المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 07/09/2002, 02:54 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
الحذر الحذر--------------- بدع شهر رجب

نقولات من طلبة العلم عن التحذير من الابتداع في شهر رجب وتفضيله عن غيره من الشهور.
وهي ما بين خطبة ومقال .

النقل الأول :.
خطبة لفضيلة الشيخ سعود الشريم.

الخطبة الأولى
أما بعد:
فاعلموا أيها الناس، أن الدين الإسلامي كغيره من الشرائع السماوية التي أرسل الله الرسل من أجلها، دين مبني على الاتباع والاقتداء والتأسي. ولا يصير الدين دينا إلا إذا كان الخضوع فيه للحق ـ سبحانه ـ؛ حيث إنه لا يفهم دين بلا خضوع ولا اتباع.

وإن خير هدي ينتهجه المفلحون، وخير طريق يسلكه الصالحون، هو هدي رسول الله ، والطريق الذي رسمه للأمة في كل اتجاه، فلا هدي أحسن من هديه، ولا طريق أقوم من طريقه، وهيهات هيهات أن يأتي الخلف في أعقاب الزمن، بخير مما كان عليه السلف الصالح في عصور النور.

ومن غربة الدين، أن تلتصق به المحدثات، والمسلم الحصيف يتجه نحو المعين الصافي، يشرب منه فيرتوي، ويقصد مصدر النور، يقتبس من إشعاعه فيهتدي، وإن النور لا يتم إلا بهدي الله وكتاب الله وحكم الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]. صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَـاٰبِدونَ [البقرة:138].

أيها الناس، إن عصر المسلمين الحاضر، يعد عصر تجدد وانتقال، كما كانت عصور المسلمين الأولى، إبان اختلاطهم بالحضارات الفلسفية والثقافات الإغريقية، حين أخذوا من أهلها وأعطوهم؛ فاختلط الناس بالغازين، وبأفكارهم الأجنبية عنهم؛ فجنحوا إلى شرعة الغير، إذْ وافقت أهواءهم، واشرأبت لها شهواتهم ورغباتهم.

وتمثل ذلك جليا في أخذ أهل تلك العصور من المسلمين بما وضعه قادة الغزاة التتر، فيما أسموه بالياسق، الذي قال عنه ابن كثير ـ رحمه الله ـ: (وفيه أن من زنى قتل محصنا أو غير محصن، وكذلك من لاط قتل، ومن تعمد الكذب قتل، ومن بال في الماء الواقف قتل، ومن انغمس فيه قتل، ومن أطعم أسيرا أو سقاه بغير إذن أهله قتل) إلى غير ذلك من البدع الكفرية والترهات البشرية، المخالفة لمنهج الله وشرعته.

في عصور الانتقال، تتعدد مسالك الحياة، وتتزاحم المذاهب الدخيلة، والدعوات الدعية، ومكان السنة بين هذه الدعوات والمذاهب، أنها دعوة كمال، فكلما تردد الإنسان بين طريقين، دعته السنة إلى خيرهما، وإن تردد العقل بين حق وباطل، دعته السنة إلى الحق، وبهذا يعلم أن دعوة السنة، كانت لأصعب الطريقين، وأشق الأمرين بالنسبة لأهواء البشر، وسبب ذلك هو أن الانحدار مع الهوى سهل يسير، ولكن الصعود إلى العلو صعب وشاق، وإن الماء ينزل وحده حتى يستقر في قرارة الوادي، ولكنه لا يصعد إلى العلو، إلا بالجهد والمضخات.

إن إبليس ـ عليه لعائن الله ـ قد احتال بفنون الحيل على الخلق، وأمال أكثرهم عن العلم، الذي هو مصباح السالك، فتركهم يتخبطون في ظلمات الجهل، وأدخل عليهم في دينهم من رهبانية ابتدعوها ما كتبها الله عليهم، جمعت لهم الإعراض عن علم الشريعة، مع سوء الفهم للمقصود منها فحدثت منهم بدع قبيحة، وألزمهم إبليس زاوية التعبد، وأظهر لهم من الخزعبلات والطقوس ما أوجب إقبال العوام عليهم فجعل إلههم هواهم.

عباد الله، إن البدع المحدثة فيها مع سوء الظن بصاحب الرسالة تشويه لجمال الدين، وطمس لمعالم السنن، وحيلولة بين الناس وبين دينهم الصحيح، والحكم الفصل في ذلك، هو الوقوف عند السنن، ورد الأمور إلى حكم الله وحكم رسوله وَأَنَّ هَـٰذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153].

وكل سبيل غير صراط الله، عليه شيطان يدعو إليه فيحببهم في البدعة، ويبعدهم عن السنة وهي مرحلة من مراحل الشيطان، التي يتدرج بها مع المسلم؛ حيث يدعوه إلى شبهات من الابتداع زيادةً ونقصا في الاعتقاد والعمل، والمتورطون في ذلك من الأمة كثير، وللشيطان في ذلك جولات وانتصارات، إما بأن يعتقد العبد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله، من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين، التي لا يقبل الله منها شيئا.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وهاتان البدعتان، في الغالب متلازمتان، قل أن تنفك إحداهما عن الأخرى كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال؛ فاشتغل الزوجان بالعرس، فلم يفجؤهم، إلا وأولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام، تضج منهم العباد والبلاد إلى الله ـ تعالى ـ.

قال سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يرجع منها، والبدعة لا يرجع منها.

أيها الناس، قال رسول الله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) [رواه البخاري ومسلم][1]، وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) [2].

هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، فكل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء. قال النووي ـ رحمه الله ـ: هذا الحديث، مما ينبغي حفظه، واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به كذلك.

وأهل السنة والجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، استقر كتاب الله وسنة رسوله في سويداء قلوبهم، فمراد الله ومراد رسوله عندهم، قد خلدا بهذين الوحيين، فلا تعقيب لأحد بعد الله ورسوله، ولا يزالون منذ فتحت للفهم عقولهم، ووجه شطر العلم طلبهم، ينظرون في عقلياته وشرعياته، وأصوله وفروعه، إلى أن من عليهم الرب الكريم، فشرح لهم من معاني الشريعة، ما لم يكن في غيرهم، وألقى في نفوسهم أن الدين قد كمل، وأن السعادة فيما وضع، والطلبة فيما شرع، وما سوى ذلك فضلال وبهتان. وأن العاقد عليهما بكلتا يديه، مستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وما سواها فأوهام وخيالات، تندرس بها سنة الرسول، حتى تمد البدع أعناقها، فيشكل مرماها على جمهور المصلحين.

وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

قال حذيفة بن اليمان : (كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد فلا تعبدوها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالا)، وقال مالك بن أنس: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة :3]. فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا).

وصدق رسول الله إذ يقول: ((ما من نبي بعثه الله ـ عز وجل ـ إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وأن يحذر أمته من شر ما يعلمه لهم)) [رواه مسلم][3].

أيها المسلمون، قال رسول الله : ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)) [رواه أبو داود والترمذي][4].

والبدعة هي ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وهي تؤخذ في الغالب تقليدا لشيخ معظم، أو والد محترم، أو مجتمع تقدس عاداته، أو أفكار تستحسن، أو مبادئ تستورد، وما وفد على الأمم الممزقة الحائرة، من دخل وابتداع، كان نتاج التقليد الأعمى، والانقياد الأرعن، الذي أدخل عليهم ما شاء الله أن يدخل، من البدع والأهواء.

والبدع سريعة الانتشار، تنجم كقرون المعزى، تستلفت أنظار الدهماء فيعمى دونها الذين لا يبصرون، ويصم عنها الذين هم عن السمع معزولون، فتعود صغار البدع عندهم كبيرة، بعد أن كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت، وصارت دينا يدان بها، فخالف أصحابها الصراط المستقيم.

