مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 29/09/2004, 01:40 PM
نجمة الإبداع نجمة الإبداع غير متواجد حالياً
نجمة المجلس العام
وعضو سابق باللجنة الإعلامية
تاريخ التسجيل: 03/09/2001
المكان: على جناح الحب وبساط الأمل
مشاركات: 3,624
°.° عفوا أنك مُبرمج °.°





تنثر الكلمات عطر التواصل من جديد ،
وتواصل الحروف العزف ،
وتتناغم الكلمات بالركض ،
تواصلا متجدد تطرزه تحية محبة وتقدير للجميع


عفوا أنك مُبرمج

هل شعرت وأن تقرأ العنوان بشيء من الغرابة ، هل ما زالت التساؤلات تطرح أمامك ، هل أنا مُبرمج ، وماذا نعني بذلك ،
الإنسان أفضل وأكرم مخلوقا على وجه الأرض بين جميع الكائنات. خلقه الله فسوَّاه فعَدَلَه. وفقا لقوله تعالى " الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ " سورة الانفطار 7-8
جاء به في صورة مستقيمة ، ميزه بالعقل والنطق عن الكائنات الأخرى ،
وجاء التكريم الإنساني في قوله تعالى : : ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ الإسراء: 70.

إن الفرق بين الإنسان وبين الكائنات الأخرى والأدوات المتحركة فرق واضح
بامتلاك الإنسان للفكر الذي يستطيع من خلاله أن يميز ويبدع وينتج ويتفاعل ويحلل ويشارك ؛ وإذا كان لكل إنسان موقعه الخاص به وتجربته الخاص به فمن الطبيعي أن تختلف الأفكار والروئ المتشكلة وتلك سنة من سنن الحياة وفقا لقوله تعالى { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) سورة هود آية 118 وكذلك قوله تعالى { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } سورة المائدة آية 48
لكن ماذا عن من يريد من البشر بأن يكون نسخة واحدة أو بمعنى أصح أداة تتحرك " بالريموت كنترول " أو يريد أن يبرمج الأشخاص على حسب ما يراه .


نعم أخوتي الكرام ، البعض يريد أن يسيطر ويتحكم ، يريدون أن يفرضوا واقعهم حتى لو كان واقعهم سيئا ، فقط يريدون أن يسيطروا على من أمامهم ، وتتملكهم الرغبة في ذلك
فصحيح أن حب السيطرة غريزة من غرائز الإنسان فهي اليوم أصبحت ظاهرة لدى البعض بشكل واضح ، لكن هل ندعها تسيطر على السلوك الإنساني ، فظاهرة حب السيطرة أصبحت اليوم واقعا ملموسا
على مستوى الدول وعلى شخصية العالم بأسره ، فالحروب المشهودة اليوم ما هي إلا شاهد بسيط على السيطرة على ممتلكات الشعب والثروات ، ولكن هل نترك الغرائز تسيطر ونقف مكتوفي الأيدي ، فالغرائز لا يمكن قهرها أو إلغائها لكن يمكن أن نسمو بها ..

شاهد آخر من مشاهد واقعنا بحب السيطرة : وقوع " بعض " الشباب ضحية لمستنقعات الانحراف بأشكاله فيصح أداة تدار ، وآلة مُبرمجة على حسب ما يراه الآخرين ، لكن كيف يستطيع هؤلاء أن يؤثروا على الشباب فالطريقة سهلة ، فالشباب ممكن أن يتأثر بالمشاكل ، فيجد هؤلاء فرصة للدخول والتسلل في أعماق النفس وفرصة لبرمجة الضحية على حسب ما يريد ،


وصورة أخرى من على مسرح الحياة سيطرة بعض الآباء والأمهات في نشاط الطفل والوقوف أمام رغبته ومنعه من القيام بسلوك معين ، وأبسط ذلك " فرض " الأم الطعام أو اللباس على الطفل دون أخذ في الاعتبار لرغبته الطفل في مأكله وملبسه ،
كذلك نشاهد الكثير ممن يُفرض عليهم دخول تخصص معين في أقسام الكلية وفي المرحلة الجامعية ، ويتم إلغاء الطموح والحلم والأمنية ويكون التسجيل وفقا لرغبة الوالد .

فالطفل ينشأ ولديه الرغبة الشديدة في الخضوع وأتباع الآخرين ويجعله " صيدا " سهلا أمام من يريد برمجته مستقبلا ، وبذلك يعاني الطفل من شخصية مترددة خائفة لا تثق بنفسها وعاجزة على اتخاذ القرارات وربما تشكل عقد نفسية وتترك آثار سلبية أخرى ..

وأكد الدكتور سعد الدين إبراهيم _ الباحث التربوي الكبير _ في قوله :
" إنَّ التنشئة الاجتماعيَّة في الأسرة العربية، بالرغم من أنَّها توفر بعض المقومات الضروريَّة للإبداع ، إلا أنَّها تُجمِّد أو تدمِّر معظم المقومات الأخرى. والمشكلة الأصعب هي : " اجتماع سِمَتي التسلطيَّة والتقليديَّة المحافظة وتفاعلهما معاً " وعلى هذا الأساس، تُعتبر الأسرة العربية نموذجاً مصغَّراً للمجتمع العربي ذاته ، ويُعتبر المجتمع نموذجاً مكبَّراً للأسرة . ومن ناحية أخرى نجد أنَّ مؤسسات المجتمع الأخرى _ وخاصة المدارس _ تُغذِّي وتدعِّم ما بدأته الأسرة مع أبنائها في مرحلة الطفولة المتأخرة ، وترسِّخ هذا النمط من التربية


فكما هو معلوم فالدماغ مركز التحكم الرئيسي في الجسم و الإنسان يمر في حياته بمجموعة من المراحل الحياتية التي تعمل على برمجة عقله "اللاواعي" بطريقة غير مباشرة، وهي التي تشكل شخصية الإنسان، والتي تعتمد على المهارات والقدرات التي اكتسبها، والعادات التي يمارسها بشكل دائم، والمعتقدات التي يرى أن لها أهمية قصوى في حياته، وآرائه التي كونها عن نفسه والآخرين، وهي جميعها تتحكم في حياة الإنسان وتحدد مصيره ،، فتلك برمجة داخلية ولكن هل نسمح لغيرنا ببرمجتنا..

فالأنسان المسيطر عليه يصبح كالجهاز المبرمج ، لا يتطلب سوى عملية تشغيل ، وضغط على الأزرار ليبدأ في العمل ، فالإنسان المبرمج ، كيف يستشعر وجوده إذا منع من أن يبدع ويفكر وويناقش وينتقد ؟ أو سمح له بكل ذلك لكن منع من ترجمة اقتناعاته أو مجرد التعبير عنها؟ فالقرآن الكريم أنكر على فرعون، التسلط في قوله تعالى (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ)[غافر/29].



وأخيرا : كن حذرا ولا تكن أداة سهلة لمن أمامك ولا آلة تٌبرمج .

تحية تسابق قطرات الندى للجميع ودمتم بألف خير


اضافة رد مع اقتباس