![]() |
التشبه بغير المسلمين في الأزياء والعادات الكبيسي: الاقتباس في العادات الاجتماعية غير محذور ما لم يكن مخلاً بقيم المسلم وشخصيته عبدالله بلقاسم: التحليل التاريخي يثبت أن جميع العادات تنطلق من تصور صحيح أو خاطئ للعقيدة الغنامي: من يحرم البدلة الإفرنجية فعليه أن يحرم الشماغ لأنه كان معروفاً عند أهل جاوة قبل دخولهم في الإسلام بريدة، أبها: صالح الدبيبي، الوطن. بحث الفقهاء قضايا التشبه بغير المسلمين والاقتباس منهم في العادات والأزياء والهيئات ووضعوا لذلك ضوابط وقواعد عامة تفصل بين ما يحرم منه وما يجوز وما يكره ،و حينما نقرأ تطبيقاتها في مؤلفاتهم التي أشبعت هذا الجانب بحثاً وشرحاً . نلاحظ أن ثم ضبابية وعدم وضوح بل وتداخلاً فيما يجوز وما لا يجوز ففي الوقت الذي يقرر فيه بعض الفقهاء أن الشريعة قد أتت حتى بمخالفة الأعاجم(غير العرب) من المسلمين ، يذكرون أيضاً أن الشريعة أتت حتى بمخالفة الأعراب(سكان البادية) في بعض المسميات، وقرروا أيضاً أن ما كان من العادات منشؤه من الكفار ثم انتقل إلى المجتمع المسلم وشاع بينهم حتى زالت الخصوصية فليس من التشبه المحرم.في دوامة هذا الاختلاف والتضاد الذي يتجلى اليوم في الفتاوى التي تعطي الحكم الشرعي فيما يجد من العادات الاجتماعية والملابس استطلعت الوطن آراء بعض المختصين في الفقه والدراسات الإسلامية: يرى الدكتور الشيخ أحمد الكبيسي أن ما ظهرت مصلحته وبدا نفعه كطريقة بناء المساكن ورصف الطرق وتعبيدها ونظام العمارة والهندسة وتنظيم البيوت وما كان في هذا السبيل فهو مما تأمر به الشريعة الإسلامية وتدعو إليه ، ما لم يكن مخلاً بقيم المسلم وشخصيته ، فهذا ما علينا الابتعاد عنه وعدم القرب منه كحلق اللحية مثلاً ،وهيئة الأكل والشرب ،وما إلى ذلك من أمور تدل على ثقافة الأمة وشخصيتها، ،والرسول عليه الصلاة والسلام يقول.. كونوا في الأمم وشاماً، فعلى المسلم أن يحافظ على شخصيته وما من شيء أخطر من الانسياق خلف الأجنبي لأن نتيجته المودة والألفة للكفار والله سبحانه وتعالى يقول( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...) إلخ. وقد علمنا كيف أن انسياق العرب خلف الثقافة والحضارة الغربية قد سلبهم شخصيتهم وأخرهم تأخيراً كبيراً ومزق عناصر القوة في مجتمعاتنا، فالطريقة الحديثة اليوم في تنظيم الأحياء قد مزقت أواصر الأمة وباعدت بين أفرادها، بحيث لم يعد للمسلم جار، فمن يملك قصراً فخما يعمد إلى إحاطة قصره بسياج يعزله عن جاره ،فأصبحت الوحدة السكنية أفراداً لا مجتمعاً،بينما كان الجوار فيما مضى أربعين بيتاً لا تزيد مساحتها عن فلتين اليوم ، فكانوا يتناصرون ويتآلفون ويتكافلون في السراء والضراء. والجوار عنصر من عناصر قوة المجتمع الإسلامي،وقد زال اليوم في كثير من العواصم العربية بسبب اتباعهم للغرب،فالمقصود أن الضابط في ذلك هو أن ما ظهرت منفعته ومصلحته ولم يكن مخلاً بشخصية المسلم وأخلاقيات الدين الحنيف فلا بأس به حتى وإن كان في العادات الاجتماعية ،كإهداء الزهور إلى المرضى مع السلام عليهم والدعاء لهم فمازالت الأمم تتثاقف ويأخذ بعضها من بعض.... ويؤكد الشيخ علي باقر الموسى الباحث في الدراسات الإسلامية أن التشبه بالكفار أو بالتقاليد الغربية ، يعتبر ظاهرة غريبة على مجتمعاتنا الإسلامية ، مبيناً أنه نتيجة طبيعية للغزو الثقافي الغربي ، وقد استطاع الغرب من خلال وسائل إعلامه المتطورة أن ينشر ثقافته التي تفتقد للقيم الإنسانية النبيلة ، محاولاً في هجومه الفكري التركيز على نشر ثقافته التي من جوهرها إثارة وتحريك الغرائز الجنسية لدى الذكور والإناث بمختلف أعمارهم عبر أساليبه ووسائله التي ليس لها جذور في بيئتنا الإسلامية، ولا توجد لهذه الثقافة فائدة أو ثمار على مجتمعاتنا، سوى تخدير وتمييع مجتمعاتنا وشل طموحاتها وحركتها الجوهرية حتى لا تستطيع النهوض نحو التقدم الحقيقي لبناء حضارة تقارع حضارات الأمم المتقدمة صناعيا ومعلوماتياً وتقنياً، ولكي تعيش هذه الشعوب التبعية المطلقة للغرب في كل شيء وخصوصاً على المستوى الاقتصادي. وقد كان للفقهاء منذ القدم وحتى زماننا الحاضر موقف من التعاطي مع مسألة التشبه بالكفار من خلال النهي عن التشبه بهم في المأكل والملبس وغيرها من العادات الدخيلة علينا ، وموقفهم هذا ليس موقفاً سلبياً من كل جديد يأتينا منهم كما يتصور البعض ، بل وضعوا لنا ضوابط عامة للتعامل معهم ، تحفظ لنا هويتنا وشخصيتنا من التأثر السلبي المذموم الذي ينعكس على سلوكيات وأخلاقيات المسلم المعاصر . بينما يؤكد الدكتور قيس بن محمد آل مبارك أن الله جعل للمسلمين منهاجاً من الأقوال والأفعال والأحوال مبناه على التوسط والاعتدال ، ومقصوده موافقة الفطرة {فِطْرتَ الله التي فَطَر الناسَ عليها} فهو منهاج يخالف سبيل المغضوب عليهم ويخالف سبيل الضالين وما هم عليه من عادات ذميمة وأعراف قبيحة ، فكان من مقتضى ذلك أن نخالفهم في الهدي الظاهر كما دل على ذلك كثير من الأحاديث . فإن التشبُّه بقوم في ظاهر أمورهم الخارجية من أقوال وأفعال عنوان للتعلق بهم في باطن أمورهم القلبية من اعتقادات وإرادات ، بل هو كما قال الشيخ أحمد زروق رحمه الله في قواعده : مُؤذِنٌ بالمحبة ، فقد صح ( الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ) ( أنت مع من أحببت). فالنهي عن التشبه بالكفار لا يراد به المخالفة لذات المخالفة، بل كما قال الشيخ ابن القيم رحمه الله : ( والمقصود الأعظم ترك الأسباب التي تدعو إلى موافقتهم ومشابهتهم باطناً ) ، إذ لا معنى يدعو إلى التشبه بهم في ظاهر أحوالهم غير التعلق بهم والمحبة لهم والمشابهة لهم في باطنهم ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فقد ذكر العلماء أن من شبه نفسه بالكفار أو الفساق أو الصلحاء في اللباس أو غيره على سبيل المحبة لهم والتعلق بهم فهو منهم ، وربما راعى الشارع مقاصد أخرى ، مثل التمايز ، فيجبر المسلم على أن يتزيَّا بزيِّ قومه ليُعرف أنه مسلم ، ويجبر الكافر أن يتزيا بزي قومه ليُعرف أنه كافر ، فيكون التعامل معهم على بيِّنة في البيع والشراء وفي السلام عليهم وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من المعاملات . وهو أدعى لدفع سوء الظن فقد يَظن بالمسلم _من لا يعرفه _ حين يتزيا بزيهم أنه منهم فيأثم الظان لسوء ظنه ، ويأثم المظنون به لِتسبُّبه في ذلك . فالأمر قال الشيخ أبو عبد الله الموَّاق رحمه الله ( ليس كل ما فعلته الجاهلية منهياً عن ملابسته إلا ما نهت الشريعة عنه ودلَّت القواعد على تركه ، ويختص النهي بما يفعلونه على خلاف مقتضى شرعنا ، ...) ويؤكد الشيخ عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله أن العادة والعبادة التي يختص بهما الكفار هما المورد الذي جاءت فيه النصوص بالنهي عن التشبه بالكفار دون الأدوات والصناعات فهما ميراث إنساني لا يخص شعباً من الشعوب أو ملة من الملل ،مشيراً إلى أن الآلة إذا اقترنت بعادة أو عبادة خاصة تأخذ حكم الأول للعادة وليس لذات الآلة،وقد يأتي نص في تحريم الآلة نفسها لعلة أخرى ولذا لم يعارض رسول العالم صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي في اقتراح الخندق بل حياه ونفذه في الحال، ولم يكن ذلك موضع نقاش البتة باعتبار فارسية الميراث والصنعة. ونبه الشيخ بلقاسم إلى أن كل عبادة أو عادة يختص بها الكفار فهي داخلة تحت النهي المذموم الذي يتفاوت من التحريم إلى الكراهة، وقد ترتفع الكراهة للحاجة كما في بعض ألبسة الكفار عند الحاجة لأن القاعدة الشرعية: أن المكروه يباح عند الحاجة وقد ينبعث معترض فيقول: سلمنا بالنهي في العبادات فما بال العادات؟! وهذا السؤال منشؤه التصور المشوه للإسلام كدين شمولي يضبط الحياة بكل تفاصيلها، ومن المضحك حقاً أن نكتة ماركس(الشيوعية) لم يعارضها أحد بسبب تطبيقها الشمولي في الحياة، وذلك للتسليم بأن العقائد تنسكب في الحياة كلها لكن هناك من يدعو المسلمين بالاحتفاظ بدينهم في خزانة الأشياء الثمينة في بيوتهم فقط. إن التحليل التاريخي يثبت أن جميع العادات تنطلق من تصور صحيح أو خاطئ للعقيدة التي يتبناها صاحب العادة . الأستاذ خالد الغنامي باحث في الدراسات الإسلامية يرى أن بعض العلماء بالغوا في هذه المسألة فحرموا حتى لبس البدلة الإفرنجية فلزمهم تحريم الشماغ أيضا فإنه كان معروفا عند أهالي جزيرة "جاوة" قبل دخولهم الإسلام. والمعروف أن الصحابة كانوا يلبسون الملابس التي يغنمونها من الكفار ولا يلتزمون زيا معينا والأمر في هذا واسع والحمد لله. وبالغ آخرون حتى حرموا استخدام الكهرباء والتكنولوجيا ودعوا الأمة إلى انتحار حضاري شامل بحجة أنها أتت من الكفار وأن هذا من التشبه وفاتهم أنهم لم يخرجوا من دائرة التشبه ففي الولايات المتحدة - مثلا - طائفة دينية يقال لها "الآميش" رفضوا الكهرباء منذ اكتشفت وما زالوا. ومن المسلمين من وقف موقفا سلبيا من تعلم اللغات محتجا بأثر يروى عن عمر "لا تعلموا رطانة الأعاجم" ولا حجة فيه لانقطاع إسناده ولمعارضته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لزيد أن يتعلم لغة اليهود ليتولى مسؤولية الترجمة بين يديه. وبالغ آخرون فاعتبروا أن التشبه في السمت الظاهر كفر مخرج من الإسلام احتجاجا بالحديث الذي هو عمدة الباب "من تشبه بقوم فهو منهم" ورد هذا الأئمة المحققون كالإمام النووي واشترطوا وجود النية في مثل هذه الحال. انظر الروضة (10-69) علما بأن الحديث وإن صححه الألباني وحسنه ابن تيمية فلابد من إبراز الرأي الآخر فيه وهو تضعيف الإمام المنذري له (6-25) وقول ابن حجر : "مداره على عبدالرحمن بن ثوبان وهو مختلف في توثيقه". والحقيقة أن متنه مشكل لأن ظاهره كفر المتشبه مطلقا بدون استثناءات. وقابل هؤلاء أناس تساهلوا في هذا الأمر احتجاجا بأن الرسول الكريم كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولا حجة لهم في هذا لأن ذلك كان قبل إكمال الدين وتمام النعمة واحتجوا بقوله (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة) ولا حجة فيه أيضا لأنه حكاية حال لا إقرار فيها ولاشك أن التشبه يوجد تناسبا وتشاكلا بين المتشبه والمتشبه به وأن ذلك نابع من الشعور بالهزيمة وأنه يؤدي إلى التخاذل وأنه يهدد شخصية الأمة التاريخية والحضارية ويوقع في التبعية واعتقاد الكمال في الآخر كما قال ابن خلدون وغيره لكن الوسطية في هذا الأمر أن نقول لا إفراط ولا تفريط فالأصل أن التشبه مذموم والتميز مطلوب فلا تميع ولا تبعية وفي نفس الوقت لا نترك ما ينفعنا مما لا يعارض النصوص من أجل أمور مظنونة لا يقينية. وأخيرا فهذه ضوابط يستطيع المسلم بها تمييز التشبه المنهي عنه : - أولا : لابد من وجود نية التشبه لأن النية ثلث الإسلام كما قال الشافعي وغيره والدليل قوله تعالى : (ولكن ما تعمدت قلوبكم) وقول الرسول : (إنما الأعمال بالنيات) والنصوص في هذا كثيرة جدا. فلو تقمص مسلم شخصية صهيوني في مسرحية ليبين خطر الصهيونية لم يكن هذا مذموما بل يحمد له ذلك وأرجوا أن يؤجر على فعله. ثانيا : لابد من اختصاص الكفار بهذا الفعل بحيث لم ينتشر بين المسلمين ويصبح من شعارهم وقد أشار ابن حجر إلى هذا حين قال "إن لبس الطيلسان-غطاء الرأس-منهي عنه حين كان شعارا لليهود أما وقد تغير ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموما المباح" والمرجع في هذا هو عرف الناس. ثالثاً : التشبه فيما فيه مصلحة ليس بمذموم فقد استعان الرسول الكريم بحيلة فارسية في معركة الأحزاب ألا وهي حفر الخندق ولم يقل أحد إن هذا من التشبه ولهذا نقول إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان. رابعا : الأصل في العادات أن يقال هناك عادات حسنة وهناك عادات سيئة فيحكم على العادات بناء على الأساس ما لم تدل النصوص على خلافه. فلو أن الرجل أهدى لزوجته هدية في ذكرى زواجهما من باب المودة والرحمة التي جعلها الله بين الزوجين واعتاد هذا فإني أرجوا ألا يأثم على ذلك. |
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 01:27 AM. |
Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd