![]() |
ܔ صـنـاعـة الـتـعـاسـة ܔ 28-11-2008 الجمعة 30-11-1429 جريدة الجزيرة صُــنــّاع الــتــعــاســة د. خالد بن صالح المنيف قبل عدة سنوات قضيت عيد الفطر في القاهرة وفيه زرت إحدى الحدائق العامة في أحد الأحياء الشعبية ، وقد لاحظت هناك ميزة عجيبة في شريحة البسطاء لم أجدها عند الكثير ! فالصغار قد لفهم السرور وظللتهم سحائب الفرح فلا تسل عن الزهو وحجم المباهاة بتلك الملابس البسيطة الجديدة التي يرتدونها فتراهم غادين رائحين ، حيث الضحك المتواصل والأرواح الطاهرة والأفئدة النظيفة متحابين متعاطفين ، لا يشكون هماً ولا يندبون حظاً , وغير بعيد من هؤلاء الصغار كان الكبار يرتشفون مشروب (الشربات) باستمتاع عجيب والنكت تتراقص بينهم والضحكات تتعالى ، وقد أدهشني هذا المشهد وأعطاني درساً لن أنساه في مهارة ( الاستمتاع باللحظة ) وفن ( تقدير الموجود ) - القناعة - وأيقنت تماماً أن العبرة ليست بما نملك إنما بحجم تقديرنا له ! وقد أكد هذا المعنى الشاعر الانكليزي جون ملتون صاحب ملحمة الفردوس المفقود بقوله : في وسع العقل أن يخلق وهو في مكانه مقيم ( جحيماً من الجنة ) أو ( نعيماً من الجحيم ) ويذكر أن شيخاً كبيراً جاوز المائة من السنين سئل عن سبب تمتعه بتلك الصحة رغم العمر الطويل ، فرد بإجابة جميلة عميقة وقال : إنه عندما ينهض من فراشه يعرف أن لديه خياراً عليه اتخاذه إما أن يكون سعيداً أو لا يكون وقال إنه قرر منذ زمن بعيد أن يكون خياره على الدوام أن يكون سعيداً ! وتلاحظ على الكثير تفضيلهم لخيار التعاسة والشقاء في حياته ، حيث النفسية المتأزمة والوجه المكفهر والتصرفات الخرقاء وامتهان تصيد الأخطاء والسلبيات وتلمس مواطن الضعف في كل ما حوله ! قدرة عجيبة على مهارة ( تشويه الجميل ) وعقليات لا تكن أي تقدير أو احترام للحياة ! وهكذا تمضي بهم الأيام في دروب التعاسة والشقاء ، لأنهم اختاروا أن يقيموا في مواطن البؤس ومستقر الألم .. ولن أنسى تلك الرحلة البرية قبل سنوات والتي صادفت أجواء ربيعية منتهى الروعة ، حيث الرذاذ يداعب الوجنات والأرض قد راضها كف المطر فتوشحت برداء أخضر فغدت كعروس في ليلة عرسها ، ولكننا للأسف قد أشغلنا أنفسنا طوال الرحلة بالشكوى والتوجع من مجموعة من الذباب !! فلم نتغنَ بالجمال ولم نستمتع بروعة المكان ولم نعطِ تلك الطبيعة حقها بسبب أمر تافه وقضية حقيرة ومعه فاتنا الكثير للأسف ! وما أحوجنا أن نتعلم إستراتيجية ( الاستمتاع بالموجود ) ! نسعد ونستمتع بأطياف النعم التي تتراءى بين أعيننا نرفل في نعيمها ليل نهار .. والحصول على السعادة لا يكون بتعمد تأجيل الفرح لغائب ينتظر ولمفقود يطلب ، فتفاصيل الحياة عامرة بالأمور المفرحة ، يقول أحد الفلاسفة من لم يسعد بما في يديه فلن يسعد بما سوف يأتيه في المستقبل ! جرب أن تتفاعل مع ابتسامة القمر ويقظة الفجر وحفيف النسيم وخرير الماء وابتسامة الصغير وتغريد الطير ورنة الحادي ومنتثر الورد .. استمتع بتقبيل رأس الوالدين وحضن الولد وحديث الصديق وغيرها مما يبهج الروح ويسر الخاطر مما تملكه وهي لا تعد ولا تحصى , والقاعدة تقول استخدم الشيء وإلا خسرته ! وتلك الدور وهاتيك القصور والضياع والمراكب الوثيرة لن يكون لها أدنى قيمة ما لم يستمتع بها. ومن أعجب ما قرأت في فن صناعة السعادة ما ذكر عن مجموعة من المساجين الذين حكم عليهم لمدة عشرين سنة أنهم كانوا يحتفلون يومياً بغروب كل شمس فرحين بانقضاء يوم من أيام سجنهم الطويلة !! لا ثياب جديدة تفرح ولا بيوت واسعة تبهج ولا أموال تسعد ولا صحة تسر فماذا نريد ؟ ما أحوجنا أن نضحك كالصغار فالشيء الصغير يضحكهم وأحياناً من لا شيء يضحكون ! وهذا ينبع من إحساسهم بأن كل شيء على ما يرام فلماذا لا نكون مثلهم !؟ لكم مني أرق التحايا |
مشكور يا ابو شمس راقي ولا تجيب الا الشي الراقي تقبل مروري |
إقتباس:
الغاالي : توتو هذا من ذووقك العالي وأنا أخوك وتو ما نور الموضوع بتواجدك لك مني أرق التحايا ،،، |
جميل جدا جدا اختيار أسمى من الموفق يا أبو شمس s60s للمفضلة بلا تردد ،، تحياتي |
إقتباس:
الغاالي : فهد</B> أنت الأجمل وأنا أخوك</B> وتو ما نور الموضوع بتواجدك </B> لك مني أرق التحايا ،،،</B> |
مشكور على موضوعك ... تدراي المشكله فيه ناس عندهم تقنية التعاسه شي عجيب يعني تجي لهم فرحان مستانس يجون هم انوع التباكي والبكاء على الاطلال يعني تشوفهم يبكون اكثر من وهم يضحكون وحتى اذا ضحكوا تستغرب اكيد فيه شي غلط ليه قعدا يضحكون ..:rolleyes: في وسع العقل أن يخلق وهو في مكانه مقيم ( جحيماً من الجنة ) أو ( نعيماً من الجحيم ) وصادق نحن من يصنع سعادة اللحظه التي نكون فيها ... وما أحوجنا أن نتعلم إستراتيجية ( الاستمتاع بالموجود ) ! تسلم اخوي .........:smilie47:. با التوفيق |
الموضوع جميل واسلوب الكاتب بسيط ورائع. من البديهي أن المجتمع عندما يحارب السعادة نحصل على افراد تعساء وينتج لنا مجتمع تعيس. من بداية دراسة الطفل لدينا ومروراً بجميع مراحل التعليم ونحن نقول له أن الحياة لا قيمة لها (يعني مت أحسن لك). الموت والحياة من سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه ولكن يجب أن يكون لدينا إتزان عند الحديث عنهما. الحياة جميلة ونحتاج أن نعيشها ونستمتع بكل ما فيها ما دام حلالاً والاصل أن كل شيء حلال مالم يرد نص بتحريمه كما يقول الفقهاء. كيف يعمر الانسان الحياة وهو ينتظر الموت أو يبحث عنه في أماكن الصراعات والفتن؟ أو ينتظر الموت زاهداً في الحياة معرضاً عنها! شكراً لك أخي الكريم. لك تحياتي ,, |
إقتباس:
محامية يا هلا وغلا فيك .. وفعلا كلامك صحيح وصدق من قال ( القناعة كنز لا يفنى ) فلو كان عندهم قناعة بما عندهم من النعم لعاشوا حياتهم بسعادة .. أشكرك على مرورك الرائع </B> لك مني أرق التحايا :smilie47:</B> |
بجد في ناس كذا ماعندهم قناعه ومو راضين يخلون اللي مقتنع يستمتع بالموجود وبفن تقدير الموجود يعني مهاراتهم احترافيه بتشويه الجميل :( ينكدون على حالهم وعلى اللي حولهم :upset: عوافي ابوشمس ورده |
إقتباس:
الغاالي : بيرت بلس مرور جميل وتعليق رائع ومثل ما قلت فعلا .. الواحد يستمتع بحياته ما دامه بالحلال </B> نور الموضوع بتواجدك أخي ولك مني أرق التحايا ،،، |
إقتباس:
فجر الرياض يا هلا وغلا فيك .. مرور رائع وتعليق أروع كل الشكر </B></B> ولك مني أرق التحايا :smilie47: |
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:00 PM. |
Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd