مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 26/04/2010, 11:06 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عطـــارد
عطـــارد عطـــارد غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 07/02/2009
المكان: في الـ ماضي ..
مشاركات: 441
رسالة الى صباح { قبيح } و مساء { خائن } / ذات غدر ..




:

لأن الصباح و المساء ..
من المسلمات لدي ..
ولأن لكل منهما ذوقه اللذان لا يجتمعان في وقت واحد بالنسبة لي ..
لأنهما لا يمثلان حالة واحدة ..
لا يمثل الصباح الفرح وحده ..
لا يتشكل المساء للحزن وحده ..
فهما قوالب لنا و مرايا تشكلها وتشكلنا قلوبنا ..
ولأن اللغم الذي يمزق صباحنا ومسائنا أشلاء من حزن ..
ينفجر في دمائنا حبراً على الورق ..
خبزاً معجوناً بـ الأرق ..
و قهوة تسرفُ في القهر ..
حروفنا تتزيّا بالتماسك لكنها مكسورة .. !
تنتظر كمال فرح و لا يكون ..
لـ يتكون صباحك ..
يأتي هكذا ولا تنتبه للقهوة وهي ساخنة . .
النوم لا يزال عالقٌ بأهدابك و بقايا حلم كثيف تشرنقتْ مع اليقظة ..
والماء بعيدٌ عن متناول الشاطىء ..
حين تنحازُ الشمسُ إلى الملوحة ولا تشربها غيمة عابرة ..
وريدٌ بارد ، و صيفٌ ساخن ..
وغبارٌ يسعلُ في وجهك فتتذكر أن رئتك تختنق . .

مسامير حانقة تؤخّر قرار الهروب من مقعدك ..
حينَ أصواتٌ و وجوه ، مندوبون يحفظون ما يريدون قوله بإصرار ..
بينما سمعكَ متعَبٌ ومزاجك سادرٌ في الملل . .
ضجيج و كلام ، اتصالات ركيكة ، أسئلة خشنة تمدّ أذرعها ولسانك نائم في الكسل ..
رجل أعزل من اللباقة ، وامرأة نسيتْ ابتسامتها في جيب العام الفائت . .
تذاكرُ سَـفَر ليستْ لك ..
كتبٌ مفتوحة ..
وأخرى مركونة تنتظر ياء النهاية ..
ونصوص غير مكتملة تصغي من بعيد لأجراس " تمّت "
صداعٌ عنيد ..
تزاولُ الفتورَ حياله !
بطاقات دعوة لا تنتظرها ..
مفاجآت لا تريد أن تتوقعها ..

تحاول أن تخترعَ مسافات ممكنة للعَدْوِ خارج الزمن ..
تباغتكَ يدٌ صغيرة بـ خفّة عصفور ونعومة ثلج ..
تحطّ على صدرك لتتذكر أن شيء ما فيكَ لا يزالُ يخفق . .
و صوتٌ طري و رائحة الجنَّة ..
.
.

يا الله ..!
كـ أنّني ..
كنتُ منفيّ أجرّبُ التعب الأخير ..
حينَ أزهر الفلُّ على شفتي ، واحتويتُ الوطن !.

:
:

وحين يحل المساء ..
أتذكر لحظات نحيا باسترجاعها كل مساء..
خاصة حينما تعترينا نسمة باردة ونبحث عن الدفء فيها...
نتدثر بها ...
ونحاول أن لا نتجمد...
أو يتجمد النبض فينا..!
يستيقظ الماضي الليلة داخلي , مربكاً ..
يستدرجني إلى دهاليز الذاكرة. .

فـ أحاول أن أقاومه , ولكن..
هل يمكن لي أن أقاوم ذاكرتي هذا المساء ؟

أغلق باب غرفتي و اشرع النافذة ..
أحاول أن أرى شيئا آخر غير نفسي ..
وإذا النافذة تطل علي ..

تمتد أمامي تلك المساحات الزرقاء ..
وتزحف نحوي ملتحفة بـ برودتها الدافئة..
وكل تلك التفاصيل الدقيقة ..

أتذكر ذاك المسبح المائي وتلك الصفحة الزرقاء..؟؟
لا أستطيع مقاومة الرعشة التي تنتابني ..
كلما تذكرت لسعة الماء الباردة ..

