مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 15/03/2010, 06:16 AM
نديم الهوى نديم الهوى غير متواجد حالياً
زعيــم جديــد
تاريخ التسجيل: 07/04/2006
مشاركات: 49
شكراً طارق، ولا يهمك بكمل عشان خاطر عيون



الحلقة الثانية


وصلنا محطة فكتوريا وأخذنا باص واتجهنا إلى كوينز واي وكنا نسكن في نهاية الشارع في عمارة تسمى رالف كورت، شقة رقم 41. عندما دخلت الشقة صدمت عندا رأيت أخي وقد سقط شعره وذقنه وحواجبه بسبب العلاج الكيماوي. بل أنه أصبح كأنه هيكل عضمي. ضممته وبكيت من حزني عليه خاصة أنه قبل أربعة أشهر كان شاب وسيم وطويل ويدرس في السنة الثانية طب في جامعة الملك فيصل. وأصيب بجرح في ركبته وحاول علاجه ولكن بدأ الجرح يزداد سوءأ، لذلك عمل فحص دم وظهرت النتيجة ايجابية باصبته باللوكيميا (سرطان الدم). بحثنا له عن علاج في كل مكان في السعودية، حتى أن أبي أشترى له ناقة ب 25 ألف ريال، وكان هذا اعلى سعر في تلك الأيام قبل مزايين الأبل، ووضعنا الناقة مع حلال رجل أعمال أجودي اسمه بن هندي وكان يحضر لنا يوميا دلواً من حليب الناقة نسقيه لأخي لعله يشفيه.

جلست في الشقة الجميلة رغم صغر مساحتها بالنسبة لبيوتنا في السعودية وعرفت أن أخي الكبير اشتراها بحوالي 45 ألف جنيه من صاحبها العراقي، وكان سعر الجنيه 4.30 ريال فقط، يعني شقة ببلاش. باعها أخي لاحقا في العام 2000 ب 770 ألف جنيه.

نمت في الشقة حتى العصر، وصحوت على شلة جزائريين مطاوعة يرحبون في ويتحمدون علي بالسلامة. أخي كان من منظري ورواد صحوة الثمانينات الهجرية في السعودية، ورغم صغر سنه وقلة خبرته كما يبدو لي الآن، إلا أنه كان يقرأ ويحفظ ويفكر بطريقة تختلف عن الكثير من أقرانه. اذكر قبل سفره إلى لندن للعلاج أنه كان من النشطين في دعم الجهاد في أفغانستان وكان يجمع التبرعات الهائلة ويجتمع مع (أمراء حرب كما كان يطلق عليهم) مستحيل تصدقوني لو ذكرت اسمائهم الآن، ولن أذكرهم ابدا، لأن في تلك الأيام كانوا مدعومين من كل الجهات والآن أصبحوا غير مرغوب فيهم. سلمت على المطاوعة الجزائريين وبصراحة انسدت نفسي منهم، انا جاي لندن عندي مهمة معينة مرافقة أخي وأبي أشوف لندن الي دايم نسمع عنها ، أبي اشوف الطبيعة والأسواق والناس المتحضرة، شبعت من المطاوعة الي كانوا مخلين بيتنا مزار شريف، وما شاء الله على الأهل ما يقصرون معاهم، يسون لهم ولائم ولا ألف ليلة وليلة، وما يحلى لهم النقاش ولا يحمى وطيسهم إلى مع وجود ما لذ وطاب من النعم. لكن الغريبة انهم ما قدروا يسيطيرون على عقلي، لهم رغم احترامي لمستواهم التعليمي فأكثرهم كانوا في كلية الطب. وأذكر أنه كان عندي سيارة زوزوكي وكان أخوي يستخدمها كثير لتوصيل شباب كلية الطب لمدة سنة لأنهم كانوا مفلسين ، وكنت اجنن المطاوعة لما اتأخر عليهم ، بس ما كانوا يقدرون يقولون لي شئ كانوا محتاجيني. الآن ما شاء الله، كلهم مستشارين ومن الطبقة العليا في المجتمع، وحتى الطواعة بعضهم لحسها.
نرجع للجزائريين، الي قعدوا يتفحصوني وشكلهم ما استبشروا خير حسبوني من ربعهم، بس شافوا شخص ثاني ما راق لهم. تركتهم وطلعت بعد ما لبست بالطو هتلر واتجهات لأخر الشارع لأتنفس الصعداء، تونا في أغسطس، الجو عليل والناس حلوة ومحلات القهوة في كوينز واي على الرصيف فيها ناس كلاس أوربيين وقليل من العرب، لأنه في تلك الأيام ما كان كل العرب يجون زي الحين. تقدمت لأخر الشارع حتى وصلت لحديقة كنزجنستون التي تقع في الطرف الآخر من الشارع، وهي الحديقة التي تعتبر امتداد للهايدبارك من ناحية الغرب وتسكن فيها الليدي ديانا، وتشارلز ولي العهد البريطاني. يعني صرت جار الليدي ديانا بعد ما كنت جار عبد الله بن غرم الله بن يعن الله وأولاده في السعودية. دخلت الحديقة ولأول مرة في حياتي أرى خضرة منقطعة النظير وأشجار باسقة وحمام ما يهرب لما أقرب منه، وبحيرة يسبح بها البط والوز، ولم أجد أثر للنخيل الموجود في شارع أبو مية في الدمام، الي يصبون عليه ماء مالح ليل نهار ولسنوات وطولها ما تعدى مترين ولونها مشهب ومغبر. أنا أول مرة أطلع برا السعودية، وحسيت اني بحلم ودي ما ينقطع ابد.

رجعت لشارع الكوينز واي وجلست على قهوة عربية في نفس الشارع جنب مكتبة رمضان وجلست وكان جواري واحد سوداني، سلم علي وقالي انت عربي قلت نعم وقعدنا نسولف وكان يشرب بيرة، قلت له بلقافة ليه تشرب خمر ، قال هذا مهو خمر، هذا بيرة، قلت له كلها حرام، قال حتى بعض السعوديين يشربون اش معنى بتنصحني انا، رديت له بكل براءة، يا أخي أنا كل السودانيين إلي شفتهم بحياتي كانوا دايم أول ناس في المسجد، بس اول مرة اشوف سوداني يشرب خمر. أنا قلت الكلمة هذي وشكل السوداني انضرب بشحنة 200 ألف فولط تغير وجه وبكى المسكين، قال يا أخي والله أنا في قلبي مسجد ومئذنه بس ظروف هروبي من السودان خلتني اصير كذا...وطلب الحساب وغادر بسرعة لا يلوي على شي ،،، وطلبت كيكه وكافي كني ما سويت شي وقعدت أفكر....وقلت لنفسي شكلي أنفع أصير مصلح اجتماعي ليش لا،،،،،بس إلا شلة الجزائريين مستحيل اعطيهم وجه، أنا ما صدقت افتكيت من الي عندنا في السعودية ألقاهم عندي هنا في لندن، شكلها التجربة الوعظية طاحت في راس السوداني،،،،هاهااهاها
اضافة رد مع اقتباس