لـمـاذا فــاز الإنـتـر بـالاسـكـوديـتـو ؟
تُوج الإنتر بلقب الدوري الإيطالي للمرة الخامسة على التوالي والـ18 في تاريخه، هو إنجاز كبير للغاية وخاص جدًا لأنه تخطى به منافسه المباشر "الميلان" في عدد مرات الفوز بالبطولة وأصبح في المركز الثاني بعد اليوفنتوس متصدر تلك اللائحة.
الإنتر ربما يكون إستفاد في المواسم السابقة من أحداث الكالتشيوبولي وفاز بالإسكوديتو أكثر من مرة دون منافسة حقيقية ودون متاعب كبيرة، ولكن الموسم الماضي شهد إنتصارًا رائعًا للنيرادزوري خاصة أنه كان بحضور جميع الكبار وبعد منافسة شرسة مع روما والميلان وإن سقط الأخير في المراحل الأخيرة ليترك السباق للذئاب والأفاعي، هذا بجانب أن الفريق أثيت قوته وجدارته بالفوز كذلك بكأس إيطاليا وبالتأهل لنهائي دوري الأبطال بعد تخطيه عمالقة في القارة العجوز أبرزهم تشيلسي الإنجليزي وبرشلونة الإسباني.
خلاصة ما نقول أن الإنتر إمتلك ذلك الموسم جميع أسباب النجاح الكبير .. ونحن هنا في جول.كوم اجتهدنا لنعرض الأسباب الرئيسية التي نراها ساهمت في الموسم المثالي للنيرادزوري وننتظر منكم مساهماتكم في معرفة الأسباب...
1- إدارة واعـيـة تـحـلـم وتـعـمـل عـلـى تـحـقـيـق الحـلـم
هو ماسيمو موراتي، العاشق الأول والأكبر للإنتر والمستعد لفعل كل ما يلزم لكي يراه يصعد لسُلم المجد ويُعانق سماء النجاح .... قديمًا كان يتصرف وحده بعقله وقلبه العاشق ولهذا أنفق كثيرًا لكن دون فائدة كبيرة ... فالصفقات كان رائعة والنجوم كانوا مميزين للغاية ويكفي أن نذكر أن الثنائي رونالدو وفييري لعبا في النيرادزوري .. لكن مع هذا كانت النتائج مُخيبة للغاية.
ما الذي تغير في عقلية موراتي لكي ينجح الإنتر؟ الذي تغير هو أن موراتي إقتنع أنه لا يمكن إدارة فريق بقلب عاشق بل يحتاج عقلية إداري وموهبة فنية من مدرب ... موراتي بدأ هذا التفكير مع مانشيني ولكنه حين رآه لا يُقدم له ما يحلم به تخلى عنه وأتى بأحد أفضل مدربي العالم إن لم يكن أفضلهم، وأتاح له العمل بحرية كاملة خاصة في سوق الإنتقالات وأخيرًا قدم له كل الدعم اللازم خلال الموسم مما جعله يقف في وجه الجميع ويُحقق له ما يحلم به.
دعم الإدارة الإنتراوية جاء في أكثر من حادثة خلال الموسم الحالي أبرزها على الإطلاق ما حدث مع ماريو بالوتيلي، فالمهاجم الشاب مهم للغاية للفريق وموراتي لا يريد فقدانه لكن رغم هذا ساند المدرب في كل قراراته ضده وكانت تلك نقطة فاصلة في علاقة البرتغالي مع الإدارة، كذلك كان الدعم خلال مواجهات مورينهو مع الصحافة والمدربين زملاءه بل حتى عدم الإعتماد على النمساوي مارك أرناوتوفيتش والذي أتى برؤية خاصة من موراتي، هو لم يجادل مورينهو في قصة عدم منحه أي فرص .... كل هذا كان دعم لا محدود ساهم في إستقرار الفريق وصعوده للقمة.
2- الـداهية الـبـرتـغـالـي ... جـوزيـه مـوريـنـهـو
ظهر للعالم أجمع تأثير المدرب القوي على نجاحات فريقه في تجربة مورينهو مع الإنتر، المدرب البرتغالي نضج بقوة في الموسم الحالي إيطاليًا وأصبح يُجيد التعامل مع الجميع داخل الكالتشيو المخيف والغامض ويُمكن تلخيص لمسات مورينهو المهمة والمميزة بالتالي:
ميركاتو ممتاز وناجح للغاية سد ثغرات الفريق وساهم في تطوره بشكل لافت.
بثه الثقة في قلوب لاعبيه خاصة الجدد منهم وخاصة من عانى منهم في البداية مثل الكاميروني إيتو.
قدرته على توزيع جهد فريقه على البطولات الثلاثة المشارك بها بشكل لم يؤثر على مستواه كثيرًا في جميع تلك البطولات.
قدراته الفنية المهمة التي ظهرت واضحة في المراحل الحاسمة من الموسم والمباريات المؤثرة للغاية مثل مواجهة الميلان واليوفنتوس وفيورنتينا وغيرها، هنا كان يستخدم أكثر من أسلوب ... أحيانًا كان يدافع بجميع خطوطه وأحيانًا يلعب بـ5 مهاجمين وكل هذا ساهم في إنتصارات الفريق المؤثرة.
تبقى النقطة الأهم في لمسات مورينهو الناجحة بعيدة عن الجانب الفني خاصة أن الإنتر ظهر في بعض الفترات متواضع نوعًا ما، لكن تبقى النقطة الأهم التي لعب عليها مورينهو هي الجانب المعنوي والذهني .... فقد زرع هذا البرتغالي الروح القتالية والتصميم والإرادة أو ما يسمى في الإيطالية "الجرينتا" داخل .قلوب وعقول لاعبيه حتى الجدد منهم ولهذا تحملوا الكثير وظهروا أشداء جدًا في أصعب المواجهات وأصعب الظروف ... هل ننسى مباراة سامبدرويا التي أكملها الفريق بـ8 لاعبين أو مباراة الديربي الثاني التي لعبها منقوصًا من شنايدر قبل نهاية الشوط الأول، هي روح قتالية ظهرت على جميع النجوم وساهمت بقوة في إرتفاع معدلات المستويات الفنية لديهم.
3- مـيـركـاتـو هـو الأفـضـل فـي أوروبـا
لا نبالغ إن قلنا أن ميركاتو الإنتر الصيفي والشتوي هو الأفضل في القارة العجوز ... ببساطة لأنه حقق أهداف الفريق بالكامل وشاهدنا ذلك على أرض الملعب سواء من خلال حجز الجدد لمراكز أساسية في الفريق أو النجاحات التي حققها الفريق خلال الموسم.
الإنتر جلب خلال الصيف الخماسي شنايدر ولوسيو وإيتو وموتا وميليتو ... يكفي أن نقول أن هذا الخماسي سجل للإنتر 43 هدف في السيريا آ وأن كل منهم أصبح يُصنف من الأفضل في الكالتشيو وقد دخل ثلاثة بالفعل منهم في فريق الموسم لموقع جول.كوم "لوسيو وشنايدر وميليتو"، والأهم أن الفريق لم يكتف بتلك الصفقات وأضاف عليهم في يناير الثنائي بانديف وماريجا وهم ثنائي ساعد الفريق على اللعب في البطولات الثلاثة بنفس المستوى والقدرات.
ربما البعض يقول ريال مدريد جلب نجوم العالم بـ250 مليون يورو ورغم هذا فشل تمامًا .... نقول أنه هنا يظهر الفارق بين عاشق يُدير الكرة أو عقلية فنية تُدير الكرة، هنا يظهر موراتي القديم المتمثل في بيريز الجديد وهنا نقول إنتظروا ميركاتو مختلف في حال إنضم مورينهو للريال لأنه يُجيد معرفة نقاط ضعف فريقه ودعمها جيدًا وبالشكل الذي يفيده ويخدم عقليته الفنية وذلك هو الأهم ولا يوجد مثال على ذلك أكبر من جلب شنايدر وهو اللاعب الذي يراه الجميع ما كان ينقص الإنتر خلال سنواته الأخيرة.
4- الـثـلاثـي ... ديـيـجـو مـيـلـيـتـو وفـيـسـلـي شـنـايـدر وخـافـيـيـر زانـيـتـي
لا يندهش أحد إن قلنا أن الأرجنتيني دييجو ميليتو هو الصفقة الأفضل في أوروبا هذا الموسم، أو ربما يكون مع كريستيانو رونالدو في هذا الترتيب على الأقل .... الأمير فعل كل ما يمكن ليُساعد الإنتر على النجاح وكان الحاسم الأكبر في خط هجوم الفريق والمُعذب الأقسى لمدافعي وحراس مرمى المنافسين، ميليتو أحرز 22 هدف كان العديد منها حاسمًا للغاية وأغلاها طبعًا هدفه في مرمى سيينا الذي حسم البطولة للنيرادزوري.
أما النجم الهولندي، فهو كما قلنا من كان ينقص الإنتر خلال السنوات الأخيرة لأنه اللاعب الذي يربط الوسط بالهجوم بل ويُساهم في القدرات الدفاعية لخط الوسط ... المميز في شنايدر كونه يلعب بجرينتا كبيرة للغاية ربما مصدرها الثقة الكبيرة من مورينهو وربما التحدي الخاص بينه وبين نفسه بعد تجربة مدريد القاسية وربما مصدره طبيعة اللاعب نفسه ... لكن في النهاية كان الإنتر المستفيد من الجانب الفني والنفسي لشنايدر سواء من خلال اللعب بقوة وتصميم أو من خلال قيادته الجزء الهجومي في الملعب عبر التسديد والتمرير المتقن وتوزيع الكرة بمثالية ويكفي أن نذكر له مباراة الديربي الأولى والتي لعبها بعد وصوله لميلانو بساعات قليلة.
أما القائد المخضرم "زانيتي"، فأراه شخصيًا اللاعب الأفضل في الفريق وأحد أفضل نجوم الموسم الحالي في السيريا آ وأوروبا بالكامل ... زانيتي أعاد إكتشاف نفسه في الموسم الحالي سواء من الناحية الفنية أو الذهنية من خلال لعبه في أكثر من مركز وظهوره الدائم بمستوى ممتاز للغاية أو قيادته للفريق في أكثر اللحظات صعوبة وبثه الحماس في قلوب زملائه وإحتواء المشاكل التي واجهت الفريق خلال الموسم.
5- الــجــريــنــتــا وشـخـصـيـة الـبـطـل
تحدثنا عن الجرينتا في أكثر من فقرة سابقة، لكنها تستحق أن تُعنون في فقرة لوحدها لما كان لها من تأثير كبير للغاية على أداء الفريق .... الإنتر كثيرًا ما إمتلك القدرات الفنية الممتازة لكن كان ينقصه ذلك الجانب النفسي الهام جدًا في كرة القدم وقد إمتلكه النيرادزوري هذا الموسم وساهم بقوة في إرتفاع مستوى كل اللاعبين والفضل في هذا يعود للمدرب البرتغالي الذي جعل لاعبيه حتى الجدد منهم يلعبون للإنتر بقلب وحماس يُشعر المتابع أنهم أبناء النادي منذ الصغر .... تلك الجرينتا كان لها الدور الأكبر في حسم العديد من المباريات التي تراجع بها أداء الفريق فنيًا مثل مباراة سيينا أو تلك التي واجه بها ظروفًا صعبة مثل مباراة الميلان الثانية وسامبدوريا.
أما شخصية البطل، فقد صنعها الفريق خلال سنواته الأخيرة التي زار خلالها منصات التتويج كثيرًا، ولكن الموسم الحالي شهد بعض العلامات الفارقة التي ساهمت بقوة في نضوج تلك الشخصية وأرى شخصيًا المحطة الأهم كانت خارج الدوري الإيطالي وتحديدًا مباراة دينامو كييف في أوكرانيا التي إنتصر بها الفريق 2-1 بعدما كان خاسرًا حتى الدقائق الـ5 الأخيرة ... تلك المباراة منحت الفريق الكثير من الثقة والشخصية وجعلته قادرًا على حسم الكثير من المباريات دون أن يُقدم الأداء المثالي المطلوب ومن هنا تبدأ الفرق الفوز بالبطولات .... لأن العامل الحاسم في الفوز ببطولة الدوري هو إنتزاع النتائج الإيجابية في أكثر الأوقات والظروف سلبية وهذا ما حدث مع النيرادزوري في كثير من فترات الموسم الحالي.
6- مـحـطـات حـاسـمـة وخـدمـات الـمـنـافـسـيـن
في مسيرة كل فريق تبرز بعض المباريات المهمة التي تُمثل محطات حاسمة في مشواره، إما يحسمها ويواصل النجاح أو يخسرها ويبدأ الإتجاه العكسي ... والنيرادزوري حسم أغلب تلك المواجهات لصالحه بإستثناء واحدة فقط كانت أمام روما في الأولمبيكو، ومن تلك المواجهات مباراتي الميلان ذهاب وإياب وكذلك مباراة اليوفنتوس الثانية وسيينا وفيورنتينا وباليرمو الأولى وأخيرًا مواجهة سيينا الأخيرة في البطولة.
تتويج النيرادزوري كان كذلك عبر خدمات المنافسين البارزة وهو شيء لا يُقلل في إنجاز الفريق لأن المدرب البرتغالي نفسه قال "علينا توجيه الشكر لسامبدوريا"، المنافسين "روما والميلان" خدما الإنتر في عدم حسمهما الأمور حين كانت تحت سيطرتهما ... فالأول أضاع الصدارة في مباراة سامبدوريا على أرضه ووسط جماهيره والثاني أضاع عديد الفرص أمام نابولي ولاتسيو وبارما مما أعاد القمة للإنتر في أوقات حرجة وصعبة للغاية
