نسأل الله تعالى أن يفرج على أهل مصر ويكتب لهم الخير ويولي عليهم خيارهم << شطحة أخرى ، تحملونا لم يبق إلا القليل 
بمناسبة ذكر مصر فلا ننسى لاعبنا العملاق ( أحمد علي ) نسأل الله أن يحفظ أهله في مصر وأن يكون قادرا على احتمال ما يجري بحيث لا يؤثر على مستواه في اللعب ، أتمنى أن تقولوا آمين ..
لقد وصلنا الآن جميعا ،
لكم كنا نستمتع كثيرا حينما كان ( يوسف الثنيان ) يلعب في أفضل حالاته ، حينما يبهرنا بطريقة اللعب المذهلة ، وبالحركات المحيرة المفاجئة ، التي لم نكن نتصور أنه كان سيفعل مثلها ، لكنه يفاجئنا بها ونحن نشاهد فقط ، فما بالك بالاعب المسكبن الذي يكون خصما ليوسف في أفضل حالاته ،
تلك الحركات التي نسميها نحن ، بالتسحيبات ، وفي لهحة ، بالتعديات ، والتي أظن أنها موهبة ربانية ، لأنها تحتاج لدماغ من نوع خاص ، وجسد من نوع خاص ، ولو جاهد إنسان لا يملك ذلك العقل وذلك الجسد ، ولو كثيرا ، فإنه لن يمكنه فعل ذلك _ التسحيبات الرائعة _ ،
وأضيفُ ، بأن ذلك الدماغ وذلك الجسد ، هما دماغ وجسد نادرين ، بمعنى أنك قلما تجد ذلك العقل وذلك الجسد في إنسانٍ ، وإنسانٌ يلعب كرة القدم ،
( يوسف الثنيان ) ، الذي أحسب أنه ليس بأقل من ( ميسي ) الذي طاح فيه الناس مؤخرا ، لكنه كان في عصر لم يكن فيه الإعلام بهذا التطور الآن ،
ويوسف الثنيان ، كان يشاركه في شيء من مهاراته عدد من اللاعبين في عصره ، فلم يكن لوحده ، لكن لنقل أنه تميز بينهم ،
لكن ... لا أعلم لماذا ، بعد أن ولى ذلك الجيل ، تبخرت تلك المهارات تماما ، ولم نعد نرى منها شيئا يذكرا ، أقصد المهارات الخارقة الساحرة ، التي تجبرك على الذهول تماما ، وكأن اللاعب ساحر ينقل الكرة بين لاعبي الخصوم بكل سلاسة وكأنه يوجهها بجهاز تحكم ( ريموت كنترول ) ، وليست كرة مراوغة من الصعب حفظها ،
لدرجة أننا صرنا نفرح بتسحيبة أو اثنتين من لاعبينا _ الرائعين أيضا _ في مجموع المباريات ، بينما كان أولئك السابقون يذهلوننا بصنوف من الفنون في المباراة الواحدة ، بل ربما الهجمة الواحدة ، والتي تتمنى أن تنتهي بهدف حتى تخلد تلك الهجمة الخارقة في التاريخ ،
صحيح أنه يوجد من لاعبينا الرائعين من يقومون بتسحيبات رائعة جدا ، كما كان ياسر القحطاني قبل كم موسم _ أقصد بشكل مستمر في المباراة _ ، وغيره ، لكنها يكل تأكيد لم تكن تصل لذلك المستوى الذي أسميه ( الساحر ) الذي كنا نراه من يوسف الثنيان ، وإن كانت تسحيبات رائعة ومذهلة يقومون بها ، كما أنه سرعان ما لا نصبح نرى تلك المهارات منهم ، ولا أعلم السبب ،
أنا شخصيا بدأ يتولد لدي تفكير ، بأن تلك حقبة ٌ وانقضت ، وأن ذلك كان أسلوب لعب وانقرض ، ولن نعود نرى ذلك الأسلوب في اللعب مرة أخرى ...
لكن ..
في يوم الثلاثاء ، غـُرّة الشهر الميلادي الحالي ، وفي دوري الستة عشر فريقا من كأس ولي العهد ، كنت كغيري من الجمهور أتابع المبارة ، وأريد الاستمتاع بلعب الزعيم الرائع ، بلعيبته الرائعين بالتأكيد ،
وبينما أنا أتابع المباراة ، إذ بدأ اللعيبة هجمة خطيرة على الفريق الخصم ، وكنت أتابعها بحماس ، وفجأة .... لقد رأيتها ..، نعم ، إنها هي بالفعل ..، لقد رأيتها ..، ثم لمحت اللاعب الهلالي الذي كان يقوم بذلك ..، فخفق قلبي ..، وحملقت بعيني بذهول ..، يالله ! إنه هو نفسه ، إنها تسحيباته ، إن هذا رقم فانيلته ..، بكل تأكيد ..، إنه الفيلسوف ..، إنه يوسف ..، إنه النمر ..، لكن ... فجأة .. انقبض قلبي بعنف .. كيف هذا ؟.. ألم يعتزل الفيلسوف كرة القدم منذ زمن طويل ..، ألم تكن أشاهد مباراة اعتزاله بنفسي ؟..