تلك التي توقظ كل إحساس يضطجع لحين لحظة استنفار..
وتجعلنا نهزُّ رؤوسنا ..
لـ ننفض بذلك ما علق بـ الذاكرة من جُثث منتنة...!
في محاولة بائسة لـ معانقة جسدي الغائب..!

أتذكر يوم أن حملتك على ( كفَّيَ) بـ إتزان متناهي..

محاولاً بذلك تعليمك كيف تُـتـقـن الطفو فوق الماء...؟
وما أجمل براعة الطُهر في عينيك ..
حين تُغمِضْهما خوفا من الماء...!
أجوب بك ذاك المسبح..
أقلِّبُك تارة على صدرك وأخرى على ظهرك..
وأقول : تمدد بكامل قوتك..
و لا تجعل عضلاتك في ارتخاء..
حتى تتمكن من الطفو..؟!
كنت تضحك لجهلك أمامي ..
وصوتي يحتضن صداه بلهفة صمت السنوات العجاف...!
أم تذكر يوم أن حملتك على ظهري ..
أجوب بك تلك الساحة يُمنة و يُسرى ..
في وسط أمواج كانت تتحرك بقوة وتدفعنا للجنوب...؟!
أفترش ذراع حلمي بـ لهفة طفل..
كي تستلقي عليه..
وتتمدَّد بـ إرتباك طفل مازال يتهجَّى نبضه في السطر الأول للقراءة..



كنت أقاوم تلك الأمواج...

وأحاول أن أقاوم حبك ..
الذي جعلني أبدو كـــ خادم يسعى جاهداً لإحياء الأمل في عمق كل مُتع الحياة...!


يا طفلي الذي لا يكبر ...!



لم أقاومك و لم أقاوم هذا الزمن...
كانت المياه عميقة ... !
والأمواج قوية..
و خوفي معها يزداد عليك في كل خطوة تنزلق بها قدميك للجنوب...!
رمق أخير و شهيق محتدم قد استقبل من أمره ما استدبر من عمره ..
مسبح قد اصطبغ بزرقة الدفء ..
إلا أنه قد حفت جوانبه رعشة غريبة ..
الشوق ..
الأمل ..
الأقدار ..
وأشياء أخرى عام بعضها وغرق بعضها في أمواج مسبح عاتي ...
وكأنك تُـتمتم : لابد من ارتكاب خيانات لتبقى المدينة واحة حُلم..!
كنت أخاف فقدك ..
ذات غدر..
" ذلك الموت الذي اخترنا له اسماً آخر أكثر إغراءً ، لنذهب دون خوف وربما بـ لهفة سرية , وكأننا نذهب لشيء آخر غير حتفنا .. "

كان الموت يمشي إلى جوارنا...
ويرقبني تحديداً وأنا أشهق في كل مرة تحاول فيها إخافتي كلما توغلت بإتجاه الجنوب..!

كانت الزرقة تعمّ المكان...
والسواد بإتجاه الجنوب يزدان بتأرجح الأمواج ...
لــ عُمق المياه..
وخوفي عليك وعلى قلبي في تضخم..
كــ روح تزفر مع كل نبضة خوف....!

كان الشوق معنا ...
ينام ويأخذ كِسرَته على عجل..
تماما مثل السعادة المبهمة التي طالما خشيتُ فقدها...!
فـ الجوع إلى الحنان، شعور مخيف وموجع..
يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك حتى يأتي عليك بطريقة أو بأخرى ..

حتى فُقدت و فقدت ..

لا أعلم كيف.. ؟؟
فلم تجرأ الموج على سرقتك...
أو سرقة سعادتي..
والأمل الجنين الذي لم يولد بعد...!؟
بل كان آمن عليك وعلى قلبي المرتعش خوفاً ..
ولكن من مأمنه يؤتى الحذر!

ولكن الظروف (الساخرة أبداً) حكمت على اختطافك ..
وخنق الأمل لحظة ولادته..

فـ رحلت ورحل معك بلا رجعة..

:
:


لـ طهر و سمو الدكتور / سليمان العريني ..
لـ ذات قصة تحولت لـ عبث مني ..

لـ ذات صباح و مساء لا يمكن وصفهما بـ وصف ..
لـ ذات غدر ..

:



:
:

اضافة رد مع اقتباس