بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فقد قرأت الموضوع اللذي أنزله أخينا دوق فيلد
وكان يتحدث فيه عن السحر و رأي أهل العلم فيه
و قد كنت حضرت درس الشيخ صالح الفوزان فسئل الشيخ عن السحر فقال إن السحر نوعان نوع حقيقي له تأثير ونوع تخييلي كما ذكر أهل العلم
و هناك المعتزلة تقول إن السحر تخييل فقط أن يظن المسحور أنه يرى كذا وهو لا يراه، أو يظن أنه عمل كذا وهو لم يعمله.
الشيخ ابن عثيمين:
(موقف المعتزلة من السحر)
استدل المعتزلة في قولهم :إن السحر يقع تخيلاَ وليس حقيقة بقوله تعالى:"يُخَيَلُ إِلَيهَ مِن سَحرَهَم أنَهاَ تَسعَى"(طه:66).
ما رد أهل السنة على هذا الاستدلال؟
التخييل هذا حقيقي أم غير حقيقي، إذا خيل الانسان أَن الحبال التي لا تتحرك أنها تسعى هل أثرت عليه،حسنا؛
السحر هو كون الانسان يتخيل فكره بحيث أنه يرى الجماد:الحبال والعصي التي لا تتحرك ،يخيل اليه أنها تسعى وهي
لا تسعى لكن يخيل اليه هل أثَر؟ إذاَدليلهم كان دليلاَ عليهم،نعم.
السحر لا يؤثر في قلب الأعيان فلا يجعل الحديد خشباَ ونحو ذلك.(ابن عثيمين:لقاء الباب المفتوح)
وقال الشوكاني: «وقد أجمع أهل العلم على أن له تأثيراً في نفسه وحقيقة ثابتة، ولم يخالف في ذلك إلا المعتزلة وأبو حنيفة»(41).
ثم بعد ذلك قرأت تفسير القرطبي عن آية البقرة ( واتبعوا ماتتلوا ....)
قال رحمه الله ( السابعة : ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة. وذهب عامة المعتزلة وأبو إسحاق الإسترابادي من أصحاب الشافعي إلى أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام لكون الشيء على غير ما هو به، وأنه ضرب من الخفة والشعوذة، كما قال تعالى: { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } [5] ولم يقل تسعى على الحقيقة، ولكن قال { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ }. وقال أيضا: { سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ } [6]. وهذا لا حجة فيه، لأنا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر، ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل وورد بها السمع، فمن ذلك ما جاء في هذه الآية من ذكر السحر وتعليمه، ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه، ولا أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس، فدل على أن له حقيقة. وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون: { وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } وسورة "الفلق"، مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن الأعصم، وهو مما خرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، الحديث. وفيه: أن النبي قال لما حل السحر: "إن الله شفاني". والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أن له حقا وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه. وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق. ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه، ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله. وروى سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال: علم السحر في قرية من قرى مصر يقال لها: الفرما، فمن كذب به فهو كافر، مكذب لله ورسوله، منكر لما علم مشاهدة وعيانا) انتهى
ثم قال رحمه الله (
الرابعة عشرة: أنكر معظم المعتزلة الشياطين والجن، ودل إنكارهم على قلة مبالاتهم وركاكة دياناتهم، وليس في إثباتهم مستحيل عقلي، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على إثباتهم، وحق على اللبيب المعتصم بحبل الله أن يثبت ما قضى العقل بجوازه، ونص الشرع على ثبوته، قال الله تعالى: { وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا } وقال: { وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ } [8] إلى غير ذلك من الآي، وسورة "الجن" تقضي بذلك، وقال عليه السلام: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". وقد أنكر هذا الخبر كثير من الناس، وأحالوا روحين في جسد، والعقل لا يحيل سلوكهم في الإنس إذا كانت أجسامهم رقيقة بسيطة على ما يقوله بعض الناس بل أكثرهم، ولو كانوا كثافا لصح ذلك أيضا منهم، كما يصح دخول الطعام والشراب في الفراغ من الجسم، وكذلك الديدان قد تكون في بني آدم وهي أحياء.) انتهى |