الجزء الرابع
كيب تاون - مساء اليوم الثاني
( منظر عام لمدينة كيب تاون )
كانت الطائرة قد اقلعت في اتجاه مدينة كاب تاون وكانت تشاركنا المقعد الثالث فتاة جنوب افريقية من العرق الأبيض وكانت جميلة جدا .. طلبت من زوجتي ان اجلس في المقعد المتوسط بينهما حتى ازداد معرفة بكنه هذا الكائن الحي اللطيف ؟! .. الا انها بارك الله فيها حشرتني في أطار النافذة !
( منظر عام لمدينة كيب تاون مساء )
هبطنا في مطار كيب تاون وفتحت بوابة الطائرة لتعانقنا مرحبة بنا نسائم محيط اطلنطية ! .. حيث تطل هذه المدينة التي عرف عنها تاريخيا انها محطة رئيسية للتجارة بين الشرق والغرب .. ولأجل هذه المدينة تقاتل عليها كل الامبراطوريات الأوروبية !
كيب تاون في تضاريسها تشابه الى حد ما مدينة عدن اليمنية حيث الشواطئ الممتدة بامواجها الثائرة والجبال التي تقف كما الحصن في ظهر الجنود ! .. ولكن لا زالت عدن العريقة تقف على بعد سنوات طوال من كيب تاون بعد ان كانت الى عهد قريب درة المدن العالمية دون منازع في الشرق أو الغرب ! .. ولكن سوف يبقى الأمل بالله عامرا في قلوبنا .. فلا بد للقيد ان ينكسر وان طال الزمن ،،،
( منظر عام لمطار كيب تاون )
كنت قبل الوصول الى كيب تاون قد درست الاماكن التي يفترض ان اقوم بزيارتها .. وتبين لي اثناء بحثي ان المدينة والمدن والقرى والمناطق المحيطة ثرية جدا بالمعالم الواجب زيارتها .. قمت بدراسة تكاليف التعاقد مع الشركات السياحية فوجدتها الى حد ما باهضة جدا ! .. ثم قمت بدراسة تكاليف استخدام المواصلات العامة ( الباصات ) فوجدتها سوف تستنزف الوقت اضافة الى انها لن تمنحني لذة الوصول الى حيث لا يصل الآخرين ! .. ثم كان الخيار الاستراتيجي في تأجير السيارة وقبول المخاطرة من الناحية الأمنية اضافة الى طريقة القيادة وفق النظام البريطاني حيث تكون الطرق على عكس الطرق التي اعتدناها ! .. درست التكاليف من حيث سعر السيارة والتأمين وتكاليف الوقود فوجدتها مناسبة الى حد ما ناهيك عن انها تمنحك الزمن لكي تتصرف به وفق ارادتك .. لذلك كنت قد استأجرت سيارة عن طريق احدى المواقع الالكترونية وعندما وصلت الى المطار توجهت الى مكتب تأجير السيارات للحصول على سيارتي ونحن نردد توكلنا على الله ،،،
يجب ان تدفع مبلغ 10 الآف راند كتأمين للسيارة ! .. هكذا القى موظف الاستقبال على مسامعي المبلغ الذي يريد ان يحتجزه من بطاقتي الإئتمانية كتأمين على السيارة ! .. حاولت ان اوضح له انني طلبت استئجار سيارة متضمنة التأمين الشامل .. فافادني : ان العقد يقول ذلك ! .. قلت له : ان العقد يضع شروط عامة ولكن هنالك فقرة اضافية بناء على طلبي توضح ان التأمين مشمول بالسعر ! .. افادني : هذا يعود بينك وبين الموقع الذي استاجرت منه السيارة ولكن نحن في حاجة الى حجز مبلغ كتأمين ! .. وجدت نفسي في ورطة فأنا لا أملك هذا المبلغ في بطاقتي التأمينية بعد ان استنزفتها في حجوزات الفنادق والطيران واستأجار السيارة ! .. قلت له في محاولة ان اجد حل لهذه المشكلة : المبلغ كبير جدا كتأمين .. ولو كنت املك هذا المبلغ لذهبت لشراء سيارة ! .. أخيرا ظهرت اسنانه التي سعدت بمشاهدتها وهو يبتسم بعد ان ظل يحدثني طول الوقت بوجه متجهم ! .. قال لي : هذه سياسة الشركة ! .. قلت له : باق في بطاقتي الائتمانية مبلغ الفين راند اضافة انني قد دفعت قيمة السيارة مقدما وايضا مبلغ التأمين .. ما رأيك ؟ .. وجدته يذهب داخلا الى مكتب اخر ثم يتجه الى زميل له ثان ثم زميل له ثالث حتى ظننت انه قد يضطر لتقديم طلب الى الأمم المتحدة للبت في الموضوع ! .. اخيرا أظهر موافقته وتناولت مفتاح السيارة وغادرته مسرعا قبل ان يغير رأيه !
