لا... حشا... ما نسيناك! كل من فقد قريباً أو عزيزاً، فإنه يحزن عليه، ويتذكره، فيتألم على فرقاه، بعد أن يشتم رائحته النفاثة في أرجاء الذاكرة والأماكن.
توفيت جدتي رحمها الله، في العام 1994، فبقيت حتى الآن أذهب إلى منزلها، وأدلف إلى المطبخ حيث كانت تطبخ لهذا، وتكرم ذاك، وتطعم هؤلاء، فلا أتذكر أنها ماتت منذ أكثر من 12 عاماً إلا بعد أن لا أجدها، وأوشك أن أسأل عنها من حولي!
لي صديق توفي قبل أعوام، ولم استطع أن أمحو رقم هاتفه من قائمة أرقام موبايلي، ولا إيميله من دفتر العناوين في بريدي الإليكتروني.
وكلما تصفحت القوائم وجاء اسمه، توقفت عنده، فتداعت ابتسامته إلى ذاكرتي، وسحب المشهد آخراً، والذاكرة ذكريات.
أقول ذلك في حق الناس العاديين الذين كان تأثيرهم مرتبط بمن حولهم، فكيف إذا كان الغائب رأسا، يموت بموته خلق كثير؟!
وأي رأس غائبنا، هذا الذي مضى على رحيله خمسة أعوام إنه فهد بن عبدالعزيز، الزعيم التاريخي الذي لن يسجل قيمته أحد كما سيفعل التاريخ غداً، وهو ما قلته بعيد وفاته رحمه الله.
خمسة سنين مضت على وفاة الفهد غفر الله له، ولا تزال رائحته، تعبق أجواء المملكة، في تنميتها، وسياستها، واقتصادها، وحضورها المحلي والخارجي، عبر حامل الراية ومواصل المسيرة أخيه الملك عبدالله.
فيا أبا فيصل: لا، حشا، ما نسيناك، ولا مثلك من ينسى، أنزل الله عليك شآبيب الرحمة، ووسع عليك قبرك، وأحسن مدخلك، وجزاك عنا خير الجزاء.
ليس مثلك من ينسى يا أبا فيصل، فذاكرتنا ولو أثرت عليها الأحداث، إلا أنها لا بد أن تفيك ولو بالذكرى، يوم مرور 5أعوام على رحيلك، الذي لو لم يكن سنة شرعية وإنسانية، لجزعنا له.
تركي الدخيل |