مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #5  
قديم 29/02/2004, 06:10 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الفحص الطبي قبل الزواج ضمانة لسلامة الأطفال

ان التطور الحديث في مجال علوم البيولوجية الذرية وعلم الوراثة قد أدى إلى زيادة الاهتمام في الأمراض الوراثية والمكتسبة. حيث إن 5% من أطفال العالم وحسب احصائيات منظمة الصحة العالمية مصابون بأمراض وراثية أو أمراض جينية بدرجات مختلفة وأحيانا بشكل ظاهر للعيان.
لقد حصل في السنوات الأخيرة تقدم هائل في مضمار علم الجينات والهندسة الوراثية والفحوصات الجينية المختلفة والمتعددة لتشخص الاصابات وكذلك فقد حصل ومن خلال الخطى الحثيثة في هذا المضمار قفزات نوعية في مجال علاج هذه الأمراض قبل الولادة وأثناءها وخلال أيام الطفولة المبكرة.
إن معظم الأطفال يولدون طبيعيين ولكن قد يحدث أن يولد طفل يحمل مشكلة وراثية ورغم ندرة هذه المشكلات لكنها تدعو للقلق الشديد ليس فقط لوالدي الطفل بل إنما للعائلة ككل ومن يحيط بها من أقارب ومعارف وحتى للطبيب نفسه ومن هنا تبدأ أهمية الاستشارة الوراثية قبل الزواج أو قبل الانجاب للأشخاص الذين ينتمون إلى أسر فيها أفراد مصابون بأمراض وراثية أو تشوهات خلقية أو اضطرابات استقلابية أو عيوب خلقية وظيفية.
إن عبء الأمراض الوراثية والجينية هو حمل ثقيل على المجتمعات في العالم الشرقي وذلك لتفشي بعض العادات المتوارثة مثل زواج الأقارب والتي لا ننكر ما تحمله من حفاظ على العادات والتقاليد العائلية والحفاظ على الإرث وتقدير واحترام بنات الأسرة، ولكنها في الوقت نفسه تحمل في طياتها مخاطر زيادة فرص حدوث أمراض وراثية وجينية في حال زواج رجل حامل لمرض معين من امرأة حاملة للمرض نفسه وبالتالي ولادة أطفال مصابين بالمرض نفسه بنسب مختلفة.
وكذلك على سبيل الذكر وليس الحصر فإن الاستعداد الوراثي لبعض الأمراض يعتبر عاملا مهما جدا في حصول المرض في حال زواج رجل وامرأة لديهما استعداد للمرض نفسه ونذكر هنا فرط التوتر الشرياني (ضغط الدم)، السكري، أمراض القلب الإكليلية، السرطانات، الأمراض العقلية الوراثية.إن الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية هي السبب الرابع لأسباب الوفيات بشكل عام، وإن الأمراض الوراثية هي السبب الأول للوفاة في الأطفال دون السنة الأولى من العمر والأطفال دون الخمس سنوات فهي كانت سببا بحصول 57% من وفيات الأطفال الرضع خلال الأسبوع الأول من العمر و55% من الوفيات خلال الشهر الأول من العمر، وتشير احصائيات منظمة الصحة العالمية إن الأمراض الوراثية والجينية تسبب 25% من وفيات الأطفال دون السنة على مستوى العالم. وتسبب 23% من وفيات الأطفال دون الخمس سنوات عالميا.
الأمراض الوراثية يختلف كل إنسان عن غيره من البشر في ثلث بروتينات جسمه على الأقل وبالتالي بثلث مورثاته، إن جميع الكائنات الحية تقريبا تحتوي على حمض ديزوكس رييو نيو كليك (DNA) إن كل خلية جسمية تحتوي على جميع الصبغيات مع جميع الرموز الوراثية. وإن تلك الموروثات (الجينات) تعد مسئولة عن أعمال العضوية وتشكلها. إن جميع الصبغيات تقوم بأعمالها حسب تخصصها بآن واحد وكل صبغي يحمل ما بين عشرة آلاف إلى مئة ألف موروث ولذا تعد الاضطرابات الوراثية الخلقية من الأسباب الشائعة للإعاقة والأمراض والموت عند الأطفال الرضع.
لقد طورت منظمة الصحة العالمية برنامجا خاصا لمتابعة الأمراض الجينية والوراثية يعتمد في أساسياته: ـ على الالتزام الأدبي بسرية المعلومات المتعلقة بالأمراض الوراثية وارتباط هذه السرية بشرف المهنة وأخلاقياتها.
ـ إجراء الفحوصات الوراثية هو حرية شخصية لأي شخص يظن بأنه مصاب أو يحمل مرضا وراثيا، وليست فرضا على أحد.
ـ التثقيف الصحي بالأمراض الوراثية والجينية وأهمية التوعية لضرورة الفحوصات قبل الزواج وتجنب زواج الأقارب في حال وجود أمراض وراثية.
تنتشر في بلاد العالم المتقدم مراكز متخصصة بالاستشارات الوراثية حيث يعمل فريق من الأطباء والباحثين الاجتماعيين على خدمة أهالي المرضى المصابين بأمراض وراثية حيث يتم اجراء الاستشارات الوراثية لتلك الفئات العالية الخطورة كمن تظهر عندهم إصابة في ولادة طفل سابق أو في حال وجود أقارب مصابين بأمراض وراثية حيث يتم مناقشة تلك الأمور بوجود الزوج والزوجة ويتم تحديد المرض المشتبه به وهذا يحتاج لفحص سريري دقيق وفحوصات مخبرية بما فيها الفحوصات الوراثية.
ويتم كذلك عرض الاحتمالات التي قد تحصل بين الأطفال الذين سيولدون مستقبلا ونسبة الاصابة وما قد ينجم عنها من مشكلات صحية ويتم مراجعة القصة المرضية للعائلة بشكل تفصيلي وشرح الأسس الوراثية للمشكلة المطروحة بشكل مبسط وباستخدام بعض الأفلام والصور لمرضى آخرين مصابين وأخيرا يتم طرح الحلول المناسبة والمحتملة ومناقشتها ومن خلال النقاش يتمكن الأبوان من فهم بعض المعلومات المبسطة حول دور الجينات وبعض ما يصيبها من اعتلال أو خلل وبالتالي يكون هناك تصور للاحتمالات الواردة لاصابة الطفل القادم في حال كان الأب أو الأم أحدهما أو كلاهما مصابين بمرض معين أو في حال إصابة لطفل لهما في ولادة سابقة أو وجود أقارب مصابين بعاهة معينة.
وتكمن أهمية الاستشارة الوراثية حيث أنها تتم قبل حدوث المرض وبالتالي يمكن تلافي العديد من المشكلات الصحية وطرح حلول بدائل وبالتالي سوف يتضاءل عدد من سيولدون بأمراض في الجينات أو تشوهات خلقية، وكذلك فقد تطورت طرق عديدة أيضا للعناية بتلك الفئات من المرضى لتصبح حياتهم أكثر تحملا.
قد تكون الاستشارة الوراثية لتحديد ما إذا كان الأبوان أو كلاهما حاملا للمرض وذلك باجراء فحوص دموية كما هو الحال في فقر الدم الانحلالي نتيجة الثلاسيميا وكذلك في حال مرض التليف الكيسي وكذلك مع تقدم الدراسات الخاصة لتحليل الـD.N.A فلقد تم التوصل إلى الأم الحاملة للاصابة بأمراض مرتبطة بالكروموسوم X كما هي الحال في الهيموفيليا A ومرض الضمور العضلي الوراثي لدى الأطفال أو ما يسمى دوشين، وفي هذا المرض تنعدم قدرة العضلات على بناء الألياف العضلية تدريجيا مما يؤدي إلى الموت مع بداية العشرينات من العمر. لقد تم تعيين موقع الجين المسئول عن حالات دوشين على الكروموسوم X والذي تحمله الأم كصفة متنحية (أي الأم حاملة للمرض وغير مصابة) وتنقله إلى أولادها الذكور تكون فرصة الاصابة هي 50% من الأبناء.
وكذلك يتم اجراء الاستشارة الوراثية خلال فترة الحمل وبشكل خاص إذا كانت الأم الحامل كبيرة في السن (أكثر من خمسة وثلاثين سنة) أو في حال وجود قصة لولادة طفل مصاب بمتلازمة المنغولية أو وجود عيوب في المخ ويتم التشخيص من خلال فحص السائل الأمينوسي في الأسبوع السادس عشر من عمر الجنين أو بأخذ خزعة من الزغابات الجنينية من المشيمة من خلال عنق الرحم ويتم ذلك في الأسبوع الـ15 ـ 16 من عمر الحمل ولكن ذلك أصبح ممكنا الآن في بعض المراكز المتقدمة في الفترة الـ 12 ـ 13 من عمر الحمل ويتم استعمال الأشعة فوق الصوتية (التصوير بالصدى) لتحديد مكان المشيمة ويتم فحص الخلايا في السائل الأمنيوسي وذلك من أجل اجراء تحليل كروموسومي وتحليل الـD.N.A. ومعايرات كيميائية خاصة.
وكذلم يتم معايرة بروتين خاص في الدم اسمه الفافيتو بروتين في خلال الثلث الأول من الحمل وذلك لاستبعاد أي عيوب في الجهاز العصبي في الجنين.
نعم.. إن ما سيحدث للجنين أو للطفل فيما بعد هو بمشيئة الخالق عز وجل وما يبقى علينا هو أن نساعد بمشيئة الله وقدرته أيضا في علاج تلك الاختلالات الخلقية والحالات المرضية وما شابه بما حباه علينا سبحانه وتعالى من تفهم للعلوم وأبحاث وقدرات في ذلك المجال كي ينمو المخلوق الجديد بأنسجة أو أعضاء أكثر قابلية بالقيام بوظائفها.. فبعد أن علمنا عما يسببه نقص أو تحوير أو اختلال في جين معين أو تركيب بروتيني معين، نتيجة أبحاث واختبارات وخبرة طويلة الأمد قد يكون بالامكان المساعدة باصلاح أو ترميم ذلك الخطأ أو النقص مما يمنع نشوء عاهات خلقية أو أمراض تتعلق بذلك الخطأ أو النقص.
د. صفوان موصيللي - أخصائي طب الأطفال الرضع
اضافة رد مع اقتباس