ولما كثرت البدع وعم ضررها، ودام الانكباب على العمل بها، والسكوت من أهل العلم والفقه عن الإنكار لها، صارت وكأنها سنن مقررات، وشرائع محررات؛ فاختلط المشروع بغيره، والتبس بعضها ببعض إلا على من عصمه الله، مع أن الداخل في هذا الأمر اليوم، فاقد المساعد إلا ما شاء الله، ينحو منحى عمر بن عبد العزيز ؛ حيث يقول: (ألا وإني أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره).

فرحم الله الخليفة ابن عبد العزيز؛ إذ التنبيه على البدع، أمر لا سبيل إلى إهماله، ولا يسع أحدا ممن له منّة، إلا أن يأخذ بالحزم والعزم المشوبين بالحكمة والموعظة الحسنة، في بثه بعد تحصيله، وإن كره المخالف، فكراهيته لا حجة فيها على الحق ألا يرفع مناره، وألا تكشف وتجلى أنواره.

قال سيد التابعين أويس القرني ـ رحمه الله ـ: (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لم يدعا للمؤمن صديقا؛ نأمرهم بالمعروف، فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين، حتى والله رموني بالعظام، وايم الله، لن أدع أن أقوم فيهم بحقه).

وقال الأوزاعي ـ رحمه الله ـ: (إن السلف ـ رحمهم الله ـ تشتد ألسنتهم على أهل البدع، وتشمئز قلوبهم منهم، ويحذرون الناس بدعتهم، ولو كانوا مستترين ببدعتهم دون الناس، ما كان لأحد أن يهتك سترا عليهم، ولا يظهر منهم عورة، الله أولى بالأخذ بها، وبالتوبة عليها، فأما إذا جاهروا، فنشر العلم حياة، والبلاغ عن رسول الله رحمة، يعتصم بها على مصر ملحد).

فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا البدع، صغيرها وكبيرها، واعلموا أن من ابتدع بدعة في الإسلام فعليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [النحل:25]. قال رسول الله : ((من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا)) [رواه مسلم][5].

وقال : ((ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم كفل منها؛ لأنه أول من سن القتل)) [رواه مسلم][6].

فليتق امرؤ ربه، ولينظر قبل الإحداث، في أي مزلة يضع قدمه، وهو لا يدري ما الذي يوضع له في ميزان سيئاته، مما ليس في حسابه ولا شعر أنه عمله.

اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأقوال والأعمال والأهواء والأدواء.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم …



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح البخاري ح (2697) ، صحيح مسلم ح (1718).

[2] صحيح مسلم ح (1718).

[3] صحيح مسلم ح (1844).

[4] صحيح ، سنن أبي داود ح (4607) ، سنن الترمذي ح (2676) ، وقال : حسن صحيح. كما أخرج أحمد (4/126-127) والدارمي ح (95).

[5] صحيح مسلم ح (1017).

[6] صحيح مسلم ح (1677) ، وأخرجه أيضاً البخاري ح (3335).




الخطبة الثانية



الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن البدع خطيرة، وشرها مستطير، ما فشت في قوم إلا كانت نذير شؤم وخطر، فكل ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، أو عمل على غير مراد الله ورسوله فهو رد، كائنا ما كان، في العبادات، أو المعاملات، أو السياسات، أو الاقتصاد، أو الحكم أو الثقافة، أو غير ذلك.

وقد حذر السلف الصالح، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أشد التحذير منها، ومن مرتكبيها، وقد أوصى الخليفة الراشد، عمر بن عبد العزيز أحد ولاته فقال: (أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه ٍ وترك ما أحدث المحدثون، بعدما جرت به سنته وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإنها لك بإذن الله عصمة، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة، إلا قد مضى قبلها، ما هو دليل عليها أو عبرة منها، فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل، والحمق والتملق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فقد قصر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم).

ثم اعلموا ـ أيها المسلمون ـ أنه ما ظهرت بدعة وفشت، إلا وأماتت معها سنة من السنن، لأن الأصل في البدعة، أنها لم تظهر إلا بعد ترك سنة، فكانت البدعة كالعلامة الدالة على ترك طريق السنة.

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: (ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن).

وروى الإمام أحمد، عن غضيف بن الحارث أنه قال: بعث إلي عبد الملك بن مروان، فقال: يا أبا سليمان، إنا قد جمعنا الناس على أمرين، فقلت: وما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد العصر والصبح. فقلت: أما إنها أمثل بدعتكم عندي، ولست بمجيبكم إلى شيء منها. قال: لم؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أحدث قوم بدعة، إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة، خير من إحداث بدعة))[1].

ثم اعلموا ـ أيها المسلمون ـ أن فئاما من الناس، ينشطون للعبادة في شهر رجب، وتتوق أنفسهم لها، كأنما تنحدر من صبب، واستمعوا ـ حفظكم الله ـ إلى كلام الحافظ ابن رجب عن شهر رجب، فقد أتى بما به يُقضى العجب، فقال ـ رحمه الله ـ في لطائفه: (وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصح شيء من ذلك. وأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، لا عن النبي ولا عن أصحابه. والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب، في أول ليلة جمعة من شهر رجب، كذب وباطل لا تصح، وأما الاعتمار فقد أنكرت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن يكون النبي اعتمر في شهر رجب؛ بل هو كغيره من الشهور. وأما الصيام، فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه، شيء عن النبي ولا عن أصحابه).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ: (وقد أحدث الناس في هذا الشهر عبادات لم يشرعها الله ورسوله، ومن ذلك تعظيم أول خميس منه، وليلة أول جمعة منه فإن ذلك إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة، ولا يجوز تعظيم هذا اليوم؛ لأنه مثل غيره من الأيام).

هذا، وصلوا ـ رحمكم الله ـ على خير البرية وأفضل البشرية.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] مسند أحمد (4/105). وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" أن إسناده جيد.


http://www.alminbar.cc/alkhutab/khut...?mediaURL=1383
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07/09/2002, 02:56 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
النقل الثاني
فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين ، وأتم علينا النعمة ، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة .

أما بعد :

فقد قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) المائدة /3 ، وقال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) الشورى /21 .

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ..

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة يوم الجمعة : ( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) .

والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها نعمته ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا عندما بلّغ البلاغ المبين ، وبيّن للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال ، وأوضح صلى الله عليه وسلم : أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه للإسلام من أقوال وأعمال ، فكله مردود على من أحدثه ، ولو حسن قصده ، وقد عرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ، وهكذا علماء الإسلام بعدهم ، فأنكروا البدع وحذروا منها كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة ، كابن وضاح والطرطوشي ، وابن شامة وغيرهم .

ومن البدع التي أحدثها بعض الناس : بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وتخصيص يومها بالصيام ، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه ، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها ، وما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع ، كما نبّه على ذلك كثير من أهل العلم ، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله .

وورد فيها أيضاً آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم ، والذي عليه جمهور العلماء : أن الاحتفال بها بدعة ، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة ، وبعضها موضوع ، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب في كتابه ( لطائف المعارف ) وغيره ، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي ثبت أصلها بأدلة صحيحة ، وأما الاحتفال بليلة النصف من شعبان فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة .

وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله عز وجل ، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع ، وما خالفهما وجب اطّرَاحه ، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعلها ، فضلاً عن الدعوة إليها وتحبيذها ، كما قال الله سبحانه وتعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) النساء/59 ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) الشورى /10 ، وقال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) آل عمران /31 . وقال عز وجل : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء /65 .

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة ، ووجوب الرضى بحكمهما ، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان ، وخير للعباد في العاجل والآجل : ( وأحسن تأويلاً ) أي : عاقبة .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه : ( لطائف المعارف ) في هذه المسألة - بعد كلام سبق - : ( وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام ، كخالد بن معدان ، ومكحول ، ولقمان بن عامر ، وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها ، وقد قيل : أنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية ، .. وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز ، منهم عطاء ، وابن أبي مليكة ، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة ، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم ، وقالوا : ذلك كله بدعة .. ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة النصف من شعبان ، .. ) إلى أن قال رحمه الله : قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه .. ) .

انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله .

وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في ليلة النصف من شعبان .

وكل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً ؛ لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله سواء فعله مفرداً أو في جماعة ، وسواء أسرّه أو أعلنه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها .

وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله ، في كتابه ( الحوادث والبدع ) ما نصه : ( وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال : ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول ، ولا يرون لها فضلاً على ما سواها ، وقيل لابن أبي مليكة : إن زياداً النميري يقول : إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر ، فقال : لو سمعته وبيدي عصاً لضربته . وكان زياداً قاصاً ) انتهى المقصود .

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في ( الفوائد المجموعة ) ما نصه : ( حديث : يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان ، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب ، و( قل هو الله أحد ) عشر مرات ، إلا قضى الله له كل حاجة ... الخ ) وهو موضوع [ أي مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ] ، وفي ألفاظه - المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب - ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه ، ورجاله مجهولون ، وقد روي من طريق ثانية كلها موضوعة ، ورواتها مجاهيل .

وقال في ( المختصر ) : حديث صلاة نصف شعبان باطل ، ولابن حبان من حديث علي : ( إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ) ضعيف .

وقال في ( اللآلئ ) : مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات ... موضوع وجمهور رواته في الطرق الثلاث ، مجاهيل وضعفاء ، قال : واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة ، موضوع وأربع عشرة موضوع .

وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء ، كصاحب ( الإحياء ) وغيره ، وكذا من المفسرين ، وقد رويت صلاة هذه الليلة - أعني : ليلة النصف من شعبان - على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة ، .. انتهى المقصود .

وقال الحافظ العراقي : ( حديث : صلاة ليلة النصف ، موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذب عليه ) .

وقال الإمام النووي في كتاب ( المجموع ) : ( الصلاة المعروفة بـ : صلاة الرغائب ، وهي : اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب ، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة ، وهاتان الصلاتان بدعتان منكرتان ، ولا يُغتر بذكرهما في كتاب ( قوت القلوب ) و ( إحياء علوم الدين ) ، ولا بالحديث المذكور فيهما ، فإن كل ذلك باطل ، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما ، فإنه غلط في ذلك ) .

وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما ، فأحسن وأجاد ، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً ، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطّلعنا عليه من كلامهم في هذه المسألة لطال بنا الكلام ، ولعل في ما ذكرنا كفاية ومقنعاً لطالب الحق .

ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم يتضح لطالب الحق : أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها ، وتخصيص يومها بالصيام ، بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر ، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم ، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وما جاء في معناها من الآيات .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي ما جاء في معناه من الأحاديث ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم ) .

فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزاً ، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيره ، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس ، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي ، ذل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيص شيء منها من العبادة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص .

ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها ، نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها ، وفعل ذلك بنفسه كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) ، ( ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) .

فلو كانت ليلة النصف من شعبان ، أو ليلة أول جمعة من رجب ، أو ليلة الإسراء والمعراج بشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إليه أو فعله بنفسه ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة ولم يكتموه عنها ، وهم خير الناس وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم .

وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء : أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب ، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام ، وهكذا تخصيصهما بشيء من العبادة بدعة منكرة ، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج ، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة ، كما لا يجوز الاحتفال بها للأدلة السابقة ، هذا لو عُلمت فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف ؟! وقول من قال : أنها ليلة سبع وعشرين من رجب ، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة ، ولقد أحسن من قال :

وخير الأمور السالفات على الهدى ***************** وشر الأمور المحدثات البدائع

والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها والحذر مما خالفها إنه جواد كريم .

وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

انتهى بتصرّف واختصار من مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 2/882

http://www.workforislam.com/html/News/shaban.htm
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07/09/2002, 02:58 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
النقل الثالث

بدع رجب
محمد صالح المنجد

الحمد لله الواحد القهار والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار . وبعد :

فالحمد لله القائل : " وربك يخلق ما يشاء ويختار " ، والاختيار هو الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته .
ومن اختياره وتفضيله اختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض ، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرما قال تعالى : " إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم " . وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار .


والأشهر الحرم وردت في الآية مبهمة ولم تحدد اسماؤها وجاءت السُنة بذكرها : فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته : إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان . رواه البخاري رقم (1741) في الحج باب الخطبة أيام منى ، ورواه مسلم رقم (1679) في القسامة باب تحريم الدماء .
وسمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى : " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله " .

وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك .

- سبب تسميته :
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ص445) :
رجب : الراء والجيم والباء أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته ... ومن هذا الباب : رجبت الشيء أي عظّمته ... فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضا ..أ.هـ.
وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنّة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال : كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر ، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة ( كوم من تراب ) ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب . [رواه البخاري]
قال البيهقي : كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهرَ رجب فكانوا لا يقاتلون فيه .ا.هـ.
- رجب شهر حرام :
إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة ومنها شهر رجب لأنه أحد هذه الأشهر الحرم قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " .
أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده .
وقال تعالى : " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " أي في هذه الأشهر المحرمة . والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -
فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة ، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله ؛ ولذلك حذرنا الله في الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه - أي ظلم النفس ويشمل المعاصي - يحرم في جميع الشهور .
- القتال في الشهر الحرام :
قال تعالى : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير "
جمهور العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى : " فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا .
واستدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم .
وقال آخرون : لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز . وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في شوال .
وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود فيه الدفع ، فإذا دهم العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره .
العَتِيرَة :
كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها لأوثانهم .
فلما جاء الإسلام بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة رجب فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن فعل العتيرة منسوخ واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا فرع ولا عتيرة . رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة .
وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة وقالوا تستحب العتيرة وهو قول ابن سيرين .
قال ابن حجر : ويؤيده ما أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة قال : نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا . قال : اذبحوا في أي شهر كان ……الحديث .
قال ابن حجر : فلم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب .
الصوم في رجب :
لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه .
وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور ، من صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم ، والصيام من سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر . وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية . ( الإرواء 957 وقال الألباني : صحيح)
قال الإمام ابن القيم : ولم يصم صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا ( أي رجب وشعبان ورمضان ) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه .
وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل رجب : لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة : أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلا في الشرع .
العُمرة في رجب :
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب كما ورد عن مجاهد قال : دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل : كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربعا إحداهن في رجب . فكرهنا أن نرد عليه قال : وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين ( أي صوت السواك ) في الحجرة فقال عروة : يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبدالرحمن ؟ قالت : ما يقول ؟ قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في رجب . قالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد ( أي حاضر معه ) وما اعتمر في رجب قط . متفق عليه وجاء عند مسلم : وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم .
قال النووي : سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك.
ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معيّن ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب قال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة 724هـ : ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفا اعتياد كثرة الاعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلا بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال : عمرة في رمضان تعدل حجة .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه : أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر غلآ ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه ا.هـ.
ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن بل كان مصادفة أو لأنّه تيسّر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك .
البدع المحدثة في شهر رجب :
إن الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين قال تعالى : " اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد . متفق عليه وفي رواية لمسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد . وقد ابتدع بعض الناس في رجب أمورا متعددة فمن ذلك :
- صلاة الرغائب وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد اختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من رجب قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم والحديث المروي فيها كذب بإجماع لأهل المعرقة بالحديث .ا.هـ.
- وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك ؛ فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في ليلة السابع والعشرين منه ، وقيل : في الخامس والعشرين ، ولا يصح شيء من ذلك ، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي كان في السابع والعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره . فأصبح من بدع هذا الشهر قراءة قصة المعراج والاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رجب ، وتخصيص تلك الليلة بزيادة عبادة كقيام ليل أو صيام نهار ، أو ما يظهر فيها من الفرح والغبطة ، وما يقام من احتفالات تصاحبها المحرمات الصريحة كالاختلاط والأغاني والموسيقى وهذا كله لا يجوز في العيدين الشرعيين فضلا عن الأعياد المبتدعة ، أضف إلى ذلك أن هذا التاريخ لم يثبت جزما وقوع الإسراء والمعراج فيه ، ولو ثبت فلا يعد ذلك شرعا مبررا للاحتفال فيه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم ولا عن أحد من سلف هذه الأمة الأخيار ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، والله المستعان . .
- صلاة أم داود في نصف رجب .
- التصدق عن روح الموتى في رجب .
- الأدعية التي تقال في رجب بخصوصه كلها مخترعة ومبتدعة .
- تخصيص زيارة المقابر في رجب وهذه بدعة محدثة أيضا فالزيارة تكون في أي وقت من العام .
نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

