حظر دولي على فرقة التانجو من توكاللي
وباكيتا يطلق عنان الحرية لراقصي السامبا

بقدر تشوق جماهير مونديال الشباب للقاء العملاقين المنتخب الأرجنتيني مع نظيره البرازيلي في دور الأربعة مساء اليوم لما يحظيان به من شعبية وعشق جارف بكافة أرجاء المعمورة ستخسر البطولة وجماهيرها أحد القطبين فيما تبقى من البطولة رغم قصره·
فلقاء اليوم بين التانجو والسامبا يمكن أن يكون أنجح وأروع نهائي للبطولة لكن القرعة والجدول حال دون ذلك وأوقع العملاقين وجهاً لوجه مبكراً نوعاً ما وقبل خطوة من المباراة النهائية، فالشعبية الجماهيرية الجارفة التي أظهرتها مباريات الفريقين سواء بدبي أو الشارقة عززت من النجاح الجماهيري للبطولة الذي كان حديث البطولة ومفاجآتها الكبرى، فقبل صافرة البداية كان الحضور الجماهيري الهاجس الأكبر للمنظمين لكن ما حدث وما كشفته البطولة من شعبية ومن حب كروي يدحض كل هذه الهواجس بل العكس كانت الجماهير المساهم الأكبر في النجاح الذي تحقق للبطولة·
وإذا سجلت بعض المباريات أرقاماً قياسية كمباريات منتخبنا الوطني فإن اللقاء المرتقب بين قطبي أميركا الجنوبية الذي يجمع فرقة التانجو زملاء الأسطورة مارادونا مع راقصي السامبا أبناء بيليه وزيكو وغيرهم يتوقع أن يحطم كل الأرقام ويسجل أعلى درجات الحضور·· وإذا كان استاد محمد بن زايد يتسع لحوالى ستة عشر ألف متفرج، فإن الحضور سيزيد عن العشرين ألف متفرج، لمتابعة الاستعراض الكروي بين أفضل من يمتع الجماهير كروياً باللعب الاستعراضي الجميل والمفتوح الذي يمتع الحضور ولا يعتمد على التكتيك العقيم وقتل اللعب، فما يميزه كرة أميركا الجنوبية هو اللعب المفتوح الهجومي الاستعراضي، على عكس الكرة الإنجليزية أو الأوروبية مثلاً التي قد تعتمد على اللعب الدفاعي واغلاق المناطق مما يفقد الكرة أو المباراة المتعة التي تنتظرها الجماهير، لذلك فإن كل هذا الحب لكرة أميركا الجنوبية ممثلة بشكل خاص في الأرجنتين والبرازيل·· وعليه سيقود الاستعراض المهاري والفني بالمستطيل الأخضر خلال مباراة اليوم المدربين توكاللي وباكيتا اللذين أدركا صعوبة الملحمة وحاجة المباراة المصيرية لأسلوب مختلف وتكتيك مغاير لا يتوقف على التحضير البدني والفني فقط، بل عن طريق الإعداد النفسي للمباراة إيماناً من المدربين لأهميته ونتائجه على أداء اللاعبين في المستطيل الأخضر سواء خلال التسعين دقيقة أو حتى في الوقت الإضافي، أو الضربات الترجيحية إذا لزم الأمر، لأن التركيز في اللعب وبناء الهجمات وإنهاءها داخل المنطقة هو العامل والسلاح اللذين سيرجحا كفة فريق على الآخر، فهناك اتفاق في المعسكرين الأزرق والأصفر على أهمية التركيز والعمل على تحضير اللاعبين نفسياً والاعتماد على استثمار الفرص بأقصى حد ممكن وعدم إهدار الفرص لأنه مكلف جداً·· وقد يدفع الفريق ثمنه باهظاً·
تباين في الترجمة
ولما كانت الأهداف واضحة بل مشتركة بين الفريقين·· وأيضاً متشابهة لدى المدربين توكاللي وباكيتا وهو إعداد اللاعبين وحثهم على التركيز لأنه سيكون أقصر الطرق لتجاوز الموقعة المصيرية، وبلوغ النهائي·· فالأهداف بالمعسكرين متشابهة·· بل واحدة، وهي العمل على الفوز وتوفير المناخ الملائم للاعبين للخروج من المباراة فائزين متوجين ببلوغ نهائي مونديال الإمارات 2003 لكن ثمة تباين في المعسكرين لترجمة هذه الأهداف وطرق توفير معطياتها وظروفها للاعبين·· فـ الحظر والانغلاق يجده توكاللي الأنسب والأفضل للاعبي المنتخب الأرجنتيني للحفاظ على تركيزهم وعدم تشتيت ذهنهم وأفكارهم قبل المباراة·· وهم في أمس الحاجة لشبها أشبه بالانغلاق على أنفسهم، وفرض حظر تجول عليهم لعدم تعرضهم لأي موقف قد يشتت ذهنهم أو تركيزهم·
وهو أسلوب يعشقه ويؤمن به المدرب توكاللي الذي لا يجد حرجاً في إجراء جولة يومية أو أكثر في بهو فندق نادي ضباط القوات المسلحة مقر إقامة الوفود لاستكشاف الوضع والأجواء العامة بالبطولة، وما يدور في مقر الإقامة·· ناهيك عن رصد تحركات ومعنويات المنافس·
وعليه·· فإن المدرب الأرجنتيني يسقط من حساباته التحرك للاعبيه ويقيدهم بقناعاته التي يؤمن بها·· كما يفرض المدرب عليهم حظراً دولياً للتحدث مع رجال الإعلام والصحافة الممنوعين من الاقتراب من أي لاعب أرجنتيني، وإذا ما نجح أحدنا في الانفراد خلسة بأي لاعب فإنه يرفض حتى فتح فمه·· مكتفياً بالإشارة·· وإذا ما زاد إلحاحاً عليه يتكرم بكلمة كوتش·· كوتش مطالباً إيانا بالعودة للمدرب أولاً!!
وعلى العكس تقريباً يتصرف راقصو السامبا الذين يبدون هدوءاً نفسياً وثقة بالنفس، ومرحاً بأرجاء الفندق الذي يقيمون فيه بين الفنية والأخرى، فالمدرب باكيتا لا يجد أي حرج في إعطاء لاعبيه حريتهم المطلقة بالتحرك أوقات الفراغ مع التزام صارم وانضباط محكم بالجدول العام الخاص بأوقات التمارين والأكل والنوم الذي يطبقه اللاعبون بحذافيره، وبدقة متناهية·· فترى لاعبو السامبا أكثر تحرراً وظهوراً من منافسهم فرقة التانجو، كما ان للاعبين مطلق الحرية بالتحدث مع وسائل الإعلام ومن يقابلهم من أعضاء اللجان العاملة المعجبون بالفريق الذهبي ليتبادلوا معه أطراف الحديث·· فاذا ما جلست في بهو الفندق لأقل من نصف ساعة في الأوقات العادية لن يمر الوقت عليك من دون مشاهدة مجموعة من لاعبي البرازيل وهم يتجولون في الفندق، كما ان أكثرهم ظهوراً واجتماعية وألفة النجم السابق برانكو صاحب الهدف الجميل في الشباك الهولندية في مونديال 1994 للكبار، والذي يشغل منصب رئيس الوفد البرازيلي الشاب لمونديال الشباب·


مناورات متبادلة بين المدربين
توكاللي: المبـاراة بطولـة خاصة·· ولا بديل عن الفـــوز
باكيتا: سابعثر أوراق الأرجنتين·· والنهائي هدف فرقة السامبا

اذا ما تعمق المرء بحالة المدربين توكاللي وباكيتا وقاس درجة الضغط النفسي عليهما وتركيزهما فانك سترثى لحالهما·· فلا شيء في فكرهما·· ولا شيء في عقليهما·· ولا في دمائهما ولا في تصرفاتهما·· الا المباراة وطريق الفوز وبلوغ النهائي· واذا ما وقفت مع احدهما وتحدثت معه فانه لن يفتح قلبه لك·· انما سيعطيك ما هو مباح من الكلام·· وهو الكلام المعروف الذي لا يخلو من المجاملة والمناورة· فيظهر كل واحد منهم احترامه للمنافس وتقديره وثقته بلاعبيه مع التأكيد على أهمية المباراة وصعوبتها·
مدرب المنتخب الارجنتيني توكاللي ابرز خلال حديثه ايجابيات فريقه وميزتهم في التعامل مع المباريات وهي روحهم القتالية العالية، وتصميمهم القوي واصرارهم المتواصل الذي لا ينقطع طوال المباراة ويستمر حتى صافرة النهاية·· فيؤكد توكاللي انه يملك فرقة مميزة جدا تتسلح بقوة اصرار وعزيمة فولاذية يتمناها كل مدرب، ففريقه لا يعرف اليأس مهما كانت النتيجة وتوقيت المباراة، فلاعبوه لا يعرفون راية الاستسلام البيضاء التي لا يرفعونها ابدا مهما كان، مؤكدا انها ميزةفتكت بالفرق الأخرى وقادتهم للدور قبل النهائي متمنيا استمرارها وتواصلها في مباراة اليوم·
طابع خاص
وعن طبيعية المباراة وخصوصيتها يؤكد المدرب الارجنتيني ان مباراة الارجنتين مع البرازيل هي بطولة بحد ذاتها لما تحمله من طابع مميز ومنافسة تقليدية بين البلدين في مختلف المراحل السنية وليس على صعيد المنتخب الاول فقط، لذلك فان المباراة ستتأثر بطابع حساسية لقاءات الفريقين وسنكون حذرين كما سيكون البرازيليون حذرين منا، واضاف المدرب توكاللي ان لقاءات الارجنتين مع البرازيل هي معركة بين قطبي كرة اميركا الجنوبية للظفر بلقب الزعامة على المنطقة التي يعلو كعب الفريقين فيها عن بقية الفرق رغم ظهور منتخبات عديدة على الساحة العالمية مؤخرا·
مباراة صعبة
واضاف توكاللي: ان مباراته اليوم صعبة للغاية نتيجة معطياتها وظروفها·· والصراع التقليدي بين البلدين اضافة الى طبيعة المباراة كونها مباراة كؤوس لا تحتمل القسمة على اثنين·· فاي نتيجة غير الفوز لا يمكن قبولها·· في الوقت نفسه رفض المدرب التكهن باي نتيجة مؤكدا ثقته بلاعبيه وامكانياتهم·· وانهم لو لعبوا بمستواهم الحقيقي ولم يتأثروا باي شيء آخر فانهم الاقرب للنهائي·
وعن الخصم وقوته وكيفية التعامل مع المباراة قال توكاللي اننا في المقام الاول ننظر لتحقيق هدفنا وهو الفوز بغض النظر عن المنافس، فنحن لا ننظر للخصم بقدر نظرتنا لهدفنا من المباراة وماذا نريده منها·
تفاؤل أصفر
في المقابل اكد باكيتا المدرب البرازيلي ثقته بلاعبيه وان فريقه يزداد تجانسا مع مرور الوقت ومستواه يرتفع من مباراة لاخرى، فاذا كان اداء الفريق جيدا امام اليابان في دور الثمانية فان مستواهم اليوم سيكون افضل مما كانوا عليه، مشيرا الى انه عمل خلال اليومين الماضيين على اعداد اللاعبين وتجهيزهم فنيا وبدنيا ونفسيا ومعالجة بعض الاخطاء التي وقع فيها الفريق وهي اهدار الفرص السهلة امام المرمى التي لن يقبلها من لاعبيه في مباراة اليوم المصيرية·
أسلوب مغاير
وأكد باكيتا انه سيلعب باسلوب وتكتيك مختلفين تماما نتيجة طبيعية وظروف المباراة التي يجب خوضها باسلوب معين يناسبها، ويكفل ايصال فرقة السامبا للدور النهائي للمونديال، مشيرا باكيتا ان المباراة ستكون في غاية الصعوبة والوصول لمنطقة جزاء الخصم لن تكون بالسهولة التي كانت عليها في اللقاء الماضي·
كما اشار مدرب المنتخب البرازيلي لطابع المباراة الخاص الذي سيطغى على المباراة كونها مباراة ذات طابع تقليدي ومنافسة ازلية بين البلدين الجارين اللدودين، معربا عن احترامه وتقديره لمنافسه الارجنتيني بطل العالم وحامل اللقب·