مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 26/04/2010, 01:38 AM
وقت الغروب وقت الغروب غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
إعلامنا بين مطرقة أم خالد وسندان منيرة أم ذمة وسيعة

​العامل في الوسط الإعلامي السعودي يرى فيه العديد من التناقضات العجيبة والغريبة والمريبة أحيانا، فأتعجب من ذلك الكاتب أو ذلك الإعلامي الذي يقود أسطورة إعلامية، إن صح التعبير، وهو يتطرق إلى مكارم الأخلاق والفضيلة وحبه للمرأة السعودية ومنافحته لحصولها على حقوقها من قيادة للسيارة أو وظيفة مختلطة أو مطالبته بإلغاء الحجاب نهائيا، بل ويصفق للمرأة السعودية المتبرجة ويكرمها ويجعلها من أولى أولوياته.

وفي المقابل نرى في إعلامنا تجاهلا تاما عن أم خالد الفقيرة التي تسكن على ضفاف وادي حنيفة، ولا نلتفت لأم أحمد التي أرهقها إيجار سكنها الذي لا يتعدى كونه حظيرة للحيوانات أيام زمان في الرياض وقبل 50 عاما، وفوق هذا وذاك تدفع فيه أم أحمد إيجارا يقارب التسعة آلاف ريال.

إعلام وصحافة تتعدى على الثوابت الدينية وتقدح في العلماء وتشكك الناس في عقيدتهم، بل ومن يجادل في ذلك هم مجموعة من الكُتّاب الغوغائيين والباحثين عن الإثارة والجدل، فتجد الكاتب وكأن معه مطرقة يطرق بها ولا يكل ولا يمل، وكأن هناك من يغذيه ويكرمه ويملّيه بل ويزيده قوة إلى الجحيم الدنيوي لن يصليه جهنم وسيقيه، نعم سيقيه.

ومع الأسف نجد القدح في الثوابت والتشكيك في قضايا أجمع المسلمون عليها ومن دون خوف من العقوبة أو المحاسبة بل وحتى الإشارة بلهجة رقيقة، ويقال للقادحين كفى، بل وكأن هناك من يقول له اضرب في الثوابت الدينية تربت يداك وقلمك وفوك، وإن تعديت بكلامك على أشرف الخلق فلا حكم عليك ولا على من رباك سواء جريدة أو تلفاز، وحياك ولا نطلب إلا رضاك.

إن التعدي على الثوابت الدينية في وسائل الإعلام الغربية أو محاولة التعدي على القانون المرسوم للدولة يعتبر جرما قد يضع المتعدي في قائمة الخيانة العظمى، ومع أن الغرب منفتح إعلاميا ويتطرق الإعلام فيه للعديد من القضايا الجنسية على سبيل المثال، ولكن لا يتعدى بشكل من الأشكال على الثوابت الدينية أو الخلافية، وإن تم ذلك تم بطرق مؤدبة جدا في الطرح والتناول، وألا يكون من يتحدث أو يطرح الموضوع صاحب سوابق في الجرادية أو مقيبرة.

الغريب أن الإعلام الغربي أيضا أصبح محترما جدا أكثر من إعلامنا، فلم أسمع في الإعلام الغربي أن هناك من وصف عيسى عليه السلام وصفا غير لائق، على سبيل المثال، ولم أسمع أيضا أن هناك من يتناول قصتي نوح ولوط عليهما السلام على سبيل السخرية، ولم أقرأ أن هناك من يدعو إلى انحلال المجتمع وتفسخه في الصحف الرسمية – لا أتحدث عن الصحف الصفراء – بل على العكس هناك عودة في الإعلام الغربي للفضيلة ودعوات متواترة لبقاء الأم في البيت لتربية الأطفال وصرف راتب لها على هذه الخدمة الجليلة للمجتمع، على حد تعبيرهم.

أذكر أن السعودية منذ سنوات مضت قامت بحملة عالمية كبيرة حول العالم للتعريف بالسعودية سُميت ـ إن لم تخني الذاكرة ـ بـ(المملكة بين الأمس واليوم) كانت عبارة عن حملة إعلامية سامية؛ حيث يتم نقل العديد من الموروثات الشعبية والتراث الشعبي لعواصم العالم، ويتنقل المعرض بين دولة وأخرى، والعالم كله رحّب بنا وبثقافتنا، وتعرف علينا أكثر وأكثر.. الشاهد في الموضوع أن تلك الحملة لم يكن فيها نساء، وإن وجد فيها مع أنني أكاد أجزم بأنه لم يكن يوجد، فهن بزيهن السعودي المحترم دوليا، وكان العالم يكنّ لنا كل احترام وتقدير.

أما اليوم وفي وقتنا الحاضر فنجد من بعض الإعلاميين والكتّاب مجونا وانحرافا خلقيا بل وانحرافا سياسيا، على سبيل المثال الانحراف الخلقي موجود في الوسط الإعلامي، فنجد من يكرع الخمر بالليل ويقارعها، بل وأحيانا يضع بعضها في ترمس الشاي وترافقه للمكتب، نجده في اليوم التالي يكتب مقالا عريضا طويلا عنوانه حقوق المرأة في الإسلام، ويتطرق من خلال مقاله لقضايا خلافية معروفة وهو يقول في نفسه بعد أن ذهبت السكرة جاءت الفكرة، أما الانحراف السياسي فلا أعلم تحت أي مسمى نسمي ذلك الإعلامي أو الكاتب الذي يتواصل مع الصحف ووسائل الإعلام في الغرب ومن ثم يصف المجتمع السعودي بالمغلق، ويقدح في السياسة السعودية وأنها تمارس التمييز العنصري على المرأة السعودية، أو أن يقول منع السعودية للغناء كان سبب أحداث الـ11 من سبتمبر، وكأنه يتحدى دولة بأنه يستطيع أن يثير عليها الرأي العام الغربي، ليشبع غريزته ويتحقق حلمه بأن يكون شعب السعودية مجرد شعب "رقص وهز وسط على الوحدة ونص".

من واجب الجهات المسؤولة في الدولة وعلى رأسها وزارة الإعلام السعودية أن تضع حدا لمثل هذه التصاريح العابرة للقارات لأن بعض التصاريح قد ترسل علينا يوما ما عابرا حقيقيا للقارات، أو أن يصيبنا بلاء بسبب ما يفعله السفهاء منا بالتعدي على الذات الإلهية تارة، وتارة على الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومرة على الثوابت الدينية، مع أن تلك التعديات كلها ستكون سببا في التعدي على ما هو أصغر من التعدي على الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى التشكيك في الدين وأهله والعلماء الفضلاء.

فالحل الناجع هو إعادة هيكلة كاملة وتوجيه الإعلام من جديد لخدمة الدين والرسالة السامية، وخدمة المجتمع والدولة، وتسليط الضوء على أم خالد وأم أحمد اللتين أرهقهما الفقر والعوز والحاجة بدلا من تركيز الضوء على صابون أبو عنز والبنت المرسومة على غلاف الصابون، وأن نطبّل لقارئة الفنجان والأستاذة منيرة التي تكتب اختلطوا على ذمتها الوسيعة والتي فصّلتها عند الخياط على المقاس بالضبط.
اضافة رد مع اقتباس