ما أن اتوجه الى أحد المستشفيات حتى أشعر انني اصبحت على مقربة من يومي الأخير .. وكيف لا يكون ذلك وأنا على موعد مع الطبيب ! ولطالما دعوت ربي أن لا يضطرني للذهاب هنالك ثم أدعوه تعالى اذا ما قدر لي الذهاب أن لا يبتليني ويرزقني بأحد اولئك الجزارين بمسمى طبيب ! الذين اصبحوا يعبثوا في اجسادنا وارواحنا في تجارة رخيصة لا تجد لها في وطننا العربي رقيب أو حسيب !
كان من الطبيعي ان تجدني في ذلك الرواق من المستشفى متمللا .. فأنا كما هي عادتي لا أطيق ذرعا بالإنتظار نتيجة تأخر الطبيب عن الموعد المقرر معه سلفا ! ولكنني التمست العذر لذلك الطبيب حينما تذكرت ان ثقافتنا واخلاقنا العربيه الأصيلة ترى التأخير والمماطلة وتعطيل مصالح العباد من أمارات الرفعه والوجاهة وحسن النسب ! لذلك حدثت نفسي ان ليست مشكلة ثقافتي العربيه اذا لم أكن متواكب معها .. لذلك أكتفيت أن أردد في ركن قصي وسري من عقلي الباطن : اللهم لا تفتنا في ديننا بما فعل سفهاؤنا فينا !
اتذكر جيدا حادثة مع احد الأطباء الذي قدم لي عريضة مليئة بالتحاليل وصور الاشعة فقط لأن بي
( كحة ) ! وهو في حاجة كل ذلك لتشخيص الحالة بشكل دقيق جدا حسب تعبيره ! لا أخفيكم سر بعد ان ظهر لي أهمية شخصية
( الكحة ) وعظيم شأنها .. أن اصبحت لا اقبل ان يناديها احدهم دون ان يسبقها بوصف على شاكلة :
حضرة صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد : كحة ! .. ثم لأنني شعرت ان هذا الدكتور يمارس نوع من التحايل والسرقة حيالي .. وانا شخص غير ودود اذا ما شعرت بذلك .. فطلبت من الطبيب ان يقترب مني كمن يريد ان يهمس له سرا .. وقلت له : دكتور .. اعلم ان المستشفى يطلب منك حجم مبيعات شهري من خلال اقناع
( الزبائن ) المرضى مثلي باجراء التحاليل والاشعات والعمليات الجراحية .. وان هنالك عمولة في انتظارك جراء ذلك .. ما رأيك ان امنحك عمولتك نقدا .. وتعفيني من هدر مالي ووقتي !
سألني احدهم سؤالا : ما الفارق بين السباك وميكانيكي السيارات والطبيب ؟
فقلت : السباك وميكانيكي السيارات أشرف واعظم خلقا من الطبيب !
قال : كيف ؟
قلت : السباك والميكانيكي اذا لم يكن لديهما وازع من دين وخلق فهم سيسرقون بعض المال ويتسببون في تعطيل ( آلة ) وتبقى لديك فرصة التعويض بشراء آلة اخرى في وقت لاحق .. بينما الطبيب اذا لم يكن لديه وازع من دين وخلق فإنه قد يسرق كل ما أدخرته من مال ويتسبب في تعطيل ( حياتك ) وبالتالي لن تكون لديك إي فرصة أخرى في وقت لاحق .. فقد اصبحت عاجزا دون مال ! ولك ان تتخيل ايها العربي المأساة التي سوف تحياها في بلاد العرب اذا لم يكن لديك مال وقدره !
هنالك جرائم وعبث واستغفال يمارسه بعض الأطباء ودور الرعاية الصحية في عالمنا العربي تجاه اعضاؤنا البشرية دون خشية من مسائلة أو عقاب والأكتفاء في حال وقوع الجريمة بإستخدام مصطلح لطيف جدا وهو
( خطأ طبي ) بينما تكون الضحية في الطرف المقابل قد فارقت الروح وتم اخفاء الجريمة تحت الرمال ! وحقيقة ان نتاج ذلك نابع من اخلاقنا العربية التي اصبحت ترى الغش وخيانة الامانه والسرقة من امارات الدهاء والذكاء والفطنة ومتطلبات العمل التجاري ! مع قانون عربي يصرخ مفاخرا
( إنه لا يحمي الضعفاء ) ولا يكتفي بذلك بل انه يشتم هؤلاء الضعفاء ويصفهم
( بالمغفلين ) .. لذلك كان شعار العدل في مجتمعاتنا
( القانون لا يحمي المغفلين ) !
من الطبيعي جدا ومن واجبات ومسؤوليات وزارات الصحة في عالمنا العربي أن تكون معنية بالحفاظ على ارواحنا واجسادنا .. وبالرغم من ذلك تخلي هذه الوزارات المحترمة الطبيب والمستشفى من إي مسؤولية قضائية في حال وفاة المريض او اصابته بعاهة مستديمة نتيجة الخطأ أو عدم بذل الجهد اللازم المعتمد طبيا ! وذلك من خلال تلك الوثائق التي تقدم للمريض قبل إجراء إي عملية جراحية والتي يجيز من خلالها للآخرين ذبحه بصك رسمي دونما ثمن ! :: شطحـات ثـلاث ؟! :: 1 – لماذا ينال الغني المقتدر في عالمنا العربي أرقى سبل العلاج والرعاية .. بينما الفقير الضعيف قد يعجز عن نيلها أو يتم اهانة كرامته الإنسانية بتقديم اردى انواع الرعاية .. هل روح الغني وصحته أعز وأكرم من الفقير وعجزه في شريعة المسلمين وأخلاقهم مثلما هو واقع الحال الذي نشهد عليه في كل ارض دستورها ينص انها دولة اسلامية ؟!
2 – لماذا يقف علماء المسلمين موقف المتفرج من تذكير المؤسسات الطبية بمسؤوليتها الأخلاقية واتخاذ وتفعيل الإجراءات النظامية والقانونية التي تكفل واجب العناية في المرضى واستقبالهم وتقديم سبل حمايتهم من الهلاك بغض النظر عن إي معوقات قد تعترض هؤلاء المرضى كعدم توفر المال ؟!
3 – لماذا المستشفيات والأطباء في عالمنا العربي يقبعون فوق القانون بحماية رسمية من وزارات الصحة التي لا تمنح مساحة كافية ووافية من المسائلة والعقاب ؟
نسأل الله أن يرحم المسلمين من شر اليهود والنصاري والمستشفيات ! ودمتـم في خيـر