مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 01/02/2011, 01:22 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هلالي من ارض اليمن
هلالي من ارض اليمن هلالي من ارض اليمن غير متواجد حالياً
مشرف منتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/08/2005
المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
[ قهوة الثلاثاء - 11 ] .. هل قررت الولايات المتحدة التضامن مع الشعوب العربية على حساب حلفائها السياسيين ؟!




عندما تم تنحية الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على من منصب رئيس الجمهورية ومنحه فرصة الرحيل الى دولة اخرى سارع الى ذهني مباشرة انه سيتقدم بطلب حق اللجوء الى فرنسا ذات اليد الطولى في صناعة القرار في دول شمال افريقيا .. ولكني تفاجأت بعد ذلك برفض فرنسا ودول اوروبية اخرى استقبال الرئيس التونسي على اراضيها !

في مشهد آخر على الجانب المصري لن ابالغ اذا ما قلت انني تفاجأت ايضا من البيانات الرسمية الصادرة من الولايات المتحدة ودول اوروبا تجاه حليفها الاستراتيجي المتمثل في شخص السيد الرئيس : محمد حسني مبارك وهي تدفعه لأحترام حق الشعب المصري في تقرير مصيره حتى وان كان نتاج ذلك هو تنحية الحليف الاستراتيجي من منصب رئيس الجمهورية في أكبر دولة عربية من حيث التعداد السكاني والذين يشكلون قرابة 30 % من سكان العالم العربي .

حقيقة لا استطيع ان اتخيل ان هنالك شخصية قيادية عربية قادرة على منح مصالح الادارة الامريكية في المنطقة وحليفتها الكيان الصهيوني شرعية ممارساتهما وتبرير اجراءاتهما ومساندة افعالهما كما هو الحال مع سيادة الرئيس المصري والذي اصبح فيما بعد قدوة لكثير من القيادات العربية التي تنشد القبول الامريكي مقابل التمتع نظير ذلك بالقبول على الصعيد الدولي مما يعني امكانية الحصول على المعونات والتسهيلات من الدول المتقدمة أو الثرية او المؤسسات المالية الدولية لمن ينشد الدفع قدما لعجلة التنمية الاقتصادية في بلده أو الاستقرار السياسي والذي عادة لا يمكن الحصول عليهما في الوقت الراهن الا عبر البوابة الامريكية !

هكذا بيانات امريكية او اوروبية تتجه الى حد ما نحو تبرير ممارسات مئات الآلاف من المصريين في جميع المدن المصرية والمطالبة بالحفاظ على حقهم في التعبير عن مشاعرهم واحلامهم وتطلعاتهم من خلال تلك الحشود البشرية الهائلة والاعتصامات المدنية التي نشاهدها عبر قنوات التلفزة .. كل ذلك جعلني اتسائل : هل تغيرت المعادلة لدى الولايات المتحدة ومن ثم اوروبا نحو طلب ود الجماهير العربية على حساب الحلفاء التقليديين من النخب القيادية في بعض الاقطار العربية ؟

شخصيا لا اعتقد ان هنالك رابط قد يجمع بين القيادة الامريكية وشركائها الأوربيين مع نظرائهم من المجتمعات العربية .. فليس هنالك دين مشترك يجمع بين الطرفين مثلما هو الحال الذي يجمع بين شعوب العالم الاسلامي باختلاف اعراقهم ولغاتهم وحدودهم الجغرافية .. كما ليس هنالك هوية عرقية تجمع بينهما كما هو الحال بين مجتمعات دول العالم العربي .. كما ليس هنالك حدود مشتركة تؤثر احدهما بشكل مباشر على الأخرى كما هو حال اقطار الخليج العربي مع ايران او سوريا والعراق مع تركيا .. كما ان النخب الثقافية والفكرية والدينية ايضا يتبعهم مجمل المجتمعات العربية لا يحملون ارثا ايجابيا في العلاقة العربية – الامريكية خاصة مع ملفات مثل فلسطين والعراق وافغانستان والشيشان اضافة الى عدم قيام الولايات المتحدة بشكل جاد في دعم ورعاية حقوق الانسان في العالم العربي كدولة عظمى تروج في الدفاع عن هكذا قضايا ولديها القدرة على فرض اجندتها حول العالم .. كل ذلك جعلني اتسائل مرة اخرى : ماذا تريد الولايات المتحدة من المجتمعات العربيه من خلال بياناتها ومواقفها التي تظهر نوع من التعاطف مع المجتمع المصري حاليا ومباركتها لنتائج الاحداث الشعبية في تونس سابقا ؟

قبل سنوات عديدة كانت الولايات المتحدة وبريطانيا من خلال القنوات الاعلامية الموجهة الى العالم العربي وتحديدا من خلال المحطتين الاذاعيتين صوت امريكا ولندن تمارسان نوع من الابتزاز المفضوح تجاه بعض الاقطار العربيه من خلال فتح ملفات حقوق الانسان من وقت الى آخر والتي يتم بعد ذلك طيها من خلال صفقات اقتصادية كبيرة تقدمها تلك الدول المعنية كثمن لعدم تصعيد هكذا ملفات ،،،

يبدو لي ان الولايات المتحدة غير معنية مطلقا بما يطمح له المواطن العربي .. كما انها حتى في خطاباتها التي تحث دول المنطقة على التنمية الاقتصادية فهي تعني رعاية دول المنطقة للمصالح الامريكية والشركات العابرة للقارات من الولايات المتحدة ايضا .. وفي المشهد المصري بالرغم من مظاهر التأييد لتصرفات الشارع المصري الا إنها من جهة أخرى لم تدن بشكل رسمي او تعلن صراحة رغبتها في تغيير رأس الهرم في دولة مصر مما قد يعني ان الولايات المتحدة قد تفاوض على مزيد من التنازلات والتسهيلات التي تطمح بها مقابل الكلمة التي لا زالت تحتفظ بها في فمهما اما ايجابا من خلال اعلان مساندتها للحكومة المصرية او سلبا من خلال الاشارة الى ضرورة ان تتنحى السلطة المصرية عن سدة الحكم لتحقيق مطالبات المجتمع المصري .. من جانب آخر يبدو انها رسالة امريكية غير مباشرة للنخب القيادية في العالم العربي مفادها ان دعم الولايات المتحدة من عدمه يعتمد على قدرة هذه القيادات في تلبية الاحتياجات الامريكية دون قيد او شرط !

عندما سقطت بغداد امام الآله العسكرية الامريكية .. كنت على ايمان مطلق ان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ( رحمه الله ) كان بمقدوره عطفا على صفة الشجاعة التي كان يتحلى بها وشعبه العراقي المتمرس على خوض غمار المعارك أن يتصدوا للأحتلال الامريكي مهما كان الفارق في قدرات كلا الدولتين خاصة وان الاحداث تجرى على ارض العراق وبين اهلها وليس في مكان آخر ! .. الا ان الرئيس العراقي السابق : صدام حسين ( رحمه الله ) افتقد الى تحقيق العدالة والانصاف نحو شعبه في ارض العراق مع ادوات الجور والظلم التي مارسها اقرباؤه والامتيازات التي منحت لهم والمقربين منهم والتي لم يكن يحظى بها المجتمع العراقي .. الأمر الذي جعل العراقيين حينما اشتعلت الحرب واصبحت الدبابات الامريكية على مشارف العاصمة بغداد ان تركوا صدام حسين ( رحمه الله ) ورجالاته المقربين ان يوجهوا الحرب بمفردهم .. فطالما كانت العراق في ذلك الوقت للسيد الرئيس وحاشيته وحدهم دون غيرهم .. فقد كان لسان حال المواطن العراقي البسيط : لماذا اقاتل من اجل صدام حسين ( رحمه الله ) ؟!

اتطلع من خلال الاحداث والقلاقل التي تثار في اقطار عربية عدة .. ان تتجه النخب القيادية في تلك الأقطار نحو إعادة النظر جيدا في حقيقة العلاقة التي تجمع تلك القيادات بشعوبها .. فالشعارات والخطابات والاغاني الوطنية لا تكسي عاريا ولا تشبع جائعا ولا توفر دواء لمريض .. كما ان ادوات الترهيب والتكميم والتحييد في عصر العلم والمعرفة واحترام الانسان لا يمكن لها ان تحجب الشمس بغربال ! .. الرئيس التونسي السابق كان يحمل طريقة تفكيرهم وينتهج رؤياهم وانتهى المطاف به غير مقبول استضافته في اوطانهم بل وتم احتجاز اقرباءه والمقربين منه في سجونهم وترحيل آخرين والمصادرة على اموالهم وممتلكاتهم .. والسيد الرئيس حسني مبارك اصبح منظره غير لائقا ومئات الآلاف في كافة المدن المصرية تطلب منه التنحي عن السلطة بينما يرفض هو ذلك ويصر على البقاء رغم كراهية المواطنين لوجوده ! .. في منظر وبغض النظر عن نتائجه في قادم الأيام أعده مؤسفا ومأساويا لرجل كان يعده المصريين قبل ثلاثين عاما بطلا قوميا واصبح الآن مطلب ان يرحل من تاريخهم ! .. بينما يكتفي حلفاء الأمس بممارسة سرقة آخر جنيه من جيب معطف السيد الرئيس دون ان يتمكن سيادته ان ينبس ببنت شفه حيالهم !

في الختام .. هل حان الوقت ان تجتمع قيادات تلك الدول وشعوبها في خندق حقيقي واحد يساهم كل منهما نحو الآخر في تحقيق قيم العدالة والمساواة واحترام الانسان وحقه بالتمتع بالكرامة والأمان ونقطع الطريق امام محاولات الآخرين ان يعبثوا بنا ؟! .. حقا اتمنى ذلك وبالله التوفيق ،،،



ودمتـم في خيـر
اضافة رد مع اقتباس