تناولت سيارتي بعد ان تم تفحصيها وتمحيصها من قبل أحد موظفي شركة التأجير بشكل لم يسبق ان شاهدته في تاريخي العظيم باستئجار السيارات ! .. حتى ان تقريره تضمن ان هنالك خدش تحت مرآة السيارة الجانبية لا يمكن ان تشاهده العين المجردة الا بعد ان تهبط بركبتيك وتضع عينيك تحت المرآة ! .. لقد اشعرني هذا التصرف بالقلق وتخيلت نفسي وانا أعيد لهم السيارة فيلتف حولها الخبراء والمختصين يحللونها ويمحصونها وربما يستخدمون الكلاب البوليسية وانتم بكرامة للبحث عن خدوش لا يمكن مشاهدتها الا بالمايكروسكوب ومن ثم تحميل تكاليف الاصلاح على العبد لله ! .. لذلك فهمت لماذا طلب هؤلاء الخبثاء الزنادقة المرابين مبلغ تأمين ضخم .. فهذا الكبش وهذا السكين ولم يبقى سوى الذبح ! .. حدثت نفسي تمتع بالرحلة وربك كريم ،،،
( طرقات كيب تاون مساء )
كنت قد استأجرت جهاز ( GPS ) لكي استخدمه في تنقلاتي .. منذ ان استلمته وهو يعاني من مشكلة ما ! .. فهو لا يتعرف على الاحداثيات التي كنت قد سجلتها في ورطة خارجية لأهم المناطق التي ارغب بزيارتها .. كما انني عندما وضعت اسم الفندق لم يتعرف عليه ! .. بتقبيل الخشوم ووجوه القبائل الافريقية ساعدني موظف التأجير في تحديد مقر اقامتي ! .. جبت بسيارتي طرقات المدينة وقد كان الجو رائعا مع هتان المطر .. وكانت الطرقات ليست مزدحمة في هذا الوقت مما منحني فرصة لمحاولة التوازن في قيادة هذه السيارة حيث تشعر كأنك كمن يجري الى الخلف ! .. وجدت نفسي بعد ذلك من الطرق السريعة الى الطرق الداخلية مع الكثير من الاشارات الضوئية والمرتفعات حتى اذا ما وصلت الفندق تراقص قلبي فرحا حتى وجدت ( دولاب السيارة - الكفر ) يحتك كمن ينشب اظافره في لوح ثلجي ويقوم بخدشه ! .. هكذا وجدت قلبي يخر صريعا وانا اترجل من السيارة واشاهد اثار الجريمة التي حدثت قبل قليل ! .. عليه العوض ومنه العوض ! .. حدثت نفسي في محاولة ان اتقبل كل المتغيرات وان لا اجعل الرحلة تبدو وبالا !
( صورة عامة للفندق )
انهيت اجراءات الاقامة وذهبت الى حجرتي وشعرت بحاجة ماسة ان اخرج للسير قليلا حول الفندق .. هكذا وجدت نفسي بالشارع حتى توقفت امام شخصان ظننت انهما من عمال النظافة فسألهم : أين أجد بقالة ؟! .. تفاجأ الرجلان بسؤالي حتى اذا ما بدأ أحدهم بالوصف وجدت سيارة شرطة مسرعة تقطع الاشارة وتقف بجوارنا مباشرة وهنالك عسكري أمن يترجل منها وهو يحدثني : هل تتعرض الى مشكلة ؟! .. تفاجأت من الموقف ووجدت القلق في ملامح الرجلين .. فقلت له : ليس هنالك مشكلة ! .. انني ابحث عن بقالة ؟! .. غادرني العسكري ثم تفحصت الرجلين ووجدت انهما من البسطاء المعدمين وليسوا عمال كما ظننتهم .. فتفهمت موقف الشرطي وان كنت أظن انه كان مبالغا في رد فعله ! .. وبالرغم من ذلك فقد منحني تصرفه مؤشر أمان كنت أبحث عنه في هذه المدينة ،،،
( طرقات كيب تاون مساء )
عدت الى الفندق وقد كانت زوجتي بصحبتي في ذلك الموقف التي ضحت بالخروج معي رغم رفضها المسبق .. كانت وجهة نظري أنني في حاجة لجس نبض المكان ! .. فكان هذا الموقف الذي دعاها لطلب العودة بسرعة فنحن لا نريد شرطة ولا متسكعين !
نلتقيكم في الجزء الخامس في ( كيب تاون ) يوم الثلاثاء القادم
إن شاء الله
أود الأفادة بعد جهود مشكورة من اختنا الكريمة ( سعودية ) .. فقد تمكنت اخيرا وبمعجزة خارقة للعادة في معرفة كيفية تصغير الصور وتحميلها
.. لذلك إن شاء الله من الجزء القادم سوف يتضمن التقرير بعض الصور التي التقطتها بيدي الكريميتن
.. قولوا : ما شاء الله 
ودمتـم في خيـر