12/09/2009, 06:52 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
| |
تفسير سورة الشعراء (4) {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [83]
قال إبراهيم داعيًا ربه: ربِّ امنحني العلم والفهم، وألحقني بالصالحين، واجمع بيني وبينهم في الجنة.
{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [84]
واجعل لي ثناء حسنًا وذكرًا جميلًا في الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة.
{وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} [85]
واجعلني من عبادك الذين تورثهم نعيم الجنة.
{وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [86]
واصفح لأبي عن شركه بك، ولا تعاقبه عليه, إنه كان ممن ضل عن سبيل الهدى فكفر بك. وهذا قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله, فلما تبيَّن له أنه عدو لله تبرأ منه.
{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [87]
{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} [88]
{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [89]
ولا تُلْحق بي الذل، يوم يخرج الناس من القبور للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة.
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [90]
وقُرِّبت الجنة للذين اجتنبوا الكفر والمعاصي، وأقبلوا على الله بالطاعة.
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} [91]
وأُظهرت النار للكافرين الذين ضَلُّوا عن الهدى، وتجرَّؤوا, على محارم الله وكذَّبوا رسله.
{وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} [92]
{مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} [93]
وقيل لهم توبيخًا: أين آلهتكم التي كنتم تعبدونها مِن دون الله، وتزعمون أنها تشفع لكم اليوم؟ هل ينصرونكم, فيدفعون العذاب عنكم, أو ينتصرون بدفع العذاب عن أنفسهم؟ لا شيء من ذلك.
{فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [94]
{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [95]
فجُمِعوا وألقُوا في جهنم، هم والذين أضلوهم وأعوان إبليس الذين زيَّنوا لهم الشر, لم يُفْلِت منهم أحد.
{قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} [96]
{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [97]
{ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [98]
{ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ } [99]
قالوا معترفين بخطئهم، وهم يتنازعون في جهنم مع مَن أضلوهم، تالله إننا كنا في الدنيا في ضلال واضح لا خفاء فيه; إذ نسويكم برب العالمين المستحق للعبادة وحده. وما أوقعنا في هذا المصير السيِّئ إلا المجرمون الذين دعونا إلى عبادة غير الله فاتبعناهم.
{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [100]
{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [101]
فلا أحدَ يشفع لنا، ويخلِّصنا من العذاب، ولا مَن يَصْدُق في مودتنا ويشفق علينا.
{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [102]
فليت لا رجعة إلى الدنيا, فنصير من جملة المؤمنين الناجين.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [103]
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [104]
إن في نبأ إبراهيم السابق لَعبرة لِمن يعتبر, وما صار أكثر الذين سمعوا هذا النبأ مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز القادر على الانتقام من المكذبين, الرحيم بعباده المؤمنين.
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [105]
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [106]
{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} [107]
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [108]
{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [109]
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [110]
كَذَّبت قوم نوح رسالة نبيهم، فكانوا بهذا مكذبين لجميع الرسل; لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل. إذ قال لهم أخوهم نوح: ألا تتقون الله بترك عبادة غيره؟ إني لكم رسول أمين فيما أبلغكم، فاجعلوا الإيمان وقاية لكم من عذاب الله وأطيعوني فيما آمركم به من عبادته وحده. وما أطلب منكم أجرًا على تبليغ الرسالة، ما أجري إلا على رب العالمين، المتصرف في خلقه، فاحذروا عقابه, وأطيعوني بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [111]
قال له قومه: كيف نصدِّقك ونتبعك, والذين اتبعوك أراذل الناس وأسافلهم؟
{قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [112]
فأجابهم نوح عليه السلام بقوله: لست مكلفًا بمعرفة أعمالهم, إنما كُلفت أن أدعوهم إلى الإيمان. والاعتبار بالإيمان لا بالحسب والنسب والحِرف والصنائع.
{إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ} [113]
ما حسابهم للجزاء على أعمالهم وبواطنهم إلا على ربي المطَّلِع على السرائر. لو كنتم تشعرون بذلك لما قلتم هذا الكلام.
{وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} [114]
{إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [115]
وما أنا بطارد الذين يؤمنون بدعوتي, مهما تكن حالهم؛ تلبية لرغبتكم كي تؤمنوا بي ما أنا إلا نذير بيِّن الإنذار.
تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن) سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم |