مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #28  
قديم 02/04/2010, 08:50 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عطـــارد
عطـــارد عطـــارد غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 07/02/2009
المكان: في الـ ماضي ..
مشاركات: 441

الـ جزء الـ ثامن ..




اتجهت صوب مكان الحفلة، وأنا أرى الناس يتراكضون من كل مكان حتى لا يتعرضوا للعقاب.. كنت أشعر بحزن كبير لما آلت إليه الأحوال، أهكذا يستعبدهم الأمير كعب دون أن يقاوموا؟ اندسست بينهم أطل على الميدان الكبير، حيث رأيت في الجانب الآخر الأمير كعب وإلى يمينه الأمير سلطان اللذين كانا باللباس التقليدي الرسمي، كان كعب يجلس على كرسي من الرخام مثبت فوق مصطبة تطل على الساحة، وسلطان يجلس على كرسي آخر أصغر منه وأخفض منه مستوىً.. و دوّى النفير يعلن عن بدء الاحتفال.. وشاركت في حوارات الناس:
- لم يظهر البؤساء بعد؟
قال أحدهم: - من تقصد بالبؤساء؟ أتعني أولئك المجرمين الذين سطوا على مطابخ الأمير؟
- نعم.. وهم ليسوا مجرمين، لا يمكن أن تطالب الجائع بإسكات معدته بالصمت والصبر.. أفهمت؟
- انتبه الجنود حولنا في كل مكان.
قلت: - أنا ابن علي المودسي لا أخشى أحداً.. لم يركع والدي لهم.. ظلّ شامخاً رافضاً الظلم حتى مات.
- أنت الموبوء المريض بمرض والدك؟ هه.. ابتعد عنّا قد تنقل إلينا العدوى.
-إنها كذبة ساذجة انطلقت على أميرك الشاب وحاشيته.
- كذبت على الأمير؟ كيف تجرؤ؟
- يكفي، لماذا أنت مرتعب لهذه الدرجة؟ ما الذي يستطيع الأمير أن يفعله لكم لو كنتم متحدين متعاونين؟ هه؟
اقترب منّا رجل كان يسمع الحوار: -معك حق بالتأكيد
قال الأول: - بدأ الاحتفال.. ابتعد عني ولا تلمسني، سأتفرج على إعدام أولئك اللصوص .
- كما تشاء.. وإن كنت متأكداً أنك ستبلغ عني جنود الأمير.. شخصيتك الهشّة تدل على ذلك .
أخذت أتكلم بصوت مرتفع: - أمعقول أن يمثل بـ جائع يسرق رغيفاً بهذه الطريقة؟ إنه الظلم كيف للأمير أن يفعل كل شيء دون اهتمام منكم؟ أتخافونه إلى هذا الحد؟ معقول؟
وانبعث صوت أحد الجلادين: - هؤلاء الثلاثة الأوغاد سيُعدمون بقطع الرؤوس..
هكذا يرغبُ مولانا الأميرُ سلطان..
صرخ الأمير سلطان: - هيّا نفذوا فيهم الحكم.. فوق المنصّة.. اقطعوا رقابهم..
- حسناً يا مولاي.
وهمهم الأمير وهو يرى تنفيذ الحكم:- تدحرجت رؤوس الأوغاد الذين جرؤوا على الاقتراب من مطابخ مولاهم.. أحضروا المرأتين..
- حسناً يا مولاي الأمير..
وصرخ المنادي: - أتسمعون أيها الناس؟ هاتان المرأتان تسللتا إلى أحد مطابخ القصر، وحاولتا سرقة الطعام.. انظروا إليهما..
قفزت مرعوباً: - مستحيل، إنهما أمي و أختي.. كيف حضرتا إلى هنا.. لقد أرسلهما والدي إلى قرية بعيدة، إلى بيت أخيه الأكبر لتعيشا خوفاً من ظلم الأمير.. أمعقول؟ لا أصدق ما يجري.
كان الأمير يحاول إخضاع أمي: -ألن تعترفي أيتها المرأة بجريمتك؟
- لم أرتكب جريمة، حين جئت أسأل عن ولدي فاضل.. لم أكن أعرف أنك غضبت عليه، كما غضبت على والده..
- أمرٌ مثير للسخرية، تسألين عن المريض الموبوء الذي تتحوّل أعضاؤه إلى تراب؟ . إنه مثير للقرف ينشر العدوى في كل مكان.. كوالده..
- أنت لا تقول الصدق، ابني سليم الجسم.. كما كان والده.. أنا أعرفهما جيداً".. ألم يكن فاضل صديقك المقرب، ما الذي حولك عنه أخيراً"؟
- عثر عليه الجند في مكان عزلة والده، رفض أوامري بعدم الاقتراب من ذلك الجحر الذي يعيش فيه زوجك المخبول..
- لم يكن زوجي مخبولاً، كان يمقت الظلم والظالمين..
- ابنتك صبية حلوة، سأضمها إلى الجواري.. أتسمح لي بذلك يا أبي؟
قال كعب: - إنها هديتك يا سلطان، فكوا قيد الصبية وأحضروها إلى هنا.
كنت كالملدوغ: - يا إله السماوات كيف سأجتاز هذه الحواجز.. لأصل إليهما؟
صرخت أختي: -اتركوني أيها الأنذال.
قال الأمير: -لا تضايقوها.. ستأتي مرغمة إلي.. هيا يا جميلة.
همهمت أمي: - عفراء.. لا تستسلمي له يا ابنتي.
- لا تخافي علي يا أماه.
صرخ سلطان وهو يهتز: -تعالي.. تعالي.. أرأيت يا أبي، يبدو أنها الشخص السليم بين عائلة المودسي.
همهم كعب: - ستكون متعتك المقبلة يا بني.
لم أستطع الصبر على هذا الموقف أكثر من ذلك فدفعت من حولي مخترقاً الصفوف.
-ابتعدوا من هنا..
سألني من إلى جانبي: - ما الذي يجري يا أخ؟
- أمي وأختي أمام الطاغية.. يجب أن أصل إلى هناك.
قال: - لا تكثر من الضجيج حتى لا ينتبه إليك الجند.. سأوصلك إلى هناك.. تعال.
كان كعب يسأل سلطان: -وبماذا حكمت على المرأة يا سلطان؟
- هذه العجوز الشمطاء الطويلة اللسان.. ستوضع فوق المحرقة.
- حكم ممتاز.. والفتاة تصبح جارية لك.
صرخت أمي: - لن تصبح ابنتي جارية لك أيها الوغد..
وفجأة استلت سيفاً من سيوف الحرس:
- دافع عن نفسك أيها الوغد.. أتحدّاك..
- تجيدين استعمال السيف؟ هه؟ حاصروها بسرعة.. وأطلقوا حرابكم في اتجاهها.. هيا..
كانت أمي تجيد فعلاً استعمال السيف وكانت محاربة ماهرة.
صرخ سلطان: - وجهوا صوبها السهام من كل جانب..
وانضمت أختي إليها وقد تمكنت بغفلة من الحراس أن تستل سيف الحارس الواقف إلى جانبها: - أنا معك يا أماه.
كان سلطان يصرخ: -حاصروهما واقتلوهما.. هيا..
وكنت قد وصلت إليهما: - تشجعي يا أماه.. أنا قادم.
غمغم سلطان بخوف: - الموبوء.
قلت: - سأقترب منك وأنقل إليك العدوى.
قال الرجل الغريب الذي يساعدني: - تقدم لا تخف.. أنا أحمي لك ظهرك؟
بدا الوضع مستحيلاً، ولكن ذلك الرجل إلى جانبي، تمكن من إنقاذي وأمي وأختي، بإطلاق شيء قذفه بعدما أشعله، فأخرج ذلك الشيء ضباباً من الدخان، أعمى أعين الجند وأحدث ارتباكاً كبيراً ولم نشعر إلا ونحن مع الرجل في مكان ما تحت الأرض تضيئه المشاعل..
قلت له ممتناً لصنيعه:
- ما فعلته أشبه بمعجزة.. كيف أطلقت كل هذا الدخان؟
- طريقة تعلمتها من والدك، أنا أحد تلاميذه، صداقتك لسلطان أبعدتك عن معرفة والدك .
-ولمَ لم يهتم والدي بإبعادي عن سلطان؟
- لأنه رغب أن تكتشف الحقيقة بنفسك، علمني والدك الكثير وحين عرفت بنبأ اختفائه بعد عودتي من رحلتي الطويلة.. جن جنوني، شعرت كمن يفقد أحد أهم محاور حياته.. بحثت عنك طويلاً فلم أرك.. قيل لي أنك مريض، وتعتزل الناس، بعدما أصابك اليأس من محاولة إقناعهم بمقاومة الظلم..
كان المكان أشبه بكهف ضخم يتفرع إلى أنفاق وممّرات، تضيئها المشاعل، وفي بعض زواياه أثاث للنوم وصناديق فيها كتب ومخطوطات.. كان من الواضح أن الغريب يقيم فيه.. تجولنا قليلاً لنتعرف على ممراته وأنفاقه، كان هائل الاتساع. وقد أكد الرجل لنا: - أنه مكان لا يعرفه أحد، ستبقون فيه المدة التي تريدون.
- من الأفضل أن تذهبي يا أماه و عفراء إلى بيت عمي الأكبر في القرية البعيدة..(مودس) هذه الأيام تفقد توازنها، بفقدان أبنائها لعقولهم.
قال الرجل: -وأنا مع فاضل يا خالة.. من الأفضل لكما أن ترحلا.
- وأنت يا فاضل. ما الذي ستفعله هنا؟
- سأنفذ وصية والدي يا أماه.. سأبقى هنا أقاوم الظلم.
قالت أختي: -لم لا نبقى هنا معك، لنقاوم الظلم جميعاً"؟
- أرجوك يا أختاه.. لا مكان لكما هنا.. أعدك أنني سآتي إليكم حالما تأتي اللحظة المناسبة للقائنا من جديد..

:

وقرأ الشيخ حمدان صفحات جديدة من مخطوط جده الأكبر فاضل، حكى فاضل كيف أفسد كعب و سلطان الجميع، وسيطر عليهم بعبودية مطلقة، وجمع العديد منهم لينحتوا في الصخر بيوتاً..
وبدأت العملية بتواتر منتظم، وأشرف الأمير سلطان عليها، كان يعتبره المشروع الأهم في حياته، بنى بيوتاً من الصخر لجواريه، ونحت أمكنة للهو، وأمكنة لتكديس المال..
ونحت أقبية للمسجونين، ودفن العديد منهم وهم على قيد الحياة.. وتحولت مودس إلى مدينة مستسلمة لقدرها، وقد ساد فيها الفساد والكذب ووأد النفوس الخيّرة..

:

توقف الشيخ: حمدان عن القراءة قليلاً وهو يرمق عامر باهتمام.
- إنها قصةً محزنة، وما بقي منها أشدُ إيلاماً.
- استمر يا عماه، أريد أن أعرف ما جرى بعد ذلك، وكيف حدثت الكارثة..؟
أكمل متنهداً بحزن:
- ظلَّ كعبُ رُغمَ تقدمه بالسن، يتصيّدُ المتعة، ويتلّهى بتعذيبِ عبيدِهِ، ويقوّي من أزرِ ولده.. وازداد الظلم إلى حدٍ لا يمكنُ وصفه
- ولم ينفجر الناس بعد؟
- يؤكد جدي الأكبرُ أنه تمكنَ بصعوبةٍ كبيرة وبمعونةِ بعض تلاميذ والده من الوصول إلى إيجاد تجمعٍ للناس الذين انضموا إليه كي يقاوموا ما يفعلُه أتباع الأمير ووليُّ عهده.
- وكيف كان جدك الأكبر يا عماه، مستشاراً لكعب؟ هذا الطاغية الذي لا يرحمَ أحداً؟ أمر غريب فعلاً..
- كان كعبُ وليّاً للعهد، حين التحقَ والدُ جدي بالعمل في حاشيته، نتيجةً لنصيحة الأمير(قابس) والد كعب.. وقد رأى في والدي رجلاً حكيماً، قد يؤدب ولده ويرشده.. ولكن كعب الذي تزوج من ابنة أحد الوزراء قد تحول بالتدريج بعد وفاة والده وقد رأى السلطة جميعها في يده، والناسُ تدينُ له.. تحوّل إلى رجلٍ يجري وراء المُتعة، وحاولَ والدُ جدّي الأكبر إيقافه عن جُموحِه نحو المتعة بهدوء وصبر ولكنه لم يستطع، وأدى هذا التدخل المستمر من المستشار الحكيم، إلى أن يغضب عليه الأمير كعب، وجرى ما جرى.
- حكاية غريبة.. وماذا حدث لمدينة(مودس
- بعد أن كثرَ الفسادُ و الظلم؟ حسناً سأقرأ لك ما كتبهُ جدي الأكبرَ في نهاية مخطوطته:
((رأينا أحلاماً مخيفة لعدة أيام متتالية، كانت كلها تدور حول حرائق تصيب المدينة، وزلازل أرضية، وأجسام تتساقط من السماء وكأن تلك الأحلام نبهتنا إلى أن قدر المدينة أن تسير نحو الهاوية...
وهكذا اجتمعنا في مكان ما تحت الأرض، وقد ضاق المكان بنا، كان الذين انضموا إلينا قد أحضروا نساءهم وأطفالهم وأشياءهم الضرورية.. وهذا ما جعلنا نفتح السراديب على بعضها ليتوزع الناس.. ولم أنسَ تلك الأيام ولن أنساها.. في أحد الأيام كانت هناك امرأة تصرخ باسمي:
- يا سيدي فاضل.. يا سيدي فاضل.
- ما بك يا امرأة ماذا تريدين؟
- رأيته بعيني، رأيته بعيني، إنه يطير فوق المدينة.. طائر ضخم مخيف.. إنه شديد السواد، ويطلق أصواتاً مخيفة.
- ومتى رأيته؟
- قبل قليل.. خرجت أفتش عن ابني الذي يعمل حارساً عند الأمير سلطان..
- وكيف سمحوا لك بالخروج؟ ألم تعرفي أن الخروج من هنا ممنوع الآن.
- هذا ما جرى يا سيدي.. بحثت عن ولدي ولقيته.. طلب مني أن أبتعد حتى لا يراني أحد.. فيعاقبه الأمير سلطان.. ودعته وأنا أبكي وابتعدت، خائفة حزينة، جلست في مكان منزوٍ، وإذا بالظلام يحلُّ فجأة، نظرت إلى السماء لأرى ذلك الطير الأسود الضخم..
فكرت متسائلاً: ((معقول؟ تبدو صادقة وهي تروي الحادثة.. لا بأس يجب أن أستكشف الأمر)).
ثم قلت لها: - حسناً.. عودي إلى مكان إقامتك..
- وماذا ستفعل؟ أتعرف شيئاً عن ذلك الطير؟
- حتى الآن لا أعرف ماذا سنفعل، وبالطبع فقصة هذا الطير تبدو فريدة يا خالة..
- لم أر في حياتي طيراً بضخامته.. كأنه سحابة سوداء متكاثفة، لا تسمح بنفاذ الضوء.
- حسناً، عودي إلى مكانك بسرعة.
واقترب رجل آخر من رجالي: - ثمة شيء جديد يا فاضل.
- ماذا تقصد؟ ما الشيء الجديد هذا؟ أله علاقة بالمدينة؟
- نعم.. طيور سوداء كبيرة الحجم تجول حول المدينة.
- قالت لي تلك المرأة أن هناك طير واحد فقط.
- بل العديد من الطيور.. حراس المدخل حكوا لي عن ذلك.
- يجب أن نكتشف الأمر..
- ولكن بمنتهى السريّة لا نريد أن نحدث بلبلة.. لدى الناس
- معك حق.
((وخرجنا من فتحة سرية نستكشف الأمر، فرأينا طيوراً سوداء كبيرة تحوم فوق المدينة، كانت تحمل أجساماً سوداء في مناقيرها ومخالبها.. وهي تطير محوّمة.. وكان جند الأمير يطلقون نحوها السهام فلا تصل إلى الارتفاع الذي تطير به.. وقد استشاط الأمير سلطان غضباً وطلب من جميع جنوده طرد تلك الطيور الضخمة.. ولم تسفر محاولتهم عن شيء.. فقد ازداد عدد الطيور)).
حتى بالمشاعل والنار.. لم تكترث الطيور.. كان من الواضح عجز الجند والحراس وهم يخرجون بالعشرات من مناطق تواجدهم حول بيوت الأمير المنحوتة بالصخر..
ورأينا فجأة عجوزاً بوجه سمح تقترب منا:
- ماذا تفعلان هنا؟ عودا إلى المكان الذي تقيمان فيه.
سألتها باهتمام:
- لماذا تطلبين منا ذلك يا خالة؟
- لأن ما سيحدث سيكون رهيباً مرعباً.
- ومن أنت يا خالة، لماذا لا تختبئين ما دام الذي سيحدث سيكون رهيباً مرعباً؟
- لا تكثر من الكلام يا بني.. واذهب مع رفيقك إلى حيث المكان المناسب لاختبائكما.
وصرخت تحاكي الطيور:
- هيا أيتها الطيور تحركي، زلزلي الأرض، دمري هذه الصوامع المليئة بالفسق والظلم والفساد.. هيا أيتها الطيور..
كانت تركض مطلقة كلماتها وصراخها.. وهي توجه بصرها إلى الجو وبدت سريعة رغم تقدمها في السن يا لها من عجوز غامضة.. عدنا إلى ملجئنا، كانت الطيور تبدو وكأنها تستعد لقذف ما تحمله فوق المدينة يا إله السماوات، كم ستكون الكارثة كبيرة الحجم؟
((وعدنا إلى مكمننا مع بقية الناس الذين لجأوا إلينا، وبدأت تصلنا أصوات مدوية هزّت الأرض من حولنا، فلقد أطلقت الطيور السوداء الضخمة التي غطت أسرابها وجه الشمس، أطلقت كل ما لديها من أجسام ثقيلة صوب القصور والبيوت المنحوتة.. ودكّت تلك الأجسام كل الدور المزخرفة التي امتلأت بالظلم والفساد، وزلزلت الأرض حولنا، واشتد عويل النساء والأطفال.. كان يوماً مرعباً لا يمكن لنا أن ننساه.. ودمّرت الكارثة مدينة(مودس) الكبيرة تدميراً أتى على كل شيء، ودفن بين الأنقاض الأمير الظالم وحاشيته وأتباعه وخدمه وجواريه ومخازن أمواله.. كما دمرت كل الذين استسلموا له ليستعبدهم ويمتص منهم نامة الإحساس الإنساني المقاوم)).
وتابع حمدان يقرأ:
- ويستمرُ جديَ الأكبرُ في سرد تفاصيل الكارثة، وكيف صعدوا بعدما هدأ الزلزال وتوقف تساقط الأجسام الثقيلة.. ليجدوا أن كل شيء اختفى، أزيلَ عن الأرض تماماً، ولا أثر للقصور والمنازل الضخمة والكهوف المنحوتة التي تزخر بالتماثيل الجميلة، وأدوات المُتعة على اختلاف أشكالها.
- إنها حكاية أشبه بأسطورة.
- وظل صوت كعبٍ وولده سلطان يدويان في المنطقة يستغيثان من العذاب، وقد سمع جدي تلك الأصوات الغريبة التي تردد صداها بعد انتهاء الكارثة لعدة أيام.. كانت تذرفُ دموعَ الندم والتوبة، وتتوسلُ أن يتوقفَ عذابُها لكن دون جدوى.. وهكذا عاد جدي الأكبر يحاول بناءَ ما بقي من مخلفات الدمار.. مستعيناً بأولئك الناس الذين رفضوا الظلم وقاوموه لتنهض(مودس) جديدة صغيرة، أحب فيها الجميع الخيرَ، وتعاونوا من أجله
- هذه هي حكاية المدينة إذن؟
تنهد الشيخ حمدان وهو ينظر إلى عامر بعمق:
- وقد طلبت مني زوجتي أن أحكيها لك، وهو طلبٌ له مبرراته بالتأكيد.. ولكن ما هي هذه المبررات؟ بالتأكيد لا أعلم.. هيا بنا نعود إلى البيت.. سنعيد كل شيء إلى ما كان عليه هنا..

:
يـتـبع ..
:


اضافة رد مع اقتباس