ولم يشعر بنفسه الا وهو يسقط على الارض الخشبية فقام مذعورا وغير مصدّق لما جرى له ولم يبرح مكانه لمدة تزيد عن خمس دقائق حتى بدأ شيئا فشيئا يعيد تنظيم الافكار التائهة داخل صومعة الفكر ثم استجمع قواه ونهض متّجها الى دورة المياه ( وانتم بكرامة ) ثم أدار الصنبور ( البزبوز ) وبدأ بصنفرة وجهه ولم ينس طبعا ان يفرّش اسنانه بمعجون كلوس أب الاحمر بنكهة القرفة المقرفة ولابأس ايضا من التلميع بقطعة ديرم مستوردة من استوكهولم وما أن انتهى ( ريكو ) من حركات الشميسي الا واتّجه الى الدولاب ثم انتقى لنفسه بزّة رسمية.. ليس لها علاقة ابدا بـالشريب ( بزّة ) وبعد الانتهاء من التكشّخ والترزز امام تلك المرآة العتيقة امتطى ريكاردو صهوة جزمته الايطالية وقام بـرش قليل من العطر الفرنسي ثم احرق عودا من ( النـد ) الصنعاني وركزه داخل علبة بيبسي فارغه وخرج من شقّته الفاخره في عمائر مجمّع العليا تاورز وفي مواقف العماره قفز الى سيارته اللومبرجيني المكشوفة وعلى طريقة نيكولاس كيج ثم ( دق سيلف ) على انغام بشير حمد شنّان وانطلق بسرعة جنونية ليجندل الاشارات الواحدة تلو الاخرى حتى توقّف عند حمص ابوزكي في الصناعية و دغّ دغّا مبرحا صيّبا غدقا طبقا مجللا.. نافعا غير ضار ثم انطلق مجددا على همسات سيلين ديون المطعّمة بإيقاعات ابورايش وعند تمام الثامنة والربع.. وصل الى مواقف الشركة وبسرعة البرق استطاع ان ( يدق الكرت ) قبل نهاية الوقت المسموح ثم انبطح على مكتبه الوثير ومدد قدميه في وجه التاريخ وبدأ يرتشف القهوة التركية بتمعّن شديد لمذاق البن البرازيلي ثم على قمة الروقان لم ينس ان يعدّل مزاجه ببرّاد شاهي تلقيمه وبعد ثلاث دقائق بالتمام والكمال.. أشعل سيجارا كوبيّا فاخرا ويا لها من لحظات رومانسية حالمة يتخللها احاديث ساخنة ماسنجرية مع ليلى الاخيليّة ولابد من الهياط المبارك مع ابوابراهيم في المكتب المجاور وماهي الا لحظات ويصل ( اقبال ) قادما من البقّالة ومحمّلا بما لذ وطاب من الصحف اليومية وبعد فصفصة الصفحات وتحليل المتغيّرات وحل ما تقاطع من كلمات انظروا الى الساعة يا الهي.. انها تمام العاشرة ينطلق ريكاردو مفاختا ولا يردّه الا مقاهي خط القصيم ويتكّي هناك متمعقطا بـ(لي) الشيشة ذات التفاح البحريني الطازج وخذ يا ( بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر بر ) و ( جمر يامعلم ) وعند تمام الثانية واربعين دقيقة.. ينطلق ريكو بسرعته الجنونية المعتادة وماتجي 2.59.. الا وهو داق الكرت لنهاية الدوام ثم يعود الى الشقة مشفوعا بكيس متألّق من طيّبات الرز البخاري ومتبوعا بكاسين من اللبن ليتحوّل بعدها الى كائن حي معدوم الضمير وفاقد للأهليّة
