مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 02/01/2011, 07:10 PM
صقر فيصل صقر فيصل غير متواجد حالياً
كاتب مفكر بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 22/11/2005
المكان: في زمنٍ حياديّ
مشاركات: 1,847
الطريقة الصحيحة للنجاح في الحياة

في اتصال هاتفيّ مع أحد الأصدقاء الذين يعملون في مجال الإذاعة، حدثني عن برنامج يعدّه يشرح فيه "أبجديات" النجاح في مجالٍ من مجالات الحياة، وقد اعتمد في بداية فكرة البرنامج على كتابٍ قرأه يتحدث عن هذه الأبجديات التي يحتاجها كل فرد للنجاح في ذلك المجال... كان أول ردّ لي عليه: لا تفرض نظريات الكتاب كأنها قرآن منزّل!

ما دفعني لمثل هذه النصيحة هو ما لاحظته في ثقافة تلقينا المعلومات كسعوديين (وهذه الصفة موجودة في العرب)، هي تعلقنا بالمعلومة والنظرية التي نتلقاها - خاصة في القضايا الإنسانية - ونعتقد جازمين بصحتها وبأنها تنطبق على كل من وطأ البسيطة.

عندما أشاهد بعض منظّرينا العرب في أي من المجالات المختلفة - أكانت السياسية أم الرياضية أم الفنّية أم الدينية أم في علوم كالإدارة وتطوير الذات - أجد تزمتا في التعلق بآراء ونظريات قد تنجح مع البعض وقد لا تنجح.

مثلا، يظن البعض أن هناك أسلوبًا واحدًا للحوار مع كل الناس، ويخرج بشريط أو كتاب أو برنامج يحث الناس من خلاله على عمل بعض التقنيات والتصرفات:
اجلس بالطريقة الفلانية
اخفض صوتك في بداية حديثك
ارفع رتم الصوت
استخدم عبارات لطيفة كـ (أنا فاهم، أتفق معك، ... إلخ)
ثم قم بالتالي ... إلخ إلخ إلخ

ويظن أنها تفي بالغرض (والغرض هنا قد يكون الإقناع أو تبادل المعلومات أو غيره).

وعلى هذا الغرار مقولاتٍ كـ:
- نظام الإدارة الناجح هو الذي يقوم على هيكل إداري يتم فيه توزيع المسئوليات بشكل واضح
- الحل للمشاكل الاقتصادية التي تمر بها المنطقة هو العملة الموحدة
- يجب أن نتعلم من التطور الصناعي الصيني من أجل أن نعيد ذلك النجاح في صناعات بلدنا
- لاعب الكرة المحترف يحسن التعامل مع الكرة باليمين واليسار
- طريق الوصول إلى قلب الرجل، بطنه
- المرأة ما تجي إلا بالعين الحارة
- المرأة يبي لها كلمتين حلوة وبعدها تمشي كما تريد
إلخ إلخ

قد يكون في أمثلتي نوع من المبالغة، ولكنني أهدف من خلالها إلى فتح آفاقنا جميعا إلى صيغة التعميم التي نستخدمها في كثير من تنظيرنا القائم على قراءة وتجارب محدودة.

فكما نرى في أمثلتي السابقة، هنالك من جعل شئون الحياة المختلفة فيزياء، بقوانين ثابتة النتائج... والنفس البشرية مختلفة تمامًا، الروح الإنسانية أمر في غاية التعقيد، نستطيع جميعا أن نؤلف النظريات والقوانين، ولكن أي قانون في هذه القوانين ينجح مع كل الناس؟ أي قانون يمثل الطريق السليم لنجاح الفرد؟ أي نظرية تصلح لتعيش العائلة حياة سعيدة هانئة؟ كيف يصبح فلان غنيا؟ كيف تنام فلانة مرتاحة البال؟ كيف تصبح المنظمة فعّالة؟ كيف يصبح المجتمع منتجًا؟ هل هناك إجابة صحيحة لكل سؤال مطروحٍ هنا؟ إجابة تنجح مع النجدي والحجازي والشرقاوي والجنوبي؟ مع السعودي والمصري والهندي والمنغولي؟ مع الرجل والمرأة والطفل؟ مع المسلم والمسيحي واليهودي؟ مع كل البشر؟

لا أميل إلى من يجعل العلوم الإنسانية معادلة رياضية ك: س + ص = ع. فالنفس البشرية أكثر تعقيدًا: ((قل الروح من أمرِ ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)).

ما الذي أريد الوصول إليه؟

عليّ عندما أقرأ كتابًا في تطوير الذات، أو في الإدارة، أو في الاقتصاد، أو في علم النفس أو في علم الاجتماع (وشتى العلوم الإنسانية المختلفة)، أن أقرأها بعين الناقد وروح المتسائل: (هل هذا ينفعني؟ هل هذا الكلام مناسب لثقافتي؟ هل تصلح هذه النظرية في بيئتي؟) ولا بأس من التجربة، فالتجربة في كثير من الأحيان تؤكد لي صحة النصيحة المطروحة، خاصة إذا تكررت في ظروف مختلفة ...

ولو نجح معك أسلوب في مجال من مجالات الحياة، تأكد أنه قد لا ينفع غيرك، وبناء عليه لا تفرضه على أحد، كيما يفشل في العمل به، فيظن أن به مشكلة، والحقيقة ألا مشكلة به ولكن: أنتما مختلفان.

اخر تعديل كان بواسطة » صقر فيصل في يوم » 02/01/2011 عند الساعة » 08:52 PM السبب: تصحيح من "آخر طموحآتي" لكتابة للآية
اضافة رد مع اقتباس