مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 22/02/2011, 01:03 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هلالي من ارض اليمن
هلالي من ارض اليمن هلالي من ارض اليمن غير متواجد حالياً
مشرف منتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/08/2005
المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
[ قهوة الثلاثاء - 14 ] .. ذكرياتي مع القائد الرئيس : معمر القذافي !




اتذكر عندما كنت طفل صغير حينما كنت ازور منطقتنا باليمن انني كنت استمع الى اصوت الإنفجارات عندما تهطل الامطار وتجري السيول من قمم الجبال الى بطون الأودية .. في البداية وانا في تلك المرحلة العمرية كنت اشعر بالخوف من هول دويها وبعد ذلك ألفتها حتى اصبحت انتظرها واتنافس مع اقراني في توقع توقيت حدوث الإنفجار ! .. بعد ذلك عرفت ان هذه الانفجارات هي بقايا الغام ( 1 ) والتي كانت تجرفها السيول عن مخلفات نتجت من حروب سابقة خاضها رجالات المنطقة ضد ما كان يطلق عليهم الجبهة القومية ( 2 ) والذين زرعوا المنطقة بادوات الموت في كل حدب وصوب عندما لم يتمكنوا من تحقيق اهدافهم بالسيطرة على منطقتنا بعد حروب عدة .. تحدثني جدتي يرحمها الله قائلة : لعنة الله على المجرمين حيث لغموا البلاد ( إي وضعوا الألغام في كل مكان ) ولم يرحموا إنسي ( إي من الأنس ) أو بقرة أو حتى طائر يهبط من السماء الا ولغموه ! .. فيما بعد عرفت ان هذه الألغام كانت هدايا السيد الرئيس : معمر القذافي الى شعب اليمن حينما وهب الجبهة القومية انذاك قرابة 4 ملايين لغم تم زرعها في ارجاء اليمن وهي تعادل تعداد سكان اليمن في ذلك التاريخ !

لدي قاعدة مفادها اذا اردت ان تقرأ مجتمع فتوجه الى احدى دور النشر الصادرة من تلك الدولة .. فاذا وجدت تنوع في الموضوعات والتوجهات والأطروحات بين اتفاق وخلاف فاعلم انك امام مجتمع حضاري .. واذا وجدت ان دار النشر في تلك البلاد ذو توجه محدد ليس هنالك ما يعارضه او يختلف معه فاعلم انك في بلد لا زال في طور النمو .. ولكن في ليبيا الأمر مختلف ! .. فلديهم فقط الكتاب الأخضر لا غير .. وهي مجموعة من افكار الرئيس الليبي وتوجهاته في تغيير العالم بدء من قبائل الزولو في جنوب افريقيا الى الهنود الحمر في سهول شمال امريكا ! .. ولقد قمت بزيارة معرضين للكتاب في عاصمتين عربيتين أملا ان يكون لدى احداهما ما ينفي انطباعاتي عن الأخرى .. ولكن للأسف اتفق كلا المعرضين على دار نشر وحيدة تمثل ليبيا بتاريخها البطولي العظيم وتعرض فقط الكتاب الأخضر مع مؤلفات أخرى تتناول بالتفسير والتحليل الواقع السياسي للكتاب الأخضر والرؤية الاقتصادية في الكتاب الأخضر والمجتمع الحديث في الكتاب الأخضر حتى انني من زود الحماسة بحثت عن باب كيف تدخل الحمام ( وانتم بكرامة ) في الكتاب الأخضر ! .. طبعا الكتاب لا يستدعي التفسير ولا التحليل فهو كتاب جدا متواضع وأقرب الى السذاجة .. وما التفسيرات والتحليلات التي نشأت عنه سوى لأن الكتاب ممهور بتوقيع السيد الرئيس ! .. لذلك اقترح دوما ان لا يضع الرؤساء اي كتب أو مؤلفات أو نظريات أو اقوال حين توليهم للسلطه حتى لا يحرجوا شعوبهم في مجاملتهم .. واقترح عليهم حماية لحقهم في التعبير عن ارائهم ان يطرحوا ما يشاؤون بعد تنازلهم عن السلطة حتى يكون النقد حقيقي وبناء ،،،

