الموضوع: الملاعـيـن ..!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 10/12/2004, 05:50 PM
عاشق الريال الملكي عاشق الريال الملكي غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 06/10/2003
مشاركات: 818
الملاعـيـن ..!

(الملاعين.. رواية قرأتها وهي تكتـبني!)
أكثر لحظة يأس وقهر ممكن يفكر فيها الإنسان انه يكون محكوم عليه بسجن "مؤبد" بتهمة جريمة هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف.. ويكون بزنزانة لحاله ما في هالزنزانة إلا غطا ومخدة مشققة.. كوب حليب بارد.. كسرة خبز يابس.. و رواية بعنوان (الملاعين)! ... كل معاني الحرمان والقسوة والذل تجيك وأنت بهالموقف.. ولكن أكثر شي يتكرر معك هو الحرمان.. حرمان من الحياة.. حرمان من الأهل والاصحاب.. حرمان من الهواء النقي.. حرمان من كل ملذات الحياة..
في هاللحظة كنت اعيش الحرمان بأقسى صوره.. زدت عن غيري من المساجين في السجن حرمان خاص لي لوحدي... حرمان يقتلني في اليوم ألف مرة.. هو حرماني من الكتابة!


فاصل -1-:
)) يا حارس السجن.. إذا أردت إن تبالغ في تعذيبي.. احرمني من قلمي وأوراقي.. احرمني من خلوتي بالصدق.. البساطة.. والنقاء في ذاتي .. احرمني الكتابة)).. أهنئك ياحارس السجن.. لقد نجحت في ذلك



خلصت من تنظيف أسياب السجن وأنا في قمة يأسي وحزني وقهري.. كان الشئ الوحيد الجميل بالنسبة لي وقتها هو اني لما اخلص تنظيف بيكون عندي 10 دقايق قبل النوم اقرا فيها اللي اقدر عليه من الرواية.. دخلت زنزانتي رقم(48).. شربت كوب الحليب البارد وأكلت كسرة الخبز بنهم وانا اتنفس بسرعة.. أنفاسي السريعة كانت مزيج من التعب والقهر والجوع والاحساس بالاهانة وقل الحيلة! .. بعدها أخذت الرواية وبديت أقلب صفحاتها .... كانت رواية "الملاعين" عبارة عن عدة روايات لكاتبة لقبت نفسها بلقب( المجهولة).. بديت أقلب صفحات الرواية إلين وصلت للي ابيه.. للرواية اللي يحمل الكتاب اسمها.. وبديت اقراها.. كانت الرواية تحكي عن انسان بسيط.. طيب.. سامج.. ماعنده اي قدرة على الدفاع عن نفسه.. متحطم ونفسيته دمار.. طموحاته جدا بسيطة واحيانا غبية.. كانت تتكلم عن ظلم أهله له والمشاكل اللي عايشها بداية حياته.. تتكلم عن ظلم مجتمعه له ونظرتهم له باعتباره مسؤول وكيان مستقل!.. تتكلم عن عطاءاته اللي ماتنتهي وتقابل بالنكران!.. وفي لمح البصر يتخلون عنه ويطالبونه بالكمال.. كانت تتكلم عن مجتمعه واللي حوله بهجوم وتشفي اعجبني كثير وأشفى غليلي وكأني انا اللي اكتب هالتشفي.. كنت انتظر تطلق عليهم اللعن عشان آآـمّـن واحس بارتياح.. تسارعت احداث القصة وانا آكل الحروف أكل.. بدت في الجزء المؤثر.. بدت تتكلم عن اتهام هالانسان بتهمة كبيرة بخصوص أمن دولة!! .. كان بريء منها ومع ذلك اعتقل وهوجم وحوكم!... كانت تشرح مدى غباءه وقلة حيلته في الدفاع عن نفسه فهو أبسط بكثير من الدخول في هالمتاهات.. كلما اقرا زيادة أحس انها تتكلم عن شخصي وعن الأحداث اللي صارت لي!!.. برضه بدت في التشفي من هاللي ورطوه في التهمة.. وانا اقرا السطور بسرعة وبحكم معرفتي لعنوان الرواية كنت ابي اوصل بسرعة للمقطع اللي تشتمهم فيه وتتشفى منهم.. وتلعنهم!!!... كنت برضه ابي اعرف وش صار له عقب واربط بين اللي يصير له واللي قاعد يصير لي أنا...... استمريت في قراءة الرواية بسرعة وحماس شديد.... ولكن انتهاء العشر دقايق حال بيني وبين اللي أبي.. طفوا نور السجون.. سكرت الرواية وحطيتها عالرف... حطيت راسي عالمخدة وبدا تكفير طويييييل في هالمجهولة.. وفي روايتها واحداث القصة اللي تكتبها.. وانا اقول بخاطري.. متى تجي العشر دقايق بكرة عشان اكمل.. بعد كذا تركت التفكير في القصة وبدا تفكيري يتركز في المجهولة بارتياح وكأنه بوادر اعجاب بشخصها..

