حوادث عنصرية تلطخ صورة كرة القدم بألمانيا
تستعد ألمانيا لاستقبال الزوار أثناء نهائيات كأس العالم التي تستضيفها العام الحالي بوجه بشوش وترى أن البطولة فرصة لعرض نفسها كدولة ودودة متسامحة وحديثة تعيش أعواما مشرقة بعد ماضيها النازي.
واختارت اللجنة المنظمة لنهائيات كأس العالم التي تنطلق في البلاد في التاسع من يونيو حزيران وتستمر حتى التاسع من يوليو تموز عبارة "حان الوقت لتكوين صداقات" لتصبح شعارها الرسمي وتناشد الألمان التحول عن طبيعتهم الباردة واستقبال ضيوف البلاد بابتسامة.
ولكن في الوقت الذي تستعد فيه ألمانيا لفتح ذراعيها للزوار تضعف فيه تصريحات مناهضة للأجانب يدلي بها زعماء سياسيون وأعمال عنف ترتكب ضد المهاجرين من مساعي منظمي كأس العالم.
وفي أحدث هجوم عنصري منذ أعوام كاد مهندس انتقل إلى ألمانيا من إثيوبيا أن يموت ضربا على أيدي من يشتبه في كونهم من المتطرفين اليمينيين في بوتسدام يوم عيد الميلاد.
وفي ميونيخ نقل شاب من الكونغو يبلغ من العمر 18 عاما إلى المستشفى الأسبوع الماضي بعد أن ألقى عليه ثلاثة أفراد في أحد قطارات مترو الأنفاق زجاجات كما أصيب لاجئ من توغو يبلغ من العمر 39 عاما في الرأس بعد أن تعرض للضرب في فيزمار, ومنذ عام 1990 سقط نحو مئة قتيل في أعمال عنف يمينية كثيرا ما تستهدف الأجانب من أصحاب البشرة السمراء.
وعلى المستوى السياسي واجه أدمونر شتويبر رئيس وزراء ولاية بافاريا انتقادات لإثارته المشاعر المناهضة للأجانب بدعوته لشن حملة ضد الأجانب الذين لم يتعلموا اللغة الألمانية أو فشلوا في التأقلم مع الثقافة الألمانية, وقال شتويبر في مقابلة مع مجلة أبريس فوكوس إن مفتاح الاندماج في المجتمع هو اللغة الموحدة وهي الألمانية , وأنه ويمكنهم (الولاية) أن يطالبوا بذلك, مضيفا أن الولاية لها قواعد, وأن من لا يطيعون هذه الأوامر يجب أن يواجهوا عقوبات, وأن من يرفضون الاندماج يجازفون بفقدان المزايا التي تقدمها الولاية أو عدم تجديد تصريح الإقامة الخاص بهم بنهاية الأمر.
في المقابل, تتناقض إجراءات شتويبر الصارمة مع التسامح الذي يبديه معظم الألمان تجاه سبعة ملايين أجنبي في البلاد, ويرحب معظم الزعماء بمليون زائر أجنبي من المتوقع أن يتدفقوا على البلاد خلال كأس العالم, والجميع من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى رئيس بلدية بلدة كايزرسلاوترن أصغر بلدة ستستضيف مباريات بكأس العالم يصفون البطولة بأنها فرصة لإثبات أن ألمانيا مضيف جيد ودولة مفتوحة دفنت ماضيها النازي.
وتجذب ألمانيا منذ فترة طويلة المهاجرين من شتى أنحاء العالم ومدن مثل برلين وهامبورغ وكولونيا عبارة عن مراكز تذوب فيها الثقافات إذ يقطنها سكان من نحو 200 دولة.
من جهة ثانية, حتى تكون ألمانيا مضيف جيد يحصل سائقو الحافلات في برلين على دروس في اللغة الإنكليزية ويتعلم العاملون بالفنادق في باد نوهايم بعض العبارات العربية لسهولة التعامل مع منتخب المملكة العربية السعودية المشارك في البطولة, كما يتدرب رجال الشرطة على اللغات والعادات الأجنبية.
وقال فولفغانغ نيرزباخ نائب رئيس اللجنة المنظمة: "ننقل رسالة لسائقي سيارات الأجرة والعاملين بالمطار والجميع إن كأس العالم ليست مجرد مباريات داخل الملاعب", وتابع أن منظمي البطولة يسعون لتوضيح أن الألمان بإمكانهم أن يكونوا ودودين كما كان المشجعون في أماكن أخرى.
لكن تزايد أعمال العنف العنصرية منذ توحد ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية عام 1990 دفع الكثير من الألمان والمشرعين لإعادة تقييم سياسة الأذرع المفتوحة والتعايش في فترة ما بعد الحرب مع اللاجئين السياسيين والاقتصاديين من شتى أنحاء العالم, وقامت وسائل الإعلام بتغطية مكثفة لقضية فتاة كردية تبلغ من العمر 17 عاما قام الرئيس الألماني هورست كولر بتكريمها في الآونة الأخيرة لعملها في محاربة مناهضة السامية في حي كروزبرغ الذي تقطنه أغلبية تركية في برلين والتي تواجه ترحيلها رغم أنها نشأت في ألمانيا وتتحدث الألمانية بطلاقة.
وانتقل والد هايري أيدين إلى ألمانيا عام 1989 طالبا اللجوء من تركيا ورفض طلبه ولكن عائلته اختبأت قبل أن يجرى ترحيلها ويتحدث جميع أفراد العائلة الآن الألمانية ولكن يواجهون إمكانية ترحيلهم لانتهاكهم النظام.