من الدعابات اللطيفة ان هنالك من لفت نظر الرئيس ذات يوم ان دولة ليبيا ليس بها اصدارات أدبية وهذا لا يليق بأسم الجماهيرية الليبية العربية الاشتراكية العظمي ! ( 3 ) .. فقرر الرئيس ان يكتب روايته ( الأرض الأرض .. والسماء السماء .. والرجل الذي صعد الى الفضاء ! ) .. يروقني الرئيس الليبي فهو يهتم بتوفير كافة متطلبات شعبه حتى الروايات يتكفل وحده في كتابتها حتى لا يتعب شعبه بالتفكير ! .. من الدعابات الأخرى والتي كنت شاهدا عليها ان هنالك برنامج اسبوعي كان يبث من ليبيا ويتحدث من خلاله الرئيس الليبي الى دول العالم الحر ! .. بمعنى انه لا يتحدث الى شعوب العالم العربي فحسب بل الى كافة القارات بمختلف اللغات .. ولكن يبدو انه تناسي ان العربية التي يتحدث بها في خطابه لا يفهمها سوى العرب فقط .. فكيف يكون الخطاب للعالم بأسره .. لست أدري ! .. ومن الدعابات الأخرى في هكذا خطاب انني كنت اظن انه يتحدث من منزله بعد تناول العشاء .. فيحدث ان يقطع حديثه ينادي أحدهم أو ربما يشتمه ! .. كما إنه ( يتجشأ ) كثيرا اثناء حديثه مما يوحي انه يتحدث من على طاولة الطعام وفخذ الضأن لا زال يلوكه بين أسنانه ! .. من دعابات خطاباته انه طالب بحماية حقوق المرأة سواء كانت من الرجال أو النساء ! .. طبعا لماذا اطلقت على ليبيا مسمى ( عظمي ) وذلك حسب تفسير السيد الرئيس ان ليبيا قد تعرضت الى ضربة جوية امريكية في عام 1986 م اذا لم تخني الذاكرة وبالتالي والرواية كما صدرت من سيادة الرئيس : طالما ان امريكا دولة عظمى فهي بالتالي لن تهاجم سوى دولة عظمى مثلها .. وطالما انها هاجمت ليبيا فيعني ذلك ان ليبيا دولة عظمى ! .. ومن الكوارث التي تحدث بها ذات يوم ان علينا كمسلمين اتباع القرآن الكريم فقط وان ننسى السنة المطهرة حتى لا نقدس سيدنا محمد حسب تعبيره كما يقدس النصارى سيدنا عيسى عليهما الصلاة والسلام !

في ليبيا هنالك شعب عظيم .. فقد عرفت بضع زملاء ليبيين في مراحل عدة من حياتي .. في انطباعك الأولي نحوهم تشعر انهم شعب مغرور وعدواني ومتعال ومستفز ايضا .. ولكن عندما تقترب منهم تكتشف ان حقيقتهم عكس ذلك تماما .. ومشكلتهم انهم يتعاملون بتلقائيه ويعبرون عن مشاعرهم بصراحة ويتحدثون بلهجة صحراوية خالية في نبرتها من الماء والخضرة والوجه الحسن ! .. لذلك يخون الكثيرين منا التقدير من النظرة الأولى ولكن عندما تمنح نفسك مساحة اكبر للتعرف عليهم فأنك تجد نفسك امام مجتمع صادق ونبيل ومرهف الاحساس ويتمتع بحس الدعابة ولكن بالطريقة الليبية ! .. كما ان المجتمع الليبي في جوهره متدين جدا بالرغم من السنون الطوال التي عمل فيها النظام الليبي على محاولة طمس صفة التدين لديهم ولم يتمكن من ذلك ،،،

لست من هواة الثورات ! .. ولطالما تمنيت ان الانظمة ( الجمهورية ) في الوطن العربي تستطيع التوصل الى آلية نظام مدني تلتزم به كما تنص عليها ( دساتيرها ) والتي تنص على تداول السلطة بشكل آمن وخلاق عبر آلية وزمن محددان مثلما يحدث في دول اوروبا وشمال القارة الامريكية .. ولكن يحدث في كثير من الأحيان ان الناس قد تطلب الموت على حياة الخوف والفقر والحاجة ومحاربة الدين والأخلاق ! .. لقد كرهت صراحة خطاب نجل الرئيس الليبي الساعدي القذافي مؤخرا والذي هدد وتوعد الشعب الليبي بالموت كانه يملك صكوك ملكيتهم متناسيا انه مجرد ابن الرئيس ليس لديه اي صلاحيات سياسية ولا يحق له ان يتحدث باسم والده كانه يوجه خطابه نحو العاملين لديه ولا يحق له ان يهدد ويتوعد كما ظهر عليه في خطابه المشؤوم والذي اعلن من خلاله الحرب حتى آخر امرأة وطفل في ليبيا ! .. حقيقة لم يحدث ان استمعت الى خطاب كريه مثلما كان عليه ذلك الخطاب .. فقد كان صوت الجريمه عاليا ومتعاليا وعدوانيا في وضح النهار واصبح مطبقا على ارض الواقع .. ويبدو لي أن آل القذافي لن تكون نهايتهم سلمية كما حدث مع الرئيسين التونسي والمصري فقد اختاروا طريق الموت مع شعبهم .. والقاتل سوف يقتل ولو بعد حين ،،،


الهامـش :

( 1 ) اللغم : قنبلة يتم دسها في الارض وتؤدي الى قتل من يدوسها او بتر أطرافه .. اجارنا الله واياكم والمسلمين .
( 2 ) الجبهة القومية : ميليشيا مسلحة ذو توجهات قومية يسارية نشأت في اليمن في نهاية الخمسينات الميلادية وتم دعمها من بعض الاقطار العربية .
( 3 ) الإسم ليس دعابة ! .. بل هو الأسم الرسمي لدولة ليبيا في سجلات المنظمات الدولية .



ودمتـم في خيـر

اضافة رد مع اقتباس