الموضوع: كلاكما محسن
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #10  
قديم 25/06/2010, 08:27 PM
صقر فيصل صقر فيصل غير متواجد حالياً
كاتب مفكر بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 22/11/2005
المكان: في زمنٍ حياديّ
مشاركات: 1,847
أهلا أخي مرسال

أشكر لك ردك، وإن شاء الله تجد في ردي هذا، تعليقاتٍ على كل ما ذكرتَ أختلفتُ معه أم وافقتُه.

بالنسبة لموضوعك، فوالله لم أعلم به ولم أقرأه، ولكنني كتبت هذا لكثرة ما كُتبَ في هذا الموضوع، وكثرة ما قيل من الصحفيين، ومن الشيوخ، ومن كتاب المنتديات، ومما نسمعه في المجالس، وما كان اليوم من هجوم كبير على الشيخ عادل الكلباني في خطب الجمعة، مع تذكيري بكلمة قلتُها في موضوعي الأصلي: لا تظنّها الأولى ولن تكون الأخيرة. ستخرج فتاوى أخرى لا تعجبنا، وسيخرج من يعارضها، أكان ذلك بأدب أم بدون أدب.

أما المشكلات التي ظهرت في هذه القضية، والتي أراها من خلال الردود جمعاء تكون في التالي:

أولاً: أننا في فتنة، تقوم على القدح في الأشخاص لاختلافنا معهم في رأي، ومثل هذه الفتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي.

ثانيًا: أننا ومن خلال ما كُتب وقيل هنا وهناك، وجدنا من الناس من اشتغل بالنوايا، واشتغل باتهام الناس فيما يبطنون ولا يطلع عليه إلا الله، وأنا والله متأكد، أن الحبيب صلى الله عليه وسلم لو كان بيننا لقال لمثل هؤلاء: "أشققت عن قلبه؟".

ولعلي أسترسل قليلاً في هذه النقطة، وأستحضرُ كلامًا أصابني قبل ما يقارب السنة وستة أشهر، هنا في المجلس عندما دخلت في حوار مع أحد الإخوة، في موضوع هي من مثل هذه وحولها، فلحقني من الغمز واللمز والإساءة ما لحقني، بل إنني أتذكر أحد الإخوة، إذ خرج من حيث لا أحتسب، ليقول عني كلامًا كبيرًا، خلاصته أنني مقلد وأنني أستخدم "القوقل" للبحث عن الآراء...

وإن كان حقًّا ما يقول، فـ"الحكمة ضالة المؤمن"، أما غمزه ولمزه فوالله إنني أعفو كل ليلة عمن أخطأ بحقي، وأسأل الله أن يعفو عني كل من أسأت له.

ثالثًا: لم تكن هذه الفتوى الأولى التي تخرج من الكلباني، وقد اشتهرت قبلها فتواه عن كفر علماء الشيعة - وقد وافق بها رأي الكثير من كبار العلماء - ، أتدرون ما الذي كان يومها؟
كان الكلباني بطلاً، يقول قول الحق ولا يخاف في الله لومة لائم... ومنعه من إمامة الحرم بعدها، ظلم وإجحاف بحقه.
وقبلها قال الكثير، وقد عهدنا خطبه في يوم الجامعة منذ القدم تضرب على قضايا حساسة، وقد كان ينتقد الرأي الفلاني، ويحاجج في القضايا الفلانية، ويرد ويقول ويتكلم، كل ذلك في خطبه حتى صارت خطبه يوم الجمعة - سواء في مسجد الملك خالد سابقًا أم في مسجد المحيسن حاليًا - مقصد الكثير من أهل الرياض، من المتدينين ومن غيرهم.
فاليوم عندما قال قولته، أصبحت هي المرة الأولى التي يتحدث فيها أو يقول أو يتكلم... كل ذلك لأن هذه الفتوى لم توافق ما نعرف.

رابعًا: أساليب الشيوخ في طرح آرائهم تختلف... وصدقني يا أخي، لو قارننا فتوى الكلباني، وأسلوبه في طرحها في رسالته هذه، لوجدناها أكبر عقلاً من الفتاوى والأحاديث التي أساءت إليه... وكلنا يعلم ما قيل فيه قبل أن يكتب رسالته.
بل لوجدناها أكبر عقلاً من فتاوى شهيرة صدرت هنا، في قضايا خطيرة لربما أدت إلى عموم القتل، وانشقاق المسلمين السنة فيما بينهم بالسلاح والذبح، بل بعضها يدعو إلى الخروج على الجماعة.
والله لم نقل إنها صبيانية، ولم نتهم أصحابها في دينهم ونوايهم، ولكننا إذا عارضناها قلنا رأينا دون تجريح.

