الموضوع: خواطر مُسافر ...
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 07/12/2009, 04:06 PM
A.K.N 505 A.K.N 505 غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/07/2004
المكان: أرض الله الواسعة !
مشاركات: 2,160

تحرّكت الطائرة و استنفر مضيفوا الطائرة يطلبون من الناس أخذ مقاعدهم و ربط أحزمتهم
استعداداً للإقلاع , و بدأت في الإسراع شيئاً فشيئاً إلى أن حانت ساعة الصفر !
الساعة التي تُفارق فيها عجلات الطائرة دنس الأرض و ضيقها إلى أفق السماء و سعتها ...

كان مشهد الإقلاع مُثيراً و مُعبراً في نفس الوقت , و قلت في نفسي كل إنسانٍ يسعى
للمعالي و السموّ بمنزلته في الدنيا و الآخرة عليه أن يفعل مثلما تفعل هذه الطائرة إذا أرادت الطيران ,
فهي تقوم بالتحرك على المدرّج بسرعة كبيرة و بخط مستقيم لا يثنيها عزم ضعيف و لا همّة واهنة حتّى تبلغ الهدف المنشود فإذا وصلته امتلكت القدرة على الطيران ...
نعم ,على المرء أن يجدّ و يجتهد و يعمل بلا كلل أو تعب غير ملتفتٍ لكلامِ حاسِديه و مُبغضيه
عندها سيصل لمُبتغاه بعون الله .


كلمّا ارتفعت الطائرة إلى الأعلى , صغُرت المباني و البيوت في الأعين حتّى اختفت عن الأنظار و استوت
الطائرة في الجوّ لا يُمسكها أن تقع إلا الله , و جالت في عقلي بعض الخواطر و التخيلات لتي أكاد أجزم
أنها لو عُرضت على شاشات الطائرة للناس لقذفوا بي من باب الطائرة على الفور !

ثمّ أدرت رأسي تلقاء النافذة فرأيت منظر السحاب المركوم من الأعلى كالجبال السابحة في السماء جميلاً و مُبهجاً للنفس فهو يجتمع بعضه فوق بعض
و كأن السماء قد فُرشت ببساطٍ من القطن الأبيض مُذهبّاً بخيوط من أشعةِ الشمس , فهو يُنبئك بقدرة من صنعه و يسّره , فأخرجت الجوّال و التقطت الصورتين المتواجدتين تحت هذا السطر ..





تذكرت و أنا أشاهد هذه السحُب آية في كتاب الله كثيراً ما تمرُ على الأسماع ,
تصف هذا المنظر بكلماتٍ موجزة و بلاغة ٍ لا مثيل لها ..

يقول الحق تبارك وتعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِاْلأَبْصَارِ﴾ [النور: 43]

فسبحان من أزجى هذه السحُب ثمّ ألف بينها فأنزلَ منها برحمَته المطرَ للناس .
و إنّي لأعجب و الله ممن يرى آياتِ الله ماثلةً أمام عينيه في الأرضِ و السماوات ثمّ يَجْحدُ بها و يَستكبر !
و ما الإنسان و عقله و علمه في جنب الله عز و جلّ حتّى يجعله يتجرأ على الله
و يقول أنا ربكم الأعلى ! _ تعالى الله عن ذلك _


و لأن كل شيء في هذه الدنيا مهما بلغ من العِظم مردّه إلى الضعف و العدم , كان من الطبيعي
أن تهبط الطائرة إلى الأرض كرةً أخرى , فما طارت طائرةٌ وارتفعت إلا كما طارت هبطت !
و هذا شأن الإنسان في هذه الدنيا .. ضعف ثم قوة ثم ضعف و شيبة , كالصاعدِ على الجبل فإذا بلغ منه
الذروة انحدر من الجهة الأخرى . نفرح بكل يوم نقطعه و لكن نجهل أو نتجاهل أن عمرنا نقص بمقدارِ ذلك اليوم الذي فرحنا لبلوغه !

و بعد ,كانت هذه بضع مشاهدات و خواطر خطرت على عقل مسافر و أراد أن يشاركه بها إخوانه و إلا فالمشاهد كثيرة منها ما تُثير عاطفة في القلب أو تُمتع عين بمنظر جميل أو تُحرّك كوامن النفس ..
و أسأل الله لي و لكم حسن الختام .


تمّت ..

+

اخر تعديل كان بواسطة » A.K.N 505 في يوم » 07/12/2009 عند الساعة » 04:43 PM
اضافة رد مع اقتباس