الموضوع: خواطر مُسافر ...
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #2  
قديم 07/12/2009, 04:04 PM
A.K.N 505 A.K.N 505 غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/07/2004
المكان: أرض الله الواسعة !
مشاركات: 2,160
رجعت إلى البوابة فموعد الرحلة لم يبقَ عليه إلا القليل , و وقفت انظر من خلف الزجاج إلى الطائرة التي ستُقلنا و أطلقت العنان لعقلي
و قلت لو أن رجلاً من القرون الوسطى _ و لو هنا تُفيدالخيال_ كان نائما
ً في كهف ما ثمّ بُعث في زمننا ثمّ رجع إلى لقومه و حدّثهم بأن بساط الريح الذي كان من أساطير
ألف ليلة و ليلة أصبح حقيقة و أن بإمكان المرء أن يطير من بغداد إلى دمشق خلال ساعات و أنه بإمكان المرء أيضاً أن يرى و يتكلّم مع أخيه في حلب
بينما هو ذاهبٌ في تجارة إلى خراسان ! تُرى ماذا كانوا سيقولون له ؟!
أكاد أجزم أن ردة فعلهم لن تكون إلا التكذيب و الاتهام بالجنون و سيقولون لا محالة أن في عقله لوثه !

و هكذا يتغيّر الحال من زمنٍ لآخر فالشيء المستحيل حدوثه قديماً قد يحدث الآن
و الأمر الذي لا نتوقع حدوثه اليوم قد يراه أبناؤنا و أحفادُنا غداً في ظلِ هذه الثورة التقنية الكبيرة ..

و صدق أحمد شوقي أميرُ الشعراء عندما قال في قصيدة يصف بها الطائرة
يقول في مطلعِها أنها لو ظهرت في الأزمان الماضية لظنّها الناس إحدى المعجزات و فيها يقول :

مركبٌ لو سلفَ الدّهرُ بِه * * * * * كان إحدى مُعجزاتِ القُدماء
نصفُه طيرٌ و نصفٌ بشر * * * * * يا لها إحدى أعَاجِيب القضاء
رائعٌ مرتفعــاً أو واقِــفــاً * * * * * أنفس الشجعانِ قبل الجُبناء
حملَ الفولاذَ ريشاً و جرَى * * * * * في عنائين له : نار و ماء
و جناحٍ غـير ذي قـادمـة ٍ * * * * * كجناجِ النّحل مصقولٍ سواء
يتراءى كــوكـباً ذا ذنبٍ * * * * * فإذا جدّ فسهماً ذا مِـضاء
فإذا جازَ الثـُريّا للثـرَى * * * * * جرّ كالطاووسِِ ذيلَ الخُيلاء
يملأُ الآفاقَ صوتاً و صدى * * * * * كعزيف الجن في الأرضِ العرَاء
أرسلته الأرضُ عنها خبراً * * * * * طنّ في آذانِ سُكانِ السماء


و بعد بُرهة من الزمن , تم النداء المُتعارف عليه :
أنّ على الركاب المسافرين على الرحلة رقم .... و المتجه إلى ..... إلخ و تنفست الصُعداء على عدم تأجيل الرحلة أو تأخيرها عن موعدها المُحدّد كما جرت العادة خصوصاً في هذه الأجواء الممطرة !
صعدت الطائرة و كُلّي أمل بأن يرزقني الله برفيقٍ يجلس بجنب مقعدي أُفيده و يُفيدني و نقطع سوياً مسافة السفر و ألاّ يكون ثقيلاً فظّاً لأن هذا من وعثاء السفر _ و العياذ بالله _ !
و إن لم أجدْ فأي كتاب قد يسُدّ هذا الفراغ .

تأخّر موعد الإقلاع عن الموعد بربع ساعة لأنهم يتعاملون كما أعلم بـ ( المواعيد العربية !! )
لكن , لا يهم ما دام أننا سنُقلع على أية حال ..
أشارت علامة ربط أحزمة الأمان , و تُلي علينا دعاء السفر...


( الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر ... سبحان الذي سخّر لنا هذا و ما كنا له مقرنين
و إنّا إلى ربنا لمنقلبون . اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ و التقوى و من العمل ما ترضى , اللهم هوّن
علينا سفرنا هذا و اطوِ عنا بُعده , اللهم أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل , اللهمّ إنّا نعوذ بِك من
وعثاءِ السفر و كآبة المنظر و سوء المنقلب ِ في المالِ و الأهل
)


لا أدري لماذا شعرت بمعنى مغاير و أنا أقرأ هذا الدعاء كلمةً بعد أخرى .
كثيرٌ من الناس يقرأ هذا الدعاء و لكن قليلٌ منا من يستشعره بكل معانيه . فلولا الله سُبحانه لمَا سُخّرت لنا الدواب و السيّارات لتمشي على الأرض
و الطائرات لتُحلّق في الأجواء و السُفن و البواخر لتمخر عباب البحر , و إذا علمنا ذلك فلن يكون سفرنا إلا في برّ و تقوى و عملٍ صالح لأن الله سُبحانه صاحبٌ لنا في سفرنا و إقامتنا و هو حافظنا و أهلنا من كلِ شرّ .


يتبع ...
اضافة رد مع اقتباس