فاصل -2-:
(( إذا وجدنا من يكتبنا.. فإننا نحبه.. حتى لو كرهنا كل جوانب شخصيته.. نبقى نعشق ذلك الجزء اللي يخصنا فيه.. كتابته لنا!)) نادراً مانجد من يكتبنا.. بصدق



نمت نومة عميقة.. حلمت أحلام كثيرة ومتداخلة.. كوابيس غريبة.. بواحد من هالأحلام لقيت نفسي جالس بغرفة وعندي صحف ومجلات.. بديت اقرا فيها.. ولفت انتباهي مقال كاتبته(المجهولة)!.. مستحيل.. ماصدقت عيوني.. قريت المقال.. اخذت الجريدة الثانية.. مقال ثاني لها.. ثالث ورابع.. ومن عقب بديت اتابعها... وكان كل يوم اعجابي فيها يزيد.. يمكن ماكانت بهاك التميز بس انا بالقوة اقنع نفسي بهالاعجاب.. بعد فترة تشجعت وأرسلت لها رسالة على بريدها.. بس ماردت علي.. تولد في داخلي حب تحدي وعناد بالاضافة لحبي الأعمى لتفكيرها وطريقة تعاملها مع كل من يناقشها... ارسلت للصحيفة مقال رداً على أحدى مقالاتها.. كتبت فيه كلام ماني مقتنع في 1 % منه.. بس مخالف لطرحها.. كتبت انتقاد لاسلوبها وطرحها باستفزاز كبير وتجريح لشخصها وتحدي بالرد!

بعد كم يوم لقيتها كاتبة مقال كامل .. أفردته للرد علي.. كنت اقرا مقالها وانا مبتسم.. اضحك .. ماكنت متوقع ترد لكنها ردت! .. كانت تدافع عن نفسها فأقول آآه.. كانت تتكلم عني وعن اسلوبي فأقول إيييه وربي صدقتي.. أفردت كل كلامي حبة حبة وقامت ترد على كل جزء فيه وهذا ماكان يهمني لاني منب لم نقاش اصلا!.... كانت تحاول - بفشل- تبين الشدة فأتأوه مع كل نبرة شدة في كلامها.. خلصت المقال وانا عارف انها ردت اعتبارها.. بس بنفس الوقت اكتشفت كم هي بسيطة.. طيبة.. ماوراها شي! بسرعة صدقت ..
ارسلت لها ثاني علمتها اني انا صاحب المقال.. واعترفت لها بكل شي.. علمتها كم أحب بساطتها.. اسلوبها.. طريقتها في النقاش.. النعومة والأنوثة اللي تبرز بين حروفها... اللون الوردي اللي تحاول بفشل ذريع انها تخفيه.. الحياء اللي يتمثل بين كلماتها.. قلت لها متابعتي لك وتعندي في الاهتمام فيك خلاني أعشقك.. أتخيل كل حرف تكتبيه كأنه انسان لوحده اعامله مرة برقة.. مرة بحب.. مرة بعتب حبايب!.. بس بنفس الوقت أحسده.. أحسد كل حرف تكتبينه لانه مهوب حرف طبيعي زي بقية الحروف.. لا .. هالحرف عاش حياة سعيدة معاك!.. أول شي جا على بالك وياحظ من جا على بالك.. حاولتي ترتبين مكانه وياليت لي مكان مع حروفك.. هالحرف قررتي تكتبينه ويابخته.. هالحرف كتبتيه بيدك وآآآه بس.. هالحرف شفتيه وهو ينكتب وياهنيه من حرف.. قريتيه ثاني.. تابعتيه.. حبيتيه وصار جزء منك... واااااا حسدي له!!
انا راضي بأي كلام بتقولينه عني واي تفكير بيجي في بالك عني.. رسالتي هذي عهد ودستور لمملكة بيننا انتي فيها الملكة وانا الشعب.. لك كل الولاء والسمع والطاعة.. تقدرين تنظرين لي بازرداء وتمشين وبهالحالة راح تبقين ملكة غير متوجة!.. وتقدرين تبقين وتعيشين حياة الملوك ولك هيبتهم.. اعتبريني رجل جاهل.. رجعي .. قديم .. اللي يكون بس لاتحرميني متعة متابعتك والتغزل في حروفك وعشقي الأعمى لك ولكل شي له صلة فيك! .. فيه بيت قلته فيك وانا بالسجن:
تعالي نعشقك أكثر ونتغزل بكلماتك .. تعالي نللعن الدنيا ونمدح بس أسلوبك
تعالي لشعبك الوفي.. تعالي يا ... يا QUEEN

خلصت كتابة الرسالة.. حطيتها جمبي على اساس ارسلها بكرة الصبح.. حطيت راسي ونمت.. نمت نومة عميـــقة!!

