مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 03/02/2009, 11:43 AM
سامي صعب يتكرر سامي صعب يتكرر غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة غافر (7)

‏فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا‏}‏ أي‏:‏ وقى الله القويّ الرحيم، ذلك الرجل المؤمن الموفق، عقوبات ما مكر فرعون وآله له، من إرادة إهلاكه وإتلافه، لأنه بادأهم بما يكرهون، وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى، وهذا أمر لا يحتملونه وهم الذين لهم القدرة إذ ذاك، وقد أغضبهم واشتد حنقهم عليه، فأرادوا به كيدًا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم وانقلب كيدهم ومكرهم، على أنفسهم، ‏{‏وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ‏}‏ أغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن آخرهم‏.‏

وفي البرزخ ‏{‏النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ‏}‏ فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره‏.‏
‏[‏47 - 50‏]‏ ‏{‏وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ‏}‏
يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار، وعتاب بعضهم بعضًا واستغاثتهم بخزنة النار، وعدم الفائدة في ذلك فقال‏:‏ ‏{‏وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ‏}‏ يحتج التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، ‏{‏فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ‏}‏ أي‏:‏ الأتباع للقادة ‏{‏لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا‏}‏ على الحق، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله‏.‏ ‏{‏إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا‏}‏ أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزينتم لنا الشرك والشر، ‏{‏فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ‏}‏ أي‏:‏ ولو قليلاً‏.‏
‏{‏قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا‏}‏ مبينين لعجزهم ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع‏:‏ ‏{‏إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ‏}‏ وجعل لكل قسطه من من العذاب، فلا يزاد في ذلك ولا ينقص منه، ولا يغير ما حكم به الحكيم‏.‏
‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ‏}‏ من المستكبرين والضعفاء ‏{‏لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ‏}‏ لعله تحصل بعض الراحة‏.‏
فـ ‏{‏قَالُوا‏}‏ لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا‏:‏ ‏{‏أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ‏}‏ التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه‏؟‏
‏{‏قَالُوا بَلَى‏}‏ قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين‏.‏ ‏{‏قَالُوا‏}‏ أي‏:‏ الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة‏:‏ ‏{‏فَادْعُوا‏}‏ أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا‏؟‏
قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ‏}‏ أي‏:‏ باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء‏.‏
‏[‏51 - 52‏]‏ ‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ‏}‏
لما ذكر عقوبة آل فرعون في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، وذكر حالة أهل النار الفظيعة، الذين نابذوا رسله وحاربوهم، قال‏:‏ ‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏ أي‏:‏ بالحجة والبرهان والنصر، في الآخرة بالحكم لهم ولأتباعهم بالثواب، ولمن حاربهم بشدة العقاب‏.‏
‏{‏يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُم‏}‏ حين يعتذرون ‏{‏وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ‏}‏ أي‏:‏ الدار السيئة التي تسوء نازليها‏.‏
‏[‏53 - 55‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ‏}‏
لما ذكر ما جرى لموسى وفرعون، وما آل إليه أمر فرعون وجنوده، ثم ذكر الحكم العام الشامل له ولأهل النار، ذكر أنه أعطى موسى ‏{‏الْهُدَى‏}‏ أي‏:‏ الآيات، والعلم الذي يهتدي به المهتدون‏.‏ ‏{‏وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ‏}‏ أي‏:‏ جعلناه متوارثًا بينهم، من قرن إلى آخر، وهو التوراة، وذلك الكتاب مشتمل على الهدى الذي هو‏:‏ العلم بالأحكام الشرعية وغيرها، وعلى التذكر للخير بالترغيب فيه، وعن الشر بالترهيب عنه، وليس ذلك لكل أحد، وإنما هو ‏{‏لِأُولِي الْأَلْبَابِ‏}‏
‏{‏فَاصْبِر‏}‏ يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين‏.‏ ‏{‏إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ‏}‏ أي‏:‏ ليس مشكوكًا فيه، أو فيه ريب أو كذب، حتى يعسر عليك الصبر، وإنما هو الحق المحض، والهدى الصرف، الذي يصبر عليه الصابرون، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر‏.‏
فقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ‏}‏ من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله‏.‏
‏{‏وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ‏}‏ المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا ‏{‏بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ‏}‏ اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور‏.‏
‏[‏56‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ‏}‏
يخبر تعالى أن من جادل في آياته ليبطلها بالباطل، بغير بينة من أمره ولا حجة، إن هذا صادر من كبر في صدورهم على الحق وعلى من جاء به، يريدون الاستعلاء عليه بما معهم من الباطل، فهذا قصدهم ومرادهم‏.‏
ولكن هذا لا يتم لهم وليسوا ببالغيه، فهذا نص صريح، وبشارة، بأن كل من جادل الحق أنه مغلوب، وكل من تكبر عليه فهو في نهايته ذليل‏.‏
‏{‏فَاسْتَعِذ‏}‏ أي‏:‏ اعتصم والجأ ‏{‏بِاللَّهِ‏}‏ ولم يذكر ما يستعيذ، إرادة للعموم‏.‏ أي‏:‏ استعذ بالله من الكبر الذي يوجب التكبر على الحق، واستعذ بالله من شياطين الإنس والجن، واستعذ بالله من جميع الشرور‏.‏
‏{‏إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ‏}‏ لجميع الأصوات على اختلافها، ‏{‏الْبَصِيرُ‏}‏ بجميع المرئيات، بأي محل وموضع وزمان كانت‏.‏
اضافة رد مع اقتباس