مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 11/06/2009, 12:53 AM
وقت الغروب وقت الغروب غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
اخترت لكـــــــم 1

المبحث الخامس: أنواع الرقى


أ – أنواع الرقى من جهة دواعي قراءتها:


أولًا: تُقرأ الرقية لدفع البلاء قبل وقوعه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: إنَّ أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) [رواه البخاري، (3371)].


وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء) [رواه الترمذي، (3716)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (3388)].


وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) [متفق عليه، رواه البخاري، (5009)، ومسلم، (1916)].


وتقدم حديث مسلم عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمن نزل منزلًا أن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) [سبق تخريجه].


ثانيًا: تُقرأ الرقية لرفع البلاء بعد وقوعه: قد تقدم ذكر طائفة من الأحاديث المرفوعة الصحيحة في هذا المعنى عن عائشة رضي الله عنها في رقية جبريل النبيَّ صلى الله عليه وسلم في مرضه وشكواه، وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه في وضع اليد على موضع الألم من الجسد ثم القراءة ونحوها؛ مما يستدل به من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ورقيته لنفسه، ورقيته صلى الله عليه وسلم لغيره، ورقية غيره له صلى الله عليه وسلم، وترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ووصيته لمن وجد ألمًا أو نزل به بلاء [راجع ما تم ذكره في موضع مشروعية الرقية].


ب – أنواع الرقى من جهة ما يُقرأ به:


أولًا ـ الرقية بالقرآن الكريم:


ثبت فيما تقدم ذكره قراءة سورة "الفاتحة"، كما في حديث النفر الذين انطلقوا في سفرة، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم للراقي قراءة سورة "الفاتحة" وإنها رقية.


وثبت كذلك أن سورة "البقرة" رقية نافعة كما في حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ... اقرءوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلةُ) [رواه مسلم، (1910)].


وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة) [رواه مسلم، (1860)].


وثبت كذلك أن قراءة "آية الكرسي" من الرقى النافعة بإذن الله تعالى، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين كان يحرس الصدقة، وجاءه شيطان في صورة رجل يسرق الطعام ...، فقال الشيطان لأبي هريرة: (إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي [الله لا إله إلا هو الحي القيوم] حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح) [رواه البخاري، (3275)]، وفيه إقرار النبي أنها رقية.


وثبت كذلك أن قراءةَ "المعوذات" من الرقى النافعة، وقد تقدم ذكرُ النصوص الدالة على ذلك من قول النبي وفعله، ومن فعل غيره له [راجع ما ورد من نصوص في مشروعية الرقية].


ثانيًا: الرقية بالأدعية والأذكار:


وقد ثبت ذلك كما في أحاديث وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره ووصيته لأصحابه وقد تقدم ذكر طائفة لا بأس بها منها [راجع ما ورد من نصوص في مشروعية الرقية].


د - حكم رقى الجاهلية وأهل الكتاب:


ذكر الإمام ابن حجر رحمه الله أن الربيع قال: (سألت الشافعي عن الرقية؟ فقال: لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يُعرف من ذكر الله، قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال: نعم، إذا رقوا بما يُعرف من كتاب الله وبذكر الله).


ثم قال الحافظ: (وفي الموطَّأ أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقي عائشة: ارقيها بكتاب الله) [تقدم تخريج أثر أبي بكر].


وقال الحافظ أيضًا: (وقال المازري: اختُلف في استرقاء أهل الكتاب، فأجازها قومٌ، وكرهها مالك؛ لئلا يكون مما بدلوه، وأجاب من أجاز؛ بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه [كذا في سائر طبعات الفتح، ولعل الصواب: (يبدلوه)، يؤكده السياق، والله أعلم]، وهو كالطب، سواء أكان غير الحاذق لا يحسن أن يقول [لعل هذا المقطع: (وهو كالطب ... لا يحسن أن يقول)؛ فيه شيء من السقط، والله أعلم]، والحاذق يأنف أن يبدِّل؛ حرصًا على استمرار وصفه بالحذق؛ لترويج صناعته، والحق أنه يختلف باختلاف الأشخاص الأحوال) [فتح الباري، ابن حجر، (10/197)].


ويقول الدكتور علي بن نفيع العلياني: (وفي قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (ارقيها بكتاب الله)؛ يعني: ارقيها بكتاب الله بما في التوراة، وفي هذا دلالة على أن اليهود إنما يغيرون الأحكام والعقائد، وأما الرقى؛ فإنهم لم يغيروها حفاظًا على فائدتها؛ فإنها إذا غُيرت لا تنفع، هذا الذي يظهرُ، والله أعلم، وإلا؛ لو كانت "الرقية" مما دخله التحريف؛ لما أمنها أبو بكر الصديق على الرقية) [انظر: الرقى على ضوء عقيدة أهل السنَّة والجماعة، علي بن نفيع العلياني، ص(8)].
اضافة رد مع اقتباس