الأفراح والليالي الملاح التي يقيمها (القلة) هذه الأيام بمناسبة عدم تحقيق الهلال كأس آسيا تدلل على مكانة الهلال، وتؤكد أنه (قضية) في كل حالاته، فهي له لا عليه، هذا هو شأن العظماء الذي يسيرون ويعملون ويتركون الناس بما خلّفوه يشتغلون، حاله وحالهم كحال الناس في زمن أبي الطيب المتنبي في صورة وصفها ببيتين مشهورين:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صمم

أنام ملء عيوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصم!

فكأن الهلال أبو الطيب، وكأن الرياضيين منشدو شعره في آفاق المعمورة، يتلقف الناس إبداعه ويتناقلونه، وينشغلون به، فاختلفوا معه وعليه منذ العصر العباسي إلى الآن، وهذا هو الهلال، كل صغيرة وكبيرة هي محل جدل، يلعب فيفوز ويخسر، يسير في طريقه، فيما الآخرون خلفه يتصارعون!

الهلال إن فاز صار قضية الرياضيين، وإن هزم صار قضيتهم أيضا، تذبح الخراف والحواشي إن فاز، وتذبح إن هُزم، أي أن الهلال يظل طرفا في كل الصراعات الدائرة، الناس حوله بين محب وحاسد، أما (الكراهية) فسأستبعدها من حساباتي لأنني لا أعرف أنه صدر منه ما يوجب كراهته، فأنا لا أجد تفسيرا لفرحة القلة بخروجه من دوري أبطال آسيا إلا بالحسد، لو أفلس من بطولة محلية وفرحت بها مجموعة من الناس لكان معهم حق لأن تعثره يعني تفوق الفريق الذي يميلون إليه، لكن في هذه الحالة لا قيمة لخسارته عندهم لأن الطرف الآخر فريق إيراني لا يوجد من يعرفه قبل أن يلعب مع الهلال!

لو أردت استطلاع الأمر فسألت من أقام الولائم عن سبب فرحتهم الهستيرية فلن تعدم من الخروج بإجابات تبرر مواقفهم، سيقول لك قائل: (لأنه فريق التحكيم)، والكل يعرف أن التحكيم ضره أكثر مما نفعه داخليا وخارجيا، وسيقول لك قائل: (لأنه فريق الإعلام)، والإعلام له هدف تسويقي يتجه إلى صاحب الجماهيرية الأقوى ليخطب ود جمهوره، وسيقول قائل: (هو النادي المدلل)، وسيبرر بأن لاعبي المنتخب والإداريين وخلافهم منه، ويغيب عنه أن نجاحه فنيا وإداريا أجبر المسؤولين على اختيار القيادات منه، ولو جادلت مئة سنة فلن تخرج بنتيجة!

ما يميز جمهور الهلال أنه أخذ مصلا كافيا بعد سنوات من حملات الهجوم المكثف على ناديه، فصار (يطنش)، بل ويضحك، لي صديق (وسيع صدر) هلالي حتى النخاع لا يرد من يعزمه على هزيمة الهلال، فهو يرى أنه من الواجب إجابة الدعوة طالما أن الهلال لن يلحقه أي ضرر!!

بقايا...

**في الهلال يحضر الثواب ويغيب العقاب، فالمكافأة لن تجلب منجزا ما لم يرافقها حساب شديد في حالة التقصير، ليس بحجب المكافآت أو التقليل منها، بل عبر وسائل أخرى، التوازن بين الثواب والعقاب مبدأ شرعي واجتماعي وإداري.

**بسرعة البرق تخلص لاعبو الهلال من أزمة الخروج من الآسيوية فحاصروا مرمى النصر، عسى أن يكون رغبة في إرضاء الجمهور، لا لأنهم لم يهتموا بالآسيوية أصلا!!

**غضب مني الكثيرون حينما طالبت بتسريح (غريتس) بعد أن تأكد تعاقده مع المغرب في مقالة لي نشرت قبل حوالي شهرين وحينها بررت بأن جسده مع الهلال وعقله في المغرب، والآن الجميع يهاجمه ويتمنى لو أنه رحل منذ ذلك الحين!

**لو أن المدرب غير (غريتس) لأخذ الهلال بطولة آسيا بسهولة!