فاصل -3-:
(( انه العشق المجنون .. نعجب بحروفهم/ حروفهن ثم نجد أنفسنا في شراك الحب!.. كيف نثق بصدق مشاعرنا بهذه السرعة والسهولة.. فعلاً مجانين)) قليلا من الاحترام للصدق في مشاعرنا ياسادة!.. دون مبالغة أجدني دائماً أنعت الكاذبين والواهمين في الحب.. بالملاعين!


يعني اللي صار حلم؟؟ معاد صرت اركز... حلم داخل حلم.. وكابوس داخل كابوس.. بس من يعلمني وقتها اذا انا بحلم والا لا... شئ يحير!


نعم كنت طايش وامشي بسرعة 180 بس الطريق سريع وماماكان زحمة.. وبعدين هو الحقير صاحب الكابرس اللي سقط علي!... كنت أردد هالكلام وانا بالانتظار بالمستشفى.. خويي محمد اللي صار له الحادث معي جوا.. يارب مايصير له شي.. لطفك يارب .. أعز اصدقائي.. الا جزء من روحي.. راح اقتل نفسي لو حصل له شي.. كنت انتظر طلعت الدكتور من عنده... جلست انتظر .. انتظر.. كان الهم يقتلني في الدقيقة ألف مرة.. والهواجس.. والتخوف..... سمعت صجة وركيض من آخر السيب.. كان ابوه وامه واخواته جايين من برا توهم واصلين.. وبهاللحظة طلع الدكتور من الغرفة.. وانا اقترب من الدكتور ابي اعرف قبل يوصلون وش فيه بالضبط.. وكلمالهم ويقربون.. وانا اسأل الدكتور هاه يادكتور طمنني؟.. قال انت من اهله؟.. على وصولهم وقال ابوه: أنا والد محمد ... وألتفت انا بسرعة للطبيب.. قال بكل هدوء: عظم الله أجركم.. حاولنا انقاذه بسـ... دوامة من الصراخ تملا المكان.. وحدة من اخواته تصرخ لاااااااااءءء وتنتهي اللاء ببكاء حار وعويل!.. اخوه الصغير كان يمسك الدكتور من ساقه ويضربه وهو يصرخ: كذاب كذاااااااب اخوي ما مات... تيبس الدم في عروقي وتصلبت مكاني بدون أي حركة!.. أبوه ركض لداخل الغرفة.. دخلوا كلهم وراه...
موقف رهيب.. ماكنت عامل حسابه ولامتوقع انه بيمر علي بيوم من الايام... مليون مسؤولية ومسؤولية بديت احس فيها.. المشكلة بقا واحد من اخوانه بالبيت.. ولازم اروح اجيبه وابلغه الخبر.. مسؤولية ثانية.. نكبة جديدة .. مشيت وانا طول الطريق ابكي بحرررقة ولكن احاول اكفكف دموعي.. وافكر في طريقة ابلغ اخوه الخبر.. وفجأة ألقى نفسي اصرخ واضرب على دركسون السيارة من الحمق: اصلا هو صاحب الكابرس ابن الكلللب اللي سقط علي!!!... وصلت البيت.. لقيته واقف برا مع اخوياه.. ناديته .. جلسوا يتريقون علي وينكتون وبصعوبة اقنعته ان الموضوع جد وخطير.. ركب معي.. قال عسى ماشر وين محمد؟.. قلت: محمد في المستشفى وان شاء الله انه طيب .. قال: خير؟؟ وش فيه؟؟.. قلت ابد حادث بسيط بسيارتي وربك ستر.. مشعل وش صار فيه.. مشعل؟؟ رد علي!.. موجه دموع اجتاحتني خلتني أوقف على جمب.. بدا يصرخ لاااااااا لاتقول شي اننننننطم مابي اسمع ولاشي.. صرخت انا بلا شعور صاحب الكابرس ابن الكلللب هو اللي سقط علينا.. قام يضرب بيده على صدري ووجهي ويصارخ وين محمد ويينه ابي اشوفه ودني له الحين.. حركت السيارة ومشيت.. شوي بدا يبكي ماهو مستوعب.. كان يصرخ وانا اصرخ بصوت اعلى واقنعه بصدق الخبر واقول هذا اللي صار مابيدنا شي..
كذاااااااب مامات محمد .. توه الصبح مرسل لي رسالة يقول بيلعبني معهم مباراة اليوم حتى شف الرسالة اقراها .. تعال شف.. صدقتني الحين؟ .. امس بعد وعدني يشتري لي الفيصلية.. وراح يجيب لي الفيصلية وبتشوف بنفسك.. لا .. مابي الفيصلية .. مابي شي ابي محمد.. ابي اخوي.. مابيه يموت يامشعل.. مابيه يمووت .. كنت اسمع كلماته الأخيرة وانا شبه نايم.. كأني اسمعه من بعييييد وكل ماله يبعد اكثر.. ويبعد.. ويبعد .. وألقى نفسي صاحي من النوم وبيدي جريدة.. فيها مقال عنوانه : الفلوس.. للكاتبة (المجهولة)!!!

يتبع >>
اضافة رد مع اقتباس