المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 29/07/2009, 03:45 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ دوق فليد
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 06/04/2006
المكان: بلجرشي الوطن والروح
مشاركات: 2,746
Smile السيد سالب..!!

حُق على كل من يقطن في مدينة من مُدننا الجميلة أن يفخر وهو يشاهد مراراً مناظر أخّاذة عديدة منها الأخاديد والخنادق "الحفر" المُنتشرة بشكل متساوٍ في الظلم في جميع أحياء مُدننا.

والحديث عن الجغرافيا وتضاريس مدننا يكاد يكون محور المجالس وحديث الصحافة والإعلام ولكن يتجه النقاش غالباً نحو صب اللعنات على البلدية التي لا تدرك حقوق المواطن في مدننا وعن سوء البنية التحتية التي نخرت وقوضت هياكل السيارات وشوهت منظر أحيائنا.
ولا مشاحاة بأن هذا هو الغالب على نقاشات معظمنا عندما نتحدث عن أخطاء حكوماتنا..

وليست الأخاديد والحفر إلا جزء منها.
فهناك ألف مشكلة ومشكلة.

العمالة المرتزقة والفوضوية.
الأسعار المرتفعة.
لصوص المال العام.
سرقات السيارات.
المرور وما أدراك ما المرور.
وغيرها الكثير..

×××

أسكن في أقصى شمال مدينتي والجامعة في أقصى الجنوب أو تكاد.
وهذا يعني مُمارسة "رحلة الشتاء والصيف" يوميّاً على الخطوط السريعة.
وهو أمر طبيعي فمن لم يطلب العُلا سيشد اللحاف ويأخذ الصفر ولا يُبالي.

ولكن غير الطبيعي أن تطاردني الحفر والأخاديد حتى في الطرق السريعة التي "يُفترض" أن تكون من مفاخر أي دولة من دول العالم السفلي..!!

في أحد تلك الطرق كان يوجد حفرة في منتصف مسار الطريق السريع بالقرب من إحدى الجسور وكنت استمتع بممارسة حركات المناورة حولها التي تذكرني بأيام الصبا عندما كُنت أدرب مايكل شوماخر على القيادة بالسيارة ولا أخفيكم بأني بعض الأحيان – وأرجو ألا تعتبروني شريراً – كنتُ استمتع وأنا أمر بعيداً عنها وأشاهد السيارات الأخرى تمر بسرعة من فوقها وأتمتم بأن ميكانيكي سيكسب قوت يومه؛ إلا أن المُؤسف حقاً والذي أوشك أن يُصيبني بالجنون أنه عدة مرات كادت سيارتي أن تذهب ضحية هذه الحفرة "اللغم" فكنت أنفس عن غضبي بلوم هذه البلدية الكسولة التي لا تأولوا جهداً لمضايقة المواطنين الصالحين أمثالي..!!

×××

إحدى الأيام كنت في مزاج جيد عندما مررت بجانب ذلك الأخدود "الحفرة" الذي غدا فرصة لصب اللعنات والتنفيس عن الغضب "فتلك الحفرة هي السبب في أعطال السيارات وهي السبب في ارتفاع أسعار السلع وهي السبب في التهديدات الإيرانية بالتسلح النووي".

بعد أن شاهدت الحفرة قررت أن أغير من أسلوب التعامل معها..
والسبب أني شخص أملك وقت فراغ + هاتف + حفرة تعترض طريق سيارتي.
وتبعاً للمعادلة الرياضية السابقة قررت أن أقوم بالاتصال على مسئول الحفر في مدينتي كي يقوم بالتعامل مع هذا العدو اللدود.

كان استعلامات الهاتف متعاوناً معي عندما أجابني بأنه لا يوجد في العالم الذي نعرفه منصب أو شخص يُدعى "مسئول الحفر" وبعد أن شرحت له مشكلتي أعطاني رقم البلدية.

اتصلت على البلدية فأجابني شخص لا أدري إن كان هو مسئول الحفر أم رئيس البلدية لمدينتي فأخبرته عن الحفرة فسألني عن إحداثياتها؛ وبما أن آخر عهدي بخطوط الطول والعرض كان في محو الأُمية "المرحلة الابتدائية" فقد أخبرته عن الجسر الذي تقع هذه الحفرة بالقرب منه فطلب مني اسمي ورقم هاتفي المحمول..!!

ولكني خشيت على نفسي من الحكومة فأعطيته اسم والدي ورقم هاتفه المحمول "حذرني والدي مراراً بأن لا أُورط نفسي في السياسة وها أنا ذا أستمع إلى نصيحته بحذافيرها ولله الحمد"
مضت بعد هذا الاتصال نحو السبعة أيام ولشدة دهشتي حدثت أعجوبة الدنيا العاشرة أمامي عندما مررت بجانب الحفرة الأخدود ووجدت أنها قد اختفت..!!

لا أخفيكم بأنه تملكني شعور بالحزن فهذه الحفرة بدأت أفتقدها، إذ أني تعايشت معها نحو سبعة أشهر وها هي البلدية تغتالها في سبعة أيام..!!

×××

قد يقول شخص ما بأني أريد أن أحكي قصة طريفة لا أساس لها من الصحة.

وقد يقول آخر بأنه قد يكون هناك الآلاف الذي اشتكوا قبلي من هذه الحفرة "وهذا يناقضه سرعة الاستجابة لشكواي".


وقد يقول قائل بأن البلدية ربما استجابت لأنها اعتقدت بأن المتصل هو رئيس الوزراء أو مسئول الحفر أو أحد كبار الشخصيات الذين يريدون أن يطمئنوا على سير العمل في البلدية.

كل تلك الحجج لا تهم.

فما أريد قوله هو كم مرة تعاملنا مع مشكلة بطريقة إيجابية..!!

هناك من قد يرى النفايات على قارعة الطريق فيقوم بإلقاء اللوم على البلدية التي لم توفر عدد كاف من الحاويات أو الغضب من الذي قام برميها في الشارع ولكن أليس من الأفضل والأجدى أن نحملها ونضعها في المكان المُخصص لها..؟؟
هناك من يشتكي من ارتفاع الأسعار ونراه يتعامل وبكل سعادة وحبور مع بضائع التجار الذين يرفعون الأسعار ولا يتركها لتكسد..!!

هذا هو الفرق بين رد الفعل السلبي والإيجابي.
رد الفعل السلبي هو التعايش مع الخطأ والسخرية المريرة والشكوى السلبية منه.
أما الإيجابي فهو عامل التطوير والبحث عن علاج وحل حتى لو فشل مرة ومرات فإنه يعاود محاولة الإصلاح إلى أن ينجح.

وجود الأخطاء السياسية والتنظيمية والاقتصادية والبنية التحتية أمر طبيعي في أي دولة في عالم البشر.
ولكن يكمن الفرق في تعامل الشعوب مع هذه الأخطاء وفي طريقة تقويمها.
لو اعتبر كل مواطن بأن نظافة المدينة هي مسؤوليته كيف سيكون حال مدننا..؟؟
لو اعتبر كل مواطن بأن جيش الدولة هو لحفظ كيانه وكرامته كيف سيكون حال جيوشنا..؟؟
لو اعتبر كل مواطن بأن الأمن مسؤوليته هل كنا سنعاني أبداً من مشاكل أمنية..؟؟

ولو وجدنا من البلدية أو مجلس الشورى أو وزارة الدفاع أو وزارة العدل وغيرهم أخطاء ولم ننبههم وننتقدهم "نقد إيجابي بناء" فكيف سيعرف المسئول بأنه لم يخدم المواطن بالشكل المطلوب..!!

البلدية لا تملك مخبراً في كل شارع وفي كل حي.
فلو لم أخبر البلدية بموقع الحفرة فكيف ستعرف ذلك..؟؟

الحفرة..!!


كم سأفتقد تلك الحفرة..


27/02/2008

اخر تعديل كان بواسطة » دوق فليد في يوم » 29/07/2009 عند الساعة » 04:05 PM
اضافة رد مع اقتباس
   

 


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:20 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube