نحن لم نبدأ بالسخرية بأحد .. وليس العتب علينا إذا سخرنا متى وضع الآخرون أنفسهم محلا للسخرية .. يوم ان ارادوا السخرية بنا بأقوالهم وأفعالهم ..

ما أبشع أن تعيش في زمن صدق عليه : ( إن لم تستح ِ فافعل ما شئت ) .. زمن انتكاس الفطر وانعكاس المفاهيم .. تتسلقك فئران خستهم لتنشر طاعونها من أعلاك إلى أعلاك .. ثم تتحرك رمة المستعلمة والرويبضات لتذهب بما بقي من شأوك .. فإذا ما أشرقت عليك شمس الواقع ببرودتها جمدت فيك بقايا الحس لتحيا ميتا أو تموت حيا ..!

بحثت ذات خيال عن عمل في " الفلوجة " فما وجدتُ غير مهنة " زبَّال " يجمع نفايات الحاضر ليسوقها إلى مزبلة الزمن .. ولانقطاع النور هناك مطلقا ليلا ونهارا اضطررتُ لممارسة عملي في الظلام بما بقي لدي من حس .. حملتُ معي أكياس الهم أضع فيها بقايا الدمار .. وقد كنت أظن أن المكان نظيف إلا من بقايا بعض النظام السابق أوممن بقوا ولهم ضمير وقليل من عزة .. خاصة وأن أمريكا أتت لنا بجميع أنواع المنظفات لجميع أنواع البقع المستعصية وأحسنت يوم أن وظفت " علاوي " رئيسا للنظافة ..

أعود لوظيفتي .. مشيت في الظلام فتعثرت بأولى النفايات فوضعتها في كيس .. ثم تعثرت بأخرى فأخذتها ووضعتها في كيس آخر .. وما زلت على ذلك حتى امتلأت أكياسي .. رجعت إلى محل نفسي خارج حدود المكان وإن شئت الزمان .. أشعلت في الظلمة بعض من وجعي وغيرتي فاستنار المكان .. حيث لا ينيره إلا وجع وغيرة .. نظرتُ في أول الأكياس فإذا هي يد إنسان تحمل سلاحا .. ونظرتُ في الآخر فإذا هي رجل إنسان التصقت بها بقايا من طريق العز .. وفتحت آخر فوجدتُ كبد إنسان فتتتها مرارة الواقع .. ونظرت في آخر فإذا بقايا من عزة وإباء .. وفتشت آخر فشاهدت صورة للعراق نقشت في قلب إنسان .. وسمعت أنينا ينبعث من أحد الأكياس فأسرعت لفتحة فإذا رأس إنسان يسألني عن يد ورجل وكبد وقلب وبقايا عزة وإباء .. فغيرتُ مسمى وظيفتي إلى " جامع للحياة " ..!


تبرأ العار منا اليوم حين انتسبنا إليه بعد كل الدم والألم الذي نراه في الفلوجة .. ليفجأنا ويفجعنا أحدهم بأن يحرم عليهم الذود عن أنفسهم وأرضهم وأعراضهم .. بل وليس أعجب من أولئك الذين قالوا بأن ولاية " علاوي " على العراق أشبه بولاية يوسف عليه السلام على مصر فكلاهما ولاهما كافر ..!!!!!!!!!

أقول إن الذين يشبهون ولاية " علاوي " بولاية يوسف عليه السلام سيكتب الله ما قالوا .. وسيُسألون عما قالوا في الدنيا والآخرة .. فإن لم يخشوا على أنفسهم قلم التاريخ الذي لا يرحم من لا يرحم نفسه فليخشوا الله إن كانوا علماء ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ ) .. وإن كانوا غير ذلك فلا يقحموا أنفسهم في أمر ليس فيه مجال للأطفال والسفهاء والحطمة .. وقد علمنا من الشريعة بالقياس الفاسد والقياس مع الفارق الذي لا يصح .. ولكن لا يصح من ذلك على قولهم من شيء .. بل لا يصلح في مثل قولهم أن يطلق عليه إلا " ثرثرة شرج بين يدي مرحاض " ..! أوفت بالكثير من الضراط والفساء فانطلق في الهواء فمجته الفطر السليمة وتأففت منه .. وتلقفته بالقبول السقطة ونفاية الخلق ممن لا عقل لهم يتأمل .. وممن لا يصدق عليهم الانتماء لهذه الأمة ..


فليس عزيز مصر كـ " بوش " ولا " علاوي " كيوسف عليه السلام .. فإن لم يستغفر أولئك الله بعد فليستغفروه هو أولى لهم .. وقد علمنا من السُنَّة نزول المسيح في أمة محمد .. أما نزول يوسف فهذا شيء عُجاب ..!!! .. فإن كانوا آمنوا بالذي نزل عليهم وبنبوته فالمرء مع من أحب .. ولكني أخشى أن الذي نزل هناك فاتبعوه هو الدجال ..!

وعلى ذلك فلا عجب إذا أصبح " رامسفيلد " بعد ذلك يعقوب عليه السلام مثلا .. و" كونداليزا رايس " زليخا .. ولكن من باب التماس العذر ـ حيث لا عذر ـ لعل رباية " علاوي " في حجر عزيز أمريكا ( بوش ) سببا لقولهم الفاسد .. ليكون يوسف هذا القرن .. ولا أجد توافقا بينهما إلا هذا .. إذ أنه يحكى في كتاب الزمن الساخر .. أن " علاوي " ( يوسف الجديد ) تربى في بيت العزيز ( بوش ) والذي قال لـ كونداليزا رايس ( زليخا ) أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا .. ففعلت .. ولما بلغ أشده راودته عن نفسه في غزو العراق فقال معاذ الله للغزو ولكنه التحرير .. إنه بلدي أكرم مثواي إنه لا يفلح الخائنون .. واستبقا الباب لغزو العراق وقدَّ قميصها من دبر من شدة لهفته لغزوها ودخولها قبلها .. ثم قال هي راودتني عن نفسي .. فليس من وجه شبه إلا ذاك .. !!!


أنا هنا لستُ بصدد تفنيد تلك المقالة أو بيان فساد قياسهم .. فهي جلي هوانها وقبحها لمن كان عنده أدنى ذرة من عقل .. ولكني أقول لأولئك إن لم تستطيعوا فعل شيء لشعب العراق عامة والفلوجة خاصة فارفعوا أيديكم وكفوا واتركوا رحمة الله تنزل ..

فعجبا ثم عجبا .. عندما تنقلب المفاهيم .. ويزداد السوء بالأمزجة والأذواق .. إلى أن يصبح نهيق الحمار طربا .. ونقيق الضفادع شعرا .. أفٍ لأنفس ألفت الذل حتى أصابها بداء عضال .. أعراضه استمراء الباطل ومج الحق .. ونتاجه عمى يصيب البصائر قبل الأبصار فتفقد الحس بكل ما يُحس به .. وتعيش في حال من الخبل والوهم الباطل .. تصوره لهم فطرهم المنكوسة بأنه العقل والحق ..


مَقيتٌ عندما تتنفس برئة غيرك .. وعندما يكتظ المكان بالأفكار الشاذة .. فيتكدس بعضها على جنبات الطريق .. ويتطاير البعض الآخرفي الهواء .. فإذا مشيتَ تعثرت بها .. وإذا تنفستَ شعرتَ بالاختناق .. !


هذا مقال كتبته للعقلاء ولا مكان هنا لغيرهم فليخسأوا في جنونهم ولا يكلمون .. وليلزموا قبحم ولا يقربون .. هذا اشتراط على طريقة أخي وأستاذي ممتعض .. !