الموضع الثاني: إذا حضر بلدة العدو، أي جاء العدو حتى وصل إلى البلد وحصر البلد، صار الجهاد فرض عين، ووجب على كل أحد أن يقاتل، حتى على النساء والشيوخ القادرين في هذه الحال، لأن هذا قتال دفاع.
وفرق بين قتال الدفاع وقتال الطلب.
فيجب في هذا الحال أن ينفر الناس كلهم للدفاع عن بلدهم.
الموضع الثالث: إذا حضر الصف ، والتقى الصفان؛ صف الكفار وصف المسلمين؛ صار الجهاد حينئذ فرض عين، ولا يجوز لأحد أن ينصرف كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال:15، 16] .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم التولي يوم الزحف من السبع الموبقات.(16)
الموضع الرابع: إذا احتيج إلى الإنسان ؛ بأن يكون السلاح لا يعرفه إلا فرد من الأفراد، وكان الناس يحتاجون إلى هذا الرجل؛ لاستعمال هذا السلاح الجديد مثلاً؛ فإنه يتعين عليه أن يجاهد وإن لم يستنفره الإمام وذلك لأنه محتاج إليه.
ففي هذه المواطن الأربعة، يكون الجهاد فرض عين.
وما سوى ذلك فإنه يكون فرض كفاية.
قال أهل العلم: ويجب على المسلمين أن يكون منهم جهاد في العام مرة واحدة، يجاهد أعداء الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا، لا لأجل أن يدافعوا عن الوطن من حيث إنَّه وطن، لأن الدفاع عن الوطن من حيث هو وطن يكون من المؤمن والكافر، حتى الكفار يدافعون عن أوطانهم، لكنَّ المسلم يدافع عن دين الله، فيدافع عن وطنه؛ لا لأنه وطنه مثلاً، ولكن لأنه بلد إسلامي؛ فيدافع عنه حماية للإسلام الذي حل في هذه البلد.