اختي عظم الله لكم الاجر واجزل لكم المثوبه ....
وصيتي لك الصبر واحتساب الاجر عند الله , والصبر ليس معناه ألا تتألم النفس، فالألم حقيقة يعيشها الإنسان، ولكن الصبر رجاء ما عند الله عز وجل، مما أعده الله للصابرين من الأجر والمثوبة ورفعة الدرجات .
الا تودي ان تكوني ممن قال الله فيهم :
وَبَشّرِ الصّابِرينَ * الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه خير إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له وليس ذلك إلا للمؤمن ) . إلى كل مؤمن مهموم.. وكل مبتلىً مغموم .. إلى الراضين بالقضاء والقدر .. إلى المحتسبين عند الله الأجر .. اسمع كلام الله عز وجل حين قال : { سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } فالأيام والليالي لا تدوم لي ولك على وتيرة واحدة .. وكما قال الله : { وَ تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } أي تتقلب بأهلها صباح مساء .. اخيتي أعلمي أنَّ الذي ابتلاك ِ هو أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وقيّوم السماوات والأراضين ، وأنه ما ابتلاكِ ليهلككِ أو ليعذبكِ ، إنما ابتلاكِ امتحاناً لكِ ليسمع تضرعكِ ونجواكِ وابتهالكِ ...
أنقل لكِ في السطور التالية، قول الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في فضل الصبر على البلاء : "الأحاديث الواردة في الصبر على البلاء كثيرة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.." ( حديث صحيح)." "ولابد للمسلم أن يستشعر الحكمة من البلاء لأن الله سبحانه وتعالى لا يبتلينا ليعذبنا، بل ليرحمنا. وأن على المؤمن أن ينظر إلى البلاء- سواءً كان فقداناً للمال أو الصحة أو الأحبة- من خلال نصوص الكتاب والسنة على أنه : أولاً: امتحان وابتلاء:
نعم امتحان وابتلاء، فنحن في قاعة امتحان كبيرة نُمْتحن فيها كل يوم فما هذه الدنيا إلا دار بلاء واختبار والآخرة هي دار الجزاء ، وكلنا ممتحن في كل ما نملك وفي كل ما يعترينا في هذه الحياة حتى نلقى الله. ثانياً: هذا البلاء قسمة وقدر:
إنَّ الله تعالى قسم بين الناس معايشهم وآجالهم، قال تعالى: {نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم في الحَياةِ الدنيَا} [الزخرف: 32 ]. فالرزق مقسوم، والمرض مقسوم، والعافية مقسومة، وكل شيء في هذه الحياة مقسوم. فارضَ بما قسم الله لك يا عبد الله، ولا تجزع للمرض، ولا تكره القدر، ولا تسب الدهر، فإن الدقائق والثوانـي والأنفاس كلها بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء. ثالثاً: أن هذا البلاء خير ونعمة بشرط:
وأياً كانت هذه القسمة وهذا الامتحان فهو خير للمؤمن وليس لأحد غيره، ولكن بشرط الشكر على النعماء، والصبر على البلاء. وفي الحديث الصحيح: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له" [ رواه مسلم ].
رابعاً: أن هذا البلاء محطة تمحيص وتكفير:
نعم، الابتلاء محطة نتوقف فيها برهة من الزمن فإذا بأدران الذنوب والمعاصي تتحاتّ منا كما يتحات ورق الشجر؛ إذ المؤمن يُثاب على كل ضربة عرق، وصداع رأس، ووجع ضرس، وعلى الهم والغم والأذى، وعلى النَصَب والوَصَب يصيبه، بل وحتى الشوكة يشاكها.
وفي الحديث: "ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ - وهما المرض والتعب - ولا همٍ ولا حزنٍ ولا غمٍ ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" [متفق عليه].
خامساً: أن هذا البلاء رفعةٌ للدرجات:
إن البلاء يعتري المسلم فيمحو منه - بإذن الله- أدران الذنوب والمعاصي إن كان مذنباً مخطئاً - وكل ابن آدم خطَّاء كما مرَّ معك - وإن لم يكن كذلك فإن البلاء يرفع درجاته ويبوِّئه أعلى المنازل في الجنة.
وقد جاء في الحديث أن الله عز وجل يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده: "قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول: ابنوا لعبدي بيتـاً في الجنة وسمُّوه بيت الحمد" [ رواه أحمد وحسنه الألباني ]. ويقول سبحانه في الحديث القدسي: "ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صَفِيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" [ رواه البخاري ].
سادساً: أن هذا البلاء علامة حب ورأفة:
إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة حب من الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مراً إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب - ولله المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح: "إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" [ رواه الترمذي وصححه الألباني ]. "
يقول ابن القيم: "إنَّ ابتلاء المؤمن كالدواء له، يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه لأهلكته أو نقصت ثوابه وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، ويستعد به إلى تمام الأجر وعلو المنزلة …" إلى آخر ما قال.
وختاماً أسوقُ لكِ هدية وبشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله :
"إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها".
أختي الكريمة ..
مُصابُـكِ هو مُصابي وهو مُصابُـنا ..
ومُصابنا أليم .. أفجعنا كما أفجعكِ .. وأبكانا كما أبكاكِ .. لكنه يهون!! .. نعم .. يهون .. حينما تتذكرين .. موت حبيبك وحبيبي .. أبا القاسم -عليه أفضل الصلاة والسلام- .. فـ كل مصيبة بعده تهون -صلى الله عليه وسلم- ..
و ليكن موقفك مثل موقف الصحابية الأنصارية من بني دينار .. تلك الصحابية التي قتل أبوها ، وزوجها ، وأخوها يوم أحد ، فلما نعوها قالت: ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟؟ .. قالوا: خيرا ً ..هو بحمد الله كما تحبين .. فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه!! .. فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل .. أي تهون ..
حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قراري
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا
ألفيته خبرا من الأخباري
طبعت على كدر و أنت تريدها
صفواً من الأقذار و الأكداري
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلباً قي الماء جذوة ناري
وإذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاء على شفيرٍ هاري
و العيش نوم والمنية يقضةٌ
والمرؤ بينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما
أعماركم سفر من الأسفاري
وتركضوا خيل الشباب وبادرو
أن تسترد فإنهن عواري
ليس الزمان وإن حرصت مسالماً
طبع الزمان عداوة الأحراري