![]() |
تعليقات ابن عثيمين على الأربعين - الحديث الثلاثون - بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الثلاثون ... عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله علية وسلم قال : " إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها،وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ". حديث حسن رواه الدارقطني وغيره . *الشرح : قوله صلى الله عليه و سلم : - ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها - أي : أوجب إيجابا حتميا على عباده فرائض معلومة ولله الحمد كالصلوات الخمس و الزكاة و الصيام و الحج و بر الوالدين و صلة الأرحام و غير ذلك . - فلا تضيعوها - أي : لا تهملوها إما بترك أو بالتهاون أو ببخسها أو نقصها. - وحد حدودا - أي : أوجب واجبات و حددها بشروط وقيود . - فلا تعتدوها - أي : لا تتجاوزوها - وحرم أشياء فلا تنتهكوها - حرم أشياء مثل الشرك وعقوق الوالدين و قتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق و الخمر و السرقة و أشياء كثيرة . - فلا تنتهكوها - أي : فلا تقعوا فيها ، فأن وقوعكم فيها انتهاك لها . - وسكت عن أشياء - أي : أي لم يفرضها و لم يوجبها و لم يحرمها . - رحمة بكم - من اجل الرحمة و التخفيف عليكم . - غير نسيان - فإن الله تعالى لا ينسى كما قال موسى عليه الصلاة و السلام -... لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ]-طه52] فهو تركها جل وعلا رحمة بالخلق ، و ليس نسيان لها . - فلا تسألوا عنها - أي : لا تبحثوا عنها . *فوائد هذا الحديث : - حسن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البين . *ومن فوائد هذا الحديث : إن الله تعالى فرض على عباده فرائض أوجبها عليهم على الحتم و اليقين ، و الفرائض قال أهل العلم : أنها تنقسم الى قسمين : فرض كفاية ، و فرض عين . فأما فرض الكفاية : فأنه ما قصد فعله بقطع النظر عن فاعله ، وحكمه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ، و فرض العين هو : ما قصد به الفعل و الفاعل ووجب على كل أحد بعينه ، فأما الأول فمثله الآذان و الإقامة و صلاة الجنازة و غيرها . و أما الثاني : فمثل الصلوات الخمس و الزكاة و الصوم و الحج . و قوله - وحد حدودا - أي: أوجب واجبات محددة و معينة بشروطها *فيستفاد من هذا الحديث : انه لا يجوز للانسان ان يتعدى حدود الله ، و يتفرع من هذه الفائدة انه لا يجوز المغالاة في دين الله ، و لهذا أنكر النبي صلى الله علية وسلم على الذين قال أحدهم : - أنا أصوم و لا افطر ، وقال الثاني : أنا أقوم ولا أنام ، و قال الثالث : أنا لا أتزوج النساء - أنكر عليهم و قال : - و إما أنا فاصلي و أنام و أصوم و افطر و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني- *ومن فوائد الحديث : تحريم انتهاك المحرمات لقوله - فلا تنتهكوها - ثم ان المحرمات نوعان كبائر و صغائر فالكبائر : لا تغفر إلا بالتوبة ، و الصغائر : تكفرها الصلاة و الحج والذكر و ما اشبه ذلك *ومن فوائد الحديث : ان ما سكت الله عنه فهو عفو ، فإذا أتشكل علينا حكم الشي هل هو واجب أم ليس بواجب و لم نجد له أصلا في الوجوب ؛ فهو مما عفا الله عنه ، و اذا شككنا هل هذا حرام ام ليس حراما و هو ليس اصله التحريم ؛ كان هذا أيضا مما عفا الله عنه *ومن فوائد الحديث : انتفاء النسيان عن الله عز زجل ، و هذا يدل على كمال علمه و ان الله عز وجل بكل شئ عليم فلا ينسى ما علم و لم يسبق علمه جهلا ، بل هو بكل شئ عليم أزلا و أبدا . *ومن فوائد الحديث : انه لا ينبغي في البحث و السؤال إلا ما دعت أليه الحاجة ، و هذا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم ؛ لأنه عهد التشريع و يخشى ان أحدا يسال عن شئ لم يجب فيوجبه من اجل مسألته أو لم يحرم فيحرم من اجل مسألته و لهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البحث عنها فقال - فلا تبحثوا عنها-. ــــــــــ يتبع |
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 02:34 PM. |
Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd