مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #8  
قديم 06/03/2004, 11:30 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
أحكام السواك د. عبدالله بن معتق السهلي

أستاذ مشارك بكلية الشريعة ، بالجامعة الإسلامية - بالمدينة المنورة


ملخص البحث
السواك استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه وله فوائد دينية وصحية وهو خصلة من خصال الفطرة واظب عليه النبي r ورغب فيه ويتأكد استعمال السواك عند الوضوء وعند الصلاة وعند القيام من النوم وعند دخول المنزل وعند تغير الفم واصفرار الأسنان ، وهو سنة في كل وقت وعلى كل حال حتى للصائم قبل الزوال وبعده لعموم النصوص الواردة في الحث عليه من غير تخصيص وقت دون آخر ، ويجوز أيضاً بحضرة الناس وفي المساجد لأنه r فعله ولم يختف به ، وأفضل آلة السواك الأراك لما فيه من طيب وريح وتشعير يخرج بقايا الأطعمة ونحوها وينقي ما بين الأسنان ، شهد لذلك علماء الطب بعد أن أجروا عليه بحوثاً أثبتت ذلك ، واستعمال الفرشاة والمعجون من السواك ، وهو يقوم مقام السواك في التنظيف وإزالة الرائحة والبخر ، وكيفية الاستياك أن يمر السواك عرضاً في ظاهر الأسنان وباطنها ، ويمره أيضاً على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه ، ويجوز استعمال السواك الواحد لأكثر من شخص ويستحب غسل السواك قبل استعماله وكذلك عند الانتهاء منه .

ويكره جلاء الأسنان أو بردها بالحديد لأنه يضعف الأسنان ويفضي إلى انكسارها ويؤدي إلى تراكم الصفرة عليها .

^^^^^^

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }([1]) .

{ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}([2]) .

{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}([3]) .

أما بعـــــد : فإن الله تبارك وتعالى قد بين في كتابه الكريم وبين رسوله في سنته القواعد الصحيحة التي يجب على المسلم أن يسير عليها فقال تعــالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب}([4]) .

وقال r : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني )([5]) .

وإن من سنته r التي أمر بها وحض عليها السواك فقد بين r أنه من خصال الفطرة وأنه مطهرة للفم مرضاة للرب وهو من الطهارة الظاهرة والمسلم كما هو مأمور بالطهارة الباطنة وهى تطهير القلب وإخلاص العبادة لله مأمور بالطهارة الظاهرة وهى النظافة ودفع الأوساخ والأقذار ومن ذلك السواك فأحببت أن أفرد هذه الخصلة ببحث مستقل أبين فيه فضله وأحكامه لعل الله أن ينفع به .



خطــة البحــث :

قسمت البحث إلى مقدمة ، وعشرة مباحث وخاتمة .

المقدمـــة : ذكرت فيها الافتتاحية ، وخطة البحث ومنهجه .

المبحث الأول : في تعريف السواك لغةً واصطلاحاً .

المبحث الثـاني : في مشروعية السواك وفضله .

المبحث الثالث : في أن السواك خصلة من خصال الفطرة .

المبحث الرابـع : في حكم السواك .

المبحث الخامس : في أوقات تأكد السواك .

المبحث السادس : في حكم السواك للصائم .

المبحث الســابع : في الاستياك أمام الناس .

المبحث الثـــامن : في آلة السواك .

المبحث التاســع : في صفة الاستياك .

المبحث العاشـر : في فوائد السواك .

الخــاتـمة : في أهم نتائج البحث .



منهـج البحــث :

سرت في إعداد هذا البحث على المنهج التالي :

1- جمعت المادة العلمية المتعلقة بالسواك .

2- درست المسائل الواردة في البحث دراسة موازنة ، وحرصت على بيان المذاهب الأربعة في كل مسألة ، وقد أذكر في المسألة أقوال بعض الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء كما أنني ذكرت قول الظاهرية في بعض المسائل مراعياً في ذلك الترتيب الزمني بين الفقهاء .

3- حرصاً مني على إخراج المسائل بأسلوب مبسط، يسهل معه معرفة الحكم في المسألة، صدرتها بالإجماع إن كانت من المسائل المجمع عليها ، كما أنني إن رأيت الخلاف ليس قوياً في المسألة صدرت المسألة بقول أكثر أهل العلم وبعد ذلك أشير إلى القول المخالف ثم أذكر أدلة كل قول وما قد يرد عليه من نقاش إن وجد ثم الراجح في المسألة وقد أؤخر المناقشة مع الترجيح .

4- حرصت على نقل كل قول للفقهاء من مصادره الأصلية .

5- ذكرت أرقام الآيات القرآنية الواردة في البحث مع بيان أسماء سورها .

6- خرجت الأحاديث الواردة في البحث مبيناً الكتاب والباب والجزء والصفحة ، فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما ، وإن لم يكن فيهما أو في أحدهما اجتهدت في تخريجه من كتب السنة الأخرى مع ذكر درجة الحديث صحة أو ضعفاً معتمداً على الكتب التي تهتم بذلك .

7- بينت معاني الكلمات التي تحتاج إلى بيان .

8- لم أترجم للأعلام الواردة في البحث خشية الإطالة .

9- وضعت فهرساً للمصادر وآخر للموضوعات .



المبحث الأول : في تعريف السواك لغـةً واصطلاحـاً :

تعريف السواك في اللغة : السِواك : بكسر السين ، ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك ، وعلى الآلة التي يستاك بها ، ويقال في الآلة أيضاً مِسواك بكسر الميم ، يقال ساك فاه يسوكه سوكاً ، فإن قلت : استاك لم تذكر الفم .

والسواك مذكر نقله الأزهري عن العرب قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله إنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر لغتان . قالوا : وجمعه سُوُك بضم السين والواو ككتاب وكُتُب ويخفف بإسكان الواو وربما همز فقيل سؤاك .

والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه .

وقيل إنه مشتق من التساوك يعني التمايل يقال جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل في مشيتها .

والصحيح : أنه من ساك إذا دلك ([6]) .

السواك في اصطلاح الفقهاء : يطلق السواك على الفعل وهو الاستياك وعلى الآلة التي يستاك بها .

وقد عرف الفقهاء السواك بتعريفات متقاربة :

فعرفه الحنفية : أنه اسم لخشبة معينة للاستياك ([7]) .

وعرفه المالكية : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لاذهاب الصفرة والريح ([8]) .

وعرفه الشافعية والحنابلة : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لاذهاب التغير ونحوه([9]).

وأشمل هذه التعاريف : تعريف الشافعية والحنابلة فهو أعم من تعريف الحنفية الذين قصروه على كونه اسماً للخشب الذي يستاك به، وتعريف المالكية الذين حصروا استعماله على اذهاب الصفرة والريح .



المبحث الثاني : في مشروعية السواك وفضله :

الأصل في مشروعية السواك وفضله نصوص كثيرة من السنة منها :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (لولا أن أشق على أمتي
- أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)([10]) وفي رواية( عند كل وضوء)([11]) .

2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r (كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)([12]) .

3- حديث حذيفة رضي الله عنه قال : كان النبي r (إذا قام من الليل يشوص([13]) فاه بالسواك)([14]) .

4- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات عند النبي r ذات ليلة ، فقام نبي الله r من آخر الليل ، فخرج فنظر في السماء ، ثم تلا الآية في آل عمران : { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} حتى بلغ { فقنا عذاب النار}([15]) ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ ، ثم اضطجع ، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية ، ثم رجع فتسوك فتوضأ ، ثم قام فصلى([16]) .

5- حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( أكثرت عليكم في السواك)([17]) .

6- حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول : إن من نعم الله عليَّ أن رسول الله r توفى في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته : دخل عليَّ عبد الرحمن وبيده السواك ، وأنا مسندة رسول الله r ، فرأيته ينظر إليه ، وعرفت أنه يحب السواك ، فقلت : آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم ، فتناولته فأشتد عليه ، وقلت : ألِّينه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم ، فلينته فأمرَّه([18])…)([19]) الحديث .

7- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي r (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)([20]).

فهذه الأحاديث وغيرها تدل على مشروعية السواك وفضله ولو لم يرد في السواك إلا أنه مرضاة للرب لكفى إذ المسلم مأمور بفعل ما يرضي ربـــــه .



المبحث الثالث : في أن السواك خصلة من خصال الفطرة :

دل على أن السواك خصلة([21]) من خصال الفطرة([22]) أحاديث منها :

1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r : (عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم([23]) ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء)([24]) .

قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة([25]) .

2- حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال : (من الفطرة : المضمضة ، والإستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ، والإستحداد([26]) ، وغسل البراجم ، والإنتضاح([27])، والاختتان)([28]) .

3- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن . . .} الآية([29]) . ابتلاه الله بالطهـارة : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، في الرأس قص الشارب ، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك ، وفرق الرأس ، وفي الجسد : تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائط والبول بالماء([30]) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كلامه على الفطرة في هذه الأحاديث : المراد أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهُم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة ([31]) .

وقال ابن القيم رحمه الله الفطرة : فطرتان : فطره تتعلق بالقلب وهى معرفة الله ومحبته وإيثاره على ماسواه . وفطرة عملية هى هذه الخصال .

فالأولى : تزكي الروح ، وتطهر القلب .

والثانية : تطهر البدن . وكل منهما تمد الأخرى وتقويها ([32]) .

وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله : إن الله جعل شرائع الفطرة على نوعين :

أحدهما يطهر القلب والروح ، وهو الإيمان بالله وتوابعه : من خوفـه ورجائه ، ومحبته والإنابة إليه ، قال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الديـن القيم ، ولكن أكثر الناس لايعلمون ، منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}([33]) فهذه تزكي النفس ، وتطهر القلب وتنميه ، وتذهب عنه الآفات الرذيلة ، وتحليه بالأخلاق الجميلة، وهى كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب .

والثاني : مايعود إلى تطهير الظاهر ونظافته ، ودفع الأوساخ والأقذار عنه ، وهى هذه العشرة ، وهى من محاسن الدين الإسلامي ، إذ هى كلها تنظيف للأعضاء ، وتكميل لها ، لتتم صحتها وتكون مستعدة لكل مايراد منها ([34]) .



المبحث الرابع : في حكــــم الســــواك :

أكثر أهل العلم يرون أن السواك سنة وليس بواجب([35]) .

وذهب داود إلى أن السواك واجب لكن لا تبطل الصلاة بتركه([36]) .

وقال إسحاق بن راهويه : السواك واجب فإن تركه عامداً بطلت صلاته ، وإن تركه ناسياً لم تبطل([37]) .

استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (( لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ))([38]) .

وجه الدلالة من الحديث من وجهين :

الوجه الأول : ماذكره الإمام الشافعي أنه لو كان واجباً لأمرهم به شق أو لم يشق([39]) .

الوجه الثاني : أن في قوله (( لأمرتهم )) دليل على أنه لم يأمرهم به([40]) .

2- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r : (( عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء )) قال زكرياء : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة([41]) .

وجه الدلالة من الحديث :

أن الرسول r وصف السواك بأنه من الفطرة ، والفطرة من معانيها السنة فيكون السواك مسنوناً لا واجباً([42]) .

3- ولأن السواك من النظافة وهي مندوب إليها([43]) .

واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)([44]) .

وجه الدلالة من الحديث : أن الأمر على حقيقته وهو الوجوب([45]) .

2- حديث أبي أمامة r أن رسول الله r قال : (تسوكوا؛ فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب… . .)([46]) .

وجه الدلالة من الحديث : أن الأمر فيه للوجوب([47]) .

3- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ش (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)([48]).

وجه الدلالة من الحديث أن في ترك السواك إغضاباً للرب تبارك وتعالى أخذاً بمفهوم المخالفة ولا يكون ذلك إلا بترك ما أمر به على سبيل القطع والوجوب ، وإلا لما كان غضب الله على ترك تلك السنة .

4- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش (كان لا يرقد ليلاً ولا نهاراً فيتيقظ إلا تسوك)([49]) .

وجه الدلالة من الحديث أن فعل الرسول ش للسواك وعدم تركه والمبالغة فيه يدل على الوجوب .

وقد نوقشت هذه الأدلة بما يأتي :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق . . .) أجيب عنه بما ذكره الحافظ ابن حجر في الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به([50]) .

وما سبق من قول الشافعي أن الحديث فيه دليل على أن السواك لـــيس بواجب لأنه لو كان واجباً لأمرهم به شق عليهم أو لم يشق([51]) .

قلت : ففي ذلك دلالة صريحة على أنه لم يأمرهم به .

2- حديث أبي أمامة ضعيف كما تقدم في تخريجه .

3- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش قال : (السواك مطهرة للفم . . . أجيب عنه بأنه استدلال بالمفهوم يعارضه الاستدلال بالمنطوق في قوله ش (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم . . .) ومعلوم عند الأصوليين أن الاستدلال بالمنطوق مقدم على الاستدلال بالمفهوم([52]) .

4- حديث عائشة رضي الله عنها كان النبي ش (لا يرقد ليلاً ولا نهاراً . . .) أجيب عن الاستدلال به ، بأنه حديث ضعيف ضعفه الحافظ ابن حجر([53]) .

والراجح أن السواك سنة مؤكدة وليس بواجب لحث النبي ش ومواظبته عليه وترغيبه فيه وتسميته من خصال الفطرة .



المبحث الخامس : في أوقات تأكد السواك :

تبين فيما سبق في المبحث الرابع أن السواك سنة مؤكدة حث النبي ش عليها بقوله وفعله وواظب عليها .

وفي هذا المبحث أبين الأوقات التي يتأكد فيها استحبابه :

اتفقت مصادر الفقهاء على تأكد استحباب السواك في حالات وانفرد بعضهم بذكر حالات لم يذكرها غيرهم وسأذكر أوقات تأكده عند كل أهل مذهب ومنها تتبين الأوقات التي اتفقوا على تأكد استحبابه فيها .

يتأكد استحباب السواك عند الحنفية في الأحوال الآتية :

عند الوضوء ، وعند القيام للصلاة ، وعند قراءة القرآن ، وعند القيام من النوم ، وأول مايدخل البيت وعند اجتماع الناس وعند تغير الفم وعند اصفرار الأسنان ([54]) .

ويتأكد استحبابه عند المالكية في الأحوال الآتية :

عند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند قراءة القرآن ، وعند الإنتباه من النوم ، وعند تغير الفم ، وعند طول السكوت ، وعند كثرة الكلام ، وعند أكل مافيه رائحة([55]) .

ويتأكد استحبابه عند الشافعية في الأحوال التالية :

عند الوضوء ، وعند القيام للصلاة ، وعند قراءة القرآن أو الحديث أو العلم الشرعي ، أو ذكر الله تعالى ، وعند القيام من النوم ، وعند تغير الفم ، ويتغير بنوم أو أكل أو جوع أو سكوت طويل أو كلام كثير أو نحو ذلك عند الاحتضار ، وفي السحر ، وعند الأكل ، وبعد الوتر ([56]) .

ويتأكد استحبابه عند الحنابلة في الأحوال الآتية :

عند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند دخول المسجد ، وعند قراءة القرآن ، وعند الانتباه من النوم ، وعند الغسل ، وعند دخول البيت، وعند إطالة السكوت ، وعند صفرة الأسنان ، وعند خلو المعدة من الطعام([57]) .

ومما تقدم يتبين أن الفقهاء متفقون على تأكد استحباب السواك في الحالات التالية :

1- عند الوضوء . لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ش : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)([58]) .

2- عند القيام للصلاة . لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)([59]) .

3- عند القيام من النوم . لحديث حذيفة رضي الله عنه قال : (كان النبي ش إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)([60]) .

4- عند دخول المنزل . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي ش كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)([61]) .

5- عند تغير الفم واصفرار الأسنان . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي ش قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)([62]) .



المبحث السادس : في حكم السواك للصائم :

لا خلاف بين الفقهاء في جواز السواك للصائم قبل الزوال([63]) .

واختلفوا في حكمه بعد الزوال على قولين :

القول الأول : أن السواك جائز مطلقاً في أول النهار وآخره ، وهو مروي عن عمر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم والنخعي وابن سيرين وعروة([64]) وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية([65]) واختيار النووي([66]) وشيخ الإسلام ابن تيمية([67]) وابن القيم([68]) والشوكاني([69]) .

القول الثاني : أن السواك يكره للصائم بعد الزوال وهو مروي عن عطاء ومجاهد وإسحاق وأبي ثور([70]) وهو قول الشافعي وأحمــــد في المشهور من المذهب([71]) .

استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :

بعموم الأحاديث الواردة في السواك فإنها مطلقة لم تقيده بوقت دون وقت، ومن ذلك:

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)([72]) .

وجه الدلالة من الحديث : أنه يدخل في عمومه كل صلاة ، صلاة الظهر والعصر والمغرب للصائم والمفطر([73]) .

2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش (إذا دخل بيته بدأ بالسواك)([74]) .

وجه الدلالة من الحديث أنه عام في أي وقت دخل سواء كان صائماً أو غير صائم قبل الزوال أو بعد الزوال وعلى كل حال ([75]).

3- وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش قال : (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)([76]) .

وجه الدلالة من الحديث أن فيه حثاً على السواك دون تقييد بزمن معين ويدخل فيه وقت مابعد الزوال .

4- حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله ش (مالا أحصى يتسوك وهو صائم)([77]) .

5- ماروى عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم ، قلت : أي النهار ؟ قال : غدوة أو عشية ، قلت : إن الناس يكرهونه عشية ، ويقولون : إن رسول الله ش قال : (( لخلوف([78]) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ))، قال : سبحان الله لقد أمرهم رسول الله ش بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لابد أن يكون بفم الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً ، مافي ذلك من الخير شيء بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بداً ([79]) .

استدل أصحاب القول الثاني بالأدلة التالية :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ش :( . . .والذي نفسي بيده لخلَوفَ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسـك)([80]) .

وجه الدلالة من الحديث : أن النبي ش قد بين أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، والسواك يقطع ذلك فوجب أن يكره([81]) .

2- حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه أن النبي ش قال : (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامه)([82]) .

3- ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد([83]) .

وقد أجاب أصحاب القول الثاني عن أدلة أصحاب القول الأول :

بأنها عامة مخصوصة والمراد بها غير الصائم آخر النهار([84]) .

وأجاب أصحاب القول الأول عن أدلة أصحاب القول الثاني بمايأتي :

1- إدعاء أن السواك يقطع خلوف فم الصائم رد عليه ابن القيم من ستة أوجه :

أ- أن المضمضة أبلغ من السواك في قطع خلوف الفم ، وقد أجمع على مشروعيتها للصائم .

ب- أن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم .

ج- أن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم .

د- أن السواك لا يمنع طيب الخلوف الذي يزيله السواك عند الله يوم القيامة .

هـ- أن الخلوف لا يزول بالسواك لأن سببه قائم وهو خلو المعدة من الطعام .

و- أن النبي ش علم أمته مايستحب ومايكره لهم في الصيام ، ولم يجعل السواك من المكروه ([85]) .

2- حديث خباب ابن الأرت رضي الله عنه حديث ضعيف كما تبين في تخريجه لا يحتج به .

3- قولهم إنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد .

أجيب عنه : بأن أثر العبادة اللائق به الإخفاء بخلاف الشهيد ، فإن غرض الشارع من بقاء دم الشهيد ليشهد له على خصمه يوم القيامة ، وأيضاً فإن دم الشهيد قد جاء النص بعدم إزالته حيث أنه يبعث علــــى ماقتل عليه اللون لون الدم والريح ريح مسك بخلاف إزالة رائحة الفم فإنه لم ينص على عدم إزالة أثره ([86]) .

والراجح : جواز استعمال السواك للصائم في كل وقت حتى بعد الزوال لعموم النصوص الواردة في الحث عليه من غير تخصيص وقت دون آخر .

قال ابن القيم رحمه الله ولا صح عنه ش أنه نهى الصائم عن السواك أول النهار وآخره بل قد روى خلافه([87]) .

وأفتى بهذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ورجحه([88]) .

ورجحه فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله([89]) .



المبحث السابع : في الاستياك أمام الناس :

اختلف الفقهاء في حكم الاستياك أمام الناس على قولين :

القول الأول : أن السواك سنة على كل حال وخاصة عند الصلاة في المساجد وبحضرة الناس وهو قول جمهور الفقهاء ([90]) .

القول الثاني : عدم الاستياك في المساجد وأمام الناس وبه قال المالكية([91]) .

استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :

1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)([92]) .

وجه الدلالة من الحديث : أن في الحديث دلالة على أن السواك سنة على كل حال وخاصة عند الصلاة وبما أن الصلوات المفروضة تقام في المساجد جماعة فإن السواك بحضرة الناس وفي المساجد من السنن المندوبه إذ المسلم مأمور في كل حال من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن يكون في حالة كمال ونظافة إظهاراً لشرف العبادة ([93]) .

2- حديث أبي بردة ، عن أبيه قال : (أتيت النبي ش فوجدته يستن([94]) بسواك بيده يقول أُعْ أُعْ([95]) والسواك في فيه كأنه يتهوع)([96]) .

وجه الدلالة من الحديث أنه يدل على تأكيد السواك وأنه لايختص بالأسنان ، وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات لكونه ش لم يختف به ولهذا بوبوا لهذا الحديث باب استياك الإمام بحضرة رعيته([97]) .

3- ماورد أن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه كان يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب لايقوم إلى الصلاة إلا استن ثم رده إلى موضعه([98]) .

4- أن السواك من باب العبادات والقرب التي لا تخفى([99]) .

واستدل أصحاب القول الثاني :

بأن السواك من باب إزالة القذر وأن ذا المروءة لا ينبغي له فعله أمام الناس([100]) .

وقد أجيب عن هذا بأن في حديث أبي بردة عن أبيه دلالة على أن السواك مما لاينبغي إخفاؤه ويتركه الإمام بحضرة الرعايا ادخالاً له في باب العبادات والقربات ([101]) .

الراجح : أن السواك سنة على كل حال وخاصة عند الصلاة وبما أن الفروض الخمسة تقام جماعة في المساجد فإن السواك بحضرة الناس وفي المساجد يكون من السنن المندوبة لأن النبي ش أمر به وفعله ولم يختف به .



المبحث الثامن : آلة السواك :

يستحب أن يستاك بعود لين ينقي الفم ، ولا يجرحه ، ولا يضره ، ولا يتفتت فيه كالأراك وجريد النخل والزيتون ([102]) .

وأفضل أنواع السواك الأراك لما فيه من طيب وريح وتشعير يخرج وينقي مابين الأسنان([103]) ولحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (كنت أجتني لرسول الله ش سواكاً من الأراك . . .)([104]) الحديث .

وقد قام علماء الطب الحديث باجراء أبحاث على الأراك وتوصلوا إلى النتائج الآتية :

1- يحتوي السواك على العفص (حمض تينيك) ولهذه المادة تأثير مضاد للتعفنات ، كما أنه يعتبر مطهراً وله استعمالات مشهورة ضد نزيف الدم كما يطهر اللثة والأسنان ويشفي جروحها الصغيرة ويمنع نزف الدم منها .

2- يوجد في السواك مادة لها علاقة بالخردل وهى عبارة عن جليكوزيد وهذه المادة لها رائحة حادة وطعم حراق ، وهو ما يشعر به الشخص الذي يستعمل السواك لأول مرة ، وهذه المادة تساعد على الفتك بالجراثيم .

3- إن تركيب هذا النبات هو ألياف حاوية على بيكربونات الصوديوم ، وبيكربونات الصوديوم هي المادة المفضلة لاستعمالها في المعجون السني (الصناعي) من قبل مجمع معالجة الأسنان التابع لجمعية طب الأسنان الأمريكية يستعمل كمادة سنية وحيدة تقي من العضويات المجهرية التي تفرز في الأسنان([105]) .

4- إن السواك يحتوي على مادة تمنع تسوس الأسنان وقد ذكر ذلك أكثر من باحث في بحوث أعدت على الأراك وقد أكدوا على وجود مواد قاتلة للميكروبات في هذا السواك .

5- لو نظر إلى السواك لوجد أنه يتكون كيميائياً من ألياف السيليلوز وبعض الزيوت الطيارة وبه راتنج عطري وأملاح معدنية أهمها كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام وكلوريد البوتاسيوم وأكسالات الجير فلو نظر إلى تحليل السواك لوجد أنه فرشاة طبيعية قد زودت بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان ، أو بمعنى آخر كأنها فرشاة طبيعية زودها الله تعالى بمسحوق مطهر لتنظيف الأسنان ومنع تسوسها ([106]) .

وقد قامت عدة شركات بتحضير معاجين أسنان من جذور وعروق شجرة الأراك بدون إضافة أي مواد كيمياوية أخرى قد تكون لها بعض الآثار الجانبية الأخرى ، فتأكد وجود مواد قاتلة لجراثيم الفم الضارة التي تسبب التهابات اللثة وتسوس الأسنان في هذه المعاجين المحضرة من الأراك هذا بعض ما ذكره علماء الطب الحديث ومن أراد التوسع عن هذا فليرجع إلى الكتب المؤلفة في هذا ، وقد أشرت لبعضها كما هو مدون في الهوامش([107]) .

ثم بعد السواك بالأراك في الأفضلية السواك بجريد النخل([108]) لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وفيه : (( أنها قالت : مر عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وفي يده جريدة رطبة فنظر إليه النبي ش فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه فاستن بها كأحسن ماكان مستناً ثم ناولنيها فسقطت يده أو سقطت من يده فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ))([109]) .

وعللوا لأفضلية السواك بالزيتون بأنه من شجرة مباركة ([110]) .

واستدلوا بأحاديث ضعيفة([111]) .

واستعمال الفرشاة والمعجون من السواك ومن ميزات الفرشاة أنها يمكن أن ينظف بها الإنسان باطن الأسنان بسهولة ويسر وأن في المعجون مواد مطهرة ومنظفة([112]) .

ويستحب أن لا يستاك بعود لين لا يقلع القلحة ولا يزيل الرائحة ، ولا بعود يابس يجرح اللثة ([113]) .

ونقل كراهة الاستياك بالريحان والقصب لأنهما كما قيل يسببان بعض الأمراض([114]) .

وذكر ابن قدامة رحمه الله كراهة الاستياك بأعواد الريحان والآس والأعواد الذكية([115]) .

وذكر بعض العلماء أيضاً كراهة الاستياك بأعواد التبن والقصب والأشنان والحلفة ، وكل ماجهل أصله من الأعواد ([116]) .

قال ابن القيم رحمه الله ولا ينبغي أن يؤخذ من شجرة مجهولة فربما كانت سماً([117]) .

الاستياك بالأصابع :

اتفق الفقهاء على أن الأصبع إن كانت لينة لم يحصل بها السواك([118]) .

واختلفوا إن كانت خشنة أيحصل بها السواك أم لا ؟

القول الأول : يحصل بها السواك وهو قول الأحناف والمالكية والحنابلة في رواية([119]) وهو اختيار النووي([120]) وابن قدامة ([121]) .

القول الثاني : لا يحصل بها السواك وهو قول الشافعية والحنابلة في المشهور من المذهب([122]) .

استدل أصحاب القول الأول بالآتي :

1- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار من بني عمرو بن عوف قال : يارسول الله إنك رغبتنا في السواك فهل دون ذلك ؟ قال : (اصبعاك سواك عند وضوئك تمرها على أسنانك إنه لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له) ([123]) .

2- حديث أنس رضي الله عنه عن النبي ش (يجزي من السواك الأصابع)([124]) .

3- حصول المقصود من السواك([125]) .

واستدل أصحاب القول الثاني بالآتي :

1- أنه لم يرد به الشرع .

2- أنه لا يسمى سواكاً ولا يحصل به الإنقاء به حصوله بالعود ([126]) .

وقد اختار القول الأول النووي حيث قال والمختار الحصول، وأيده الحافظ العراقي ، وقال ابن قدامة : والصحيح أنه يحصل به بقدر مايحصل من الإنقاء([127]) .

والذي يظهر والله أعلم حصول السواك بالأصابع إذا لم يوجد غيرها ، وقد قال الله عز وجل : { فاتقوا الله مااستطعتم}([128]) ولقوله ش : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)([129]) .

وأقل ما في ذلك حصول الامتثال بفعل الاستياك وقد نص بعض الفقهاء على أن الأصلع الذي لا شعر له يستحب له عند التحلل من العمرة أو الحج أن يمر الموسى على رأسه([130]) .



المبحث التاسع : في صفــة الســــواك :

يستحب أن يبدأ في الاستياك بجانب فمه الأيمن([131]) لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان النبي ش يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ))([132]) وقياساً على الوضوء ([133]) .

وجمهور الفقهاء على استحباب السواك عرضاً([134]) ، واستدلوا بأحاديث ضعيفة منها :

1- حديث ربيعة بن أكثم قال : (كان رسول الله ش يستاك عرضاً ويشرب مصاً ويقول هو أهنأ وأمرأ) ([135]) .

2- حديث عطاء بن أبي رباح قال : قال رسول الله ش : (إذا شربتم فاشربوا مصاً وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً)([136]) .

3- أنه يخشى في الاستياك طولاً إدماء اللثة وإفساد عمود الأسنان([137]) .

وكيفية الاستياك : هو أن يستاك عرضاً في ظاهر الأسنان وباطنها ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه ويمره على سقف حلقه إمراراً خفيفاً([138]) .

وذهب بعض الفقهاء كالغزنوي من الحنفية وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية وبعض الحنابلة إلى أنه لا بأس أن يستاك طولاً وضعف هذا القول النووي وابن مفلح([139]) .

ويستحب أن ينظف لسانه بالسواك بإمراره عليه([140]) لما ثبت من حديث أبي بردة عن أبيه قال : (أتيت النبي ش فوجدته يستن بسواك بيده يقول أُعْ أُعْ والسواك في فيه كأنه يتهوع)([141]) .

وفي رواية (وطرف السواك على لسانه يستن إلى مافوق)([142]) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويستفاد منه مشروعية الســواك على اللسان طولاً([143]).

السواك هل الأولى أن يباشره المستاك بيمينه أو بشماله ؟

قال ابن عابدين رحمه الله إن كان من باب التطهر استحب باليمين ، وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى ، والظاهر الثاني([144]).

وذكر نحوه الحافظ العراقي رحمه الله([145]) .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الاستياك باليمين أم باليسرى ؟ فذكر أن الأفضل الاستياك باليسرى ، لأنه من باب إماطة الأذى ، فهو كالاستنثار والامتخاط ، ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى ، وذلك باليسرى ، كما أن إزالة النجاسات واجبها ومستحبها اليسرى . . . ثم ذكر أن السواك ليس من باب اكرام اليمين ([146]) .

ويستحب غسل السواك قبل استعماله وكذلك عند الانتهاء من استعماله([147]) . لحديث عائشة رضي الله عنها قالت :(كان رسول الله ش يعطيني السواك لأغسله ، فأبدأ به فأستاك ، ثم أغسله ثم أدفعه إليه)([148]) .

ويجوز أن يستعمل السواك الواحد لأكثر من شخص([149]) .

لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله ش يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر ، فأوحى الله إليه في فضل السواك (( أن كبر )) أعط السواك أكبرهما) ([150]) .

قال الخطابي رحمه الله فيه : أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه على مايذهب إليه بعض من يتقزز إلا أن السنة فيه أن يغسله ثم يستعمله([151]) .

يكره جلاء الأسنان بالحديد وبردها بالمبرد لأنه يضعف الاسنان ويفضي إلى انكسارها ، ولأنه يخشنها فتتراكم الصفرة عليها([152]).

ينبغي لمن أسنانه مركبة أن يستعمل السّواك ليحصل أجر أمتثال السنة ، ولا بأس أن ينزلها وينظفها ، ويزيل ما عليها من أوساخ .



المبحث العاشر : في فوائـــد الســواك :

إن أعظم فوائد السواك مانص عليه النبي ش في قوله : (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) ([153]) .

ومن الفوائد التي ذكرها أهل العلم للسواك أن المسلم مأمور في كل حال أن يكون على أحسن هيئة وأطيب ريح وخاصة عند أداء العبادة ، وأن يحرص أن تكون حاله في غاية الكمال والنظافة لإظهار شرف وعظم هذه العبادة([154]) .

ولما كانت الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم شرع السواك مطهرة للفم حتى لا تتأذى الملائكة الموكلون برصد أعمال بني آدم بالروائح الكريهة التي تنتج عن ترك السواك([155])، وقد جاء في الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك)([156]) .

قال ابن القيم رحمه الله في السواك عدة منافع : يطيب الفم ، ويشد اللثة ، ويقطع البلغم، ويجلو البصر ، ويذهب بالحفر ، ويصح المعدة ، ويصفي الصوت ، ويعين على هضم الطعام ، ويسهل مجاري الكلام ، وينشط للقراءة والذكر والصلاة ، ويطرد النوم ، ويرضي الرب ، ويعجب الملائكة ، ويكثر الحسنات ([157]) .

ومن فوائد السواك أنه يدر البول ، ويقطع الرطوبة ، ويذهب الصفرة ، ويسكن عروق الرأس ، ووجع الأسنان ، ويذكي الفطنة ، ويضاعف الصلاة ، ويسخط الشيطان ، ويطيب النكهة ، ويسهل خروج الروح([158]) .

قال ابن عابدين قال في النهر : ومنافعه وصلت إلى نيف وثلاثين([159]) .

ومن فوائد السواك أنه بمثابة العلاج للإقلاع عن بعض العادات السيئة مثل التدخين فالسواك مع طول مدة استعماله يصبح عادة فيكون سبباً في الإقلاع عن التدخين وكذلك عن الإقلاع عن مص الأصابع عند الصغار .

وللسواك فوائد أخرى ذكرها علماء الطب ، وقد ذكرت شيئاً منها عند الكلام على الأراك في المبحث الثامن والكتب الطبية المؤلفة في السواك ذكرت له فوائد كثيرة وأسراراً طبية([160]) .

^^^^^^

الخاتمة :

في ختام هذا البحث أشكر الله تبارك وتعالى على ما منَّ به عليَّ من إتمام هذا البحث وأختمه بذكر أهم ما توصلت إليه من نتائج وتتلخص في النقاط التالية :

1- مشروعية السواك وفضله .

2- أن السواك خصلة من خصال الفطرة .

3- أن السواك سنة مؤكدة وليس بواجب .

4- أن السواك مستحب في كل وقت ولكن يتأكد استحبابه عند الوضوء والصلاة والقيام من النوم ، ودخول المنزل ، وعند تغير الفم واصفرار الأسنان .

5- أن الراجح جواز استعمال السواك للصائم في كل وقت حتى بعد الزوال .

6- أن السواك سنة على كل حال بحضرة الناس وبغير حضرتهم .

7- أن السواك يحصل بكل عود لين ينقي الفم ولا يجرحه ولا يضره ولايتفتت كعود الآراك وعود جريد النخل وعود الزيتون وأن أفضل أنواع السواك الأراك .

8- أنه قد قام عدد من الشركات وعدد من الأطباء بتحضير معاجين أسنان من جذور شجرة الأراك بدون إضافة مواد كيماوية أخرى فوُجد أن عود الأراك فرشاة طبيعية قد زودت بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان ومنع تسوسها .

9- أن استعمال الفرشاة والمعجون من السواك ، ومن ميزات الفرشاة أنه يمكن أن ينظف الإنسان بها باطن الأسنان بسهولة ويسر وأن في المعجون مواد مطهرة ومنظفة .

10- كيفية السواك : هو أن يستاك عرضاً في ظاهر أسنانه وباطنها ، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه ويمر على سقف حلقه إمراراً خفيفاً .

11- استحباب غسل السواك قبل استعماله وكذلك عند الانتهاء منه .

12- انه يجوز استعمال السواك الواحد لأكثر من شخص .

13- يكره جلاء الأسنان بالحديد وبردها بالمبرد .

14- ينبغي لمن أسنانه مركبة أن يستعمل السواك ليحصل على أجر أمتثال السنة ، ولا بأس أن ينزلها وينظفها أو يزيل ما عليها من أوساخ .

15- للسواك فوائد دينية وصحية .



الهوامش والتعليقات

http://www.uqu.edu.sa/majalat/sharia...ag19/MG-06.htm
اضافة رد مع اقتباس