خامسًا: واضح من خلال رسالة الكلباني - التي وضعت مقطعًا منها في الأعلى ووضعت رابطها - أن الموضوع ليس عامًّا بل هو ردٌّ على الذين أساؤوا له، وسبوه وشتموه، أو أهانوه، وذلك من خلال عنوان الرسالة "تشييد البناء في إثبات حل الغناء"، ومن خلال المقطع التالي منها:

حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : هذه قينة بني فلان . أتراه يعلم أنها مغنية ولم ينهها عن الغناء ، ولم يحذر من سماعها ، بل على العكس من ذلك فقد قال لعائشة : أتحبين أن تغنيك ! فسبحان الله كيف تعارض مثل هذه النصوص بالمشتبهات من نصوص التحريم ، ثم يعاب على المتمسك بالنص الواضح الصريح ، الصحيح ، ويرمى بالشذوذ والجهل ، وينصح بالتوجه إلى سوق الخضار ، ويتمنى أن يسجن ويقطع لسانه ، وكل من قرأ القرآن وتدبره ، علم أن أصحاب الباطل ، ومن لا يملك دليلا أو حجة يدمغ بها الحجة الواضحة الدامغة لا بد له أن يلجأ إلى التفرعن ، {ما أريكم إلا ما أرى} ، {لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين} ، فدليل عجز فرعون مقارعة موسى عليه السلام في الحجة ، ووضح حجة موسى ، ألجأ فرعون إلى التهديد بالسجن والقتل .

سادسًا: في رسالة الكلباني وقبلها في فتوى القرضاوي في كتابه الحلال والحرام، أدلة على أن الموضوع لم يكن إجماعًا، ولعلي أعرض التالي من فتوى القرضاوي التي سبق وأعطيت رابطها:

قال الإمام لشوكاني في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يري بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .


سابعًا:
إقتباس
لو أخوي الصغير يبي يشرب دخان وانا امنعه وهو يعرف أن هناك طالب علم يفتي بحلال الدخان فقام بالاتصال بهذا الشخص بالذات واسمعني فتوته فهل أصمت واتركه يضر نفسه و جسمه بحجة ان كلاهما محسن ..؟؟

أقول لك أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "وجادلهم بالتي هي أحسن"، هذا مذهبنا مع الكافر الرافض فكيف بالمسلم الذي نرى خطأه وخروجه عن الصواب؟

فإن رفض المناصحة ولم يقبل رأيك، فأبلِغْ أهل العلم والدراسات والأبحاث كما ذكرتَ في ردك واترك الموضوع لهم، ولا تدخل في ذمته... فالله أعلم بالنوايا وهو وحده خبير بما في الصدور.

أنا يا أخي متأكد أن الكثير مما صدر في هذا الموضوع كان من الحرص والخوف على الدين ومن حب الله، ووالله لا أشكك في ذمة أحد، لكنني أذكر بأدب الحوار والتخاطب، بأدب الاختلاف، حتى لا ينشق الصف في قضية من فروع الدين، إذا كان هذا حالنا في أمر كهذا، فكيف هو حالنا في كبار المصائب والمتربصين بالدين والإسلام يحيطون البلاد والعباد من كل حدب وصوب، وللأسف أن البعض من كتاب الصحف، الذين جنحوا عن مواقف الحق كثيرًا، باتوا يعملون في خدمة أولئك، ذلك وهم يستأنسون بكل فتنة كهذه، يتهم فيها الرجل في ذممهم وفي أديانهم وعقائدهم...

أختم بأن أذكر بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وإنما في اللغة تفيد الحصر... جاء ليتمم مكارم الأخلاق وهو صلى الله عليه وسلم بذلك يؤصل لهذا الدين بأن يجعلنا ننتبه من أن نجعل اختلافاتنا تحيد بنا عن مكارم الأخلاق، فالمؤمن لا يرفث ولا يفسق، وإذا خاصم واختلف في رأي لم يفجر.


بارك الله فيك يا أخي على ردك وعلى غيرتك على الدين، ووفقني الله وإياك لرؤية الحق حقا ورزقنا اتباعه.
اضافة رد مع اقتباس