المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 02/11/2009, 10:27 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة المؤمنون (9)

ثم ذكر تعالى، سوء مصير الكافرين فقال‏:‏ ‏{‏تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ‏}‏ أي‏:‏ تغشاهم من جميع جوانبهم، حتى تصيب أعضاءهم الشريفة، ويتقطع لهبها عن وجوههم، ‏{‏وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ‏}‏ قد عبست وجوههم، وقلصت شفاههم، من شدة ما هم فيه، وعظيم ما يلقونه ، فيقال لهم ـ توبيخًا ولومًا ـ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ‏}‏ تدعون بها، لتؤمنوا، وتعرض عليكم لتنظروا، ‏{‏فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ‏}‏ ظلما منكم وعنادا، وهي آيات بينات، دالات على الحق والباطل، مبينات للمحق والمبطل ، فحينئذ أقروا بظلمهم، حيث لا ينفع الإقرار ‏{‏قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا‏}‏ أي‏:‏ غلبت علينا الشقاوة الناشئة عن الظلم والإعراض عن الحق، والإقبال على ما يضر، وترك ما ينفع، ‏{‏وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ‏}‏ في عملهم، وإن كانوا يدرون أنهم ظالمون، أي‏:‏ فعلنا في الدنيا فعل التائه، الضال السفيه، كما قالوا في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏ ‏{‏رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ‏}‏ وهم كاذبون في وعدهم هذا، فإنهم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ‏}‏ ولم يبق الله لهم حجة، بل قطع أعذارهم، وعمرهم في الدنيا، ما يتذكر فيه ‏[‏من‏}‏ المتذكر، ويرتدع فيه المجرم، فقال الله جوابا لسؤالهم‏:‏ ‏{‏اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ‏}‏ وهذا القول ـ نسأله تعالى العافيةـ أعظم قول على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييب، والتوبيخ، والذل، والخسار، والتأييس من كل خير، والبشرى بكل شر، وهذا الكلام والغضب من الرب الرحيم، أشد عليهم وأبلغ في نكايتهم من عذاب الجحيم ، ثم ذكر الحال التي أوصلتهم إلى العذاب، وقطعت عنهم الرحمة فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ‏}‏ فجمعوا بين الإيمان المقتضي لأعماله الصالحة، والدعاء لربهم بالمغفرة والرحمة، والتوسل إليه بربوبيته، ومنته عليهم بالإيمان، والإخبار بسعة رحمته، وعموم إحسانه، وفي ضمنه، ما يدل على خضوعهم وخشوعهم، وانكسارهم لربهم، وخوفهم ورجائهم‏.‏
فهؤلاء سادات الناس وفضلائهم، ‏{‏فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ‏}‏ أيها الكفرة الأنذال ناقصو العقول والأحلام ‏{‏سِخْرِيًّا‏}‏ تهزءون بهم وتحتقرونهم، حتى اشتغلتم بذلك السفه‏.‏ ‏{‏حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ‏}‏ وهذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر، اشتغالهم بالاستهزاء بهم، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء، فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجراءة جراءة‏؟‏‏!‏
‏{‏إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا‏}‏ على طاعتي، وعلى أذاكم، حتى وصلوا إلي‏.‏ ‏{‏أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ‏}‏ بالنعيم المقيم، والنجاة من الجحيم، كما قال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ‏}‏ الآيات‏.‏
‏{‏قَالَ‏}‏ لهم على وجه اللوم، وأنهم سفهاء الأحلام، حيث اكتسبوا في هذه المدة اليسيرة كل شر أوصلهم إلى غضبه وعقوبته، ولم يكتسبوا ما اكتسبه المؤمنون ‏[‏من‏}‏ الخير، الذي يوصلهم إلى السعادة الدائمة ورضوان ربهم‏.‏
‏{‏كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ‏}‏ كلامهم هذا، مبني على استقصارهم جدا، لمدة مكثهم في الدنيا وأفاد ذلك، لكنه لا يفيد مقداره، ولا يعينه، فلهذا قالوا‏:‏ ‏{‏فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ‏}‏ أي‏:‏ الضابطين لعدده ، وأما هم ففي شغل شاغل وعذاب مذهل، عن معرفة عدده، فقال لهم‏:‏ ‏{‏إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ سواء عينتم عدده، أم لا ‏{‏لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏
‏[‏115 - 116‏]‏ ‏{‏أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ‏}‏
أي‏:‏ ‏{‏أَفَحَسِبْتُمْ‏}‏ أيها الخلق ‏{‏أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا‏}‏ أي‏:‏ سدى وباطلا، تأكلون وتشربون وتمرحون، وتتمتعون بلذات الدنيا، ونترككم لا نأمركم، و‏[‏لا‏}‏ ننهاكم ولا نثيبكم، ولا نعاقبكم‏؟‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ‏}‏ لا يخطر هذا ببالكم ، ‏{‏فَتَعَالَى اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ تعاظم وانتفع عن هذا الظن الباطل، الذي يرجع إلى القدح في حكمته‏.‏ ‏{‏الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ‏}‏ فكونه ملكا للخلق كلهم حقا، في صدقه، ووعده، ووعيده، مألوها معبودا، لما له من الكمال ‏{‏رَبُّ الْعَرْشِ الكريم‏}‏ فما دونه من باب أولى، يمنع أن يخلقكم عبثا‏.‏
‏[‏117 - 118‏]‏ ‏{‏وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ‏}‏‏.‏
أي‏:‏ ومن دعا مع الله آلهة غيره، بلا بينة من أمره ولا برهان يدل على ما ذهب إليه، وهذا قيد ملازم، فكل من دعا غير الله، فليس له برهان على ذلك، بل دلت البراهين على بطلان ما ذهب إليه، فأعرض عنها ظلما وعنادا، فهذا سيقدم على ربه، فيجازيه بأعماله، ولا ينيله من الفلاح شيئا، لأنه كافر، ‏{‏إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ‏}‏ فكفرهم منعهم من الفلاح‏.‏
‏{‏وَقُلْ‏}‏ داعيًا لربك مخلصا له الدين ‏{‏رَبِّ اغْفِرْ‏}‏ لنا حتى تنجينا من المكروه، وارحمنا، لتوصلنا برحمتك إلى كل خير ‏{‏وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ‏}‏ فكل راحم للعبد، فالله خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفسه‏.‏

تم تفسير سورة المؤمنين، من فضل الله وإحسانه‏.‏



تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)

استغفر الله وأتوب اليه
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 06:58 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube