مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 08/03/2011, 10:12 PM
~ Abutamim ~ ~ Abutamim ~ غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 22/10/2001
المكان: UK leicester
مشاركات: 148
عـيـالـنـا والـيـابـان !

السلام عليكم ورحمة الله

سنوات طويلة وطويلة جداً منذ دخولي لأول مرّة لهذا المنتدى
أتذكر جيّداً أني انضممتُ له (ولأول مرّة) ولداً صغيراً كان فرحاً جداً
بأنه أصبح كبيراً وانضم إلى ركاب (الكبار) في مدرسة المتوسطة !

ها أنا أتذكر تلك الأيام وأعود لأكون من بينكم لأكتب ( لم انقطع كـ زائر ) ولكن هذه
المرّة مرة السنون .. وها أنا ذا لم أعد طالباً في المرحلة المتوسطة ..
بل شاباً على أعتاب التخرّج من الجامعة بإذن الله .. وتلك الأيام


كلمات لا تعدو كونها خربشات حرف أحببتُ أن أشارككم بها
عُنونتها بـ


عيالنا واليابان !


من فترة ليست بالقصيرة أبداً وفكرة هذه التدوينة (تدندن) في رأسي ومخيلتي..
وفي كل مرّة يظهر لي محفزاً جديداً وكأنه يُلح عليّ أن أترجم تلك الأفكار التي تراودني
إلى سطيرات حتى وإن كانت بسيطة كالتي ستكون بين أيديكم..


أول تلك المحفزات كانت قبل مايقارب السنة من الآن وأنا مستلقِ على السرير بعد عناء يوم جامعي..
كنتُ أستمعُ إلى محادثة جمعت يومها أخي الأصغر وابن أختي..
كانا يتحدثان عن إمكانية أن يتم اختراع رجل آلي يعمل في المنازل
وينفذ كل ما يُطلب منه (يعني تخيل وحنا نلعب بلاي ستيشن يجيب لنا اللي نبي من المطبخ !)
هكذا كان نص الحوار!! وإذا بأحدهم يردُ على الآخر (خلاص ان شاء الله نكلم اليابان يصنعون لك!) ..
لا أخفي ابتسامتي حينها على هذه السخرية الجميلة..
ولكن كان لتلك الكلمات وقعٌ كبير في داخلي فأحببتُ ألا تمر دون أن أدوّنها ..
لا أشك أبداً أن كلماتٍ كتلك لم تكن لتخرج من صبي محض صدفة أو كلماتٍ عابرة..
بل أن وراءها عوامل عديدة ترسبت داخل عقله فنطق بها لسانه ..


أما ثاني تلك المحفزات كان في إحدى ممرات الجامعة..
يومها استمعتُ إلى طالبين يتحدثان عن إحدى حلقات برنامج خواطر للأستاذ أحمد الشقيري ..
كان ما استطاعت أذناي الإستماع إليه في نهاية حديثهم قول أحدهم (يازين من هاجر لليابان.. نظام وشغل سنع موب حنا!) ..
أبتسمُ دائماً لسماع مثل هذه العبارات العابرة التي تأتي باللغة العامية البسيطة وقائلها يتحدّث بها (من قلب!) ..
ولكني وللمرة الثانية أجزم أنها جاءت مُخفية وراءها الكثير في عقلية قائلها !


أمّا آخر المحفزات.. فهي ذكرياتٌ استرجعتها قبل ثلاث سنوات مضت ..
كنتُ في رحلة دراسية لمدة شهرين إلى بلاد الإنجليز..
عشتُ يومها مع امرأة إنجليزية شبه طاعنة في السن!
وكان إلى جانبي بالغرفة المجاورة شاب ياباني جاء لنفس الغرض..
تكوّنت بيننا صداقة نستطيع القول بأنها أصبحت وطيدة..
بحكم العيش في بيت واحد والدراسة في نفس المعهد ..
كان في معهد الدراسة ايضاً قرابة العشرة طلاب من اليابان ..
وكان احتكاكي بهم بشكل كبير..
الحق كل الحق ودون أي تحيّز وخلال زمالة العديد من الطلاّب اليابانيين والعيش مع صديقي (يوكي)..
لم ألمس منهم (ذكاءً) يفوقنا أبداً (أبداً!)..
بل إن البعض منهم أقل بكثير من قدرات شبابنا العقلية..
يومها اقتنعتُ تماماً أن اختلاف الطموحات هي من يصنع الفارق في حياة البشر..


