مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 09/09/2009, 05:45 PM
ابو كااااب ابو كااااب غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 18/07/2009
مشاركات: 1,188
جيل لن يتكرر ؟؟؟

أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من
البادية فأوقفوه أمامه ‏قال عمر: ما هذا ‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا
‏قال: أقتلت أباهم ؟ ‏قال: نعم قتلته ! ‏قال : كيف قتلتَه ؟ ‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته
، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً ، وقع على رأسه فمات...
‏قال عمر : القصاص ...



قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة
شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟ ‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا
‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ، ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ...

‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة
، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك ‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،
والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا


قال عمر : من يكفلك أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟ ‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا
يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ، فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست
على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ،ولا على ناقة ، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ...
‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن
أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه ‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل
هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاًهناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ، فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس
ونكّس عمر ‏رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟

‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين.. ‏قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!

‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده ، وصدقه ،وقال: ‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله

‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولوكان قاتلا! ‏قال: أتعرفه ؟ ‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله ؟
‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاء‏الله

‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!
‏قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ... ‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه،
ويُودع ‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل .....


‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمرالموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصر‏نادى ‏في المدينة :
الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر ‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين
الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين! ‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ،
وكأنها تمر سريعة على غير عادتها ، وسكت‏الصحابة واجمين ، عليهم من التأثر
مالا يعلمه إلا الله.

صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر ، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد
‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب
بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا
تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...
‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمون‏معه

‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لوبقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !!

‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا
يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..

وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس

فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟

فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس

‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟

‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..
وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !


‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته .... ‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان
على عفوكما ، وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ ‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته
، وجزاك الله خيراً أيها الرجل ‏لصدقك ووفائك ..

‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....

‏قال أحد المحدثين :
والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.


‏وجزاكم الله الأجر والمثوبة أحبتي الكرام
اضافة رد مع اقتباس