تتبعت مشاركاتنا نحن العرب في دورات الألعاب الأولمبية منذ أول مشاركة لنا و حتى قبيل دورة أثينا المقامة حالياً , فوجدت أن حصيلتنا من الميداليات كانت "فقط" 63 ميدالية ما بين ذهب و فضة و برونز . و من الطبيعي ألاَّ تسر هذه النتيجة عدواً و لا صديق .. أما العدو فيريد لنا هزيمة رياضية أكثر سحقاً .. و أما الصديق فيريد لنا نصراً رياضياً مقنعاً بعد أن أخفقنا في تحقيق النصر العسكري .

أنا شخصياً أتمنى لو كانت الحصيلة من الميداليات "صفر" .. نعم أتمنى لو لم نحقق أية ميدالية في جميع الدورات السابقة .. و السبب في ذلك أنني أوغلت قليلاً في تفاصيل الميداليات ال 63 و ظروف الفوز بها , فوجدت أن جميعها أتت في ألعاب المصارعة و الملاكمة و رفع الأثقال و الجودو و مؤخراً في الرماية .. و هذا قد يُثبت علينا تهمة العنف و الإرهاب مع أننا شعوب عاطفية و شاعرية جداً .. فنصفنا يقرض الشعر و النصف الآخر يقضمه قضما .. و لم نفكر في يوم من الأيام بمصارعة أو بتوجيه لكمة لإنسان حتى لو كان عدوا انتهك أرضنا و عرضنا .. كما أن بنادقنا أصبحت تحفاً للزينة و لأغراض الديكور .. أيضا من ضمن الأسباب التي جعلتني أرفض و أستنكر هذا الإنجاز الأولمبي أنه أتى من خلال العاب فردية غير جماعية من شأنها أن تكرّس مفهوم الفرقة و انعدام المنجز الجماعي بين العرب حتى على الصعيد الرياضي !!

و بما أن منافسات أثينا الأولمبية في أوجها هذه الأيام سأطرح أسئلة أولمبية غير بريئة .. : من سيفوز في 100 م رجال لو كانت روبي أو البرتقالة تقف على خط النهاية ؟ .. من ستفوز في 100 م سيدات لو كان جواد العلي يقف في نهاية المضمار ؟ من سيحطم الرقم الأولمبي في القفز بالزانة لو كانت على الأنظمة و القوانين ؟ من سيكسب سباق 400x400 تتابع لو استبدلوا قطعة الخشب برغيف خبز ؟

في ظل "اللوّات" السابقة , سأكون رجل أولمبي لا يشق له غبار .. سأحطم الأرقام القياسية .. سأمسح أسطورة "مايكل جونسون" .. سأُنسي الجماهير أسطورة "بوبكا الطائر" سأسيطر على سباقات التتابع القريب و البعيد فأنا رجل أعشق التتابع إلى آخر متر في المضمار .. سأفوز في سباق الحواجز .. سأقفز على كل الحواجز سأصل إلى خط النهاية .. سأتجاوز الجميع و سألحق بهم من الخلف مرّة أخرى .. سأجري و أقفز و أرفع و أدفع و أسبح .. و في النهاية سأغرق في عيون أول معجبة !!