محمد صالح المنجد

http://www.almontada.org/waraqat/mawasim/mawasim-11.htm
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07/09/2002, 03:01 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
النقل الرابع

خطبة للشيخ عبد الرحمن السديس

الخطبة الأولى

أما بعد:

عباد الله: يقول الله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم والأشهر الحرم هي هذا الشهر الذي أنتم فيه ذو القعدة وسمى بذلك لأن العرب كانوا يقعدون فيه عن القتال بعد أن كان مستمراً بينهم شعبان ورمضان وشوال، فإذا هل هلال هذا الشهر قعدوا عن القتال ثلاثة أشهر هي هذا الشهر وذو الحجة والمحرم ثم عادوا للغزو والسلب والقتال حتى يحلل هلال رجب وهذه الأربعة الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد وهو شهر الله رجب الفرد، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شهر رجب والصيام فيه حديث، وقد بين الإمام ابن حجر رحمة الله عليه في رسالة تبين العجب في فضل رجب أنه لم يثبت عن النبي في فضل شهر رجب حديث، وكل ما جاء فيه فهو إما ضعيف أو موضوع، وهو منشأ المثل الشائع عند العامة اليوم حيث يقولون (لا يعجبه عجب ولا الصيام برجب) مما يوحى بشدة فضيلة ذلك وهو مما لا دليل عليه ولا أصل ثابت له.

وقد كان المشركون يتشاءمون من شهر صفر لأنهم يعودون فيه إلى السلب والنهب والغزو والقتل بعد الكف عنها في الأشهر الحرم فنفى النبي تشائمهم وحرمه بقوله: ((لا صفر)) لأن المقرر للأحداث والأشياء هو الله، ولا دخل لله هو وشهوره فيما يقع في الكون من خير وضير، فمن سب الدهر أو شيئاً منه شهراً أو يوماً أو سنة أو ساعة فكأنما أعتقد أنما هو مسبب وخالق الضر الذي حل به، ولذا نهى النبي عن سب الدهر وقال: ((لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر يقلب ليله ونهاره)) أي أنما نسبتموه إلى الدهر وإنما وقع بقضاء الله وقدره، والله خالقه، فمن سب الدهر بسبب ما وقع فيه من أقدار ضارة له فكأنما سب الله مقدر الأقدار كلها ومقلب الليل والنهار، ولذا فإذا غضبت من شخص فلا يجوز أن تلعن الساعة التي قد عرفتك به أو جمعتك به، وإذا غضبت من امرأتك فلا تلعن الساعة التي تزوجتها فيها أو غضبت من شريك لك في تجارة فلا تلعن الساعة التي قد اشتركت معه فيها ونحو ذلك، لأن هذا كله من سب الدهر.

وقد كان مشركو العرب يتلاعبون بحرمة هذه الأشهر فيؤخرون حرمة شهر الله المحرم إلى صفر إذا أرادوا فيه قتالاً ويسمونه النسيء، وقد أبطل الله نسيئهم هذا وبين أنه إمعان في الكفر وإيغال في الضلالة بقوله سبحانه: إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله أي ليبقوا على عدد الأشهر الحرم أربعة فيرحلوا حرمة المحرم إلى صفر ويقولون شهر بشهر ويحلون المحرم عاما، ويحلونه عاما فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين.

ويا لسوء عمل من أحل ما حرم الله والله لا يهدي القوم الكافرين قل أريتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون.

قد بلغ تلاعب المشركين بالأشهر مبلغاً غيرها عن هيئتها الأولى يوم خلق الله السموات والأرض، ولو استمرت على تلاعبهم لما كان يقين في صوم ولا حج، ولكن الله بفضله وكرمه جعل حجة النبي في السنة العاشرة من الهجرة منطلقاً لضبط الأشهر فوقوفه بعرفة واقع موقعه في اليوم التاسع من ذي الحجة وعيده في اليوم العاشر منه، وأعلنها صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)) فأبطل بإعلانه هذا كل نسيء نسأه المشركون، وضبط التاريخ بوقوفه بعرفة وكل تقديم يوم أو تأخير يوم في شهر من الشهور يعود الهلال فيضبطه والشهر القمري إما ثلاثون يوماً أو تسعة وعشرون يوما كما صح ذلك عن النبي : ((فصومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وحجكم يوم تحجون، وأضحاكم يوم تضحون)).

والنذور والعدد وسائر الأحكام الشرعية هي بهذه الأشهر القمرية لا بغيرها يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ومن تمام نعمته تعالى علينا أن ردها على هيئتها يوم خلق السموات والأرض ثم ضبطها أهل الإسلام أتباع سيد ولد آدم فلتهننا هذه الثقة بميقات حجنا وصومنا وفطرنا وأضحانا وأشهرنا الحرم، ولنشكر الله على ما هدانا وإن كنا من قبله لمن الضالين.

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله: إن الذي جعل لنا من الأشهر الأربعة حرماً نهانا أن نظلم فيهن أنفسنا بقوله ومنها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ولئن كان ظلم النفس محرماً في كل حين فهو في الأشهر الحرم أشد حرمة، ولئن كان المراد الأول بظلم المنهي عنه بفعل النسيء الذي كان يفعله المشركون أو ظلمها بالمقاتلة في الأشهر الحرم التي حرم الله القتال فيها إلا أن ظلم النفس أعم مدلولاً وأشمل معنى، إن ظلماً لأنفسكم يا عباد الله أن لا تسئلوا عن أحكام دينكم والله سبحانه يقول: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ويقول: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم والنبي يقول: ((هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال)) إن ظلما لأنفسكم يا عباد الله أن توردوها موارد الهلاك في الدنيا والآخرة بالإعراض عما علمتموه من دين ربكم فتعرفون الحرام وترتكبونه والواجب فلا تفعلونه.

إن ظلماً لأنفسنا يا عباد الله أن نعيش رائحين وغادين لا نحمل همّ ديننا لا ندعو به ولا ندعو إليه ولا ندعو له ولأنصاره، إن ظلماً لأنفسنا يا عباد الله أن تمر بنا مواسم والنفحات فلا نستغلها إلا في جمع الدرهم والدينار، ونحن في غفلة عن حقيقة موازين حسناتنا يوم القيامة، إن ظلماً لأنفسنا يا عباد الله أن نقابل نعم الله علينا بالنكران لا بالشكران، فنعمة البصر سخرناها في النظر إلى ما حرم الله، ونعمة السمع سخرناها في سماع ما حرم الله علينا، ونعمة النطق سخرناها في قالة السوء من غيبة ونميمه وكذب وسوء وبهتان وزور وغيرها من آفات اللسان.

تأمل معي يا عبد الله كم لله عليك من نعمه ثم انظر هل سخرت كل نعمه فيما يرضيه فكنت من الشاكرين أم أنك استعنت بنعيمه على معاصيه، والله سبحانه يقول: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ويقول: وما بكم من نعمة فمن الله ويقول: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.

اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

http://www.alminbar.tv/alkhutab/khut...?mediaURL=3075
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08/09/2002, 05:59 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 04/12/2001
المكان: مع الزعيم في المنصات
مشاركات: 1,987
جزاك الله كل خير وجنبنا البدع
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 08:02 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube