها"(14).
وقال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله :" ولا يقال دعاء
الاستخارة إذا صلى تحية المسجد أو الراتبة ولم ينوه من قبل ، لأن الحديث صريح بطلب صلاة الركعتين من أجل الاستخارة ، فإذا صلاهما بغير هذه النية لم يحصل الامتثال ، وأما إذا نوى الاستخارة قبل التحية ، والراتبة ثم دعا بدعاء الاستخارة فظاهر الحديث أن ذلك يجزئه ، لقوله : "فليركع ركعتين من غير الفريضة " فإنه لم يستثن سوى الفريضة ، ويحتمل أن لايجزئه ، لأن قوله : "إذا هم فليركع" يدل على أنه لا سبب لهاتين الركعتين سوى الاستخارة ، والأولى عندي أن يركع ركعتين مستقلتين ، لأن هذا الاحتمال قائم ، وتخصيص الفريضة بالاستثناء قد يكون المراد به أن يتطوع بركعتين ، فكأنه قال : فليتطوع بركعتين، والله أعلم(15).
اضافة رد مع اقتباس