هززت رأسي بعنف ، وأنا فاغر فاي بذهول ، وعيناي تحملقان في ما يجري ، وأنا لم أستوعب ماحصل منذ قليل .. وفجأة ! سمعت صافرة الحكم القوية ، وصك أذني صياح الجماهير وصراخهم وتهليلاتهم الصارخة ، فنظرت للحكم فعرفت أنها كانت ضربة جزاء ، ففرحت كثيرا ، وانبسطت أساريري وأخذت أشاهد ما سيجري ..، وتقدم اللاعب الذي اختير لتنفيذ ضربة الجزاء ..، وخفق قلبي بعنف .. إنه الفيلسوف .. بلا .. إنه رقمه .. هل يعقل هذا ؟.. وفجأة .. قطع علي ذهولي همهمات ساخطة أسمعها من الجمهور .. لم أصدق ما أسمع !.. لماذا ؟... نظرت إلى الملعب ، ثم عدت أنظر إلى الجمهور ..، لماذا ؟.. إنه الفيلسوف !.. هل هم لا يريدون الفيلسوف ؟..، انقبض صدري بقوة ..، لماذا؟ .. لماذا لا يريدون الفيلسوف أن ينفذ ضرية الجزاء ؟.. مالذي جرى ؟.. إنه الفيلسوف ؟.. هل هم لا يعرفونه ؟!..، إنه أمر مستحيل ..، اعتصر قلبي الحزن .. لماذا ؟؟...
بسرعة ..، بدأ الفيلسوف تنفيذ ضربة الجزاء ، وسددها أرضية إلى الزاوية اليسرى من المرمى ..، لكن ... قطع فكري وصك أذني الصراخ الساخط والصيحات الغاضبة ، وأخذت أسمع عبارات سيئة ممن هم حولي ..، نعم ، لقد انحرفت الكرة خارج المرمى ..، لكني لا أظن الأمر يستدعي كل هذا السخط والغضب ، فأنا أرى أنه لعبها بطريقة جيدة ، ولولا أنها انحرفت خارج المرمى لكانت هدفا مؤكدا ..، ثم .. ثم إنه الفيلسوف !..، لم يغضبون من رمية واحدة أخطأ بها ؟..
عدت أنظر لما يجري في الملعب ..، ورأيت الفيلسوف ... كيف ؟.. لا أزال لا أصدق !..، كيف يلعب الفيلسوف وقد اعتزل منذ مدة طويلة ؟.. لكن .. لكنها تسحيباته ، إنه سحره المذهل ..، وفجأة!.. وبينما أنظر ناحية الفيلسوف ..، أخذ الفيلسوف يلتفت صوب الجهة التي كنت إليها ... انتفض قلبي في عنف ..، وسقط فكي ..، وتيبست عيناي ، وفقدت استيعابي لما حولي للحضة ..، يا للعجب ! ضربت رأسي بقوة ، ثم عدت أحملق في المشهد الذي أمامي ..، يا إلهي ! إنه ليس يوسف ، لكن كيف ؟ إنها تسحيبات يوسف ، إنها مهارات يوسف ، لكن من أراه أمامي ليس يوسف !!
إنني أعرف هذا اللاعب ، إنه لاعب شاب في فريق الهلال ... فجأة! أخذ ذلك اللاعب يبتسم ..، ثم سمعت صيحات الاستهجان من الجماهير ، ( على ماذا يبتسم ؟! على سوء لعبه ؟!! ) تعجبت كثيرا ..، إذن ماذا يريدون منه أن يفعل ؟..، هل يريدون منه أن يكتئب ؟ .. ، ثم يُحبط ؟؟ ..، ثم ييأس ؟؟ ..، ثم تهتز ثقته بنفسه ؟؟ ..، ثم يهبط مستواه وقد لا يعود مرة أخرى ؟؟ ثم إنه للمرة الأولى يُمنح تنفيذ ضربة جزاء ضمن المباراة ..، فلم كل هذا ؟ ..
وبما أنني أعرف نجوم الهلال كلهم ، فلم يصعب علي معرفة ذلك اللاعب ، إنه ( أحمد الفريدي ) ، ذلك اللاعب الشاب ، الحديث في صفوف الفريق الأول ، والذي ابتدأ منذ مدة قريبة يلعب أساسيا في المباريات ..، وأنا أفكر في هذا ..، قفز فكري للتساؤل الذي لم أجد له جوابًا !
لم يا ترى يحطم جمهور الهلال ، لاعبيه الموهوبين كثيرا ؟؟ .. ، وليس الفريدي لوحده ،
أحمد الفريدي ، و حسن العتيبي في الوقت الحالي ، كلاهما لاعبان موهوبان ،
( أحمد الفريدي ) ، والذي يقدم أدائا مذهلا ساحرا في كل مباراة ، دائما ما يقابل بعد كل مباراة من الكثير من الجمهور بتشنج ، وهجوم شرس مترصِّد ، كفيل بتحطيم أي روح ، حتى أني أتعجب ، وأُكبر في نفس الوقت ، هذا اللاعب الشاب ، الذي لم يتأثر مستواه وسحره ، مع كل هذا الهجوم .
( حسن العتيبي ) ، حارس موهوب ، ولديه مهارة عالية ،لا تفتأ تجد في جنبات المنتدى ، وموجان الألسنة ، ما يجلب الاكتئاب ، ويَضرب اليأسَ بأجرانه في الصدور .
أحمد الفريدي ، وحسن العتيبي ، كليهما لديه نواقص بالتأكيد ، وأخطأء آكد ، لكن هل البشر يا ترى آلات برمجت لكي تسير بنظام دقيق مضبوط بقياس أدق لا تحيد عنه ، وتقوم دائما بما جبلت عليه من دون نقص ، ومن دون زيادة ، بعمل تمام دوما ؟؟
وهل من يهاجم هؤلاء الموهوبين يلعب كرة القدم ؟؟ لو كان يلعب كرة القدم فعلا ، لما كان يقوم بذلك ، كل من يلعب كرة القدم يعلم أنه لا يمكن لمن يلعب أن يكون حاضر الذهن بنسبة تامة طوال وقت اللعب ، ولا طوال وقت الموسم ، كرة القدم مثلها مثل أي نشاط بشري آخر ، متفاوت في الأداء والإتقان ،
ولا يمكن أن تجد نشاطا بشريا خالصا ، متساويا بالتمام في حدوده ..،
بعد الحكاية في الأعلى ..،
فإني أقول ..، بأن المباراة التي أذهلتني فعلا ..، وتصورت فيها يوسف الثنيان في قميص أحمد ..، لم تكن هي مباراة نجران ..، ولم تكن في كأس ولي العهد ..، بل لم تكن في المملكة العربية السعودية أيضا ..،
لقد كان ذلك في السادس والعشرين من الشهر الميلادي المنصرم ، في نهائي دورة دبي الودية ...، حينها رأيت ما كنت يائسا من رؤيته ..، وحينها تجلت المهارة باهرةً ..، وحينها داعبني الأمل ببعث أسطورة ، أخذت تـُسطـَّر خطوطها الأولى ..، وأقول ( داعبني الأمل ) .. ،
هل نريد فعلا أن يكون ما توهمته في الحكاية ، عنوانا ، لأحداث المستقبل ؟؟
إذن ، فأسألكم أن توقفوا تحطيم النجوم ..،
وليكن في أذهانكم جيدا ..، أن هناك فـَرقا بين أن تجد بناءً مُعوجًا فتعدله ..، وتأخذ اللبنة المائلة فتقيمها ..، وبين أن تهدم البناء وتحطمه ..، غافلا _ أو متغافلا _ عن أن الخلل في لـَبِنةٍ من لبناته فقط ..،
إن ( أحمد الفريدي ) ..، بما عرض لنا من مهارات في هذا الوقت ..، لهو إنسان _ وبالأخص لاعبٌ _ من الصعب أن يأتي مثله مرة أخرى ..، وتذكروا ، أن ما يمتلكه هي مهارة نادرة ..، فهل من السليم أن تـُطحن تلك المهارة ، بتحطيم اللاعب ....
أحمد الفريدي ، يحتاج إلى تطوير بعض الأمور في لعبه بالتأكيد ، وهي ، التسديد السليم للكرة في المرمى ، فالعديد من كرات ( أحمد ) تضيع ، ولم يكن من المفترض لها ذلك ، ويحتاج أيضا إلى بعض السرعة في تخليص الكرة في منطقة الجزاء ، لتكدس المدافعين هناك ، بحيث لا تجدي _ في الأغلب _ طريقة المراوغة ...
في نهاية كلامي ، أود أن أقول بأن ليس جميع الجمهور من الصنف الذي تتبعته هنا ، بل جماعة كبيرة لهم نفس تفكيري ، ورأو في ( أحمد ) كما رأيتُ ...، لكن كما تعلمون ..، فإن الهدم أقوى ، وأسهل ، وأسرع من البناء ..، فما بُني في سنين يمكن أن يهوي في لحضة ، فلهذا كنت أُذَكِّرُ الإخوان الآخرين ..، وأمَلي بأنهم من الوعي بـِمَحِلٍّ ..، بحيث يُمعنون بكتابي ، ويعون عن قولي ..، وأنا جازمٌ أن أملي ليس بخائب ..، فأنا أعلم أن من أحدثهم عقلاء الناس ...
أتمنى أن يظل ( أحمد الفريدي ) لاعبا ممتازا ، مهاريا ، وأن يتطور مستواه للأفضل فالأفضل ، وأن لا يـُؤَثـِّر عليه طرفا الحد ..، الشهرة والخذلان ..،
أشكركم أخيرا من فتحتم هذا الموضوع ، وشرفتموني وأسعدتموني بقراءة الموضوع ..، أشكركم جزيل الشكر ، والسلام عليكم
..،
الوضع الشجري