هكذا انتهت تلك المحفزات ..
وجاء دور هذه السطيرات ..


آلمني كثيراً كوني لم أسمع مثلاً (خلاص إن شاء الله نصنع لك!) .. بدلاً من (نكلم اليابان يصنعون لك!)..
لا أشك ولو لوهلة ولايمكن إنكار أننا نعاني من التأخر في كل المجالات
وأننا مع بالغ الأسف نقف في آخر الصفوف دائماً فالشمس لا تحجب بغربال..
ولكن السبيل إلى النهوض لن يكون أبداً بغرس هذه المفاهيم في عقولنا وعقول صغارنا..
يجب أن نسعى وأن نسخر كل مايُمكن أن يُسخر لكي نبعد هذا الشبح الذي يجعلنا
ويجعل صغارنا يربطون كل نجاح وتقدم ونهضة واختراعات ممكنة باليابان أو الغرب أو الشرق ..
لماذا لا يُغرس في دواخلنا مقدرتنا نحن على صناعة الإنجاز ؟
فكون الطفل من بيننا يُنشـّأ على القناعة التامة أن بمقدوره وإمكانه أن يخترع
وأن يصنع وأن ينجز فهذا بحد ذاته نقطة تحول كبيرة جداً
في سبيل النهوض واستعادتنا لجادة الصواب..
فعقولنا أبداً ليست أقل من تلك العقول بل أجزم أنها تفوقها فيما
لو سُخـّرت كما يجب و زُرِع فيها حب النجاح وأعالي الطموحات..


آلمني كثيراً كوني لم أسمع مثلاً (ياليت ديرتنا تكون مثل اليابان) أو (ياليتي أقدر أساهم عشان تصير ديرتنا مثل اليابان)
بدلاً من ( يازين من هاجر لليابان .. نظام وشغل سنع!) لا ألومه أبداً فالكل سينبهر من النجاحات وجمال الحياة والانتظام هناك ..
ولكن ألستُ أنا وأنت والطالبان الذان كانا يتحدثان بمقدورنا أن نصنع من بلادنا
بلداً يفوق اليابان بالإلتزام بالنظام مثلاً؟ هل الإلتزام بوضع حزام الأمان أثناء السير مُعضلة؟
هل التقيّد النظام أثناء قيادة السيارة وعدم تجاوز السرعة القانونية شيئاً لا يُمكن تحقيقه؟
هل احترام الأماكن العامة وعدم رمي المهملات فيها أو في الطرقات شيئا يستحيل إنجازه؟
هل الإنتظام في مواعيدنا والتقيّد بها إنجازاً لا نقدر عليه؟
هل الصدق في المعاملات وسائر أمور الحياة (وهو واجب شرعي قبل أن يكون نظاماً) يصعب علينا ولا تستطيعه نفوسنا؟
هل وهل وهل وهل وهل ؟
كل هذه الأعمال وغيرها بسيطة جداً جداً جداً والقيام بها لا يُكلف الإنسان أي شيء..
ولكنها في الحقيقة هي من تصنع الحضارة وتكوّن النظام..
لماذا لا نغرس في نفوسنا أهمية هذه الأمور وأن الإنجازات العظيمة
تبدأ من جزئيات بسيطة حتى نتمكن من صنع بلاد يسُودها النظام كالذي أبهرنا عند الغرب والشرق؟..
بدلاً من هاجس العيش هناك والإكتفاء بالإعجاب بها والحديث عنها..
أتمنى من نفسي (الأمّارة بالسوء) قبل أي أحد أن تعي الأمانة المُلقاة على عاتقها وأن ترعاها حق رعايتها ..
وأن تساهم كما يجب في أن نعود يوماً إلى طريق الحق والصواب وسيادة الأمم..

...

في أمان الله
اضافة رد مع اقتباس